السياسة في الخليج وتأثيرها على المنطقة والعالم

15 أكتوبر 2024
عدد المشاهدات : 93
منذ شهرين
عناصر الموضوع
1- الأوضاع السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي العربي
2- التأثر الدولي للمجلس
3- التحديات الاقتصادية للمجلس
4- المجلس والقوى الإقليمية
5- أحداث سبتمبر

عناصر الموضوع

1- الأوضاع السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي العربي

2- التأثر الدولي للمجلس

3-  التحديات الأقتصادية للمجلس

4- المجلس والوجود الأمريكي

تعكس طبيعة العلاقات الدولية واقعاً يبرز أهمية القوة كعامل رئيسي في تفسير العديد من النزاعات والتكتلات العالمية. يمكن فهم تجربة مجلس التعاون الخليجي من خلال هذا الإطار النظري.

1- الأوضاع السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي العربي

  • تعتبر تجربة العمل العربي المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي من بين التجارب العربية الأكثر استدامة مقارنة بالتجارب السابقة، حيث استمر المجلس منذ تأسيسه في عام 1981 حتى الآن. ولا يبدو أن هناك بدائل قابلة للتطبيق في الوقت الحالي، مما يعزز فكرة استمرارية المجلس، رغم وجود اختلافات واضحة في سياسات الدول الأعضاء، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الدولية والعلاقات مع الدول المجاورة.
  • بالعودة إلى استدامة المجلس، فإن آليات التعاون والسمات القومية المشتركة بين دول الخليج تفرض ضرورة استمرار الأعضاء في ظل فشل التجارب الوحدوية العربية الأخرى، والدور المحدود لجامعة الدول العربية كما ظهر في الاجتماعات الأخيرة وما نتج عنها من قرارات. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الولايات المتحدة الأميركية المجلس أداة ضرورية لتحقيق مصالحها في المنطقة.
  • لا يتسع المجال هنا لاستعراض إنجازات المجلس في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن التركيز سيكون على المجال السياسي، الذي يشهد إخفاقات واضحة.

التحديات السياسية:

  • منذ تأسيس المجلس، عانت المنطقة الخليجية من عدم الاستقرار السياسي، حيث تأسس المجلس تزامناً مع حرب الخليج الأولى التي استمرت حتى نهاية الثمانينيات. وتبعت تلك الحرب فترة هدوء قصيرة قبل أن تتعرض المنطقة لأزمات جديدة في العقد الأخير من القرن العشرين، مما أدخلها في دوامة من الصراعات والتدخلات الأجنبية التي لا تزال قائمة، مع التهديدات الأميركية المحتملة ضد العراق والتي قد تؤثر سلباً على الاستقرار السياسي في المنطقة.
  • التحديات الأمنية:
  • تظل القضايا الأمنية من أبرز التحديات التي تواجه العمل السياسي الخليجي. وقد تأسس مجلس التعاون الخليجي استجابة للتحديات الأمنية التي تتصدر الأجندة السياسية في الخليج.

أما فيما يتعلق بموقف دول المجلس من القضايا العربية والدولية، فلم يُحدث انضمامها إلى المجلس تغييرات كبيرة في سلوك الدول العربية الأخرى، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وقد تبنت دول المجلس مواقف سياسية تتماشى مع توجهات الدول العربية المرتبطة بعلاقات وثيقة مع الغرب والولايات المتحدة، مما يجعل إنجازاتها السياسية مشابهة لعديد من الدول العربية الأخرى.

2- التأثر الدولي للمجلس

ليس للدول الخليجية أي ثقل سياسي عالمي، وحتى من يعتقد أن النفط يمثل وسيلة ضغط بيدها، يدرك أن هذه الدول تعتمد بشكل كبير على عوائد النفط من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن هذا المنطلق، فإن دور النفط في سياسة مجلس التعاون ليس عاملًا إيجابيًا، بل على العكس، فإن التدخلات الخارجية المرتبطة بوجود النفط في المنطقة ساهمت في إخفاقات سياسية لهذه الدول.

  • في ظل هذه الظروف، سعت المملكة العربية السعودية، التي تُعتبر القائدة لمجلس التعاون الخليجي، إلى إطلاق مبادرة سلام مع إسرائيل بهدف تخفيف الضغوط الأميركية عليها نتيجة الاتهامات بالإرهاب التي وُجهت للمسلمين في الولايات المتحدة. إلا أن الرد الإسرائيلي جاء سريعًا باحتلال الأراضي الفلسطينية مباشرة بعد الإعلان عن المبادرة.
  • من هنا، يمكن طرح سؤال: لماذا كان هذا الرد على الموقف السعودي، الذي يعكس بالضرورة وجهة نظر دول المجلس؟ يبدو أن الإجابة واضحة، إذ إن هذه الدول تفتقر إلى الوزن الاقتصادي والسياسي الكافي لإجبار الولايات المتحدة، التي تعتمد على نفط الخليج، على احترامها.

أما الإنجازات السياسية لمجلس التعاون الخليجي على المستوى العربي، فهي محدودة للغاية، حيث لم يتمكن المجلس من التميز عن الدول الأخرى إلا في مجال واحد، وهو تقديم التبرعات المالية والمساعدات الاقتصادية كوسيلة للتأثير السياسي. لكن هذا الأمر تراجع بشكل كبير بعد حرب الخليج الثانية، عندما شعرت الدول الخليجية بالاستياء تجاه الدول العربية الفقيرة التي اتخذت مواقف محايدة أو متعاطفة مع العراق بسبب ظروف داخلية وإقليمية.

يمكن ملاحظة التأثيرات الدولية على مجلس التعاون الخليجي من خلال هذه الديناميكيات المعقدة

إن لجوء البحرين وقطر إلى محكمة العدل الدولية لحل النزاع الحدودي بينهما، والذي تم حله مؤخرًا، يُظهر ضعف التعاون الخليجي في معالجة القضايا الكبيرة بين أعضائه. [1]

3- التحديات الاقتصادية للمجلس

  • لا تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي أي ثقل سياسي يُذكر. حتى أولئك الذين يعتبرون النفط وسيلة ضغط في يد هذه الدول يدركون تمامًا أنها تعتمد بشكل كبير على عوائد النفط للبقاء.
  • عند مراجعة الإنجازات الاقتصادية لدول المجلس، يتضح أن هناك تسهيلات كبيرة بين هذه الدول فيما يتعلق بالضرائب والجمارك وحرية الحركة، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة. ومع ذلك، تبرز بعض النقاط الهامة:
  • تشابه الاقتصادات: إن تشابه اقتصاديات دول المجلس يقلل من الفائدة الاقتصادية للمشاريع المشتركة، حيث تعتمد معظم اقتصاداتها بشكل كبير على عوائد النفط، مما يركز المشاريع على الجوانب الاستهلاكية دون تحقيق عوائد تنافسية.
  • التبعية الاقتصادية: تعاني دول المجلس من تبعية اقتصادية للعالم الخارجي، مما يجعل الاتفاقيات البينية غير فعالة، حيث تستورد معظم احتياجاتها من الخارج ولا توجد منتجات تعتمد فيها الدول
  • رغم ما ذُكر، تظل معظم الإنجازات الاقتصادية لدول مجلس التعاون محدودة في نطاقها، حيث تركزت على الجوانب الشكلية والتسهيلية بدلاً من أن تكون مشاريع إنتاجية تنافسية على الصعيد الدولي.
  • هذا التحدي يُضاف إلى قائمة الصعوبات التي تواجه هذه الدول، خصوصًا أن العديد منها تعاني من ضغوط اقتصادية واضحة. يتجلى ذلك في محاولات توطين الوظائف بسبب ارتفاع معدلات البطالة، وتخفيض الإنفاق الحكومي، والاستغناء عن العمالة العربية والغربية، مع الاعتماد المتزايد على العمالة الآسيوية ذات الأجور المنخفضة.
  • وبذلك، لا يمكن القول إن هذا التعاون يمثل مركزًا اقتصاديًا ذا تأثير إقليمي أو دولي، خاصة إذا ما قورن بالتجارب العالمية الأخرى. ذلك يأتي في ظل النقاشات النظرية حول الاتحاد الجمركي والعملة الموحدة، والتي يبدو أنها لن تتحقق في ظل السياسات الخليجية الحالية التي تعتمد على التأجيل.

4- المجلس والقوى الإقليمية

لم يعبر مجلس التعاون الخليجي في أي وقت عن نمط من التعاون الدولي يسعى للانخراط فيه والتأثير عليه، بل يمثل نموذجًا تعاونيًا يميل إلى الانعزال.

  • إيران:
    منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، بدأ الموقف الإيراني بالتشكيك في هذا الكيان، خاصةً أن إنشاء المجلس تزامن مع انشغال إيران في حربها مع العراق. لن تنسى إيران دعم دول الخليج للعراق خلال تلك الحرب، مما يجعل مستقبل التعاون معها مستبعدًا في ظل الظروف الحالية والحقائق القومية المتعلقة بأنظمة الحكم الراهنة.
  • اليمن والعراق:
    تُعتبر اليمن والعراق خارج نطاق مجلس التعاون الخليجي لأسباب واضحة، حيث إن اليمن كان يعاني من الضعف والانقسام بين الشمال والجنوب، وكلاهما يفتقر إلى الموارد الاقتصادية الأساسية مثل النفط، الذي يمثل القاسم المشترك بين دول المجلس. هذا الوضع يحمل دلالات هامة يجب فهمها بموضوعية، بعيدًا عن الأوهام حول إمكانية الوحدة العربية أو الخليجية. فالمقترحات الفكرية والأيديولوجية التي طرحتها جهات سياسية عديدة لم تؤدِ إلا إلى تفكك أكبر وتزايد الحسد بين الشعوب الخليجية والعربية.

أما بالنسبة للحالة العراقية، فإن رغبة بعض دول مجلس التعاون في الهيمنة على المنطقة تفسرها تنامي القوة العسكرية للعراق في بداية الثمانينيات. لذا، فإن التنافس بين الدول العربية، خصوصًا الخليجية، وتباين الأوضاع الاقتصادية، يمثلان عوامل أساسية تعوق أي تكامل عربي حقيقي. إن التباين الاقتصادي ليس العامل الوحيد، بل تؤثر مثل هذه العوامل على الثقافة الشعبية في الدول العربية، وهو ما رسخته الأنظمة السياسية لمصالحها الذاتية.

  • المجلس والوجود الأميركي:
    أسهم الوجود الأميركي في منطقة الخليج العربي بشكل كبير في إبعاد دول مجلس التعاون عن أي دور فعّال في الساحة الإقليمية. وضعت هذه الدول في موقف معارض للدول التي تتعارض مع المصالح الأميركية، مثل العراق وإيران، مما جعل معظم اهتماماتها الخارجية تنصب على تخفيف التهديد الإيراني.
  • تعتبر العراق وفقاً لتصريحات الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تبنتها دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا ساهم بشكل كبير في تعزيز استمرارية المجلس لأنه يتماشى مع السياسات الأمريكية. لم يكن مجلس التعاون الخليجي في أي وقت من الأوقات نموذجاً للتعاون الدولي الرامي إلى التأثير، بل إنه يمثل نمطاً من التعاون الانعزالي. وقد أدى التنافس الخارجي في منطقة الخليج العربي إلى إضعاف أي جهود للتعاون الإقليمي الفعال. كما أن القوى الخارجية تقوم بتضخيم التهديدات بشكل كبير لتبقي دول المجلس في حالة من القلق المستمر بشأن أوضاعها ومستقبلها السياسي، مما يعوق التفكير في خطوات تعاونية ذات مغزى مثل تلك التي تشهدها تكتلات عالمية أخرى.

5- أحداث سبتمبر

أثرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بشكل كبير على العالم، ووضعت تحديات أمام دول مجلس التعاون الخليجي وكل دول العالم بشكل عام. فقد قام الرئيس الأمريكي بتقسيم العالم بناءً على موقفه من حرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب إلى مع أو ضد. وفي ظل الأوضاع السياسية السائدة في دول الخليج، وخاصة غياب الديمقراطية والنمط التقليدي في المشاركة السياسية، لجأت العديد من الجماعات المعارضة إلى التنظيم السري نظراً لافتقار المؤسسات الحكومية القادرة على تلبية احتياجات المجتمع. [2]

  • من هنا، يُمكن أن تشكل هذه الجماعات تهديداً حقيقياً للأنظمة السياسية في الخليج العربي، خاصة في ظل مشاعر العداء السائدة تجاه الغرب، وبالأخص الولايات المتحدة، التي تطالب هذه الدول بتعديل مناهج التعليم وإلغاء بعض جوانب التعليم الديني، بالإضافة إلى الانفتاح الثقافي الذي لم تكن هذه الدول مستعدة له. هذه الأوضاع تشير إلى احتمال حدوث صدام. كما أن المظاهرات التي اندلعت في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي تضامناً مع القضية الفلسطينية، فضلاً عن التفجيرات التي شهدتها المملكة العربية السعودية في العقد الأخير، تعكس بوضوح تصاعد الوعي بين شعوب هذه الدول ورغبتها في تقليص الوجود الأمريكي.
  • علاوة على ذلك، فإن الاتهامات المتزايدة لعدة دول خليجية بدعم الإرهاب، بالإضافة إلى التعليم الإسلامي في باكستان وأفغانستان، تثير شكوكاً أمريكية حول هذه الأنظمة ومدى ولائها للولايات المتحدة. يُعتبر هذا الأمر ضغطاً دولياً يؤثر على استقرار تلك الدول التي تتنافس على كسب الرضا الأمريكي.
  • وبناءً على هذه العوامل المتشابكة، ستُستخدم أحداث سبتمبر كعنصر يدعم الدور الأمريكي في منطقة الخليج، مما يعزز من التواجد الأمني للولايات المتحدة ويُضعف أي مبادرة خليجية قد تعارض هذا الدور، خاصة في هذه المنطقة الغنية بالنفط.
  • قد تبدو فكرة إنشاء مجلس التعاون الخليجي تجربة ناجحة في نظر العامة في العالم العربي، ولكن إذا نظرنا إلى الدافع الأساسي وراء تأسيسه، وهو تحقيق الأمن لهذه الدول، فستتضح الصورة بشكل مختلف.Bottom of Form

بسبب المخاطر المحيطة بها، يجب أن يكون تقييم تجربة مجلس التعاون الخليجي، من حيث النجاح أو الفشل، محوراً على هذا العامل بشكل أساسي. ومن هنا، استمدت فرضية الدراسة من السؤال التالي: هل نجح مجلس التعاون الخليجي في تأمين الدول الأعضاء؟ خاصة أن مفهوم الأمن كان مرتبطاً، أو على الأقل مرتبطاً، بما يُعرف بالخطر الإيراني، الذي تم تضخيمه بشكل كبير، بحيث يُعتقد أن هذا المد الإيراني سيغمر دول الخليج العربية.

تُظهر المشاهد الحالية أن الوضع الأمني في الخليج يعكس إخفاقاً واضحاً، وذلك للأسباب التالية:

  • استمرار وجود الخطر الإيراني دون أي استجابة فعالة من هذه الدول، باستثناء شراء الأسلحة الأمريكية، مما يساهم في تدوير “عوائد النفط” وسياسة الاحتواء المزدوج التي أضافت أعباء نفسية وسياسية واقتصادية جديدة على المنطقة.
  • بروز الخطر العراقي، الذي لم يكن متوقعاً في البداية، رغم وجود نوايا مسبقة باستبعاد العراق.
  • اجتياح العراق للكويت، الذي شكل تهديداً لمنظومة الأمن الجماعي لدول مجلس التعاون.
  • استمرار الاعتماد على القوى الخارجية، وتحديداً الولايات المتحدة، لحماية أمن الخليج، مما سمح لها بإنشاء قواعد عسكرية في المنطقة.

تسعى هذه الدول إلى ضمان وجودها في المنطقة العربية لأطول فترة ممكنة.

أيضاً، برز خطر الإرهاب وفق التعريف الأمريكي، مما أدى إلى مطالبة هذه الدول بإصلاحات جوهرية تعزز من إجراءات الأمن، رغم وجود عدم استقرار داخلي.

يمكن القول إن مجلس التعاون الخليجي، كأحد التجمعات العربية، يُعتبر من بين الأكثر نجاحاً نسبياً، إلا أنه أحبط آمال الكثيرين في العالم العربي بسبب قلة الإنجازات الملموسة.

المراجع

مشاركة المقال

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة