هيلين كيلر: الأديبة الأمريكية

تعَدّ هيلين كيلر من أهمّ الشخصيات التي تركت بصمة إنسانية وأدبية في العصر الحديث؛ ورغم فقدانها للسمع والرؤية، نجحت في تجاوز إعاقتها لتصبح مثالاً للثبات والعزيمة. أهدت مسيرتها للعلم والأدب والدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وألهمت بذلك ملايين الناس حول العالم.

من هي هيلين كيلر؟

هيلين كيلر ولدت في مقاطعة توسكومبيا بولاية ألاباما الأمريكية في السابع والعشرين من يونيو عام 1880م، وتنحدر من أسرة ذات مكانة في نيو إنجلاند؛ فكان والدها العقيد آرثر كيلر خاضِماً للجيش الكونفدرالي، وكانت والدتها كيت آدامز. يذكر أن تلك الفترة شهدت اندلاع حرب أهلية خلفت أضراراً جراءً على عائلة هيلين من حيث فقدان الثروة، مما اضطرها للعيش بتواضع حتى أسس والدها صحيفة محلية عام 1885م في شمال ألاباميان، ثم ارتقى إلى منصب جنرال أو مشير في شمال ألاباما. ولدت هيلين بصحة جيدة، غير أن مرضاً غير معروف أصابها عندما كانت في التاسعة عشرة من شهرها، فأودى إليها البصر والسمع؛ وورد أن هذا المرض ربما كان الحمى القرمزية أو الحصبة الألمانية، فتطورت لتصبح طفلة ضعيفة ومعزولة. [1]

تعرف أيضًا على: لودفيغ فيتجنشتاين: رحلة من الرياضيات إلى الفلسفة

ما إعاقة هيلين كيلر؟

هيلين كيلر من أصول ألمانية؛ أبها الكابتن آرثر كيلر ووالدتها كايت أدامز كيلر. عندما بلغت سنةً وسبعة أشهر أصيبت بالعمى نتيجة التهاب السحايا والحمى القرمزية، مما حرمها من البصر والسمع. كيف تعلمت هيلين كيلر في سن السابعة، استطاعت هيلين استعمال ستين إشارة للتواصل مع أسرتها، وحصلت على شهادة إنجليزية على الرغم من صممها وعمتها. تم اختيار المعلمة آن سوليفان لتكون معلمتها. استمرت معهم علاقة دامت تسعة وأربعين عاماً. تعلمت كتابة الحروف على راحة يدها وتدرك الإحساس من خلالها. بعد سنة من التعليم، اكتسبت هيلين مخزوناً من تسعمائة كلمة، ودرست الجغرافيا وعلم النبات، وعند بلوغها العاشرة تعلمت قراءة الأبجدية الخاصة بالمكفوفين.

تعرف أيضًا على: أحمد مطر: شاعر

في عام 1891 م، اطلعت هيلين على قصة الفتاة النرويجية راغنهيلد كاتا، الصماء والبكم التي نجحت في تعلم النطق. فكانت هذه القصة مصدر إلهام لها. ثم التحقت بمعلمة سارة فولر، رئيسة معهد هوارس مان للصم، وبدأت تمارس النطق بوضع يديها على فمها أثناء الكلام لتحسين تشكيل الصوت بالشفاه واللسان. بعد فترة قصيرة أتقنت الكتابة وأصبح خطها منظمًا وجميلاً. التحقت بمعهد كامبردج للبنات، وصاحبتها الآنسة سوليفان. في عام 1904 م، تخرجت من الجامعة بشهادة بكالوريوس في العلوم والفلسفة، وما كان عمرها حينئذٍ أربعة وعشرون عاماً. بعد التخرج كرست جهدها لخدمة المكفوفين، وتعلمت السباحة وقيادة العربة والغوص، وكانت تقضي أوقات فراغها في التطريز والقراءة.

تعرف أيضًا على: جلال الدين الرومي: صوفي وشاعر

ما هي قصة هيلين كيلر؟

فحص ألكسندر غراهام بيل حالة هيلين كيلر عندما بلغت السادسة من عمرها، فقرر إرسال معلمَة خاصة تدعى آن سوليفان من معهد بيركنز المتخصص في تعليم المكفوفين بولاية بوسطن. بدأت آن بتعليم هيلين في مارس 1887م واستمرت معها حتى وفاتها في أكتوبر 1936م. تجدر الإشارة إلى أن آن كانت ابنة مهاجرين إيرلنديين فقراء، وقد عانت من مشاكل بصرية خضعت لعدة عمليات فاشلة قبل أن تستعيد جزءاً من بصرها.

رغم أن فارق عمر آن عن هيلين كان أربعة عشر عاماً فقط، فقد حققت مع هيلين إنجازات غير عادية؛ علمتها الآداب والاحترام في البداية، ثم طلبت من عائلتها الانتقال إلى منزل ريفي استضافهما لمدة أسبوعين، حيث بدأت آن بتعليمها الأعمال اليدوية ثم تعلمها كتابة الحروف وتوصيلها، وكانت هيلين سريعة الاستيعاب في ترتيب الحروف وتكوينها بشكل صحيح، ما مكنها من إملاء كلمات عديدة بهذه الطريقة.

تعرف أيضًا على: عباس بن فرناس: أول طيار في التاريخ

نشأة وتعليم هيلين كيلر

في عام 1890م التحقت هيلين كيلر بمدرسة هوراس لتلقي دروس التخاطب المخصصة للصم، ثم انتقلت إلى مدرسة (رايت هوماسون) في نيويورك لتطوير مهارات التواصل ودراسة المواد الأكاديمية. وبحلول 1896م سعيَت هيلين للالتحاق بالجامعة، فسجلت في مدرسة كامبريدج الإعدادية للبنات. مع مرور الوقت انتشرت قصة هيلين شهرة واسعة، مما أتاح لها لقاء عدد من الشخصيات البارزة مثل الكاتب مارك توين، الذي عرفها على صديقه هنري روجر من شركة ستاندرد أويل، والذي ساندها للانضمام إلى كلية رادكليف وتكفل مصاريف دراستها، إلى جانب الدعم المستمر من آن سوليفان عبر شرح النصوص وإلقاء المحاضرات.

تعرف أيضًا على: ميلتون فريدمان عراب المدرسة النقدية في الاقتصاد الحديث

إنجازات هيلين كيلر 

أنها لعبت هيلين كيلر دوراً بارزاً في عدة مساعي؛

• التعليم والتخرج الجامعي

  • تغلبت على إعاقتي الصمم والعمى، وتخرجت من كلية رادكليف عام 1904. لتكون بذلك أول شخص أصم وأعمى يحصل على درجة البكالوريوس في الآداب.

• التأليف والكتابة

  • ألفت العديد من الكتب، أشهرها سيرتها الذاتية “قصة حياتي” (The Story of My Life) عام 1903. والتي أثرت في الملايين حول العالم.

• النشاط السياسي والاجتماعي

  • كانت ناشطة ومدافعة شرسة عن حقوق العمال، وحقوق المرأة (حقوق التصويت). والمساواة العرقية، وكانت عضوًا في حزب العمال الاشتراكي.

• الدفاع عن حقوق المعاقين

  • كرست حياتها للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ودعت إلى تحسين الظروف المعيشية لهم وتوفير فرص التعليم والعمل.

• التأثير العالمي

  • سافرت إلى 39 دولة حول العالم لتقديم المحاضرات وتشجيع الأشخاص ذوي الإعاقة وإلقاء الضوء على قضاياهم، لتصبح رمزًا للإرادة والتحدي.

• تأسيس منظمات

  • شاركت في تأسيس منظمة الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) عام 1920، كما عملت لسنوات طويلة مع المؤسسة الأمريكية للمكفوفين (AFB) لجمع التبرعات وتحسين خدمات المكفوفين.

• التقدير والأوسمة

  • حصلت على العديد من الأوسمة والجوائز، بما في ذلك وسام الحرية الرئاسي من الرئيس ليندون جونسون عام 1964.

هل تزوجت هيلين كيلر

لا، لم تقم هيلين كيلر بالزواج  بالرغم من أنها ارتبطت مؤقتًا بمراسل شاب، إلا أنها لم تستكمل عقد القران. عندما بلغت الثلاثين من عمرها، تورطت هيلين كيلر في علاقة حبٍ سرية مع بيتر فاجان، مراسل صحيفة بوسطن هيرالد. وأعلنت خطوبتها له سراً. حاولت كيلر الفرار معه، لكن معلمتها وعائلتها اعترضوا على هذه العلاقة. فانتقلت للعيش مع المساعدة الدائمة عقب وفاة معلمتها آن سوليفان.  في عام 1936 توفيت آن سوليفان. ما جعل هيلين كيلر تنتقل للعيش مع المساعدة الأخرى بولي تومسون.

من أشهر أقوال هيلين كيلر؟

فيما يلي مجموعة من أشهر أقوال هيلين كيلر:

• لا يمكن أن ينمو الإنسان في سكون وطمأنينة دون خوض تجارب؛ فالتطور والتعلم يتحققان فقط عبر التجربة، وتكمن في العناء قوة الروح، وإشعال الطموح، وتحقيق الإنجاز.
• هناك أسمى وأجمل ما في الوجود لا ترى ولا تلمس إلا بالقلب.
• إذا كانت الحياة مستمرةً في بهجةٍ وفرحٍ دون انقطاع، فلن نتقن أبداً فن الشجاعة والصبر.
• ليس على كل إنسان أن يحقق أشياءً عظيمة؛ فغالباً ما يكفي أن نقِيم خطواتٍ صغيرةً في مسرح الحياة.
• ينبغي أن نقَدِّر مهامنا لتتلاءم مع قدراتنا، بل أن نجعل مهامنا تتناسب مع قدراتنا. لنتقدم بنوايا قوية، ونطرق دوماً باب قلوبنا، ونحن نسير نحو هدف بعيد.
• نادراً ما أشغل بالي بحدودي، فهي لا تجلب لي الحزن أبداً.
• أحياناً قد يطرأ خلل من الحنين، لكنه يظل غامضاً مثل نسمةٍ تمر بين الزهور.
• لا يهمني شيء سوى الحرية في كل جوانب الحياة؛ حرية النمو العقلي والروحي بعيداً عن الأعراف والقوانين القمعية.
• أنا متحمسة لإنجاز مهمة كبرى ونبيلة، لكن ما يهمّني أكثر هو إنجاز المهمات الصغيرة كما لو كانت كبرى ونبيلة.
• ما دامت ذكريات بعض الأصدقاء الأعزاء حيةً في قلبي، سأظل أكرر أن الحياة جميلة.
• لا تدع رأسك يئنّ، بل أبقه مرفوعاً دوماً، وواجه العالم بنظرة مباشرةٍ في عينيه.
• الحياة عملٌ مشوق، وتصبح أكثر حماساً حين نكرّس وجودنا للآخرين.[2]

وفاة هيلين كيلر

فارقت هيلين كيلر الحياة في الأول من شهر يونيو عام 1968م نتيجة سكتة دماغية. وقد بلغت من العمر ثمانية وثمانين سنة، وقد أحرقَت جثتها، وأسكِبَ رمادها في كنيسة القديس جوزيف الكاتدرائية بواشنطن، إلى جانب رماد صديقتي دربها بولي تومبسون وآن سوليفان. ومنذ عام 1961م أقامت في منزلها بوادي ويستبورت بولاية كونيتيكت الأمريكية. كان آخر ظهور لها في ذلك العام نفسه. عبر مشاركة في اجتماع خاص مع مؤسسة واشنطن الدولية، حيث نلت جائزة ليونز الإنسانية تقديراً لدورها في البرامج المخصصة للمكفوفين. كما التقت هيلين بالرئيس جون كينيدي في تلك الفترة، ولم يكن جون هو الرئيس الوحيد الذي قابَلته هيلين على مدار حياتها.

تعرف أيضًا على: هاينرش هاينه شاعر الرومانسية الألمانية

في الختام، تظل مسيرة هيلين كيلر. دليلاً حيّاً على قوة الإرادة البشرية وقدرتها على تحويل الصعاب إلى إنجازات عظيمة. لم تكن فقط كاتبة أمريكية، بل رسالتها هي أمل أبدي يبين أن الإصرار يستطيع تحطيم كل العقبات.

• Womens history Helen Keller 1880-1968_بتصرف
• Afb Helen Keller Quotes on Optimism, and Triumph over Adversity_بتصرف

مشاركة المقال

وسوم