أحمد عرابي: القائد الفلاح الذي واجه الخديوي دفاعًا عن كرامة الجيش والشعب

في سياق تاريخ مصر المعاصر، تتألق هامة لفلاح جسور. تصدى ببسالة أمام جبروت السلطة، مُدافعًا عن حقوق قومه وجنده. ذلك القائد هو أحمد عرابى، الذي ارتقى من مجرد ضابط في صفوف الجيش المصري ليصبح رائد ثورة وطنية خلد اسمه بها. لم تكن ثورته انتفاضة عسكرية فحسب. بينما كانت تعبيرًا أصيلًا عن طموحات المصريين في التحرر والكرامة. وسعيًا حقيقيًا لإنهاء الاستعمار والظلم الطبقي.

من هو أحمد عرابي؟

يُعرف أحمد عرابى كأحد أهم الوجوه البارزة في تاريخ مصر المعاصر. فهو قائد عسكري بارع، وسياسي حاذق، وزعيم وطني من الطراز الأول. قاد انتفاضة الجيش التي عرفت بـ”الثورة العرابية” في أواخر القرن التاسع عشر.

• النشأة والأصل الريفي: ولد أحمد محمد عرابي في قرية هرية رزنة التابعة لمحافظة الشرقية عام 1841، ونشأ في كنف أسرة فلاحية بسيطة، مما جعله يعبر عن آمال وطموحات قطاع عريض من الشعب المصري. في تلك الفترة، كان قيادة الجيش المصري محصورة على الأتراك والشركس، وكان المصريون الأصليون أو الفلاحون يعاملون بتمييز واضح، هذه النشأة الريفية لعرابي كانت السبب الأول في تكوين وعيه وتعزيز إصراره على الدفاع عن حقوق أبناء وطنه.

تعرف أيضًا على:أسئلة عن الشخصيات التاريخية وأعمالهم العظيمة

• الترقية والمناصب العسكرية: انضم عرابي إلى الجيش في عهد الخديوي سعيد. الذي أتاح للمصريين الأصليين فرصة الانضمام والتقدم في الرتب العسكرية، وظهرت قدرات عرابي العسكرية مبكراً. وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة أميرالاي (عميد). خلال هذه الفترة. لاحظ التمييز الكبير ضد المصريين داخل الجيش، وهو ما كان حافزاً قوياً في بناء وعيه الوطني.
• عقوبة النفي: لم تكن قصة أحمد عرابى لتكتمل دون الحديث عن سنوات النفي الطويلة التي قضاها في جزيرة سيلان، ولم يكن المنفى مجرد عقاب. بينما كان فرصة له ليظهر جانبًا آخر من شخصيته. جانب المثقف والداعية. خلال سنواته في المنفى لم ينعزل عن العالم بينما تعلم اللغة الإنجليزية وأقام علاقات مع سكان الجزيرة ونشر الوعي الديني والثقافي بينهم. كما كان يلقي خطبًا في المساجد ويعلم الناس أمور دينهم ويُشرف على بناء المدارس.لذلك أصبحت له مكانة مرموقة لدى سكان الجزيرة. الذين كانوا يكنون له كل احترام وتقدير، فقد هذه الفترة من حياته تُظهر أن عرابي لم يكن مجرد قائد عسكري. بينما كان رجلًا يمتلك إيمانًا راسخًا، وإصرارًا لا يلين، حتى في أحلك الظروف. [1]

تعرف أيضًا على:أحمد عرابي: زعيم الفلاحين الذي وقف في وجه الخديوي دفاعًا عن مصر

ما هي أصول عائلة عرابي؟

تُعد جذور عائلة أحمد عرابى بمثابة المرآة التي تعكس شخصيته ودوافعه الأساسية، حيث ترجع سلالة عرابي إلى الفلاحين المصريين. وهم الشريحة الأوسع في المجتمعِ المصري. عانت هذه الشريحة من الإقصاء والظلم. وحرمت من المناصب الرفيعة في الدولة والجيش. لم يكن هذا الانتساب محض وصف اجتماعي. بينما هو الذي أضفى عليه الشرعية الجماهيرية. وجعل الناس يرون فيه رمزاً لطموحاتهم وآمالهم.

في عهدِ الخديوي توفيق، انتشرت ممارسات التمييز الطبقي مجدداً في الجيش. حيث تم تهميش الضباطِ المصريين لصالحِ الضباط الأتراك والشركس، وكان هذا التمييز بمثابة المحرك للثورة. مثل عرابي ورفاقه الضباط المصريين الذين وصلوا إلى مراكز قيادية بفضل كفاءتهم. ولكنهم كانوا يقاومون بسبب أصولهم. حقيقة أحمد عرابى تكمن في أنه كان يمثل ثورةً ضدَّ هذا التمييز، وليس مجرد عصيان عسكري. [2]

تعرف أيضًا على:الخديوي توفيق وتاريخه في مصر الحديثة

ما هي قصة الزعيم أحمد عرابي؟

حكاية أحمد عرابى هي حكاية انقلاب ضابط عسكري إلى رائد شعبي، وزعيم لثورة قومية شاملة.بواكير الحركة الوطنية: ابتدأت الحركة العرابية كتمرد عسكري منظم. حيث قام عرابي وأقرانه من الضباط المصريين بتقديم تظلمات ضد وزير الحربية في تلك الفترة، عثمان رفقي، الذي كان يعارض ترقية الضباط المصريين. كانت هذه الشكاوى هي الشعلة التي أشعلت الثورة. ازدادت الوقائع حتى وصلت إلى المواجهة المباشرة مع الخديوي توفيق.

تعرف أيضًا على:الخديوي إسماعيل وإنجازاته في مصر

ثورة ميدان عابدين: في أيلول (سبتمبر) 1881، قاد أحمد عرابى الجيش المصري إلى ميدان عابدين، وقدم مطالب الشعب إلى الخديوي توفيق، وهي: إسقاط حكومة رياض باشا، وزيادة عدد الجيش، وتأسيس مجلس نواب. هذا الموقف التاريخي هو أبرز أهم أعمال أحمد عرابى، حيث أطلق مقولته الشهيرة: “لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا ولا عقارًا”. مثلت هذه المطالب بداية تحول في الوعي السياسي المصري.

التدخل الأجنبي والهزيمة: بعد انتصار الثورة العرابية وتولي عرابي منصب وزير الحربية، بدأت القوى الأجنبية، وخاصة بريطانيا وفرنسا، في الشعور بالقلق على مصالحها في مصر. استغلت بريطانيا حادثة الإسكندرية لغزو مصر. في معركة التل الكبير، منى الجيش المصري بالهزيمة، وألقي القبض على أحمد عرابى، ليحاكم ويحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سيلان.

تعرف أيضًا على:أهم الشخصيات التاريخية المصرية

من هي عائلة أحمد عرابي؟

كان والدهمحمد عرابي فلاحًا وأمه فاطمة بنت السيد سليمان، وكان لديه أخ أكبر منه اسمه محمد، وشقيقان آخران، هما عبد السميع وعبد الوهاب، حيث ترعرع في هذه الأسرة الفلاحية، مما مكنه من فهم مشقة الطبقة التي ينتمي إليها بشكل ممتاز، وعزز تصميمه على تحقيق العدالة.

تزوج أحمد عرابى من ابنة عمه، السيدة عزيزة محمد عرابي. ورزق منها بخمسة أبناء: أحمد، وعبد الحميد، وعبد العزيز، وعبد القادر، ومحمد. كما كان له ابنتان: عائشة وفاطمة. لقد شاركت عائلته معه في معاناته في منفاه بجزيرة سيلان، وتحملت معه تبعات ثورته. بعد عودته من المنفى، أمضى فترة قصيرة في مصر قبل وفاته. كما أن هناك اهتمام كبير بأحمد عرابى تاريخ ومكان الوفاة. فقد توفي في القاهرة في سبتمبر 1911. بعد عودته من المنفى، ودُفن في مقبرة الإمام الشافعي.

تعرف أيضًا على:أهم الشخصيات التاريخية الإسلامية

 في النهاية، بعد استكشاف جوانب متعددة من حياة الزعيم أحمد عرابى. الرجل الذي خرج من أرض الفلاحين ليصبح رمزًا مصريًا خالدًا. لقد أوضحنا أن جذوره الفلاحية كانت الشرارة التي أشعلت ثورته، والتي جسدت صراعًا عميقًا بين الطبقات ضد النفوذ الأجنبي والظلم الداخلي. أظهرنا أيضًا أن حركته لم تكن مجرد انتفاضة. بينما كانت بمثابة صحوة وطنية حقيقية. على الرغم من انتهاء الثورة بالفشل. إلا أنه ترك أثرًا لا يمحى في سجلات مصر، وألهم الأجيال التالية في مسيرتهم نحو التحرر والكرامة.

• betaAhmed Orabi -بتصرف
• myheritageAhmed Orabi Family History & Historical Records -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم