عاصمة سلطنة عمان في عهد الدولة العباسية

 تُعد سلطنة عُمان من أقدم الدول التي برزت في التاريخ الإسلامي، خاصة خلال الدولة العباسية. وقد كانت نزوى عاصمة سلطنة عمان في عهد الدولة العباسية، حيث حكمها أئمة الإباضية ضمن نظام مستقل عن الخلافة. رغم الاعتراف الرمزي بـ خلفاء الدولة العباسية، حافظت نزوى على مكانتها كمركز ديني وعلمي، وأسهمت في حماية الهوية الثقافية العُمانية

سبب اختيار نزوى عاصمة

اختيار مدينة نزوى لتكون عاصمة سلطنة عمان في عهد الدولة العباسية لم يكن قرارًا عشوائيًا، بل جاء بناءً على مجموعة من العوامل الاستراتيجية والدينية والعلمية التي ميّزت هذه المدينة عن غيرها.

أول هذه العوامل هو موقعها الجغرافي الفريد فقد كانت تقع في قلب الداخل العُماني. ما جعلها بعيدة عن تهديدات الغزاة الذين كانوا يستهدفون السواحل. هذا البُعد عن البحر وفّر لها أمانًا واستقرارًا نسبيًا مقارنة بالمدن الساحلية. التي كانت أكثر عرضة للهجمات الخارجية. كما أن نزوى كانت محاطة بسلسلة جبال، وهو ما جعلها مدينة ذات تضاريس وعرة يصعب اختراقها، مما أعطاها ميزة دفاعية قوية. وساعدها على الصمود في وجه التهديدات.

أما من الجانب الديني والسياسي، فقد كانت نزوى تمثل قلب المذهب الإباضي في عمان. وهو المذهب الذي ساد في تلك المرحلة. وجود المدينة كمركز ديني جعل منها مقرًا لاختيار الأئمة الذين كانوا يحكمون وفق مبدأ الشورى.

وقد شكّل هذا النظام السياسي المستقل  القائم على الإمامة  بُعدًا آخر لاختيارها كعاصمة.

وفي ظل العلاقة المتوترة والمتقلبة مع عاصمة الدولة العباسية في بغداد. كانت نزوى رمزًا للحكم الذاتي والاستقلال. إذ اختار العمانيون أن يكون لهم كيان خاص قائم على مبادئهم الدينية وتقاليدهم السياسية، مع الاحتفاظ باعتراف رمزي فقط بالخلافة العباسية دون الخضوع لسلطتها المباشرة.[1]

تعرف أيضُا على: ما هي عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى؟

ما هي عاصمة سلطنة عمان قديماً؟

كانت مدينة نزوى تعد من أهم المدن في التاريخ العماني وقد اختيرت لتكون عاصمة سلطنة عمان في عهد الدولة العباسية وذلك لما تمتاز به من موقع جغرافي استراتيجي في قلب الداخل العماني مما وفر لها الحماية من الغزوات البحرية.

كما ساهمت تضاريسها الجبلية الوعرة في تعزيز قدرتها الدفاعية، إلى جانب مكانتها الدينية والعلمية التي جعلتها مركزًا لاختيار الأئمة وفق نظام الإمامة الإباضية الذي كان سائدًا آنذاك، مما منحها مكانة قريبة في طابعها وتاريخها من القرى التراثية العالمية التي تتميز بالأصالة والهوية الثقافية الفريدة.

واستمرت نزوى في أداء دورها كعاصمة حتى بدأت التغيرات السياسية في العالم الإسلامي تؤثر على المنطقة، خاصة مع نهاية الدولة العباسية ومع مرور الزمن وتطور نمط الحكم في عمان تغير مركز الحكم وانتقلت العاصمة إلى مدن أخرى

مثل بهلاء ومسقط. أما عن السؤال متى انتهت الدولة العباسية؟ فقد كانت نهاية الخلافة العباسية رسميًا في عام 656 هـ (1258 م) بسقوط بغداد على يد المغول وهو الحدث الذي غير ملامح الخريطة السياسية في العالم الإسلامي، بما في ذلك تأثيره غير المباشر على الأوضاع في عمان.

تعرف أيضُا على: عاصمة الحجاز قبل التوحيد

ما هي عاصمة الدولة العباسية؟

شهدت الدولة العباسية واحدة من أعظم الحواضر الإسلامية وكانت بغداد هي العاصمة الرسمية لها. وقد أسسها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 145 هـ، لتكون قلب العالم الإسلامي ومركزًا للعلم والثقافة والسياسة.

وفي تلك الفترة، كانت مدينة نزوى تُعرف بأنها عاصمة سلطنة عمان في عهد الدولة العباسية، حيث كانت تتمتع باستقلال إداري نسبي عن الخلافة العباسية رغم الاعتراف الرمزي بها.

ويُعتبر المؤسس الحقيقي للدولة العباسية هو أبو العباس السفاح. أول خلفاء بني العباس، الذي تولى الحكم بعد إسقاط الدولة الأموية عام 132 هـ. وقد لعب دورًا محوريًا في بناء أساس الدولة الجديدة وتثبيت سلطتها. قبل أن يُكمل أخوه أبو جعفر المنصور تأسيس بغداد واتخاذها مقرًا دائمًا للحكم.

ومن خلال هذا النظام، أصبحت بغداد منارة العالم الإسلامي. بينما حافظت نزوى على دورها كعاصمة عُمانية مستقلة إداريًا، ولكنها على اتصال رمزي بالعاصمة العباسية.

تعرف أيضُا على: عاصمة الدولة الإخشيدية

ما هي عاصمة عمان في عهد الخلافة الراشدة؟

في عهد الخلافة الراشدة كانت مدينة دبا الواقعة على الساحل الشرقي لعمان من أبرز مراكز الحكم والإدارة، وقد لعبت دورًا مهمًا في نشر الإسلام في المنطقة بعد أن دخل العمانيون الإسلام طواعية في عهد النبي محمد ﷺ، وذلك في نفس الفترة التي كانت عاصمة الحجاز قبل التوحيد تشهد تحولات دينية وسياسية كبرى ساهمت في امتداد الدعوة الإسلامية إلى مناطق واسعة من شبه الجزيرة العربية.

ومع تطور الظروف السياسية انتقلت مراكز النفوذ إلى مدن داخلية أكثر أمنًا. حتى أصبحت نزوى لاحقًا عاصمة سلطنة عمان في عهد الدولة العباسية لما تمتعت به من موقع استراتيجي وطابع ديني وعلمي مميز.

وبعد انتقال الحكم إلى الدولة العباسية استمر نظام الإمامة الإباضية في عمان وظلت نزوى مركزًا لهذا النظام السياسي والديني.

الخاص وتجدر الإشارة إلى أن مدة حكم الدولة العباسية بالهجري امتدت قرابة 524 سنة، حيث بدأت عام 132 هـ وانتهت رسميًا بسقوط بغداد عام 656 هـ،

وهو ما شكل نهاية مرحلة من التاريخ الإسلامي أثرت بشكل غير مباشر على استقلالية الأقاليم مثل عمان التي اختارت الحفاظ على كيانها الخاص بنظام الإمامة.

تعرف أيضُا على: عاصمة الدولة الطولونية القطائع: مدينة القوة والعمران التي سبقت عصرها

ما هي عاصمة عمان في عهد مالك بن فهم؟

في عهد القائد العربي مالك بن فهم، الذي يُعد من أوائل الحكام العرب في عمان بعد هجرتهم من اليمن. كانت مدينة قلهات الساحلية تُعتبر مركزًا رئيسيًا للحكم. اختار مالك بن فهم هذا الموقع نظرًا لقربه من البحر وسهولة الاتصال بالمناطق المجاورة.

ومع مرور الوقت، ومع تطور الأوضاع السياسية والاجتماعية في عمان. انتقل مركز الحكم إلى الداخل، لتصبح نزوى فيما بعد عاصمة سلطنة عمان في عهد الدولة العباسية، وذلك بفضل موقعها الجبلي الآمن وطابعها الديني والعلمي المتميز.

هذا التحول من المدن الساحلية إلى الداخلية لم يكن مجرد اختيار جغرافي. بل كان ناتجًا عن رغبة العمانيين في حماية أنفسهم من الغزوات الخارجية، وبناء نظام حكم مستقل يرتكز على مبادئ الشورى والإمامة.

تعرف أيضُا على: عاصمة الدولة العلوية في المغرب

وسائل النقل والمواصلات

في العصور القديمة وخاصة في عهد الدولة العباسية. كانت وسائل النقل بسيطة وتقليدية. تعتمد بشكل رئيسي على:

• الإبل والخيول والحمير كوسيلة رئيسية للتنقل بين المدن والقرى.
• القوافل التجارية كانت تسير بين نزوى والمدن الساحلية أو المناطق الجبلية لنقل البضائع والحجاج والعلماء.
• المشي على الأقدام داخل المدينة وبين الحارات والأسواق. وكان شائعاً بين السكان.[2]

تعرف أيضُا على: عاصمة المملكة العربية السعودية قبل الرياض

في النهاية، لقد شكّلت مدينة نزوى محطةً بارزة في التاريخ العُماني. ليس فقط كعاصمة سياسية خلال عهد الدولة العباسية، بل أيضًا كمركز ديني وثقافي لعب دوراً محورياً في تشكيل الهوية العُمانية. فقد كانت نزوى عاصمة سلطنة عمان في عهد الدولة العباسية، ورمزاً للاستقلال والحكم الرشيد من خلال نظام الإمامة الإباضية.

واحتضنت بين أروقتها العلماء والفقهاء والأسواق، مما جعلها مدينة نابضة بالحياة رغم التحديات الجغرافية والسياسية. واليوم، ما زالت معالمها الأثرية وتقاليدها العريقة شاهدة على عظمة تلك الحقبة.

ومن خلال فهم تاريخ نزوى، يمكننا تقدير الدور الذي لعبته في الحفاظ على الثقافة العُمانية. وتعزيز مكانة عمان في التاريخ الإسلامي.

خاصة عند تأملنا في تأثير الخلافة العباسية التي امتد حكمها عبر عدد خلفاء الدولة العباسية الذين تجاوزوا الثلاثين خليفة خلال أكثر من خمسة قرون.

• alwatan Nizwa- بتصرف
• library.fiveable ransportation and communication advancements - بتصرف

مشاركة المقال

وسوم