فريدريك الأكبر وإصلاحاته في بروسيا

يعتبر فريدريك الأكبر واحدًا من أبرز الشخصيات التي تركت بصمتها العميقة في تاريخ أوروبا. ليس فقط بصفته ملك بروسيا وقائدًا عسكريًا محنكًا، بل أيضًا كمصلح ومثقف جمع بين شغفه بالفن والفكر وقدرته على إدارة الدولة بمهارة. لقد شكّل عهده مرحلة محورية ساهمت في وضع بروسيا على الخريطة كقوة كبرى. وأثارت اهتمام المؤرخين والباحثين حتى يومنا هذا.
من هو فريدريك الكبير؟

فريدريك الأكبر هو الملك الذي حكم مملكة بروسيا في منتصف القرن الثامن عشر، وترك بصمة لا تمحى في التاريخ الأوروبي، ليس فقط كقائدٍ عسكري، بل كمصلحٍ مؤثرٍ في السياسة، الثقافة، والفكر. ولد فريدريك في 24 يناير 1712 في قصر برلين، لوالده فريدريك ويليام الأول. (الذي كان يعرف بـ “ملك الجنود”) ووالدته صوفيا دوروثيا من هانوفر.
من خلال نشأته تحت سلطة والد صارم عسكريًا، وتعرضه للتربية التي تضمنت الصرامة العسكرية والتعليم المكثف. تكوّنت شخصية فريدريك الأكبر التي جمعت بين البراعة العسكرية والذهنية التي تميل إلى الفنون والثقافة، ورغم أن صوته كان يكبح أحيانًا في البلاط، إلا أنه كان يحتفظ باهتمامات واسعة؛ من الأدب والفلسفة، وحتى الموسيقى والعزف على الفلوت.
تعرف أيضًا على: سليمان القانوني: أعظم سلاطين الدولة العثمانية
من جهة أخرى، هناك تاريخ طويل لشخصيات أخرى باسم فريدريك في أوروبا، مثل فريدريك الأول ملك بروسيا. جد فريدريك الأكبر، الذي أسّس مملكة بروسيا بصفة رسمية، أو مثل فريدريك بربروسا (Barbarossa)، الإمبراطور المقدس في العصور الوسطى، الذي تميّز بحروبه في إيطاليا وسمعته الأسطورية، مما يعطي خلفية تاريخية لأهمية اسم “فريدريك” في التاريخ الألماني والأوروبي.
أما “ فريدريك وليام الثالث” فهو ملك بروسيا جاء بعد فريدريك الأكبر، وقد شهد عهده تحولاتٍ مختلفة عقب فترة نابليونية. في حين أن فريدريك الأكبر كان في زمنٍ سابق تمامًا وصاغ أسس الدولة البروسية القوية التي ورّثها من أجداده مثل فريدريك الأول.
باختصار، الشخصية التي صاغها فريدريك الأكبر كانت مزيجًا من الجنرال والمصلح والمثقف والحاكم الذي يرى أن الدولة لا تبنى بالقوة العسكرية فقط. بل بالإدارة الكفوءة والعدالة والانفتاح على الثقافة والعلم.
وقد أدّت إصلاحاته إلى تحوّل كبير في التعليم والقضاء والزراعة والاقتصاد، حتى أن اليوم ينظر إليه كشخصية مركزية في نشأة الدولة الحديثة التي تعرف لاحقًا بـ “بروسيا الكبرى” والقوة التي مهّدت لوحدة ألمانيا لاحقًا. [1]
تعرف أيضًا على: السلطان برقوق: مؤسس دولة المماليك البرجية
كيف كان فريدريك الكبير يعامل اليهود؟
عند النظر إلى تعامل فريدريك الأكبر مع اليهود في بروسيا. تتجلّى صورة معقدة تمتزج فيها التسامح السياسيّ مع التمييز القانونيّ. فريدريك الأكبر. ابن فريدريك ويليام الأول الملك بروسيا، وهو من سلالة حكمت بروسيا بحزم، قد ورث من والده سياسة دولة قوية مركزية، لكن ليس بالضرورة سياسة متسامحة بالكامل.
من جهة، اتّخذ فريدريك الأكبر خطوات واضحة تجاه التسامح الديني. سمح لليهود بالإقامة والعمل في بروسيا، وأدرك قيمة مساهمتهم في التجارة والاقتصاد، مما دفعه لتسهيل بعض المعاملات، وإن كانت تحت شروط صارمة.
إلا أن الأمر لم يكن بلا قيود، فقد أصدر فريدريك الأكبر بعض الأوامر الصارمة. مثل تحديد عدد “اليهود المحميين” (Schutzjuden)، ومنع انتقال حقوق بعضهم إلى أبنائهم، خاصة إذا لم يكن الابن الأكبر. هذا يعني أن الحقوق القانونية والاقتصادية لليهود لم تكن متماثلة دومًا مع نظرائهم المسيحيين.
أيضًا، فريدريك الأكبر فرض ضرائب خاصة على اليهود، وقوانين تنظم مهنهم وتقيّدها أحيانًا لمنع التنافس غير المرغوب فيه من المسيحيين. مثلاً، في بعض المناطق لم يسمح لليهود بالزرع أو بين المهن الزراعية، وأحيانًا بحظرهم من بعض الصناعات، أو إجبارهم على مهام مأجورة لخدمة الدولة.
في الخلاصة، تعامل فريدريك الأكبر مع اليهود يمثل نوعًا من التوازن بين الانفتاح السياسي والتجاري، مع الحفاظ على ميزات من التقييد القانوني والتمييز – وهو ما يصف حالة التقدم البطيء نحو المساواة، لا التماثل الكامل. [2]
من هو فريدريك دوكليرك؟
فريدريك ويليام دي كليرك هو سياسي ومحامٍ جنوب-أفريقي معروف بدوره الحاسم في نهاية نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) في جنوب إفريقيا. ولد دي كليرك في 18 مارس 1936 في جوهانسبرغ ونشأ في أسرة سياسية. تولّى مناصب وزارية داخل حزب الوطني ثم صار رئيساً للدولة في 1989 قبل أن ينسحب من الحكم بعد انتخابات 1994.
أشهر لحظات قيادته كانت خطاب برلمان 2 فبراير 1990، عندما أعلن عن سلسلة إصلاحات مفاجئة: رفع الحظر عن المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) ومنظمات أخرى، وبدء مفاوضات لإنهاء الأبارتايد. والإفراج عن نيلسون مانديلا، وهي خطوات أدّت إلى انتقال سلمي نسبيًا نحو حكم الأغلبية. هذه الخطوات جعلت دي كليرك شريكاً في التحوّل السياسي لجنوب إفريقيا.
نتيجة لذلك تقاسم دي كليرك ونيلسون مانديلا جائزة نوبل للسلام عام 1993 تكريماً للعمل المشترك على الانتقال الديموقراطي، وهو اعتراف دولي بأهمية تلك المرحلة. رغم أن تقييم دوره ظل محل جدل.
أما عن الجدل فهناك نقد مستمر لسلبيات حكم تلك الحقبة “خصوصًا اتهامات بوجود عنف مدعومًا من الدولة وحملات قمعية لم تحسم مسؤولياتها بالكامل”. لذلك ورغم دوره الإصلاحي اعتبر إرثه مركبًا ومتناقضًا في ذاكرة الجنوب إفريقيين. وفي سنواته الأخيرة أصدر اعتذارات عن آلام الأبارتايد، ثم توفي في نوفمبر 2021، مما أعاد فتح نقاشات حول إنجازاته ونواقصها.
تعرف أيضًا على: بسمارك وتوحيد ألمانيا الحديثة
ما هو معدل ذكاء فريدريك الكبير؟
حين نتحدث عن فريدريك الأكبر. ملك بروسيا في القرن الثامن عشر، لا نجد في المصادر التاريخية أرقامًا دقيقة لما يسمى اليوم بـ “معدل الذكاء”، لأن هذا المفهوم لم يظهر إلا في القرن العشرين. لكن مع ذلك، توصيفات المؤرخين ورسائله وأعماله الفكرية والسياسية تعطينا صورة واضحة عن ذكائه الاستثنائي.
تعرف أيضًا على: غازان خان: السيرة الذاتية والحكم في الدولة الإيلخانية
فريدريك لم يكن مجرد قائد عسكري بارز، بل كان أيضًا مفكرًا يتقن الفلسفة والأدب والموسيقى، ويقال إنه كان معجبًا بكتابات فولتير، وتبادل معه الرسائل لسنوات طويلة. كما أنه ألّف مقطوعات موسيقية وعزف على الفلوت بمهارة، مما يظهر جانبًا من ثقافته الرفيعة.
ذكاء فريدريك لم يكن مجرد معرفة نظرية. بل ظهر بوضوح في ميدان المعركة. فقد أثبت قدرته على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة في ظروف بالغة الصعوبة، مثل حروب الخلافة النمساوية وحرب السنوات السبع. حيث قاد جيشه رغم تفوق خصومه العددي والجغرافي. هذه القدرة على التفكير الاستراتيجي وربط الأحداث ببعضها تدل على عقلية حادة وبصيرة نافذة.
تعرف أيضًا على: ماو تسي: تونغ الزعيم الصيني مؤسس جمهورية الصين الشعبية وقائد الثورة الشيوعية
وإذا حاولنا أن نصف “معدل ذكائه” بمقاييس اليوم، فسنقول إنه كان رجلاً يتمتع بذكاء مركب
- ذكاء عسكري: براعته في وضع الخطط الحربية.
- ذكاء إداري: نجاحه في إصلاح النظام البيروقراطي والمالي.
- ذكاء ثقافي: اهتمامه بالأدب والموسيقى والفلسفة.
- ذكاء سياسي: قدرته على إدارة التوازنات بين القوى الأوروبية.
إذن، حتى وإن لم يكن هناك رقم محدد يلخص معدل ذكاء فريدريك الأكبر، إلا أن إنجازاته المتنوعة وتفوقه في مجالات عدة. تجعل المؤرخين يجمعون على أنه كان من أكثر حكام أوروبا دهاءً وذكاءً في عصره.
تعرف أيضًا على: المنصور قلاوون سلطان مملوكي
في ختام الحديث عن فريدريك الأكبر. يمكننا القول إن شخصيته كانت مزيجًا نادرًا بين القائد العسكري الصارم والحاكم المثقف الذي لم يكتفِ بإدارة شؤون الدولة فقط. بل سعى لإحداث تغييرات جذرية في بروسيا. فقد اهتم بإصلاح الجيش وتنظيم الدولة، وفي الوقت نفسه شجع الفنون والعلوم، حتى صار عصره واحدًا من أكثر العصور التي شهدت توازنًا بين القوة والثقافة، واللافت في سيرته أنه لم يكن أسيرًا للسلطة فحسب. بل كان يملك فكرًا منفتحًا يتأثر بالفلاسفة والمفكرين، ويظهر ذلك في قراراته وسياساته. لذا فإن إرثه لم يقتصر على الانتصارات في المعارك، بل امتد ليشمل أثرًا حضاريًا طويل المدى ساهم في جعل بروسيا حجر أساس في بناء ألمانيا الحديثة، وعندما نتأمل تاريخه ندرك أنه لم يكن مجرد ملك من ملوك أوروبا، بل كان رمزًا للتجديد والنهضة في زمن كان يحتاج فيه العالم إلى قادة بهذه الرؤية.
اسئلة شائعة
س: من هو فريدريك الأكبر؟
ج: فريدريك الأكبر هو ملك بروسيا من أسرة هوهنتسولرن، ويعتبر واحدًا من أهم الحكام الأوروبيين في القرن الثامن عشر، عرف بكونه قائدًا عسكريًا بارعًا ومصلحًا مستنيرًا.
س: متى ولد ومتى توفي؟
ج: ولد في 24 يناير 1712 في برلين، وتوفي في 17 أغسطس 1786 في بوتسدام.
س: لماذا لقّب بـ”الأعظم”؟
ج: لأنه نجح في تحويل بروسيا إلى قوة عظمى في أوروبا بفضل انتصاراته العسكرية وإصلاحاته في الجيش والإدارة والتعليم.
س: ما أبرز إنجازاته العسكرية؟
ج: خاض حرب الخلافة النمساوية وحرب السنوات السبع، وأثبت فيها عبقريته العسكرية، حتى صار جيشه من أقوى جيوش أوروبا.
س: هل اهتم بالثقافة والفنون؟
ج: نعم، كان مثقفًا ويحب الفلسفة والموسيقى، حتى أنه كان على علاقة فكرية وثيقة بالفيلسوف فولتير، كما شجع الأدب والفن في بلاطه.
س: ما أهم إصلاحاته الداخلية؟
ج: طوّر نظام التعليم، عزّز الاقتصاد، وأدخل إصلاحات قضائية وإدارية جعلت الدولة أكثر قوة وتنظيمًا.
س: لماذا يعتبر شخصية مهمة في التاريخ الأوروبي؟
ج: لأنه جمع بين القوة العسكرية والفكر المستنير، فترك أثرًا كبيرًا على السياسة الأوروبية وعلى صورة بروسيا كقوة صاعدة.
المراجع
- heritage-history Frederick the Great -بتصرف
- courses.lumenlearning Prussia Under Frederick the Great -بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

أنطوان لافوازييه: أبو الكيمياء الحديثة

نيتشه وفلسفة القوة والإرادة

نابليون الثالث: إمبراطور فرنسا

مظفر النواب: شاعر عراقي

هتلر وصعود النازية في القرن العشرين

سون تزو: الفيلسوف العسكري الصيني ومؤلف فن الحرب

محمود درويش: شاعر فلسطين

محمد مهدي الجواهري: شاعر العرب الأكبر

ماكسيميليان روبسبير: زعيم الثورة الفرنسية وعصر الإرهاب

تيمورلنك القائد المغولي الذي أسس الدولة التيمورية وصنع...

إيميليو أغوينالدو: قائد الثورة الفلبينية وأول رئيس للبلاد

جون ستيوارت ميل وإرثه في الفلسفة الأخلاقية والسياسية

مارتن لوثر وإصلاح الكنيسة المسيحية

إنريكو فيرمي بين النظرية والتجربة في الفيزياء الحديثة
