أنواع الغلو

أنواع الغلو تُعد من المواضيع التي تتطلب فهماً دقيقاً لما قد يؤدي إليه تجاوز حدود الاعتدال في الفكر أو الدين أو السلوك. فالغلوّ يعني المبالغة والخروج عن الحد المشروع، وقد يتجلى في عدة صور منها الغلو في الدين، والغلو في الأشخاص، والغلو في المعتقدات. وتكمن خطورة الغلو في آثاره السلبية على الفرد والمجتمع، حيث يؤدي إلى الانغلاق والتطرف. ومن هنا جاءت أهمية التوعية بأنواع الغلو المختلفة وسبل الوقاية منها، بما يعزز من قيم الاعتدال والوسطية في التصور الإسلامي والسلوك اليومي.

ماهي أنواع الغلو؟

الغلوّ هو تجاوز الحدّ في القول أو الفعل أو الاعتقاد، سواء في الدين أو غيره. وفي الإسلام، يُعد الغلوّ من الانحرافات السلوكية أو العقائدية التي نهى عنها الله ورسوله ﷺ، لأنه يؤدي إلى الابتداع أو التشدد أو حتى الخروج عن منهج الاعتدال.

أولًا: تعريف الغلو

اللغة: الغلوّ في اللغة هو الزيادة ومجاوزة الحد.

الشرع: هو المبالغة في الشيء والتشدد فيه، بما يخرج عن حدود الشرع أو العقل أو الفطرة.

أنواع الغلو

يمكن تقسيم الغلو إلى عدة أنواع، حسب المجال أو المظهر أو السبب، كما يلي:

الغلو في الدين (أخطر الأنواع)

تعريف: هو التشدد في العبادة أو العقيدة أو الأحكام الدينية بطريقة تتجاوز ما شرعه الله.

أمثلته:

التشدد الزائد في العبادات: مثل من لا يفطر في السفر، أو من يقوم الليل كله ولا ينام.

الغلو في الأشخاص: مثل من يرفع الأنبياء أو الأولياء فوق منزلتهم حتى يعبدهم أو يدعوهم من دون الله.

التكفير بغير حق: أي إطلاق الحكم بالكفر على المسلمين لأسباب غير صحيحة.

التحذير منه: قال النبي ﷺ: “إيّاكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين.” (رواه النسائي وابن ماجه)

تعرف أيضًا على: دور علم الاجتماع في التنبؤ بالتوجهات الاجتماعية المستقبلية

الغلو في الحكم على الناس

تعريف: إصدار أحكام قاسية أو نهائية على الناس دون دليل أو بتسرّع.

أمثلته:

اتهام الآخرين بالكفر أو الفسق أو البدعة دون تحقق أو علم.

رفض التوبة من المخطئ بزعم أنه “لا يصلح أبدًا”.

الغلو في العبادة أو الطاعة

تعريف: المبالغة في العبادة لدرجة الإضرار بالنفس أو الآخرين.

أمثلته:

الصوم المستمر بلا فطر.

رفض الزواج أو ترك الدنيا كليًا بحجة التفرغ للعبادة.

قيام الليل طوال الليل وترك النوم.

تعقيب النبي ﷺ:

حين قال بعض الصحابة: “أما أنا فأصوم ولا أفطر… وأما أنا فأقوم ولا أنام…”

قال ﷺ: “من رغب عن سنتي فليس مني.” [1]

تعرف أيضًا على: تأثير علم الاجتماع على القرارات السياسية

من أمثلة الغلو؟

أنواع الغلو كثيرة، منها الغلو في الأشخاص، والغلو في العبادة، والغلو في التكفير، وكلها تُخالف منهج الإسلام المعتدل مثل علي ذالك :

أولا: أمثلة الغلو في الفكر والسياسة

• تبني فكر متطرف يرفض الحوار أو التعايش

مثل من يقول: “من لم يتبع فكري فهو كافر أو عميل أو مرتد”.

• استخدام الدين لتبرير العنف أو القتل

مثل من يفجر أو يقتل المدنيين ويظن أنه “يجاهد” في سبيل الله.

ثانيًا: أمثلة الغلو في العقيدة

• التكفير بدون دليل

مثال: تكفير مسلم لأنه ارتكب معصية (كالزنا أو شرب الخمر) رغم أنه لا ينكر فريضة ولا يستهزئ بها.

هذه من صفات الخوارج الذين قال النبي ﷺ عنهم:

“يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.”

• اعتبار المبتدع كافرًا دائمًا

مثال: من يرى أن كل من وقع في بدعة مخرِج من الإسلام، فيُعامله كالكافر.

هذا غلوّ في إنزال الأحكام.

تعرف أيضًا على: البناء الاجتماعي للتكنولوجيا: نظرة من خلال علم الاجتماع

ثالثًا: أنواع الغلو في الأشخاص

• مدح النبي ﷺ أو الأولياء مدحًا يصل لحد الألوهية

مثل قول بعضهم: “يا محمد اشفع لي، أعطني، ارزقني”، أو قولهم: “يعلم الغيب”، أو “يتصرف في الكون”.

النبي ﷺ نفسه قال:

“لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله.” – رواه البخاري

• القول بعصمة العلماء أو المشايخ

مثال: من يقول: “فلان لا يُرد عليه”، أو “من خالف الشيخ الفلاني فقد ضل”، دون دليل شرعي.

رابعًا: أمثلة الغلو في الفتوى أو الحلال والحرام

• تحريم كل جديد دون تمييز

مثال: من يقول أن مكبرات الصوت، أو استخدام الهاتف، أو الإنترنت، بدعة أو حرام لمجرد أنها لم تكن في عهد النبي ﷺ.

• إصدار أحكام قاسية بلا علم

مثال: من يُحرِّم لبس ساعة معينة أو تصفح وسائل التواصل دون علم شرعي أو فهم.

خامسًا: أنواع الغلو في العبادات والمظاهر الدينية

• إلزام الناس بما لم يلزمهم الله به

مثل: من يفرض على الناس صيام أيام معيّنة أو أدعية مخصوصة لم ترد في الشرع.

• الغلو في اللباس الديني

مثال: من يشترط أن يكون اللباس بلون معين (كالأسود فقط)، أو أن المرأة لا يجوز أن تظهر عينيها في النقاب دون دليل صريح. [2]

سادسًا: أمثلة الغلو في العادات والتقاليد

• رفض الزواج خارج القبيلة أو العائلة رفضًا قاطعًا

حتى لو كان الطرف الآخر ملتزمًا وصاحب دين وخلق.

• التفاخر المفرط بالمظاهر في الزواج أو العزاء

مثل دفع مبالغ طائلة لإحياء المناسبات، وإلزام الناس بعادات لا أصل لها في الدين.

تعرف أيضًا على: علم الاجتماع وفهم العلاقات بين الأجيال

ماهي أنواع الغلو في الدين؟

الغلو في الدين يعني التشدد والمبالغة في تطبيق أحكام الدين بما يُخرج الإنسان عن الوسطية التي أمر بها الإسلام. و يظهر أنواع الغلو و منها كالآتي:

1- الغلو في العبادة: كالمبالغة في الصوم أو الصلاة أو الإنفاق بما يُرهق النفس ويُخالف سنة النبي ﷺ، مثل من لا يُفطر أبدًا أو من يصلي الليل كله دون راحة.

2- الغلو في التكفير: كمن يُكفّر المسلمين بسبب ذنوب أو مخالفات ظنية دون علم أو بينة، وقد يؤدي هذا الغلو إلى الفرقة وسفك الدماء.

3- الغلو في الأشخاص: كمن يرفع شخصًا –كالعالم أو الشيخ أو الصالح– فوق مكانته، ويعتقد فيه العصمة أو ينسب إليه صفات إلهية.

4- الغلو في التحريم والتحليل: كمن يُحرّم أمورًا لم يُحرّمها الله، أو يُلزم الناس بما لم يُلزمه الشرع، بدافع التشدد.

5- الغلو في القتال أو الجهاد: كمن يخرج للقتال دون إذن أو ضوابط شرعية، أو يستبيح دماء الأبرياء باسم الدين.

الغلو في الدين مرفوض شرعًا، وقد قال النبي ﷺ: “إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين” (رواه النسائي).

تعرف أيضًا على: علم الاجتماع كأداة لتعزيز التنمية المجتمعية المستدامة

ما مثال الغلو في النبي؟

الغلو في النبي ﷺ يعني المبالغة في مدحه أو رفع منزلته فوق ما جعله الله له، وهو أمر نهى عنه النبي ﷺ بنفسه. مثال على الغلو في النبي ﷺ:

أن يقول أحدهم: “يا رسول الله، اغفر لي ذنوبي، وأرزقني، وأشفني”، وهذا من الغلو؛ لأن طلب المغفرة والرزق والشفاء لا يكون إلا من الله وحده.

كما قال النبي ﷺ: “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله” (رواه البخاري)

أي لا تُبالغوا في مدحي كما بالغت النصارى في مدح عيسى عليه السلام. الغلو في النبي ﷺ يكون برفعه فوق منزلته النبوية، كأن يُدعى من دون الله أو يُعتقد أنه يعلم الغيب، وهذا يخالف العقيدة الصحيحة. و تتعدّد أنواع الغلو في الدين، ومنها الغلو في الأشخاص، والغلو في العبادة، والغلو في التكفير، وكلها تُخالف منهج الإسلام الوسطي.

تعرف أيضًا على: الأنماط الاجتماعية وأثرها على التنمية الاقتصادية

في الختام، يُعد الغلو بجميع أنواع الغلو سلوكًا مرفوضًا في الإسلام، لأنه يُخرج الإنسان عن منهج الاعتدال الذي دعا إليه الدين الحنيف، ويؤدي إلى التشدد والانحراف. وقد حذر النبي ﷺ من الغلو لما له من آثار سلبية على العقيدة والمجتمع. ومن الواجب على المسلم أن يلتزم بالوسطية، دون إفراط أو تفريط، اتباعًا لهدي النبي الكريم.

• redcar clevelandDefining extremism- بتصرف
• Gov ukNew definition of extremism (2024)- بتصرف

مشاركة المقال

وسوم