الخطاب النثري في الأدب الواقعي

الكاتب : هبه وليد
27 أكتوبر 2024
عدد المشاهدات : 90
منذ شهرين
عناصر الموضوع
1- ما هي خصائص المدرسة الواقعية؟
2- التركيز على الجوانب المجتمعية الإنسانية
3- التحرر من قيود المذهب

عناصر الموضوع

1- ما هي خصائص المدرسة الواقعية؟

2- التركيز على الجوانب المجتمعية الإنسانية

3- التحرر من قيود المذهب

ظهرت المدرسة الواقعية الرومانسية في القرن التاسع عشر، معترضة على المدرسة الرومانسية، وعرفت بمجموعة من الخصائص بينها: الموضوعية تعد الموضوعية واحدة من أهم خصائص المدرسة الواقعية، التي ترفض الخيال المطلق المبالغ فيه، التي لا فائدة منه، إنّ الأدب في نظر رواد المدرسة الواقعية هو ذلك الذي يُمكنه بواسطه، بناء الحياة الإنسانية والابتعاد عن الخيال والتخيّلات، التي لا طائل فيها، بل وظيفة الأدب الأساسية، وصف الواقع الحقيقي وصفًا دقيقًا صحيحا.

1- ما هي خصائص المدرسة الواقعية؟

فالواقع الحقيقي هو ما إذا وُصِفَ كان الوصف صادقاً لموافقته ما موجود، وكأنه صورة فوتوغرافية عن الواقع، أما الواقع الفني وهو المقصود في الأدب فإنه يرتكز على رسم إبداعي لواقع ليس من الضروري أن يكون حقيقياً كثيرا، بل أنه يأخذ سماته من الواقع الحقيقي، ولكنه يحوّر ويزيد وينقص ويعيد التشكيل ليجيء بواقعٍ ليس نسخة مطابقة للواقع الموجود، وإنما هو واقع، لأنه يجري في ميدانه ويخضعُ للشروط.

الواقعية الأدبية هو تصوير فني للإنسان وللطبيعة في صفاتهما وأحوالهما وتفاعلها، مع العناية للتركيز بالجزئيات والتفصيلات المشتركة للأشياء والأشخاص والحياة الطبيعية، حتي إذا كانت تحتوي علي تفصيلاتٍ مبتذلة، بالرغم منا ن ذلك يضمن الشكل الواقعيّ المألوف، وإن الواقع هنا لا تُشْتَرَطُ فيهِ الأمانةُ في النسخ بل يُشْتَرَطُ فيهِ ما يُسمَّى بالصِّدْقِ الفني، وبهذا يتحوّل الكاتب إلى فنان مبدع لا إلى مجرد ناسخ فقط.

أي إنّ وظيفة الأديب هي أن يواجه الواقع الموجود، ويستطيع حل المشكلات التي يعيشها من طريق الكلمة، والأديب الحقيقي: هو الذي يجعل من حاضره نقطة انطلاق نحو مستقبل عظيم، ذلك المستقبل الذي يراه بعيني الحاضر، وكأن الشاعر يتحدّ مع واقعه اتحادًا عظيماً، فيكون والكون شيئًا واحدًا، حتى يتمكن من التأثير بالمحيط، الموجود التي نعيش فيه.[1]

اعتماد أسلوب النثر تعرف المدرسة الواقعية بتفضيل النثر على الشعر، فقد اعتمد روادها في ذلك على نظرية لهم تُؤكد: أنّ النثر أقرب إلى الأمة من الشعر، فالشعر يحتاج إلى ذهن مثقف، وعقل حاظر حتى يستطيع أن يتمكّن الإنسان من فهمه، وإذ كان الأدب هو وسيلة دقيقة، لوصف المشكلات الحياتية والهموم اليومية و أنّ الأدب من أجل الأدب، فلا داعي للإرهاق في التعقيدات.

ويقوم النثر الذي يعد أول مادة قام بها الإنسان وهو قريب من اللغة الحياتية، التي تُستعمل، لذلك فقد اتجه رواد هذه المدرسة إلى المسرحية والقصة حتى يبثوا بواسطة مشاعر الشعب، ويتمكنوا من الوصول إلى المطلوب بأسهل الطرق. واشتهر في ذلك النوع من الأدب في أوروبا يميل زولا، الذي كتب كثير من القصص، التي استمدها من التاريخ الفرنسي، وبدورها تُعالج مشكلات اجتماعية.[2]

وضوح الرؤية إنّ المنهج الأساسي الذي تقوم عليه الواقعية الأدبية هي وضوح الرؤية، سواء كان ذلك بالنسبة للحاضر، أم بالنسبة للمستقبل، فالمطلوب من الأديب: أن تكون نظرته من الأعلى واضحة، محيطة بالمجتمع جميعه بعيدًا عن الذاتية، ومن ثم ينظر إلى المستقبل بنفس تلك النظرة، بتأمّل الأديب واستشرافه في المستقبل.

بناءً على العوامل التي بين يديه، ولا بدّ أن يكون كلامه دقيقًا مستندًا على أدلة دقيقة بعيدًا عن العبثية المراهقة، لذلك فإنّ المذهب الواقعي هو مرآة المجتمع على وجه الحقيقي، ولا بدّ من تمتع الأديب بمقدرات خاصة جدا، تُعينه على وضوح الرؤية فلا بدّ من تمتعه بالحكمة، والفهم ودقة الملاحظة، والذكاء وسرعة البديهة.

القدرة على التجديد لقد استطاعت المدرسة الواقعية، أن تُمثل الواقع مهما كان زمانه ومكانه، وأن تجديد المدرسة من ذاتها، بحيث تُساير ركب المدارس الأدبية التي ظهرت من قبلها، ولا تذوب في المدارس الأدبية، التي جاءت من بعدها، واستطاعت المدرسة الواقعية أن تتجاوز الحدود المكانية والزمانية، فأصبحت الواقعية مرآة للشعوب في المجتمعات كافة، لأنّها تُسيطر معاناة الإنسان.[3]

وهذا هو القدرة على التجديد، إذ معاناة الإنسان في تجديد دائم باختلاف لأسباب؛ لذلك فإنّ أدب الواقعية نفسه متجدد، بسبب تجدد المحتوى والموضوع، بمعنى آخر إنّ مبادئ هذه المدرسة كانت نسبية؛ بسبب تغير الظروف الاجتماعية الموجودة.

2- التركيز على الجوانب المجتمعية الإنسانية

الإنسان هو القضية الأولى المهمة في المدرسة الواقعية، فهو محور الكون الذي تستمد منه القضايا، وهي تدور حوله، فإن الأدب الواقعي يعالج القضايا الاجتماعية ويركز على حالة الصراعات، التي تجري ما بين الإنسان والبيئة و المجتمع الذي يعيش فيه. لذلك جعل رواد المدرسة الواقعية مذهبهم الأدبي قائمًا على معالجة المشاكل الموجودة: والخروج من الفقر والظلم والتعذيب الذي يلاقيه الإنسان في حياته الإنسانية، تختلف حالة الإنسان ما بين الحب والحزن والفرح، وبذلك تختلف المشكلات التي تتعرض لها كل حالة. بمعنى آخر إن الإنسان الذي تدور الواقعية حوله، هو الإنسان المظلوم الذي يعاني مآسي المجتمع، وليس الإنسان العاشق فقد تناولت المدرسة الرومانسية الإنسان في حالة العشق، وليس الإنسان المثالي، إذ كان مدار المدرسة الكلاسيكية حول ذلك النموذج. لقد تناولت الواقعية، فإن الحالة الإنسانية قد جعلتها نموذجًا في الأعمال الأدبية فالشخص في القصة هو بمنزلة التوثيق لتلك الفئة من أبناء المجتمع، مثل: تصوير الكادح و العامل والرأسمالي و غيرها.[4]

3- التحرر من قيود المذهب

إنّ أهم ما في الواقعية أنها لا تخضع لشيء معين أي أنّها لا تخضع لمبادئ مذهب بحدّ ذاته على الإطلاق، إذ المعطيات تتغير بتغيّر الظروف وتغير الحياة الاجتماعية، والمآسي التي يعانيها، ببساطة إنّ المذهب هو: الخيط الذي يُؤدي إلى خنق المدرسة الأدبية، بسبب التزمت العالي، لكنّ المذهب الواقعي لم يُعاني ذلك. وذلك لأنّ محور دراسته هو الإنسان والتعبير عن قضاياه، التي لا بدّ من الوقوف معها، من أجل إصلاح الإنسان أولًا، وإصلاح المجتمع ثانيًا، إنّ المبادئ تؤدي إلى إرهاق العمل الأدبي، بحيث تبقى المدرسة تدور في فلك واحد كالرومانسية التي تبقى دائرة في فلك العشق. أمّا الواقعية: فأفلاكها عدّة، لأنّها مرتبطة بالمتغير الأول وهو الإنسان، إنّ أي مجتمع اختمرت فيه أدوات الجمال يستطيع أن يرى بواسطة مرآة الواقعية انعكاسه بمختلف شرائح المجتمع.

المدرسة الواقعية: هي المدرسة التي استطاعت أن تكون مرآة للإنسان، مهما تغير هو، ومهما تغير المجتمع من حوله، فهي قادرة على تصوير الرأسمالي، والإقطاعي والظالم والفقير والمعدوم، والأم المضحية، والرجل الظالم، والمرأة الضعيفة والأخ القاسي، إنّ الواقعية بحدّ ذاتها: هي بمثابة القلم الذي يخطّ الظروف الاجتماعيّة بدقة لا مثيل لها، لذلك استطاعت أن تكون الواقعية: من أنجح المدارس الأدبية على الإطلاق.

وتتلخص سمات المدرسة الواقعية الاشتراكية في الأدب بالخصائص الآتية:

أ_ إنها تنطلق من الواقع الماديّ من خلال فهمٍ عميقٍ لبنية المجتمع والعوامل الفعالة فيه والصراعات

التي ستفضي إلى التغيير. فالواقع هو الصادق الوحيد والقاعدة العلميّة الموضوعيّة.

ب _الأديب طليعة مجتمعه بما أوتي من مؤهلاتٍ فكرية وفنيّة ووعيٍ للعالم ومؤهلاتٍ قياديّة تمكّنه من التأثير في الأفكار والعقائد والقناعات والسلوك؛ فله إذن رسالة جوهرية إيجابيّة وهي الاتجاه مع المجتمع لبناء مستقبلٍ أفضل للجماهير العريضة. إن الأدباء هم (مهندسو النفس البشرية) ولذلك لابد لهم من رؤية مستقبليةٍ واضحة لما يجب أن يكون.

خ_ ينطلق الفهم العميق للمجتمع من التحليل الماركسيّ للصراع الطبقيّ والوصول إلى كنه التناقضات الجدليّة في هذا الصراع الذي يقوم على التأثير والتأثر والناتج.

د_عدم الاكتفاء بالتصوير بل لابد من شفعه بالتحليل واستخلاص العوامل الفعالة في صياغة المستقبل التقدمي، وهنا تبرز رسالة الكاتب وإعلاء شأن الإرادة الإنسانية ونضالها العنيد ضمن الإطار الجماعيّ الطبقي لصنع المصير وفق المنطق التاريخي. وإنّ الكاتب لا يبقى مشاهداً سلبياً بل يتدخل لتغليب الإيجابيات وتعزيز النضال.

هـ _الواقعية الاشتراكية متفائلة، تؤمن بانتصار الإرادة الجماهيريّة التي تتجه دوماً في طريق الحق والخير وتتمكن من إعادة بناء المجتمع الجديد.

و_تولي الواقعية الاشتراكية أهمية كبرى لرسم وإبراز “النموذج البطولي” في إطار التلاحم النضالي مع الجماهير والتصميم الإرادي والصلابة والوعي والتضحية، بحيث يصبح نمطه مثالاً للمناضلين، يحبّونه ويقتدون به.

ز_ الواقعية الاشتراكية إنسانيَّة وعالميّة تؤمن بوحدة قضايا الشعوب ووحدة نضالها في سبيل التحرّر الاجتماعي والسياسي ووحدة الخط التاريخي، وتدين أشكال الاستعمار والاستغلال والفردية والتمييز العنصري والدينيّ.

وترى أن القوميّة جسرٌ إلى العالمية، وترفض الاعتداء والتسلّط والحروب

ح_ لا تهملُ المقومات الفنيّة كالمقدرة اللغوية والأسلوبية وبراعة التصوير الطبيعي والنفسيّ وحرارة العاطفة والمقومات الخاصة بكل جنسٍ أدبيّ وهي تتجه إلى الجماهير في خطابها ولذلك تختار اللغة السهلة المتداولة. ولا تقيم وزناً لأدب يؤدي الأهداف دون حسٍّ مرهفٍ وأداءٍ فنّي. فالمضمون والشكل متضامنان لا ينفصل أحدهما عن الآخر.

الخطاب النثري في الأدب الواقعي يعد تجسيدًا للأفكار والمشاعر بطريقة تعكس الحياة كما هي، دون تزيين أو تحريف. يركز هذا النوع من الأدب على تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بدقة، مستندًا إلى تفاصيل دقيقة وشخصيات واقعية.

المراجع

مشاركة المقال

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة