معركة حطين: نصر المسلمين الساحق واستعادة القدس

عناصر الموضوع

1- ما أسباب معركة حطين؟

2- أين وقعت وكيف خُطط لها؟

3- دور صلاح الدين الأيوبي

4- نتائج المعركة السياسية والدينية

5- أثرها على الحملة الصليبية الثالثة

تُعَدّ معركة حطين من أبرز فصول الحروب الصليبية في العصور الوسطى، حيث لعب القائد صلاح الدين الأيوبي دورًا محوريًا في تحرير القدس من الاحتلال الصليبي، مما غيّر مسار التاريخ الإسلامي والمسيحي على حد سواء.

1- أسباب معركة حطين

كانت معركة حطين نتيجة تراكم عوامل سياسية وعسكرية ودينية على مدى عقود. فيما يلي أبرز الأسباب التي أدت إلى اندلاعها:

• الاحتلال الصليبي للأراضي المقدسة: منذ نجاح الحملة الصليبية الأولى عام 1099، سيطر الصليبيون على القدس وأقاموا مملكة القدس اللاتينية، بالإضافة إلى مناطق أخرى في الشام. هذا الاحتلال أثار رغبة المسلمين في استعادة أراضيهم المقدسة، وخاصة القدس، التي كانت رمزًا دينيًا عظيمًا.

• الانقسامات الداخلية في مملكة القدس: كانت مملكة القدس اللاتينية تعاني من انقسامات حادة بين فصيل البلاط بقيادة غي دي لوزينيان، الذي توّج ملكًا عام 1186، وفصيل النبلاء بقيادة ريموند الثالث، كونت طرابلس. هذه الانقسامات أضعفت القدرة الصليبية على مواجهة التهديدات الخارجية.

• انتهاك الهدنة من قبل رينالد دي شاتيون: في أواخر عام 1186 أو أوائل 1187، قام رينالد دي شاتيون، المعروف بأرناط الكرك، بنهب قافلة حجاج مسلمة كبيرة من القاهرة إلى دمشق، تضم أخت صلاح الدين، مما انتهك هدنة كانت سارية منذ عام 1180. رفض رينالد إطلاق سراح الأسرى وإعادة الأموال المسروقة، مما أثار سخط صلاح الدين، الذي حلف على قتله.

• توحيد القوى المسلمة: عمل صلاح الدين الأيوبي على توحيد القوى المسلمة تحت لواء الإسلام السني، حيث سيطر على مصر عام 1169، ودمشق عام 1174، وحلب عام 1183، والموصل عام 1186. هذا التوحيد منحه جيشًا قويًا وموحدًا قادرًا على مواجهة الصليبيين.[1]

2- أين وقعت وكيف خُطط لها؟

الموقع الجغرافي

وقعت معركة حطين بالقرب من بلدة حطين، وهي قرية فلسطينية عربية تقع على بعد حوالي 9 كيلومترات غرب مدينة طبريا في فلسطين. كان الموقع الأساسي للمعركة هو “قرني حطين”، وهما تلتان مزدوجتان تشكلتا نتيجة بركان خامد، مما جعلهما ميزة إستراتيجية مهمة. يقع الموقع عند الإحداثيات الجغرافية 32-47′54″N 35-27′34″E، بين الناصرة وطبريا.

التخطيط الإستراتيجي

• جيش صلاح الدين: جمع صلاح الدين جيشًا قوامه حوالي 40,000 مقاتل، بما في ذلك 12,000 فارس نظامي و13,000 مشاة، بالإضافة إلى متطوعين من مصر والشام والعراق والجزيرة الفراتية. قاد صلاح الدين الجناح المركزي بنفسه، بينما عين ابنه الأفضل قائدًا للجناح الأيمن، ومظفر الدين كوكبوري قائدًا للجناح الأيسر. بدأ صلاح الدين بتجميع قواته في مرتفعات الجولان، وعبر نهر الأردن في 30 يونيو 1187.

• جيش الصليبيين: كان جيش الصليبيين يتألف من حوالي 18,000 إلى 20,000 مقاتل، بما في ذلك 1,200 فارس من القدس وطرابلس، و50 فارسًا من أنطاكية، بالإضافة إلى فرسان الهيكل والإسبتارية. تجمعوا في السفوري، على بعد حوالي 32 كيلومترًا غرب بحيرة طبريا.
• إستراتيجية صلاح الدين: استخدم صلاح الدين إستراتيجية ذكية لاستدراج الصليبيين بعيدًا عن حصونهم. في 2 يوليو 1187، هاجم طبريا، حيث كانت زوجة ريموند الثالث، إيشيفا دي بوريس، محاصرة. هذا الهجوم دفع غي دي لوزينيان إلى اتخاذ قرار بالتحرك لإنقاذ طبريا، على الرغم من نصيحة ريموند بالبقاء في السفوري. خلال تحرك الصليبيين عبر تلال الجليل القاحلة، تعرضوا لهجمات متواصلة من الرماة المركبين المسلمين، وعانوا من نقص الماء والإرهاق.
• تكتيكات في معركة حطين : في يوم المعركة، استخدم صلاح الدين الرماة المركبين لمضايقة الصليبيين، وأحرق الأراضي الشوكية لإحداث دخان كثيف أرّق الجيش الصليبي. كما سيطر على مصادر الماء، مما زاد من معاناة الصليبيين من العطش والحرارة. هذه التكتيكات أضعفت الجيش الصليبي قبل المواجهة الرئيسية، مما سمح للمسلمين بمحاصرتهم أعلى جبل حطين.[2]

3- دور صلاح الدين الأيوبي

كان صلاح الدين الأيوبي الشخصية المحورية في معركة حطين، حيث جمع بين البراعة العسكرية والقيادة الروحية. فيما يلي أبرز جوانب دوره:

• القيادة العسكرية: قاد صلاح الدين الجناح المركزي لجيشه. واستخدم تكتيكات مبتكرة مثل استهداف خيول الصليبيين لإضعاف قدرتهم على الحركة، واستخدام الدخان لإرباكهم. كما نظم جيشه في ثلاثة أقسام، مما سمح بتنسيق فعال خلال المعركة.
• القرارات الحاسمة بعد النصر: بعد الانتصار، نفذ صلاح الدين عهده بقتل رينالد دي شاتيون بنفسه بسبب انتهاكه الهدنة وجرائمه ضد المسلمين. على النقيض، عامل غي دي لوزينيان بلطف، مقدمًا له الماء في خيمته. مما أظهر شهامته. أمر بإعدام حوالي 200 من فرسان الهيكل والإسبتارية، الذين كانوا يُعتبرون أشد الخصوم بسبب تدريبهم العسكري وتفانيهم.
• التسامح والرحمة: أظهر صلاح الدين تسامحًا ملحوظًا في فتح القدس لاحقًا، حيث سمح للمسيحيين بالمغادرة بأمان مقابل فدية معقولة، وأعطى الأمان لمن طلبه. كما أمر رجاله بحماية المسيحيين من أي اعتداء، مما عزز سمعته كقائد عادل في الشرق والغرب.[3]

4- نتائج المعركة السياسية والدينية

• الهزيمة الصليبية: تكبد الصليبيون خسائر فادحة، حيث قُتل أو أُسر معظم جيشهم (حوالي 30,000). بما في ذلك غي دي لوزينيان و150 فارسًا. تم إرسال الصليب الحقيقي إلى دمشق كغنيمة.
• سقوط القدس: أدت المعركة إلى سقوط القدس في 2 أكتوبر 1187 بعد حصار استمر 6 أيام. بالإضافة إلى مدن مثل عكا وصيدا ويافا.
• التأثير الديني: أعاد صلاح الدين المواقع المقدسة في القدس إلى المسلمين. لكنه سمح للحجاج المسيحيين الأرثوذكس والشرقيين بزيارة الأماكن المقدسة مجانًا، بينما طلب رسومًا من الكاثوليك.
• التغيير السياسي: أصبحت معظم مملكة القدس اللاتينية تحت سيطرة صلاح الدين. ولم يبق للصليبيين سوى صور وطرابلس وبعض الحصون مثل كراك دي شيفاليه.[4]

5- أثرها على الحملة الصليبية الثالثة

• رد الفعل الأوروبي: أدى سقوط القدس إلى صدمة في أوروبا. حيث توفي البابا أوربان الثالث من الصدمة. أصدر البابا غريغوري الثامن رسالة “أوديتا تريمندي” لدعوة الحملة الصليبية الثالثة. التي بدأت عام 1189.
• قادة الحملة: شارك فريدريك بربروسا، فيليب الثاني ملك فرنسا. وريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا في الحملة، التي استعادت عكا لكنها فشلت في استعادة القدس.
• التأثير طويل المدى: عززت المعركة سيطرة الأيوبيين على المنطقة حتى منتصف القرن الثالث عشر، وضعفت الوجود الصليبي بشكل كبير.[5]

مثّلت معركة حطين محطة تاريخية حاسمة في الحروب الصليبية، إذ نجح صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس خلال العصور الوسطى، مُعلنًا بداية مرحلة جديدة من الصراع بين الشرق والغرب، ومخلّدًا اسمه في ذاكرة التاريخ الإسلامي والعالمي.

• britannicaما أسباب معركة حطين؟ - بتصرف
• worldhistoryأين وقعت وكيف خُطط لها؟- بتصرف
• historyدور صلاح الدين الأيوبي
• trmktنتائج المعركة السياسية والدينية
• thoughtcoأثرها على الحملة الصليبية الثالثة

مشاركة المقال

وسوم