الفيلسوف جيريمي بنثام: سعي نحو أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس

الكاتب : سهام أحمد
30 سبتمبر 2025
عدد المشاهدات : 18
منذ 6 ساعات
الفيلسوف جيريمي بنثام
جيريمي بنتام
جيريمي بنثام مذهب المنفعة بين النظرية الفلسفية وتطبيقات الإصلاح
النظرية النفعية في الأخلاق
لفوائد الجماعية وتحديات التضحية بالحقوق الفردية
جيرمي بنثام لوست
فقد كان الفيلسوف جيريمي بنثام يرى أن كل شيء في الوجود يمكن أن يكون له فائدة حتى بقايا الجسد
كتب جيريمي بنتام
إرث جيريمي بنثام الإصلاح القانوني والاجتماعي بوصلة الفلسفة النفعية
أسئلة شائعة عن الفيلسوف جيريمي بنثام
س: من هو الفيلسوف جيريمي بنثام؟
س: ما هي الفلسفة النفعية؟
 س: لماذا تعرف قصة الفيلسوف جيريمي بنثام بأنها غريبة؟
س: ما هو كتاب "مقدمة لمبادئ الأخلاق والتشريع"؟
 س: ما هو "بانوبتيكون"؟
س: كيف أثر الفيلسوف جيريمي بنثام على الفكر الحديث؟

الفيلسوف جيريمي بنثام. ليس مجرد اسم في كتب التاريخ بل هو نبض فكري لا يزال يتردد صداه في مجال  الفلسفة والقانون والسياسة. حتى يومنا هذا فقد كان بنثام بعبقريته الفذة يسعى جاهدًا لوضع إطار عمل يمكن من خلاله قياس الخير والشر. ليس من منظور ديني أو أخلاقي تقليدي بل من خلال معيار بسيط ولكنه عميق وهو المنفعة.

جيريمي بنتام

الفيلسوف جيريمي بنثام

ولد الفيلسوف جيريمي بنثام في لندن عام 1748 وكان طفل معجزة. حيث التحق بجامعة أكسفورد في سن الثانية عشرة و على الرغم من أن والده كان يتمنى له مهنة في القانون إلا أن بنثام سرعان ما وجد نفسه منجذب أكثر إلى دراسة الفلسفة الاجتماعية والقانونية.

 فكان يرى في القانون نظام معقد وغير عادل يحتاج إلى إصلاح جذري ليتوافق مع مبدأ المنفعة. فلم يكن مجرد مفكر منعزل بل كان ناشط اجتماعي وسياسي يدافع عن حقوق الحيوان ويطالب بتحرير العبيد ويدعو إلى إصلاح السجون.

 كانت حياته مليئة بالعمل الدؤوب حيث كتب آلاف الصفحات وقدم مقترحات لإصلاحات قانونية واقتصادية وسياسية. فكان يؤمن بأن الفرد يسعى بطبيعته إلى المتعة ويتجنب الألم وأن هذا المبدأ يمكن أن يكون الأساس لقياس أي فعل أو قانون سواء كان فردي أو جماعي.

كانت رؤيته للمجتمع تقوم على فكرة أن كل فرد هو “وحدة حساب” مستقلة وأن السعادة الكلية للمجتمع هي مجموع سعادة أفراده. فلم يكن بنثام يعتبر السعادة مجرد شعور عاطفي بل كانت لديه طريقة معقدة لقياسها أسماها “حساب المتعة والألم” (Felicific Calculus). كان هذا الحساب يأخذ في الاعتبار عوامل مثل شدة المتعة ومدتها وقربها وخصوبتها (قدرتها على إنتاج متع أخرى).

تعرف أيضًا على: عباس محمود العقاد: أدباء العرب

جيريمي بنثام مذهب المنفعة بين النظرية الفلسفية وتطبيقات الإصلاح

 كانت هذه الفكرة محاولة غير مسبوقة لتحويل الأخلاق إلى علم دقيق يمكن قياسه. مما جعله رائد في مجال الفلسفة التحليلية فكان الفيلسوف جيريمي بنثام يرى أن الهدف من أي قرار سياسي أو قانوني يجب أن يكون تحقيق أكبر قدر من السعادة الإجمالية للمجتمع حتى لو كان ذلك يعني التضحية بسعادة أقلية صغيرة.

لم يكن عمله منحصر على النظريات الفلسفية فقط بل كان يمتد إلى الجانب العملي فقد قدم بنثام مقترحات لإصلاحات ملموسة في مجالات متعددة. و على سبيل المثال قام بتصميم “بانوبتيكون” (Panopticon) وهو نوع من السجون يتيح لحارس واحد مراقبة جميع السجناء في جميع الأوقات دون أن يعرفوا متى تتم مراقبتهم بهدف خلق شعور بالانضباط الذاتي.

 على الرغم من أن هذا التصميم لم يتم تنفيذه على نطاق واسع إلا أنه لا يزال يدرس في كليات القانون وعلم الاجتماع كنموذج يثير النقاش حول السلطة والمراقبة. فكان بنثام يرى في هذه الأنظمة وسيلة لزيادة الكفاءة والمنفعة ولكنه لم يغفل أهمية حقوق الإنسان في هذه العملية رغم أن بعض منتقديه رأوا أن تركيزه على المنفعة قد يتعارض مع حقوق الأفراد.[1]

تعرف أيضًا على: القاضي الفاضل وزير صلاح الدين الأيوبي

النظرية النفعية في الأخلاق

الفيلسوف جيريمي بنثام

تعتبر النظرية النفعية التي أسسها الفيلسوف جيريمي بنثام. الأساس في فكره وتقوم على مبدأ بسيط ولكنه قوي. أن الفعل الصائب أخلاقيًا هو الذي ينتج أكبر قدر من السعادة أو المتعة لأكبر عدد من الناس فهذا المبدأ يختلف جذريًا عن النظريات الأخلاقية التقليدية التي تعتمد على الواجب أو النوايا أو القوانين الإلهية.

 بالنسبة لبنثام فإن العواقب هي كل شيء فإذا كان الفعل يسبب سعادة أكثر من الألم فإنه يعتبر خير بغض النظر عن النية وراءه فهذا المنهج الأخلاقي. كان بمثابة ثورة فكرية لأنه قدم معيار عملي وموضوعي يمكن استخدامه لتقييم أي قرار أو سلوك.

ولتوضيح هذا المفهوم يمكننا أن نرى كيف يمكن تطبيق النظرية النفعية على مواقف يومية. و على سبيل المثال في حالة اتخاذ قرار بشأن بناء مستشفى جديد في منطقة فقيرة. فإن النفعية ستقيم هذا القرار بناء على الفوائد التي سيجلبها لأكبر عدد من الناس مثل تحسين الرعاية الصحية وتقليل معدلات الوفيات وزيادة الإنتاجية الاقتصادية.

تعرف أيضًا على: المقريزي: مؤرخ مصر

لفوائد الجماعية وتحديات التضحية بالحقوق الفردية

هذه الفوائد ستفوق من منظور بنثام فالتكاليف التي قد يتحملها عدد قليل من الأفراد الذين. قد يتم نقلهم لتوسيع المجال للمستشفى. فكانت هذه الفلسفة مؤثرة بشكل كبير في مجالات السياسة العامة والاقتصاد حيث تم استخدامها لتبرير سياسات الرعاية الاجتماعية والضرائب التصاعدية بهدف إعادة توزيع الثروة لزيادة السعادة الإجمالية في المجتمع.

ومع ذلك لم تكن النظرية النفعية خالية من الانتقادات فأحد أشهر الانتقادات الموجهة إليها. هو أنها قد تبرر أفعال تبدو غير أخلاقية. إذا كانت تؤدي إلى سعادة جماعية  فعلى سبيل المثال هل يمكن للنفعية أن تبرر التضحية بحقوق شخص بريء إذا كان ذلك سيمنع كارثة أكبر؟ هذا السؤال يظل واحد من أكثر التحديات إثارة للجدل أمام الفكر النفعي.

 على الرغم من أن الفيلسوف جيريمي بنثام كان يؤمن بحقوق الأفراد إلا أن نظريته. كما فسرها البعض يمكن أن تضع السعادة الجماعية فوق الحقوق الفردية ورغم هذه الانتقادات فإن النفعية لا تزال قوة فكرية مهمة حيث دفعت الفلاسفة والمفكرين إلى التفكير بعمق في معاني العدالة والخير والسعادة.[2]

تعرف أيضًا على: الشاعر جبران خليل جبران: فيلسوف وشاعر

جيرمي بنثام لوست

الفيلسوف جيريمي بنثام

تعتبر قصة الفيلسوف جيريمي بنثام بعد وفاته واحدة من أغرب الحكايات في تاريخ الفلسفة. ففي وصيته طلب بنثام أن يتم تحنيط جثته وعرضها على الملأ وهو ما يعرف بـ “السيارة الذاتية ” فقد كان يؤمن بأن هذا الفعل سيعود بالنفع على الأجيال القادمة حيث سيكون بمثابة تذكير دائم بأهمية أفكاره.

 تم تحنيط جسده وتجهيزه بعناية ووضعه على كرسي في صندوق زجاجي. ويزور هذا الصندوق اليوم الكثير من الزوار في كلية لندن الجامعية و على الرغم من أن الرأس الحقيقي لم يتمكن الأطباء من تحنيطه بشكل جيد وتم استبداله بتمثال شمعي فإن الرأس الحقيقي لا يزال محتفظ به بشكل منفصل ولكن بعيد عن العرض العام.

هذه الرغبة الغريبة ليست مجرد نزوة بل هي امتداد لفلسفته النفعية. فقد كان بنثام يرى أن جسده حتى بعد وفاته فيمكن أن يظل مصدر للمنفعة من خلال كونه رمز حي أو بالأدق رمز ميت لفلسفته فكان يعتقد أن وجوده المادي سيكون مصدر إلهام للمفكرين والطلاب ويذكرهم دائمًا بضرورة السعي نحو المنفعة. هذه الفكرة الفريدة من نوعها تعكس التزامه المطلق بمبادئه حتى بعد رحيله عن الحياة.

تعرف أيضًا على: الأديبة اللبنانية مي زيادة

فقد كان الفيلسوف جيريمي بنثام يرى أن كل شيء في الوجود يمكن أن يكون له فائدة حتى بقايا الجسد

الفيلسوف جيريمي بنثام

  • تعبير عن مدى إيمانه بفلسفته: هذه الرغبة الغريبة كانت بمثابة إعلان نهائي عن مدى إيمان بنثام بمبادئه. فهو لم يكتفي بنشر أفكاره في الكتب بل أراد أن يجسدها في وجوده المادي.
  • إثارة التساؤلات حول علاقة الجسد بالروح: فهذه القصة تثير تساؤلات عميقة حول علاقة الجسد بالفكر والروح. وكيف يمكن أن يكون الجسد مجرد وعاء لأفكار قد تستمر إلى الأبد.
  • تخليد الذكرى بطريقة غير تقليدية: فبدل من مقبرة تقليدية اختار بنثام طريقة غير تقليدية لتخليد ذكراه. مما جعله محط اهتمام العديد من المؤرخين والمهتمين بالثقافة.
  • رمزية الفلسفة في الحياة والموت: فقد تحولت “السيارة الذاتية” إلى رمز لفكره حيث يمثل الكرسي الذي يجلس عليه مبادئه. ويمثل الجسد المادي الإرادة الصلبة لتحقيق المنفعة.
  • الاحتفاء بالأصالة والعبقرية: فقصة بنثام بعد الوفاة تذكرنا بأن العبقرية الحقيقية غالبًا ما تكون غير تقليدية. وأن المفكرين العظام يتركون بصمة لا تمحى حتى بعد رحيلهم.
  • التأثير على الفكر الحديث: على الرغم من غرابة القصة فإنها لا تزال تثير النقاش حول مفاهيم العدالة الاجتماعية وتأثير الأفكار الفلسفية على الأجيال اللاحقة.

تعرف أيضًا على:  ابن القيم الجوزية: تلميذ ابن تيمية

كتب جيريمي بنتام

الفيلسوف جيريمي بنثام

كتب الفيلسوف جيريمي بنثام العديد من الكتب التي شكلت أساس لفلسفته النفعية وأثرت بشكل كبير في الفكر السياسي والقانوني فكانت كتاباته تتصف بالدقة والتحليل العميق وكان يركز على تطبيق مبادئ المنفعة على مختلف جوانب الحياة.

 على سبيل المثال في كتابه “مقدمة لمبادئ الأخلاق والتشريع يضع بنثام الأسس النظرية للنفعية ويشرح بالتفصيل. كيف يمكن قياس المتعة والألم فهذا الكتاب يعتبر واحد من أهم الأعمال في تاريخ الفلسفة الأخلاقية حيث قدم منهج جديد للتعامل مع المشكلات الأخلاقية كما أن كتاباته في مجال القانون مثل “مبادئ القانون المدني كانت ثورية في وقتها فكان بنثام يرى أن القانون يجب أن يكون أداة لتحقيق المنفعة العامة وليس مجرد مجموعة من التقاليد أو العادات فقد دعا إلى إصلاح القوانين القديمة التي لم تعد تخدم المجتمع وإلى وضع قوانين جديدة تهدف إلى تعزيز السعادة الجماعية.

إرث جيريمي بنثام الإصلاح القانوني والاجتماعي بوصلة الفلسفة النفعية

كانت أفكاره حول الإصلاح القانوني مؤثرة بشكل كبير في بريطانيا والولايات المتحدة. حيث تم تطبيق الكثير من مبادئه في أنظمة العدالة الحديثة. كما أنه كان مهتم بالإصلاحات الاجتماعية وقدم مقترحات لتحسين ظروف الفقراء وإصلاح السجون وتحسين التعليم. فكانت هذه المقترحات مبنية على فكرة أن تحسين حياة الأفراد يساهم في زيادة السعادة الكلية للمجتمع فقد ترك بنثام وراءه إرث فكريًا ضخم لا يزال يثير النقاش حول مستقبل الفلسفة.

في النهاية يظل الفيلسوف جيريمي بنثام. شخصية محورية في تاريخ الفكر الإنساني. فلم يكن مجرد فيلسوف نظري بل كان مفكر عملي يسعى إلى تحويل أفكاره إلى واقع ملموس فكانت فلسفته النفعية التي تركز على تحقيق “أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس” بمثابة بوصلة أخلاقية وقانونية للعديد من الأجيال. وعلى الرغم من الانتقادات التي واجهتها نظريته إلا أنها دفعتنا إلى التفكير بعمق في معاني العدالة والخير والمنفعة وكيف يمكننا أن نعيش في عالم أفضل فإرثه. لا يزال حي ليس فقط في الكتب والمتاحف بل في كل قرار سياسي واجتماعي يهدف إلى تعزيز سعادة البشرية.

أسئلة شائعة عن الفيلسوف جيريمي بنثام

س: من هو الفيلسوف جيريمي بنثام؟

ج/ هو فيلسوف بريطاني ومصلح اجتماعي ومفكر قانوني يعتبر مؤسس الفلسفة النفعية.

س: ما هي الفلسفة النفعية؟

 ج/هي نظرية أخلاقية ترى أن الفعل الصحيح أخلاقي هو الذي ينتج أكبر قدر من المتعة أو السعادة لأكبر عدد من الناس.

 س: لماذا تعرف قصة الفيلسوف جيريمي بنثام بأنها غريبة؟

ج/ بسبب طلبه أن يتم تحنيط جثته وعرضها كـ “سيارة ذاتية” بعد وفاته.

س: ما هو كتاب “مقدمة لمبادئ الأخلاق والتشريع”؟

ج/هو أحد أشهر كتب الفيلسوف جيريمي بنثام والذي يضع فيه الأسس النظرية للفلسفة النفعية.

 س: ما هو “بانوبتيكون”؟

ج/هو تصميم لسجن اقترحه الفيلسوف جيريمي بنثام يتيح لحارس واحد مراقبة جميع السجناء دون أن يعرفوا متى تتم مراقبتهم.

س: كيف أثر الفيلسوف جيريمي بنثام على الفكر الحديث؟

ج/أثر بشكل كبير في الفكر القانوني والاقتصادي والسياسي ودفعت أفكاره إلى التفكير في العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة