أحسن شعر للمتنبي
عناصر الموضوع
1- الحكمة في شعر المتنبي
2- أبيات شعر عن الحب للمتنبي
3- شعر المتنبي عن الجمال
4- شعر المتنبي في الفراق
5- شعر الأصمعي عن الحب
المتنبي، واحد من أعظم شعراء العرب عبر العصور، يتميز شعره بالقوة والفخر والحكمة. قصائده تمزج بين الفخر بالنفس، والتأمل في الحياة، والسياسة، والمعارك. بأسلوبه الفريد وكلماته العميقة، استطاع المتنبي أن يترك بصمة لا تُنسى في الأدب العربي، ويظل شعره يُدرّس ويُلهم الأجيال حتى يومنا هذا.
من هو المتنبي
أبو الطيب المتنبي واسمه أحمد بن الحسين الجعفي الكندي ولد في الكوفة في أوائل القرن العاشر في العراق وتعود قبيلة كندة إلى القرن الثاني قبل الميلاد، لم يستقر في مكان واحد قط، فكان يسافر إلى بغداد ودمشق وطبريا وأنطاكية وحلب والقاهرة وغيرها، ويكسب دخلاً من الأمراء بسبب مدحه الشعري.
مناسبة القصيدة
المناسبة التي قيلت فيها هذه القصيدة: أنشد المتنبّي من عظماء الشعراء؛ هذه القصيدة على إثر خروج سيف الدولة بجيشه الكبير إلى منطقة الحدث التي كانت قد وقعت في أيدي الرومان، وبحر قصيدة على قدر أهل العزم هو البحر الطويل؛ عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ.
شرح القصيدة
هذه القصيدة لشاعر العصر العباسي الحكيم المتنبي، أنشد نونيّته مادحًا سيف الدولة حين انصرف من فتحه لبلاد الروم ويصِفه فيها بقوّة قلبه وشدّة بأسه، بيد أنّ حكمته وعقله قد سبقت شجاعته. [1]
1- الحكمة في شعر المتنبي
إِذَا غَامَرْتَ فِي شَرَفٍ مَرُومِ
فَلَا تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ
بِذَا قَضَتِ الأيامُ مَا بَينَ أَهلِهَا
مَصَائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ
مَنْ كَانَ فَوقَ مَحَلِّ الشَّمْسِ مَوضِعُهُ
فَلَيسَ يَرْفَعُهُ شَيء ولَا يَضَعُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ
مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيلَامُ
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأْتِي العَزَائِمُ
وتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الكِرَامِ المَكَارِمُ
وتَعْظُمُ فِي عَينِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا
وتَصْغُرُ فِي عَينِ العَظِيمِ العَظَائِمُ
وإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ المَوتِ بُدٌّ
فَمِنَ العَجْزِ أَنْ تَمُوتَ جَبَانَا
أَعَزُّ مَكَانٍ فِي الدُّنَى سَرْجُ سَابِحٍ
وخَيرُ جَلِيسٍ فِي الزَّمَانِ كِتَابُ
إِذَا سَاءَ فِعْلُ المَرءِ سَاءَتْ ظُنُونُهُ
وصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِن تَوهُّمِ
خَلِيلُكَ أَنْتَ لَا مَنْ قُلْتَ خِلِّي
وإِنْ كَثُرَ التَّجَمُّلُ والكَلَامُ
إِذَا تَرَحَّلْتَ عن قَومٍ وقَدْ قَدَرُوا
أَلَّا تُفَارِقَهُمْ فَالرَّاحِلُونَ هُمُ
شَرُّ البِلَادِ مَكَانٌ لَا صَدِيقَ بِهِ
وشَرُّ مَا يَكْسِبُ الإِنْسَانُ مَا يَصِمُ
مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ
تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السُّفُنُ
ومَنْ يُنْفِقِ السَّاعَاتِ في جَمْعِ مَالِهِ
مَخَافَةَ فَقْرٍ فَالَّذِي فَعَلَ الفَقْرُ
ومَا الحُسْنُ في وجْهِ الفَتَى شَرَفاً لَهُ
إذا لَمْ يَكُنْ في فِعْلِهِ والخَلَائِقِ
ذَرِينِي أَنَلْ مَا لَا يُنَالُ مِنَ العُلَا
فَصَعْبُ العُلَا فِي الصَّعْبِ والسَّهْلُ فِي السَّهْلِ
تُرِيدِينَ لُقْيَانَ المَعَالِي رَخِيصَةً
ولَا بُدَّ دُونَ الشَّهْدِ مِن إِبَرِ النَّحْلِ
فَإِنَّ الجُرْحَ يَنْفِرُ بَعْدَ حِينٍ
إِذَا كَانَ البِنَاءُ عَلَى فَسَادِ
إِذَا قِيلَ: رِفْقاً، قَالَ: لِلْحِلْمِ مَوضِعٌ
وحِلْمُ الفَتَى فِي غَيرِ مَوضِعِهِ جَهْلُ
تَلَذُّ لَهُ المُرُوءَةُ وهْيَ تُؤذِي
ومَنْ يَعْشَقْ يَلَذُّ لَهُ الغَرَامُ
وقَيَّدْتُ نَفسِي فِي ذَرَاكَ مَحَبَّةً
ومَنْ وجَدَ الإحسَانَ قَيداً تَقَيَّدَا
ومَن يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ
يَجِدْ مُرّاً بِهِ المَاءَ الزُّلَالَا
ومَكَائِدُ السُّفَهَاءِ واقِعَةٌ بِهِمْ
وعَدَاوةُ الشُّعَرَاءِ بِئْسَ المُقْتَنَى
2- أبيات شعر عن الحب للمتنبي
ياليته يعلم اني لست اذكوه
وكيف اذكره اذا لست انساه
يا من نوهم اني لست اذكره
والله يعلم اني لست أنساه
لا تشتَرِ العَبيـد إلا والعَصَـا معه
إِن الـعَبِيدَ لأنجاسٌ مَناكيد ما كُنتُ أَحسَبُني أَحيا إلى زَمَن
يُسيء بي فيهِ عَبد وَهْوَ مَحمودُ وَلا تَوهمتُ أَن الناس قَدْ فُـقِـدُوا
وأًن مِثْلَ أَبي البـيـضـاءِ مَوجودُ وأَنَّ ذَا الأَسْــوَدَ المَثْـقـوبَ مـشْـفَـرُهُ
تـطِـيـعُـهُ ذي العَضارِيـطُ الرعادِيــد جَوعـانُ يأكـلُ مِـن زادي ويُمِسكُني
لِـكَـي يُـقـالَ عَظِـيـمُ القـدرِ مَقـصُـودُ وَيـلُـمِّـهـا خُطَّـةً وَيلُم قابلِـها
لِمِثْـلِـهـا خُلِقَ المهريَّـةُ القُــودُ وعِندَهـا لَذَّ طَعْـم المـوتِ شارِبُـهُ
شفت البدر ويا الشمس وراك من الخجل يمشون
انتي الذوق وانتي الحسن وانتي الزين بألوانه
جيتك شايلٍ ورده حمرا عطرها موزون
وبس عرفت لمن بتروح ذبلة حيــل خجلانه
الا سبحان هالخالق امره بين كاف ونون
هو الحب فاسلم بالحشا مالهوى سهلُ
فما اختاره مضنـى به،ولـه عقـلُ
وعش خالياً ، فالحب راحتـه عنـا
ًوأولـهُ سـقـمً واخــرهُ قـتـلُ
ولكن الدي المـوت فيـه، صبابـةً
حياةٌ لمن أهوى، علي بها الفضـلُ
نصحتك علماً بالهوى ،والـذي أرى
مخالفتي ،فاختر لنفسِكَ مـا يخلـو
فإن شئتَ ان تحيا سعيداً، فمت بـه
شهيـداً ،وإلا فالغـرامُ لـه أهـلُ
فمن لم يمت في حبهُ لم يعـش بـه
ودون اجنتاءِ النحلِ ما جنتِ النحـلُ
وقل لقتيـل الحـبَ، وفيـتَ حقـهُ
وللمدعي : هيهات ما الكحلُ الكحلُ
تبـاً لقومـي ،إذ رأونـي متيـمـاً
وقالوا: بمن هذا الفتي مسهُ الخبـلُ. [2]
3- شعر المتنبي عن الجمال
نَشَرَتْ ثَلاثَ ذَوائِبٍ من شَعْرِها
في لَيْلَةٍ فَأرَتْ لَيَاليَ أرْبَعَا
واستَقْبَلَتْ قَمَرَ السّماءِ بوَجْهِها
فأرَتْنيَ القَمَرَينِ في وقْتٍ مَعَا
رُدّي الوِصالَ سقَى طُلولَكِ عارِضٌ
لوْ كانَ وَصْلُكِ مِثْلَهُ ما أقْشَعَا
ما أوجه الحضر المستحسنات به
كأوجه البدويات الرعابيب
حسن الحضارة مجلوب بتطرية
وفي البداوة حسن غير مجلوب
أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها
مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب
ومن هوى كل من ليست مموهة
تركت لون مشيبي غير مخضوب
التي سفكت دمي بجفونها
لمتدر أن دمي الذي تتقلدُ
قالت وقد رأت اصفراري من به
وتنهدت فأجبتها المتنهدُ
فمضت وقد صبغ الحياءُ بياضها
لوني كما صبغ اللجين العسجد
فرأيت قرن الشمس في قمر الدجى
متأوداً غصنٌ به يتأودُ
عدويةٌ بدويةٌ من دونها
سلب النفوس ونار حرب توقد
هامَ الفُؤادُ بأعرابِيّةٍ سَكَنَتْ
بَيْتاً من القلبِ لم تَمدُدْ له طُنُبَا
مَظْلُومَةُ القَدّ في تَشْبيهِهِ غُصُناً
مَظلُومَةُ الرّيقِ في تَشبيهِهِ ضَرَبَا
بَيضاءُ تُطمِعُ في ما تحتَ حُلّتِها
وعَزّ ذلكَ مَطْلُوباً إذا طُلِبَا
كأنّها الشّمسُ يُعْيي كَفَّ قابضِهِ
شُعاعُها ويَراهُ الطّرْفُ مُقْتَرِبَا
4- شعر المتنبي في الفراق
أجاب دمعي وما الداعي سوى طللٍ
دعا فلبّاهُ قبلَ الركبِ والإبلِ
ظَلِلتُ بين أُصيحابي أُكفكفهُ
وظلَّ يسفحُ بين العُذرِ والعَذّلِ
أشكو النوى ولهمْ من عبرَتي عَجَبٌ
كذاكَ كنتُ وما أشكو سوى الكِللِ
وما صبابةُ مشتاقٍ على أملٍ
من اللقاءِ كمشتاقٍ بلا أملِ
مُطاعةُ اللحَظِ في الألحاظِ مالكةٌ
لمقلتيها عظيمُ المُلكِ في المُقَلِ
تشبّهُ الخَفِراتُ الآنساتُ بها
في مشيها فينلنَ الحسنَ بالحيلِ
عَوَاذِلُ ذاتِ الخَالِ فيّ حَوَاسِدُ
وَإنّ ضَجيعَ الخَوْدِ منّي لمَاجِدُ يَرُدّ يَدًا عَنْ ثَوْبِهَا وَهْوَ قَادِرٌ
وَيَعصي الهَوَى في طَيفِها وَهوَ راقِدُ متى يَشتفي من لاعجِ الشّوْقِ في الحشا
مُحِبٌّ لها في قُرْبِه مُتَبَاعِدُ إذا كنتَ تخشَى العارَ في كلّ خَلْوَةٍ
فَلِمْ تَتَصَبّاكَ الحِسانُ الخَرائِدُ
لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى
مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لَم تَدرِ ما
أَلوانُنا مِمّا اِمتُقِعنَ تَلَوُّنا وَتَوَقَّدَت أَنفاسُنا حَتّى لَقَد
أَشفَقتُ تَحتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنا
فِراقٌ وَمَنْ فَارَقْتُ غَيرُ مُذَمَّمِ
وَأَمٌّ وَمَنْ يَمّمْتُ خيرُ مُيَمَّمِ وَمَا مَنزِلُ اللّذّاتِ عِندي بمَنْزِلٍ
إذا لم أُبَجَّلْ عِنْدَهُ وَأُكَرَّمِ سَجِيّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُليحَةً
منَ الضّيمِ مَرْمِيّاً بها كلّ مَخْرِمِ رَحَلْتُ فكَمْ باكٍ بأجْفانِ شَادِنٍ
عَلَيّ وَكَمْ بَاكٍ بأجْفانِ ضَيْغَمِ وَمَا رَبّةُ القُرْطِ المَليحِ مَكانُهُ
بأجزَعَ مِنْ رَبّ الحُسَامِ المُصَمِّمِ فَلَوْ كانَ ما بي مِنْ حَبيبٍ مُقَنَّعٍ
عَذَرْتُ وَلكنْ من حَبيبٍ مُعَمَّمِ. [2]
5- شعر الأصمعي عن الحب
أبْلى الهَوَى أسَفاً يَوْمَ النّوَى بَدَني
وَفَرّقَ الهَجْرُ بَيْنَ الجَفنِ وَالوَسَنِ
رُوحٌ تَرَدّدَ في مثلِ الخِلالِ إذا
أطَارَتِ الرّيحُ عنهُ الثّوْبَ لم يَبنِ
كَفَى بجِسْمي نُحُولاً أنّني رَجلٌ
لَوْلا مُخاطَبَتي إيّاكَ لمْ تَرَني
نَشَرَتْ ثَلاثَ ذَوائِبٍ من شَعْرِها
في لَيْلَةٍ فَأرَتْ لَيَاليَ أرْبَعَا
واستَقْبَلَتْ قَمَرَ السّماءِ بوَجْهِها
فأرَتْنيَ القَمَرَينِ في وقْتٍ مَعَا
رُدّي الوِصالَ سقَى طُلولَكِ عارِضٌ
لوْ كانَ وَصْلُكِ مِثْلَهُ ما أقْشَعَا
يا طفلة الكف عبلة الساعد
على البعير المقلدِ الواخدْ
زيدي أذى مهجتي أزدك هوى
فأجهل الناس عاشقٌ حاقدْ
حكيت يا ليل فرعها الوارد
فاحك نواها لجفني الساهدْ
طال بكائي على تذكرها
وطلت حتى كلاكما واحدْ
أحْيَا وَأيْسَرُ مَا قاسَيْتُ ما قَتَلا
وَالبَينُ جارَ على ضُعْفي وَمَا عَدَلا
وَالوَجدُ يَقوَى كما تَقوَى النّوَى أبداً
وَالصّبرُ يَنحلُ في جسمي كما نَحِلا
لَوْلا مُفارَقَةُ الأحبابِ ما وَجَدَتْ
لهَا المَنَايَا إلى أرْوَاحِنَا سُبُلا
بمَا بجفْنَيْكِ من سِحْرٍ صِلي دَنِفاً
يهوَى الحيَاةَ وَأمّا إنْ صَدَدتِ فَلا
في الختام، يبقى المتنبي شاعرًا استثنائيًا ألهم الأجيال بأشعاره التي جمعت بين الحكمة والقوة. ترك بصمة خالدة في الأدب العربي، وما زال صدى كلماته يرن في آذان عشاق الشعر حتى اليوم، ليظل رمزًا للفخر والعبقرية الشعرية التي لا تُمحى مع الزمن.