أقسام التوحيد
أقسام التوحيد؟ سؤال جوهري يتصدر كل مباحث العقيدة الإسلامية، لأنه يعبّر عن جوهر الإيمان وأساس الدين الذي لا تُقبل عبادة دونه. فالتوحيد هو الركيزة التي قام عليها الإسلام، والباب الأول الذي لا يصح الدين إلا به. وقد اهتم به العلماء اهتمامًا بالغًا، لما له من أثر في توجيه السلوك، وتقويم العقيدة، وربط العبد بربه.
وفي هذا المقال، نعرض شرحًا وافيًا ل أقسام التوحيد، وفهمًا عميقًا لها من منظور علمي مبسّط، يناسب كل قارئ باحث عن العقيدة الصحيحة، دون تعقيد أو غموض.
ما أقسام التوحيد الثلاثة وما معنى كل قسم منها؟
تعد أقسام التوحيد الثلاثة من أعمدة العقيدة الإسلامية التي لا يستقيم إيمان العبد إلا بها، وهي: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. هذا التقسيم ليس من اختراع العلماء، بل هو مستنبط من نصوص القرآن والسنة. التي دلّت على أن التوحيد له صور متعددة يجب الإيمان بها جميعًا لتحقيق الإخلاص التام لله عز وجل.
أولًا: توحيد الربوبية
هو الإيمان بأن الله وحده هو الخالق، والرازق، والمحيي، والمميت، والمتصرف في الكون كله، لا شريك له في ذلك. فمن أقر بأن الله هو الذي خلقه، وهو الذي يدبر أمره. فقد أقر بتوحيد الربوبية. وهذا النوع من التوحيد كان حتى المشركون يقرون به، كما قال تعالى:
“ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله” (لقمان: 25).
لكن هذا الإقرار لا يكفي لدخول الإسلام ما لم يُتبع بتوحيد الألوهية.
تعرف أيضًا على: أمثلة على فرض العين
ثانيًا: توحيد الألوهية
هو توحيد الله في العبادة، أي ألا يعبد إلا الله، وألا يصرف أي نوع من العبادة لغيره، سواء كانت صلاة أو دعاء أو نذر أو ذبح. فالله وحده هو المستحق للعبادة، كما قال تعالى:
“وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” (الذاريات: 56).
وقد كان هذا النوع من التوحيد هو محل الخلاف بين الأنبياء وأقوامهم، وهو الذي أُرسل من أجله الرسل.
ثالثًا: توحيد الأسماء والصفات
هو إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله ﷺ من أسماء وصفات، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه. ومن أسماء الله: الرحمن، الرحيم، العليم، القدير، ومن صفاته: العلم، القدرة، السمع، البصر.
وقد أجمعت الأمة على هذا التقسيم المعروف بـ أقسام التوحيد الثلاثة، وتلقّاه العلماء بالقبول والاستدلال، لما فيه من توضيح دقيق لأركان العقيدة. كما اهتم به علماء أقسام التوحيد عند السلف اهتمامًا بالغًا، باعتباره السبيل لفهم مراد الله من خلقه، ولتحقيق الإخلاص في القول والعمل.
كل قسم من هذه الأقسام يكمّل الآخر، ولا يقبل توحيد الربوبية دون الألوهية، ولا يتم التوحيد الحق إلا بقبول الأسماء والصفات على الوجه الذي يليق بجلال الله. [1]
تعرف أيضًا على: أواخر سورة البقرة مكتوبة
ماهي أقسام التوحيد؟
عند البحث في علم العقيدة، نجد أن العلماء عندما تكلموا عن أقسام التوحيد، لم يفعلوا ذلك من باب التقسيم العقلي البحت، بل بنوا هذا التقسيم على استقراء نصوص الوحي، فكل قسم منها له أصل شرعي ودلالة واضحة في القرآن والسنة.
نظرة شاملة للأقسام
يبدأ توحيد الإنسان لله بإقراره بتوحيد الربوبية، ثم بتجريد العبادة لله وحده، وصولًا إلى التسليم بصفاته وأسمائه. وهذا التدرج يحقق الفهم الصحيح للتوحيد، ويُظهر أن الإسلام ليس مجرد طقوس، بل علاقة توحيدية شاملة تربط العبد بربه في كل شؤون الحياة.
في العقيدة الإسلامية التقليدية، وخاصة عند أقسام التوحيد عند أهل السنة والجماعة، نجد أن هذه الأقسام تعد أساسًا لكل الفهم الديني. وتدرّس في الكليات والمعاهد الشرعية على أنها من ضروريات العقيدة.
لماذا ندرس أقسام التوحيد؟
إن فهم التوحيد على هذا النحو التفصيلي، يورث في القلب تعظيمًا لله، وخوفًا منه، ورجاءً في رحمته، ويمنع العبد من الشرك الخفي والظاهر. كما أن معرفة الأقسام تساعد المسلم على تصحيح نيته وعبادته، وعدم الوقوع في البدع والانحرافات العقدية.
تعرف أيضًا على: طريقة الرقية الشرعية في الماء
ماهو توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات؟
في هذا العنصر نغوص أكثر في التفاصيل لفهم معاني أقسام التوحيد من خلال الحديث المفصل عن: توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وهي أساس العقيدة الإسلامية الصحيحة.
أولًا: توحيد الربوبية
هو إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعاله، كالخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، والتدبير. فالمسلم يؤمن بأن الله وحده هو الفاعل المطلق في الكون، لا شريك له. قال تعالى:
“قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار…” (يونس: 31).
وقد أقرّ بهذا النوع من التوحيد حتى المشركون، ولكنه لم يدخلهم في الإسلام، لأنه لا يكفي وحده دون توحيد العبادة.
ثانيًا: توحيد الألوهية
هو توحيد الله في أفعال العبد، أي أن يُفرد الله وحده بجميع أنواع العبادات، من صلاة، وصيام، وذبح، ودعاء، ورجاء، وخوف، وغير ذلك. وهو التوحيد الذي جاءت به الرسل، قال الله تعالى:
“ولقد بعثنا في كل أمة رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت” (النحل: 36).
فالناس قد يعترفون بأن الله خالقهم، ولكن لا يخلصون له في العبادة. ومن هنا جاءت أهمية هذا القسم الذي يمثل جوهر الدين.
تعرف أيضًا على: أهم كتب العقيدة عند أهل السنة والجماعة
ثالثًا: توحيد الأسماء والصفات
هو الإيمان بأن لله أسماء وصفات وردت في القرآن الكريم أو السنة النبوية، تليق بجلاله، نثبتها كما هي، دون تأويل أو تعطيل أو تشبيه أو تمثيل. مثل: السميع، البصير، العليم، الغفور، القدير، وغيرها.
قال تعالى: “ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها” (الأعراف: 180).
وقد ضلّت طوائف كثيرة بسبب إنكار بعض الصفات أو تأويلها، فوقعوا في مخالفة صريحة لمنهج السلف الصالح.
وفي هذا السياق يطرح سؤال مهم: ما هو تعريف التوحيد؟
إن التوحيد هو: إفراد الله بما يختص به من الأفعال، والصفات، والعبادة، وإثبات ما أثبته لنفسه من أسماء وصفات من غير تحريف ولا تعطيل.
من خلال هذا التعريف الجامع، نفهم أن التوحيد ليس قسمًا واحدًا فقط، بل منظومة عقدية متكاملة، تبدأ بالعلم بالله، وتنتهي بإفراده بالعبادة، مع الإيمان الكامل بكماله في ذاته وأسمائه وصفاته.
تعرف أيضًا على: أنواع كتب التفسير
ماهي أركان التوحيد؟
لا يمكن الحديث عن أقسام التوحيد دون الإشارة إلى أركان التوحيد التي تعد الأساس الذي يقوم عليه هذا البناء الإيماني. أركان التوحيد هي المبادئ التي ينبثق عنها الإيمان الحق بالله تعالى، وتترسخ بها العقيدة.
النقاط الأساسية ل أركان التوحيد:
الإيمان بوحدانية الله في ذاته
أن الله واحد أحد، لا شريك له، ليس كمثله شيء، ولا يوجد في الكون من يشاركه في صفاته أو ذاته.
الإيمان بأن الله هو الخالق والرازق والمتصرف
كل شيء في الكون يجري بتقديره، لا يخرج شيء عن سلطانه، ولا يحدث أمر إلا بعلمه ومشيئته.
إفراد الله بالعبادة
أي صرف جميع أنواع العبادات لله وحده، بلا وسائط، ولا شريك. فلا يُدعى إلا الله، ولا يُستغاث إلا به، ولا يُنذر إلا له.
الإيمان بأسماء الله وصفاته كما وردت
دون تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل، بل إثباتها كما هي، على الوجه اللائق بعظمته.
هذه الأركان لا تتغير بتغير المذاهب أو العصور، بل هي أصل ثابت. وقد تطرّق لها علماء كثيرون من مذاهب شتى، بما فيهم علماء أقسام التوحيد عند المالكية الذين أكدوا أهمية فهم هذه الأركان وربطها بالسلوك الإيماني اليومي للمسلم.
كل ركن من هذه الأركان يتكامل مع غيره ليكوّن العقيدة الصحيحة. ولا يكتمل الإيمان إلا بها جميعًا، ولا يُعذر المسلم بجهله بها إذا كان يستطيع التعلّم. [2]
تعرف أيضًا على: الرقية الشرعية من العين
في ختام هذا المقال، نكون قد وقفنا على المعنى الشامل لـ أقسام التوحيد التي تعد جوهر العقيدة الإسلامية، وأساس دعوة الأنبياء. استعرضنا الأقسام الثلاثة: الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، مع توضيح دور كل منها في حياة المسلم، وبيان الاختلافات المدرسية في الفهم مثل ما ورد عند أهل السنة، والسلف، والمالكية.
المراجع
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة
ترتيب الولاية بعد وفاة الأب
شروط عقد النكاح
أنواع الإجارة وأحكامها
ما حكم ترك صلاة التراويح؟
ماهى مبطلات التيمم
حكم من أكل بعد أذان الفجر غير متعمد
أحكام الميراث – تقسيم الإرث حسب الشريعة
السبعة الأوائل في الإسلام
حكم إزالة الشعر بين الحاجبين
حكم الاستثمار في الذهب
ميراث أبناء الأخ
كيف مات معاوية بن أبي سفيان
قصة أويس القرني مع والدته
أمثلة على فرض عين وفرض كفاية
