تعريف التقوى: المعنى اللغوي والشرعي

عناصر الموضوع
1- المدلول اللغوي للتقوى
2- التقوى في ضوء القرآن
3- أثر الخشية ومحبة الله
4- مواطن تقوى القلب والجوارح
5- التعلق بالله وثمراته
6- التقوى في حياة الصحابة والسلف
التقوى في الدين الإسلامي تعتبر وسيلة النجاة يوم القيامة، حيث تعني الالتزام بطاعة الله وطاعة رسوله. وهي تتجلى في اتباع نهج النبي محمد وسيرته من خلال الالتزام بما فرضه الله والابتعاد عما حرمه. وقد ورد في القرآن الكريم: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.
1- المدلول اللغوي للتقوى
التقوى في اللغة تعني الاسم من “اتقى”، والمصدر هو “الاتقاء”. وكلاهما مشتق من الجذر “وقى”. والوقاية تعني حماية الشيء من الأذى والضرر. لذا، فإن أصل التقوى هو أن يضع الإنسان حاجزًا بينه وبين ما يخافه ويتجنبه. وقد أوضح نظام الدين النيسابوري معنى المتقي، حيث يعتبر اسم فاعل من “وقاه” وبالتالي “اتقى”. والوقاية تعني الحماية الشديدة، كما أن هذه الدابة تقي نفسها من الأذى إذا تعرضت لشيء من صلابة الأرض أو ضعف حافرها. فهي تحمي حافرها من أي ضرر. أما في المعنى الشرعي، فتتمثل التقوى في القيام بما أمر الله به وترك ما نهى عنه. [1]
2- التقوى في ضوء القرآن
التقوى تستخدم في القرآن للإشارة إلى مجموعة من المعاني. فهي تعني الطاعة والعبادة. كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ١٠٢﴾ [آل عمران:102]. كما تأتي بمعنى الخشية والهيبة، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ٤١﴾ [البقرة:41].
أما في معناها الاصطلاحي، فتشير إلى التنزه عن الذنوب، كما في قوله عز وجل: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ٥٢﴾ [النور:52].
وقد أشار ابن رجب إلى أن التقوى قد تُضاف أحيانًا إلى اسم الله عز وجل، كما في قوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٩٦﴾ [المائدة:96]، حيث يُقصد بها اتقاء سخط الله وغضبه، وهو أعظم ما يُتقى. وفي أحيان أخرى، تُضاف إلى عقاب الله، كما في قوله: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾. [2]
3- أثر الخشية ومحبة الله

في فضل خشية الله، يقول الله سبحانه في كتابه المبين: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [الملك:12] في هذه الآية العظيمة يبين سبحانه أن من خشيه فقد وعده سبحانه بالمغفرة والأجر الكبير، ومن الأجر دخول الجنة والنجاة من النار، وما ذاك إلا لأن خشية الله سبحانه يترتب عليها أداء فرائضه. وترك محارمه، والوقوف عند حدوده، لأن الخاشي لله يبتعد عن معاصيه ويسارع إلى مراضيه، وإلا فهو كاذب في دعواه، الخشية لله أو خشيته ضعيفة جدا.
أما الخشية الحقيقية فإنها تثمر أداء الفرائض. وترك المحارم، والمسارعة إلى الخير. والوقوف عند الحدود التي حدها سبحانه، ولهذا علق جل وعلا بالخشية المغفرة والجنة، فلولا أن الخشية لله تقتضي أداء الفرائض وترك المحارم لما علق بها حصول المغفرة من صاحبها، والأجر الكبير.
وبهذا يعلم أن خشية الله وخوفه سبحانه يترتب عليهما كل خير. كما يترتب عليهما البعد من محارم الله، ويترتب عليهما أيضا الوقوف عند حدود الله، لا يتجاوزها خوفا من الله، وخشية من عذابه سبحانه، ولهذا يقول جل وعلا في الآية الأخرى: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46] فيبين سبحانه أن من خاف مقام الله فقد وعده الله بجنتين، وما ذاك إلا لما ذكرنا من أن خوف الله يقتضي أداء فرائضه، والحذر من محارمه، والوقوف عند حدوده. [3]
4- مواطن تقوى القلب والجوارح
إذا وجدت التقوى في القلب، فإنها ستظهر على الجوارح، كما ورد في الأثر الذي يشير إلى أن الإيمان ليس مجرد تظاهر أو أماني، بل هو ما يستقر في القلوب وتصدقه الأعمال. أما إذا ادعى الإنسان وجود التقوى في قلبه دون أن تكون لديه تقوى حقيقية، فإن هذه ستكون مجرد دعوى تحتاج إلى دليل، والدليل هنا هو الاستقامة وظهور آثار التقوى. فإذا قال شخص إن التقوى في قلبه. ثم ترك ماهو واجب عليه، فهذا يدل على عدم وجود التقوى.
إن للأعمال القلبية منزلة عظيمة في الدين، فهي في الغالب أعظم من أعمال الجوارح. فإذا صلحت قلوبنا، صلحت أعمالنا وأحوالنا. وسهلت علينا الكثير من المشكلات. أما إذا فسدت القلوب. فسدت الأعمال واضطربت الأحوال. فالقلب هو العضو المسؤول عن التأثير والاستجابة الشعورية في الإنسان، وقد سُمي “قلبًا” لكثرة تقلبه بين الخواطر والأفكار والعقائد، حيث يتنقل من الهدى إلى الضلالة، ومن الإيمان إلى الكفر أو النفاق.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء: “يا مقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك” [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
وفي صحيح مسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”. [4]
5- التعلق بالله وثمراته
1- أطِع أوامر الله تعالى وابتعد عن نواهيه، لتكون عبداً مخلصاً له.
2- اعلم أن ذكر الله عز وجل هو من أفضل الأعمال وأحبها إليه، وإذا ذكرت الله في جمعٍ، ذكرَك في جمعٍ أفضل من جمعك، وذكره يخفف عنك أوزارك.
3- ابتعد عن معصية الله تعالى، فكلما حفظت الله، حفظك، وعندما يحفظك، ستجد عونه دائماً بجانبك. [5]
6- التقوى في حياة الصحابة والسلف
التقوى عند السلف
قال طلق بن حبيب، التابعي المعروف، رحمه الله: “تقوى الله هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تبتعد عن معاصي الله على نور من الله، تخاف عقاب الله.” وقد فسر بعضهم التقوى بأنها طاعة الله ورسوله، بينما رأى آخرون أنها تعني أن تضع حاجزًا بينك وبين غضب الله وعقابه من خلال الالتزام بالأوامر وترك النواهي.
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: “تمام التقوى أن يتقي العبد الله حتى يتجنب ما يعادل مثقال ذرة، وحتى يترك ما يراه حلالاً خشية أن يكون حراماً.” بالطبع، ليس المقصود هو ترك كل ما هو حلال، لكن الحذر قد يستدعي أحيانًا الامتناع عن بعض المباحات تجنبًا للوقوع في الحرام. فقد أوضح الله للعباد أن من يعمل مثقال ذرة من شر سيشاهده، لذا من الضروري أحيانًا أن نتوخى الحذر.
في نهاية مقال تمنى من الله أن أكون كفيت ووفيت في مناقشة هذه القضية الملحة التي لها أهمية كبيرة في مجتمعنا خاصة والعالم عامة، فإن أصبت فهذا من الله وإن كنت أخطأت فهذا من نفسي ومن الشيطان.
المراجع
- ويكبيدياتعريف التقوى-بتصرف
- صيد الفوائدالتقوى في ضوء القرآن-بتصرف
- موقع الشيخ بن بازفضل الخشية من الله-بتصرف
- المكتبة الشاملةأعمال الجوارح دليل على وجود التقوى أو انعدامها-بتصرف
- صيد فوائدالتعلق بالله تعالى.. الفضل والعلامات-بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

الصيام الطبي والصيام المتقطع: فوائد صحية ومقارنة شاملة

أحكام التجويد وتحسين التلاوة للمبتدئين

وسائل تثبيت العقيدة الإسلامية: منهجيات من القرآن والسنة

قبل الإسلام: كيف غيّرت الدعوة المحمدية حياة الصحابة...

دعاء الميت يوم الدفن: وداع مبارك

دعاء لأبي الميت يوم الجمعة: تضرع ورثاء

دعاء السفر للعمرة: أدعية رحيمة للمسافرين

لبيك اللهم عمره وحج: الفرق بين المناسك

دعاء السفر لنفسي: أدعية شخصية للمسافرين

دعاء الميت وهو في القبر: أسرار ودروس

دعوة الأنبياء للتوحيد: رسالة السماء الواحدة

من هو النبي الأول: بداية البشرية في ضوء...

نساء الأنبياء مواقف الإيمان وأمثلة والثبات

ماهو دعاء السفر؟ تفسير شامل للمسافرين
