أم عمارة: الصحابية التي دافعت عن الإسلام بشجاعة في المعارك

في تاريخ الإسلام، لا يمكن أن يذكر اسم إلا ويتبعه هالة من الشجاعة والتضحية، إنها أم عمارة، الصحابية الجليلة التي سطرت قصتها بحروف من نور في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم. لم تكن مجرد امرأة في كنف الدعوة، بل كانت فارسة مقاتلة، دافعت عن الإسلام في أحلك الظروف، وضربت أروع الأمثلة في الثبات والفداء. يهدف هذا المقال إلى تقديم صورة شاملة عن هذه الشخصية الأسطورية، مستعرضًا قصة حياتها، ولماذا لقبت بهذا اللقب، والمكانة التي حظيت بها عند النبي صلى الله عليه وسلم، كما سنتناول نسبها وانتماءها القبلي، لنسلط الضوء على حياة هذه الصحابية التي لا تزال قصتها مصدر إلهام لكل مسلم ومسلمة.
ما هي قصة أم عمارة؟
تعد قصة أم عمارة من أروع القصص التي تروي بطولة المرأة المسلمة، وتظهر دورها الحيوي في الدفاع عن الدين.
النشأة والإسلام
ولدت نسيبة بنت كعب المازنية في المدينة المنورة، وينتمي والدها إلى قبيلة بني النجار، وهي من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمه. كانت من أوائل من أسلم من أهل المدينة، وشهدت بيعة العقبة الثانية مع زوجها وابنيها، حيث بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام. تُعتبر قصة نسيبة أم عمارة في هذه الفترة من أروع قصص البذل والعطاء في سبيل الله.
دورها في الغزوات
لم تقتصر مشاركة أم عمارة على تقديم الدعم المعنوي، بل تجاوزته إلى المشاركة الفعلية في ساحات القتال. شاركت في غزوة أحد، والحديبية، وخيبر، وحنين، واليمامة. في كل هذه الغزوات، كانت تقوم بدور عظيم، سواء بسقي العطشى، أو مداواة الجرحى، أو حتى القتال بالسيف دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن دورها في هذه الغزوات هو ما يوضح أبرز صفات أم عمارة، مثل الشجاعة والتفاني والإيمان العميق.
تعرف أيضاَ على:أسئلة وإجابات تثري معلوماتك الدينية بسهولة
كانت غزوة أحد هي المحطة الأبرز في حياة أم عمارة، حيث ضربت فيها أروع الأمثلة في الفداء، فعندما انشغل المسلمون بجمع الغنائم، وبدأت الكفة تميل لصالح المشركين، ظلت أم عمارة ثابتة تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصد عنه ضربات السيوف والرماح. كانت تقاتل بيد، وتمسك بدرع بيد أخرى، وتصيح في الناس: “إلى رسول الله! إلى رسول الله!”. هذا الموقف البطولي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويعبر عن إعجابه بشجاعتها. [1]
تعرف أيضاَ على:أهم الشخصيات التاريخية الإسلامية
لماذا لقبت نسيبة بأم عمارة؟
كان من عادات العرب أن تُكنى المرأة بأحد أبنائها الذكور، وخاصة أكبرهم. تكنى نسيبة بأم عمارة نسبة إلى ابنها عمارة بن زيد، الذي كان من أبنائها من زوجها الأول زيد بن عاصم. كان لها أيضًا ابن آخر اسمه عبد الله. كانت هذه الكنية هي اللقب الذي عرفت به بين الصحابة، وتشير إلى مكانتها كأم ومربية لأبنائها على حب الإسلام والجهاد.
أما بالنسبة لمن هو زوج أم عمارة؟ فقد تزوجت أم عمارة مرتين، وكان زوجها الأول هو زيد بن عاصم، وهو من الصحابة الذين شهدوا بيعة العقبة الثانية. أنجبت منه ابنيها عمارة وعبد الله. بعد وفاته، تزوجت من غزية بن عمرو، وأنجبت منه أيضًا أبناء. هذا يوضح أن حياتها لم تكن تقتصر على القتال، بل كانت أيضًا زوجة وأمًا صالحة، تربي أبناءها على قيم الإسلام. [2]
تعرف أيضاَ على:أم عمارة: فارسة أحد التي واجهت السيوف بثبات
ماذا قال النبي عن أم عمارة؟
حظيت أم عمارة بمكانة عظيمة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أثنى عليها ثناءً عظيمًا في مواقف عديدة، خاصة في غزوة أحد، حيث تعتبر قصة أم عمارة في غزوة أحد من أبرز المواقف التي أظهرت شجاعتها وتفانيها. عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم تفرق الناس عنه، بقيت هي وزوجها وابناها يدافعون عنه. رأى النبي صلى الله عليه وسلم شجاعتها وهي تقاتل وتصد عنه ضربات المشركين، فقال: “ما رأيت كقتال نسيبة اليوم”. هذه الكلمات كانت شهادة نبوية على شجاعتها التي فاقت الرجال.
تعرف أيضاَ على:من هم أهم الشخصيات الثقافية في الحضارة الإسلامية؟
عندما طلبت أم عمارة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها ولأسرتها، رفع النبي يديه ودعا لهم بالخير. قالت: “ادع الله أن نرافقك في الجنة”، فقال: “اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة”. هذا الدعاء هو أعظم وسام شرف يمكن أن تحصل عليه، وهو دليل على حب النبي لها وتقديره لتضحياتها.
لم تكن أم عمارة مجرد مقاتلة في ساحات الوغى، بل كانت أيضًا داعية ومعلمة، شاركت بفعالية في نشر الدين. كانت من الصحابيات اللاتي تعلمن من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وكانت تنقل أحاديثه وأفعاله إلى النساء من حولها. لقد كانت مصدرًا للعلم والفقه، ومرجعًا يرجع إليه في أمور الدين. علاقتها بالنبي لم تكن تقتصر على المعارك، بل كانت علاقة إيمان راسخ وحب عميق. هذا ما جعلها لا تتردد لحظة في الدفاع عنه، سواء كان ذلك بلسانها أو بسيفها.
تعرف أيضاَ على:أسئلة دينية ممتعة لاختبار معلوماتك في الدين الإسلامي!
هل أم عمارة من قبيلة الأوس؟
يعد هذا السؤال من الأسئلة التي تحتاج إلى توضيح، حيث أن نسيبة بنت كعب تنتمي إلى قبيلة أخرى في المدينة المنورة.
نسبها لقبيلة الخزرج:
تنتمي أم عمارة، واسمها نسيبة بنت كعب، إلى قبيلة الخزرج، وتحديدًا إلى بني النجار، وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم. كان أهل المدينة قبل الإسلام منقسمين إلى قبيلتين رئيسيتين: الأوس والخزرج. كانت العلاقة بين القبيلتين متوترة، ولكن الإسلام جمع بينهما وجعلهما إخوة.
بيعة العقبة الثانية:
كانت أم عمارة من ضمن ثلاثة وسبعين رجلًا وامرأتين من أهل المدينة، شهدوا بيعة العقبة الثانية. كان معظم هؤلاء من قبيلة الخزرج، وهو ما يؤكد على انتمائها لهذه القبيلة. هذا الانتماء القبلي لم يمنعها من أن تكون من أوائل المدافعين عن الإسلام، مما يظهر أن الإيمان كان أقوى من الروابط القبلية.
تعرف أيضاَ على:تاريخ الفن الإسلامي: النشأة والتطور وأهم المظاهر عبر العصور
في ختام هذا المقال، نكون قد استعرضنا جوانب متعددة من حياة الصحابية الجليلة أم عمارة، بينا أن قصتها ليست مجرد حكاية، بل هي درس في الشجاعة والإيمان والتضحية. تحدثنا عن سبب تلقيبها بهذا اللقب، وعن نسبها لقبيلة الخزرج، وأوضحنا أن حياتها كانت حافلة بالمشاركة في الغزوات، وخاصة غزوة أحد التي شهدت على بطولتها. كما استعرضنا الثناء العظيم الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حقها، والذي كان دليلًا على مكانتها الفريدة. تظل قصتها مصدر إلهام لكل مسلم، وتأكيدًا على أن الإيمان يمكن أن يصنع من المرأة فارسة وقائدة، تدافع عن الحق بكل ما تملك من قوة وعزيمة.
المراجع
- ?What_is_the_story_of_Umm_Amara#Umm Ammarah R.A (THE PROPHET’S SHIELD AT UHUD). -بتصرف
- ?Why_was_Nusaybah_called_Umm_Amara#Umm 'Umarah - Nusaybah bint Ka'b -بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

صدام حسين: زعيم العراق الذي أثار الجدل حتى...

الملك عبد الله وأبناءه وتأثيرهم في المملكة

رفيق الحريري: مهندس إعمار لبنان وزعيم الاعتدال السياسي

الأمير مولاي الحسن: ولي عهد المغرب ونموذج الجيل...

أحمد زكي: الإمبراطور الذي جسّد نبض الناس

محمد ثروت كوميدي من نوع خاص… ارتجال لا...

ابن تيمية: مجدد الفكر الإسلامي ومجابه الانحراف العقدي

الحسين بن علي: سيد الشهداء وقصة كربلاء الخالدة

الملك عبد الله الثاني: صمام الأمان في استقرار...

الأمير محمد بن سلمان: مهندس رؤية السعودية 2030

أمين الهنيدي: فنان لا يقلّد… مدرسة في خفة...

بدر صالح: كيف غيّر برنامج "إيش اللي" شكل...

السلطان محمد الفاتح

السلطانة صفية وتأثيرها في الدولة العثمانية
