قصة أصحاب الفيل والدروس المستفادة منها

تحوي قصص القرآن الكريم على كل ما يُحمد من سلوك وأخلاق قويمة ينبغي للفرد التمسك بها، وكذلك على ما يُذم من أفعال وأمور تخالف الشرع وتستوجب الابتعاد عنها. لهذا، من الضروري دائماً أن تعرض لطفلك القصص الدينية، مع الحرص على اختيارها بما يلائم عمره. وفي هذا المقال، سنتناول قصة أصحاب الفيل، ونستعرض الدروس المستفادة منها لطفلك.
ماهي قصة أصحاب الفيل مختصرة؟

حدثت قصة أصحاب الفيل في السنة التي ولد فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث ذكر الله -جل وعلا- في القرآن الكريم قصة أصحاب الفيل في قوله -عز وجل-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ* تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ)، وأهلك الله -تبارك وتعالى- فيها أبرهة الأشرم وفيلهُ ومن معه من الجنود، فأرسل عليهم طيوراً ترميهم بالحجارة عندما أرادوا هدم الكعبة الشريفة، فقد روى قيس بن مخرمة فقال: (ولدتُ أنا ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ عامَ الفيلِ).
وسبب ذلك أن جدّ النجاشي لما كان والياً على اليمن؛ واسمه أبرهة الأشرم، قام ببناء كنيسةٍ وسمّاها القلّيس، وأراد أن يحوِّل الحجَّ إليها عوضاً عن الكعبة، فجاء رجلٌ من كنانة إليها ليلاً وتغوّط فيها؛ ممّا أثار سخط أبرهة، فتوعد أن يذهب إلى الكعبة ويدمّرها؛ مدَّعياً أنَّ السبب هو ما فعله الرجل من كنانة لما تغوّط فيها، لكنّه كان يسعى في المقدمة لفتح مكة؛ حتى يقوم بربط اليمن ببلاد الشام، لتصبح كلّها بلاداً نصرانيَّة.
فجهَّز جيشاً كبيراً، واصطحب معه الكثير من الفيلة، وعندما وصل إلى مكانٍ اسمه المغمّس والذي يقع بالقرب من مكة، بعث إلى أهل مكّة أنّه لم يأتِ للقتال، وإنّما ليهدم الكعبة، وقد علم أهل مكّة أنّهم لا يقدرون على المواجهة، لكنّهم عَلِموا أنّ الله -سبحانه وتعالى- سيحمي بيته الكريم، وقيل إنّ سبب واقعة الفيل هو أنّ مجموعةٌ من الرّجال نزلوا بأرض النجاشي، وقاموا بإشعال النار لقضاء بعض حوائجهم ونسوها، فامتدت النّار حتى وصلت الكنيسة فأحرقتها، فجهّز جيشه وتوجه إلى الكعبة ليهدمها. [1]
تعرف أيضًا على: قصة صاحب الجنتين كما وردت في سورة الكهف
ماهي قصة الفيل الذي رفض هدم الكعبة؟
يُطلق مُصطلح “أصحاب الفيل” على الذين قدموا من الحبشة يودّون تدمير الكعبة، بقيادة أبرهة الأشرم، ومعهم الفيلة، لكنّ أهل مكّة فيهم عبد المطلب الذي كان يتمتع بحكمته، فأمرهم بإخلاء مساكنهم والارتقاء إلى جبال مكة، وكان عبد المطلّب قد عرض المال الجزيل على أبرهة الأشرم على أن يرجع من دون هدم الكعبة لكنّه أبى، وأعاد إلى عبد المطلب إبله التي كان قد استولى عليها، فأخذ عبد المطلب رجالاً من قريش إلى الكعبة وأمسك بحلقتها وبدأوا يتضرعون إلى الله -تعالى- أن يدفع أبرهة وجنوده عن البيت.
فلما وصل أبرهة ولم يجد هناك من يردّه، أصرّ على أن يدخل إلى الكعبة ويهدمها، لكنّ أهل مكة يعرفون أنّها بحماية الله -تعالى-، فلما وصل جيش أبرهة امتنع الفيل أن يدخل الحرم، فإن أدخلوه أبى وإن أعادوه رجع، وبينما هم على هذه الحالة إذا أرسل الله -تعالى- طيوراً صغيرة أتت عليهم كالسحاب تحمل في مناقيرها وأرجلها حجارة صغيرة، فامتدت حتى غطّتهم جميعاً، وبدأت تقذفهم بالحجارة وتُحطّمهم، ثمّ أصابهم الجدري فكلّما حكّ أحدهم جلده تساقط الجلد عن جسده. [2]
تعرف أيضًا على: قصة سيدنا لوط وما واجهه من قومه
ماذا فعل الله بأصحاب الفيل؟
قصة أصحاب الفيل: ما صنعه الله بأصحاب الفيل مسطور بتبين في سورة الفيل، حيث أرسل عليهم عذابًا إلهيًا مهلكًا جزاءً لهم على رغبتهم هدم الكعبة المشرفة، وأتى توضيح ذلك كما يلي:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾
المعنى: ألم تعلم – أيها النبي – أو ألم يُحدثك الناس كيف عاقب الله أصحاب الفيل؟
الشرح: الخطاب موجه للنبي محمد ﷺ، والمقصود بالتعبير “ألم ترَ” هو: ألم تعلم بخبرهم المشهور، وقد علم به العرب جميعًا لأنه كان قريبًا من زمن المولد النبوي. وكان هدفهم هدم الكعبة، بيت الله الحرام.
﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾
المعنى: ألم يُبطل الله مكرهم ويجعل خطتهم في ضياع وفشل؟
الشرح: أراد أبرهة ومن معه أن يهدموا الكعبة، لكن الله سبحانه وتعالى أحبط خطتهم وجعلها بلا نتيجة، بل كانت وبالًا عليهم.
﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾
المعنى: أرسل الله عليهم جماعات من الطيور تأتي تباعًا من كل الجهات.
الشرح: جاءت طيور من السماء بأعداد كبيرة، كل مجموعة قادمة من جهة، ولذلك وصفت بـ”أبابيل”، أي جماعات متفرقة لكنها متناسقة.
﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ﴾
المعنى: كانت تلك الطيور ترميهم بحجارة من طين متحجر محروق.
الشرح: كل طائر يحمل ثلاث حجارات صغيرة، تقذفهم بها، وكانت تقتل من تصيبه بدقة. وهذا عذاب خارق للعادة، لا يمكن لجيش مهما بلغت قوته أن ينجو منه.
﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾
المعنى: فجعلهم الله كأوراق الزرع اليابسة التي أكلتها الدواب ومزقتها.
الشرح: لم يبقَ منهم إلا أشلاء ممزقة، وصورًا مروعة للعقاب، ليكونوا عبرة لغيرهم. وهذا تعبير عن الذل والضعف بعد القوة والغرور.
الله تعالى أحبط خطة أبرهة ومن معه، ولم يستطيعوا الدنو من الكعبة، بل حل بهم العذاب، وهلكوا جميعًا بطريقة عجيبة، كانت فيها عبرة لكل من يجترئ على مقدسات الله.
تعرف أيضًا على: من هم أصحاب الأيكة؟ ولماذا أرسل الله لهم شعيب عليه السلام؟
ماهي العبرة من قصة الفيل العظيم؟
يُستفاد من قصة أصحاب الفيل العديد من الأمور، منها ما يلي:
أ- توضيح قدرة الله -تعالى- في القضاء على خصومه الذين أرادوا هدم بيته، فأرسل عليهم طيراً أبابيل تقذفهم بحجارة من سجّيل، حتى أفناهم ولم يبقَ منهم أحد.
ب- التمهيد لرسالة سيدنا -محمد صلّى الله عليه وسلّم-، فقد كانت هذه الحادثة معجزةً من معجزات الله -تعالى- في العام الذي وُلد فيه سيدنا محمّد -صلى الله عليه وسلم-، وتوضيح أنَّ الكعبة ستكون قِبلَةً للمسلمين بعد بعثته -عليه الصلاة والسّلام-.
ج- التأكيد على حرمة الكعبة وحفظ الله -تعالى- لها، فقد أهلك من اعتدى عليها ليُبرز عظمتها وحرمة التَّعدي عليها، فهي بيت الله -تعالى- وأوَّل بيتٍ وُضِع للنَّاس، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ حَبَسَ عن مكةَ الفيلَ، وَسَلَّطَ عليْها رسولَ اللهِ والمؤمنينَ، ألا فإنَّها لم تَحِلْ لأَحَدٍ قبلِي ولاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي)
د- إظهار نعم الله -تعالى- على كفار قريش، فقد جمعهم ورزقهم ونصرهم، وينتظر منهم تجاه ذلك أن يشكروه ولا يشرِكوا به أحداً، وأن لا يعبدوا سواه.
ه- مؤانسة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين عبر ذكر هذه القصص في القرآن الكريم. فإنَّ الله -عز وجل- الذي أهلك هؤلاء قادرٌ على إهلاك غيرهم من الأعداء.
ويوجد هناك أيضا قصة مولد الرسول بميلاد سيدنا محمد ﷺ في مكة المكرمة، في عام الفيل. حيث أشرقت الدنيا بقدومه وأضاء نوره أرجاء الكون. وُلِد الرسول يتيمًا. فكفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب. ونشأ على مكارم الأخلاق منذ صغره. ليكون خاتم الأنبياء ورحمة للعالمين.
تعرف أيضًا على: قصة يوسف عليه السلام وأحداثها بالتفصيل
وفي الختام وبعد أن وضحنا العديد من قصة أصحاب الفيل وما هي الدروس المستفادة منها. آمل أن أكون قد أشرت لمحة من إضاءات هذا الموضوع. متمنية من الله تعالى حسن التقبل. وجميل الجزاء.
المراجع
- balaghaStories of the Quran | Owners Of The Elephant -بتصرف
- en.wikipediaAbraha -بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

قصة الأميرة النائمة: حكاية الحب والسحر والنهاية السعيدة

قصة مريم العذراء ومعجزة ولادة عيسى عليه السلام

قصة الحجر الأسود للأطفال: من الجنة إلى الكعبة

قصة فيكتوريا الحقيقية: من الظل إلى القصر

دليلك إلى أجمل روايات أجاثا كريستي لمحبي الغموض...

ما هي قصة قوم لوط كما وردت في...

قصة الشاطر حسن كاملة: ذكاء وشجاعة في مواجهة...

قصة أطفال قبل النوم عن الأسد الطيب والفأر

قصة أطفال عن الشجاعة ومواجهة المواقف الصعبة

قصة صالح عليه السلام ومعجزة الناقة

قصة قوم ثمود والنبي صالح عليه السلام

قصة زكريا عليه السلام ودعاؤه المستجاب

قصة أطفال عن النظافة الشخصية والحفاظ على الصحة

قصة حاتم الطائي: رمز الكرم في الجاهلية وأشهر...
