من يكون جرير؟

الكاتب : هدير عاطف
18 أكتوبر 2024
منذ شهرين
عناصر الموضوع
1- مقدمة عن جرير
2- حياته ونشأته
3- لماذا كان جرير يتفوق في الهجاء؟
4- أجمل قصائده

عناصر الموضوع

1- مقدمة عن جرير

2- حياته ونشأته

3- لماذا كان جرير يتفوق في الهجاء؟

4- أجمل قصائده

1- مقدمة عن جرير

جرير بن عطية اليربوعي التميمي، المعروف بأبي حرزة، هو أحد أبرز شعراء العصر الأموي فهو شخصية بارزة في تاريخ الشعر العربي، وقد ترك إرثاً أدبياً عظيماً. وأهم من قدموا الشعر الهجائي. اشتهر بصراعاته الشعرية الحادة مع معاصريه، أبرزها مع الفرزدق، والتي شكلت علامة فارقة في تاريخ الشعر العربي. و يعتبر جرير من رواد الشعر الهجائي، وقد أسس لأسلوب جديد في هذا النوع من الشعر يتميز باللاذع والحدة.

2- حياته ونشأته

ولد جرير في البصرة، ونشأ في بيئة أدبية غنية،  في اليمامة راعياً للغنم، مما جعله يتشرب قيم البداوة وقسوتها. وتأثير هذه البيئة البعيدة عن الحضارة المرفهة انعكس على شخصيته فجعلها قاسية، وخشنة في التعامل، ومتعصبة لقومها مما ساهم في صقل موهبته الشعرية منذ صغره. اشتهر جرير ببراعته في الشعر الهجائي، حيث كان يسخر من خصومه بلهجة لاذعة وساخرة. كما كتب في الغزل والمدح، لكن شهرته الحقيقية كانت في الهجاء. كانت أبرز صراعات جرير الشعرية مع الفرزدق، والتي استمرت لعقود طويلة. وقد أدت هذه الصراعات إلى إنتاج كم هائل من الشعر الهجائي الذي يعتبر من روائع الأدب العربي. وكان جرير مداحاً للخلفاء الأمويين، وقد مدح الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو ما أثار عليه حفيظة الكثير من الشعراء. ساهم جرير في إثراء الحياة الأدبية في العصر الأموي، وقد كان له تأثير كبير على الشعراء الذين جاءوا بعده. وأصبح رمزاً للصراع الأدبي الشديد الذي كان سائداً في عصره، وقد ترك هذا الصراع إرثاً أدبياً غنياً. وقد تعلم الشعر من جده، وهو أمر يدل على اهتمامه بالثقافة والمعرفة، كما أنه لم يكن منغمساً في اللهو والمجون. لذا يمكن تحليل شخصية جرير أنه كان شخصية متناقضة ومتعددة الأوجه. فهو في الوقت نفسه بدوي قاس، ومتدين وقور، وانفعالي ومتعصب. هذه التناقضات في شخصيته هي التي جعلت شعره يتميز بالقوة والعنف، وفي الوقت نفسه بالعمق والرقة. [1]

3- لماذا كان جرير يتفوق في الهجاء؟

يمكن القول إن تفرد هجاء جرير يعود إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، منها ما هو ذاتي يتعلق بشخصيته وموهبته، ومنها ما هو خارجي يتعلق بالبيئة التي عاش فيها والظروف التي أحاطت به.

الميزة العامة: الرعاية الرسمية

  • أهمية الفن النقدي: كانت فترة الخلفاء والأمراء تشهد اهتمامًا كبيرًا بالفنون الأدبية بشكل عام، وبفن النقائض (الهجاء) بشكل خاص. وكان الشعراء يجدون في هذا الاهتمام حافزًا كبيرًا للإبداع والتنافس.
  • دور الرعاية في تطوير الهجاء: هذه الرعاية الرسمية ساهمت بشكل كبير في تطوير فن الهجاء، حيث كان الشعراء يتنافسون على إرضاء الحكام والأمراء، مما أدى إلى صقل مهاراتهم في هذا الفن.
  • جرير في هذا السياق: كان جرير أحد أبرز المستفيدين من هذه الرعاية، حيث حظي بتقدير كبير من قبل الخلفاء والأمراء، مما زاد من شهرته وأعطاه مكانة مرموقة بين شعراء عصره.

الميزة الخاصة: مواجهة جيش من الشعراء

  • الخصومة الشديدة: كانت العلاقة بين جرير والفرزدق، أحد أبرز شعراء عصره، مليئة بالخصومة والتنافس الشديد. وقد امتد هذا التنافس ليشمل شعراء آخرين انضموا إلى أحد الطرفين.
  • الوقوف وحيدًا: على الرغم من هذه الخصومة الشديدة، كان جرير يقف وحيدًا في مواجهة هذا الجيش من الشعراء، مدافعًا عن نفسه وعن آرائه الشعرية.
  • قوة الشخصية: هذه الميزة تدل على قوة شخصية جرير وثقته بنفسه وبإبداعه الشعري. كما أنها تعكس شجاعته في مواجهة أي تحدٍ.

عوامل أخرى ساهمت في تفرد هجاء جرير

  • الموهبة الفطرية: بالإضافة إلى العوامل الخارجية، كان لجرير موهبة فطرية في الشعر، مما مكنه من التعبير عن أفكاره ومشاعره بأسلوب بديع ومؤثر.
  • الثقافة الواسعة: كانت لجرير ثقافة واسعة، مما أثرى شعره وأعطاه عمقًا فكريًا.
  • القدرة على الارتجال: كان جرير يتمتع بقدرة كبيرة على الارتجال، مما مكنه من الرد على خصومه بشكل سريع وحاسم.[2]

4- أجمل قصائده

يعتبر جرير أستاذ الهجاء، وقد اشتهر بهجائه اللاذع والساخر، والذي كان يتسم بالدقة والإتقان. ويتميز شعر جرير بقدرته على وصف المشاهد والأشياء وصفًا دقيقًا وواضحًا، مما يجعل القارئ وكأنه يعيش تلك المشاهد. حيث يعكس شعره صورة واضحة للحياة الاجتماعية والسياسية في العصر الذي عاش فيه.

  • قصيدة لا تدعواني اليوم إلا باسمي

لا تَدعُواني اليَومَ إِلّا بِاِسمي

لَيسَ المُحامونَ كَمَن لا يَحمي

تَكفيكَ يَربوعٌ أُمورَ الحَزمِ

بِكُلِّ صَوّالٍ وَقورٍ شَهمِ

يَخطِرُ دوني خَطَرانَ القَرَمِ

قَومٌ يُقيمونَ ضَجاجَ الخَصمِ

وَيَضرِبونَ خُنزُوانَ الدَهمِ

  • قصيدة طاف الخيال وأين منك لماما

طافَ الخَيالُ وَأَينَ مِنكَ لِماما فَاِرجِع لِزَورِكَ بِالسَلامِ سَلاما

فَلَقَد أَنى لَكَ أَن تُوَدِّعَ خُلَّةً فَنِيَت وَكانَ حِبالُها أَرماما

فَلَئِن صَدَرتَ لَتَصدُرَنَّ بِحاجَةٍ وَلَئِن سُقيتَ لَطالَ ذا تَحواما

يا عَبدَ بَيبَةَ ما عَذيرُكَ مُحلِباً لِتُصيبَ عُرَّةَ مُجرِبٍ وَتُلاما

نُبِّئتُ أَنَّ مُجاشِعاً قَد أَنكَروا شَعَراً تَرادَفَ حاجِبَيهِ تُؤاما

يا ثَلطَ حامِضَةٍ تَرَوَّحَ أَهلُها عَن ماسِطٍ وَتَنَدَّتِ القُلّاما

أُنبِئتُ أَنَّكَ يا اِبنَ وَردَةَ آلِفٌ لِبَني حُدَيَّةَ مُقعَداً وَمُقاما

وَإِذا انتَحَيتُكُمُ جَميعاً كُنتُمُ لا مُسلِمينَ وَلا عَلَيَّ كِراما

وَلَقَد لَقيتَ مَؤونَةً مِن حَربِنا نَزَلَت عَلَيكَ وَأَلقَتِ الأَجراما

وَلَقَد أَصابَ بَني حُدَيَّةَ ناطِحٌ وَلَقَد بُعِثتُ عَلى البَعيثِ غَراما

  • قصيدة ألا رب يوم قد أتيح لك الصبا

أَلا رُبَّ يَومٍ قَد أُتيحَ لَكَ الصِبا بِذي السِدرِ بَينَ الصُلبِ فَالمُتَثَلَّمِ

فَما حُمِدَت يَومَ اللِقاءُ مُجاشِعٌ وَلا عِندَ عَقدٍ تَمنَعُ الجارَ مُحكَمِ

تَقولُ قُرَيشٌ أَيَّ جارٍ غَرَرتُمُ وَقَد بُلَّ عِطفا ذي النِعالِ مِنَ الدَمِ

شَدَدتُم حُباكُم لِلخَزيرِ وَأَعيَنٌ يُقَرِّبُ يَكبو لِليَدَينِ وَلِلفَمِ

بَني مالِكٍ أَمسى الفَرَزدَقُ نادِماً وَمَن يَلقَ ما لاقى الفَرَزدَقُ يَندَمِ

بَني عَبدِ عَمروٍ قَد فَرَغتُ إِلَيكُمُ وَقَد طالَ زَجري لَو نَهاكُم تَقَدُّمي

أَلَم يَنهَكُم أَنّي رَمَيتُ مُجاشِعاً بِأَسهُمِ رامٍ لا أَشَلَّ وَلا عَمي

أَهِزّانُ لَولا اِبنا لُجَيمٍ كِلاهُما لَكُنتُم سَواءً قِسمَةً بَينَ أَسهُمي

وَكُنّا إِذا ما الخَيلُ ضَرَّجَها القَنا وَأَقعَت عَلى الأَذنابِ قُلنا لَها اِقدُمي

أَلا رُبَّ يَومٍ قَد أَثابَت رِماحُنا بِبُؤسى وَقَومٍ آخَرينَ بِأَنعُمِ

  • قصيدة إليك كلفنا كل يوم هجيرة

إِلَيكَ كَلِفنا كُلَّ يَومِ هَجيرَةٍ صَدٍ مَعمَعانِيٍّ تَلَظّى أَعابِلُه

عَلى العيسِ تَعرَوري الفَلاةَ كَأَنَّها قَطا الأُدَمى الجونِيُّ نَشَّت ثَمائِلُه

طَوى رَكبَهُ الإِخماسُ حَتّى كَأَنَّها جِيادُ القَنا الهِندِيِّ ثُقِّفَ ذابِلُه

إِذا قُلتَ لي عَبدُ العَزيزِ كَفَيتَني زَماناً فَشَت عِلّاتُهُ وَمَباخِلُه

فَيَومانِ مِن عَبدِ العَزيزِ تَفاضَلا فَفي أَيِّ يَومَيهِ تَلومُ عَواذِلُه

فَيَومٌ تَحوطُ المُسلِمينَ جِيادُهُ وَيَومٌ عَطاءٌ ما تُغِبُّ نَوافِلُه

وَلِلتُركِ مِن عَبدِ العَزيزِ وَقيعَةٌ وَلِلرومِ يَومٌ ما تُتِمُّ حَوامِلُه

فَما وَجَدوا عَبدَ العَزيزِ مُغَمَّراً وَلا ذا سِقاطٍ عِندَ أَمرٍ يُحاوِلُه

وَلا جافِياً عَن قائِمِ السَيفِ قَبضُهُ إِذا الفَشِلُ الرِعديدُ قُفَّت أَنامِلُه

يُقَلِّصُ بِالفَضلَينِ فَضلِ مُفاضَةٍ وَفَضلِ نِجادٍ لَم تُقَطَّع حَمائِلُه

فَلا هُو مِنَ الدُنيا مُضيعٌ نَصيبَهُ وَلا عَرَضُ الدُنيا عَنِ الدَينِ شاغِلُه

فَهاذا بَديعٌ لَيسَ في الناسِ مِثلُهُ وَهاذا مَديحٌ لا يُكَذَّبُ قائِلُه

أَبَينا فَما يَدعو إِلى غَيرِكَ الهَوى وَما مِن خَليلٍ بِاِبنِ لَيلى نُبادِلُه

أَتى زَمَنُ البَيضاءِ بَعدَكَ فَاِنتَحى عَلى العَظمِ حَتّى أَسلَمَتهُ حَوامِلُه

فَرِش لي جَناحي وَاِتَّخِذنِيَ بازِياً تَخَطَّفُ حَبّاتِ القُلوبِ أُجادِلُه [3]

في الختام، يمكن القول إن جرير كان شاعراً فذاً، ترك بصمة واضحة في تاريخ الشعر العربي. فقد تميز بإبداعه الشعري، وشخصيته القوية، ونقده اللاذع. لقد كان رمزاً للمرونة الشعرية، وقادراً على التكيف مع مختلف الظروف والأوضاع. ورغم مرور قرون على وفاته، إلا أن شعره لا يزال حياً يروي لنا حكايات العصر الذي عاش فيه.

المراجع

مشاركة المقال

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة