إريك فون مانشتاين: من نصر فرنسا إلى معارك الجبهة الشرقية

إريك فون مانشتاين هو اسم لا يمكن أن يذكر تاريخ الحرب العالمية الثانية. دون أن يثير الجدل والاحترام في وثت واحد ففي عالم كانت فيه القوة العسكرية تقاس بالعتاد والعدد جاء مانشتاين ليعيد تعريف مفهوم الحرب مقدم العبقرية الاستراتيجية على القوة المفرطة.

من هو إريش فون مانشتاين؟

يعتبر إريك فون مانشتاين أحد أهم وأكثر القادة العسكريين. تأثير في تاريخ ألمانيا الحديث ولد في 24 نوفمبر 1887. في برلين وكان اسمه الأصلي فريتز إريك فون ليفينسكي و بعد وفاة والديه في وقت مبكر من حياته تم تبنيه من قبل عائلة والدته عائلة مانشتاين وهي عائلة عسكرية عريقة مما مهد له الطريق لدخول المؤسسة العسكرية. التحق بالأكاديمية العسكرية في سن مبكرة وتدرج في الرتب ليصبح ضابط في الجيش الإمبراطوري الألماني قبل الحرب العالمية الأولى و شارك في الحرب العالمية الأولى واكتسب خبرة قتالية قيمة مما صقل مهاراته وأعده لأكبر تحدي في تاريخه.

تعرف أيضًا على: جان بول مارا ثوري فرنسي

فكانت شخصية إريك فون مانشتاين. تجمع بين الكفاءة العسكرية والعمق الفكري و كان يعرف بذكائه الحاد وقدرته على التخطيط الاستراتيجي وفهمه العميق لتكتيكات الحرب الحديثة. فلم يكن مجرد قائد على أرض المعركة بل كان مفكر استراتيجي يرى أن الحلول العسكرية تكمن في الابتكار والتفوق الذهني وليس فقط في القوة الغاشمة.

وكانت علاقته بمرؤوسيه مبنية على الاحترام المتبادل وكان يحرص على التواصل مع جنوده وفهم احتياجاتهم على الرغم من سمعته كقائد صارم. إلا أنه كان يقدر من قبل جنوده لقدرته على تحقيق الانتصارات ببراعة نادرة.وعلى الرغم من إسهاماته الكبيرة في نجاحات الجيش الألماني إلا أن مسيرة إريك فون مانشتاين. لم تكن خالية من الجدل فقد تم تقديمه للمحاكمة بعد الحرب العالمية الثانية. بتهمة ارتكاب جرائم حرب وحكم عليه بالسجن.

فكانت هذه المحاكمة مثيرة للجدل حيث اعتبر الكثيرون أن مانشتاين كان مجرد جندي يتبع الأوامر وأن مسؤوليته. تقتصر على الجانب العسكري و لا يزال تاريخه يدرس ويحلل حتى اليوم حيث يعتبر أحد أكثر الشخصيات تعقيد وإثارة للجدل في تاريخ الحروب الحديثة وهو ما يجعله محور للعديد من الأبحاث.[1]

تعرف أيضًا على: كوري أكينو: القائدة التي أعادت الديمقراطية إلى الفلبين

من هو جورج فون مانشتاين؟

يخلط البعض بين إريك فون مانشتاين وشقيقه بالتبني جورج فون مانشتاين. فكانت عائلة مانشتاين عسكرية بامتياز وكان جورج الذي كان يكبر إريك بثماني سنوات ضابط في الجيش الإمبراطوري الألماني أيضًا. في الواقع كان جورج مصدر إلهام لإريك في مسيرته العسكرية و على الرغم من أن جورج كان جندي كفؤ إلا أنه لم يصل إلى نفس الشهرة التي وصل إليها إريك الذي أصبح أحد أبرز الاستراتيجيين في الحرب العالمية الثانية و قتل جورج خلال الحرب العالمية الأولى في عام 1918 وهو ما أثر بشكل كبير على إريك الذي كان يعتبره قدوة ومصدر إلهام.

تعرف أيضًا على: أمل دنقل: شاعر مصري

التمييز بين الشقيقين أمر مهم لفهم مسيرة إريك فون مانشتاين. حيث يوضح أن إريك كان نتاج لبيئة عائلية عسكرية وأن شغفه بالعلوم العسكرية كان متجذر في تقاليد عائلته و على الرغم من أن جورج لم يشارك في الحرب العالمية الثانية إلا أن تأثيره غير المباشر على إريك كان واضح فكان إريك يعتبر جورج رمز للتفاني في خدمة الوطن وهذا ما دفعه إلى التفوق والوصول إلى أعلى المراتب.

كان إريك يرى في كل انتصار عسكري يحققه تحقيق لحلم أخيه الذي لم يكتمل. فلم تكن قصة الشقيقين مجرد قصة عسكرية بل كانت قصة عائلية تظهر كيف يمكن للتقاليد أن تشكل مصير الأفراد فكان جورج يمثل الجيل القديم من الضباط الذين كانوا يقاتلون بالأساليب التقليدية بينما كان إريك فون مانشتاين. يمثل الجيل الجديد من القادة الذين كانوا يؤمنون بأهمية الابتكار والتخطيط المسبق.  إن ذكر جورج في سياق مسيرة إريك لا يقلل من شأن إريك بل يوضح أن إنجازاته كانت نتاج لمسيرة عسكرية متكاملة بدأت من العائلة وانتهت بتأثيره على مجرى التاريخ.[2]

تعرف أيضًا على: فاسكو دا جاما المستكشف البرتغالي الذي وجد طريقًا إلى الهند

ما هي خطة مانشتاين؟

تعتبر خطة مانشتاين المعروفة أيضًا باسم “فشلشنيت” (Fall Gelb) أو “المقص” (Sickle Cut) واحدة من أعظم الخطط العسكرية في التاريخ. فقد كانت هذه الخطة هي العقل المدبر وراء الانتصار الألماني السريع على فرنسا في عام 1940. في ذلك الوقت كان الرأي السائد في القيادة الألمانية يميل إلى تكرار خطة الحرب العالمية الأولى. وهي هجوم شامل عبر بلجيكا لكن إريك فون مانشتاين. كان له رأي آخر فقد كان يؤمن بأن هذا النهج قد يفشل وقدم خطة جريئة وغير متوقعة.

كانت خطة إريك فون مانشتاين تقوم على فكرة بسيطة ولكنها عبقرية. بدل من الهجوم على الجبهة الشمالية. يجب أن يتركز الهجوم الرئيسي على الجبهة الجنوبية عبر غابة الأردين. التي كان يعتقد أنها غير قابلة للاختراق من قبل الدبابات و كان الهدف هو عزل القوات البريطانية والفرنسية في الشمال وقطع خطوط إمدادها ومحاصرتها قبل أن تتمكن من الانسحاب.

وعلى الرغم من معارضة العديد من القادة في البداية إلا أن الخطة في النهاية لاقت استحسان أدولف هتلر. وتمت الموافقة عليها. فكانت هذه الخطة مثل ضربة قاصمة للحلفاء وأظهرت أن إريك فون مانشتاين. كان قائد استراتيجي من الطراز الرفيع.

• الهدف: عزل القوات الحليفة في الشمال وقطع خطوط إمدادها.
• الوسيلة: هجوم مفاجئ عبر غابة الأردين التي كان يعتقد أنها غير قابلة للاختراق.
• النتائج: انهيار سريع للجبهة الفرنسية واستسلام فرنسا في غضون أسابيع قليلة.
• التأثير: تدرس الخطة حتى اليوم في الأكاديميات العسكرية كنموذج للتخطيط الاستراتيجي.
• الدرس المستفاد: تظهر الخطة أن التفكير الإبداعي والجرأة يمكن أن يفوقا القوة العددية.
• الأهمية: كانت خطة مانشتاين بمثابة نقطة تحول في تاريخ الحرب العالمية الثانية.
• الاعتراف: أثبتت هذه الخطة أن إريك فون مانشتاين كان بالفعل عبقري عسكري لا يخشى كسر القواعد لتحقيق النصر.

تعرف أيضًا على: ثيودوسيوس: الإمبراطور الروماني الذي جعل المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية

هل كان مانشتاين عبقريًا؟

الإجابة على هذا السؤال تثير جدل واسع فبالنسبة للعديد من المؤرخين والخبراء العسكريين يعتبر إريك فون مانشتاين واحد من أعظم العقول العسكرية في التاريخ. فكانت قدرته على التفكير خارج الصندوق ووضع خطط جريئة وغير تقليدية وتنفيذها ببراعة لا مثيل لها هي التي جعلت منه أسطورة.  لم ينحصر دوره على التخطيط فقط بل كان قائد ميداني من الطراز الرفيع قادر على اتخاذ القرارات السريعة تحت ضغط المعركة وتعديل خططه وفق للظروف فكانت عبقريته تكمن في قدرته على الجمع بين النظرية والتطبيق.

لكن هناك من يرى أن وصف “العبقرية” قد يكون مبالغ فيه فبعض المؤرخين يشيرون إلى أن إريك فون مانشتاين. كان يستفيد من ظروف مواتية وأن نجاحاته كانت نتيجة لضعف القيادة الحليفة في ذلك الوقت كما أن هناك من يرى أن عبقريته كانت محدودة وأن خططه كانت أحيانًا محفوفة بالمخاطر.  على سبيل المثال فإن خططه في الجبهة الشرقية التي كانت تهدف إلى استنزاف القوات السوفيتية لم تنجح في النهاية مما أدى إلى هزائم قاسية للجيش الألماني فهذا التباين في الرؤى يوضح أن مانشتاين لم يكن شخصية بسيطة وأن تقييم عبقريته يحتاج فهم عميق للظروف التي عمل فيها.

إريك فون مانشتاين القائد الاستثنائي وتأثيره المحوري في الحرب العالمية الثانية

ومع ذلك فإن معظم الخبراء يتفقون على أن إريك فون مانشتاين. كان قائد استثنائي. حتى لو لم يكن “عبقري مطلق” فكانت إنجازاته في فرنسا وفي معارك الجبهة الشرقية مثل معركة خاركوف شهادة على قدرته الفائقة على التخطيط والتنفيذ. و لا يزال يدرس في الكليات العسكرية كنموذج لما يمكن أن تحققه العقول الاستراتيجية في زمن الحرب. فإن السؤال عن عبقريته يظل مفتوح ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر تأثيره الكبير على مسار الحرب العالمية الثانية.

يعتبر إريك فون مانشتاين شخصية محورية في تاريخ الحروب الحديثة. فقد كانت حياته مثال على قوة الفكر الاستراتيجي في مواجهة القوة العسكرية وعلى الرغم من أن إرثه محاط بالجدل إلا أن تأثيره على مسار الحرب العالمية الثانية لا يمكن إنكاره. لقد كانت خطته لغزو فرنسا علامة فارقة في تاريخ الحروب وستظل تدرس لأجيال قادمة. فإن قصة مانشتاين تذكرنا بأن أعظم الانتصارات والهزائم غالبًا ما تبدأ في عقل القائد وليس في أرض المعركة.

تعرف أيضًا على: سير ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية

أسئلة وأجوبة عن إريك فون مانشتاين

من هو إريك فون مانشتاين؟

هو قائد عسكري ألماني بارز يعتبر أحد أفضل الاستراتيجيين في الحرب العالمية الثانية.

ما هي خطة مانشتاين؟

 هي خطة عسكرية جريئة وغير تقليدية وضعها مانشتاين لغزو فرنسا في عام 1940 والتي أدت إلى انتصار ألماني سريع.

هل كان مانشتاين عبقريًا؟

يرى العديد من الخبراء أنه كان عبقري عسكري ولكن هناك من يرى أن إنجازاته كانت نتيجة لظروف مواتية.

ما هو الفرق بين إريك فون مانشتاين وجورج فون مانشتاين؟

ج/جورج هو شقيق إريك بالتبني وكان ضابط في الجيش الإمبراطوري الألماني ولكنه لم يصل إلى نفس شهرة إريك.

• britannica Erich von Manstein -بتصرف
• althistory.fandom Erich von Manstein -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم