الأدب النثري في الرواية
عناصر الموضوع
1- مفهوم الرواية
2- خصوصية الرواية العربية
3- خصائص الرواية العربية
4- عناصر بناء الرواية
الأدب النثري في الرواية يمثل أحد أبرز أشكال التعبير الأدبي الذي يعكس عمق التجربة الإنسانية وتنوعها. يعتبر النثر وسيلة مرنة وغير مقيدة بالقواعد الصارمة، مما يتيح للكاتب حرية أكبر في السرد والتعبير عن الأفكار والمشاعر والشخصيات بوضوح وتفصيل. من خلال الرواية، يتسنى للنثر أن يجسد عوالم متكاملة تتراوح بين الواقع والخيال، ويمنح القارئ فرصة لاستكشاف زوايا متعددة من الحياة الإنسانية، سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو فلسفية.
1- مفهوم الرواية
تختلف أنواع الرواية من حيثُ أجناسها، وما يحيط بها من خصائصَ فنيّةٍ مختلفة، ورؤى مختلفة في فنِّ كتابتها؛ لذلك اختلفت الآراء حول وضع مفهوم يجمع خصائصها الفنية، وعدم وجودِ قواسمَ مشتركةٍ بين مختلف الروايات الموجودة؛ لذلك قُدمت مجموعةٌ من الآراء التي تكاد تكون محدودة لمفهوم الرواية في أبعادها ومقوّماتها، وقد جاءت آراء المعرفين حول مفهوم الرواية بما يتحدث عن عدد كلماتها الكثيرة كانت او القليلة، وأنّها أطول من القصة القصيرة، ومنهم من ذكر أنّها أكثر من خمسين ألف كلمة، ومنهم من ركّز على الوظيفة التي تقدمها الرواية للقارئ، ومنهم ايضا من اهتمّ بمضامينها، وهي بطبيعتها فنّ بحدّ ذاتها تنفرد عن غيرها في جوهرها وخصوصيتها، وهي فنّ أدبيّ نثريّ لا يتقيّد بضوابطَ معينةٍ، ويحتمل كل الاحتمالات، فقد ذكر الكثير من النّقاد أنّه لا يُوجَد تعريف كامل للرواية؛ لأنّها فن أدبي قابل للتطوير والاستمرار،وعلى المجمل فإنّ الرواية فنّ أدبي يعتمد على السّرد العظيم، ويختلف عن الأسطورة، فكاتبها معروف غير مجهول، وتختلف عن الخبر التاريخيّ، لأنّها وحيّ من الخيال، وتختلف عن الملحمة، لأنّها من الأجناس النثريّة، وتختلف عن الحكاية والأقصوصة، لأنّها عمل أطول منهما. [1]
2- خصوصية الرواية العربية
عرفت الدول العربية بقوميتها على أنّها متعددة الأقطار والأفكار، وكل قطر من هذه الأقطار كافح لكي يستقل بذاته ومستقبل، فهناك اختلاف ثقافيّ، وفكريّ يميز كل قطر عن الآخر، وعلى الرغم من وجود قواسمَ مشتركة بين الأقطار العربية كاللغة، والدين، ممّا أدّى إلى توسع مدى الرواية العربية في تصوير واقع الشخصية العربية، من المدينة، إلى الريف، إلى البادية، و الفرد في العشيرة، وإلى الفرد في الأسرة الواحدة، وإلى الفرد المغترب الذي لا تربطه أي صلة بالآخرين، لذلك وُجِدَت الرواية العربية بأنّها تُجسد الهوية الوطنية، والأحكام الفردية، والإبداع في إبراز عناصر الرومانسية منذ بدايتها، وتصوير الفرد بأنّه يملك شخصيةٍ مستقلة عن بيئته الطبيعية، وأنّها لجأت إلى تصوير البعد الرومانسيّ، والرمزيّ والأسطوريّ.[2]
3- خصائص الرواية العربية
تتّسم الرواية بالخصائص، والسمات الآتية:
فإن الرواية العربية ذات طابع شعبويّ، فهي نماذج من الحكايات الشعبية، لارتباطها بفن المقامة. الرواية العربية ذات أسلوب قصصيّ يستند إلى مجموعة من المرجعيات التي تعتمد على المظاهر، والتقنيات اللغوية، لتحقيق غايات، ومقاصد تحت مظلة اتجاه فكري معين.
الرواية العربية تمر بالمتغيرات الحديثة في مختلف المجالات الفكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية. والاهتمام بالنواحي الأخلاقية، والحثّ على مقاومة المحتلّ، والاهتمام بالذاتية الإنسانية، والاهتمام بالقضايا الاجتماعية. الرواية العربية بنت الحياة المدنية، والاهتمام بمظاهر الحياة الحديثة، والمدنية الجديدة. والإتنتماء إلى الاتجاه القومي، والتراث العربي، فقد غلب عليها أنّها تستمد رموزها من الثراث العربيّ بأسلوب تاريخيّ. والأحداث مستلهمة من التقليد العربي، من قصص، وحكايات، وتقديمها في حلة جديدة، لتمنح فنَّ القصص العربية طابعاً، وخصوصيةً. وتصوير واقع الأرياف، والقرى، والأحياء الشعبية، لتصوير واقع فئة من فئات المجتمع المسحوقة، والكادحة التي تعيش على هامش المجتمع.[3]
4– عناصر بناء الرواية
الشخصيات
الشخصية في الرواية هي التي تجذب القارئ للرواية فتحقق الاختيار الصحيح لها مهم للغاية. وللوصول إلى الاختيار الصحيح والعظيم من الضروري أن تكون الشخصيات ذات أبعاد ثلاثية مثل باقي شخصيات الحياة الموجودة: فا هم أشخاص لهم مخاوف وآمال، وأشخاص لهم نقاط ضعف ونقاط قوة، وأشخاص لهم هدف أو أكثر في الحياة.
البطل
وهي الشخصية المحورية في العمل الأدبي، وشخصيته دائماً ما تكون مرنة وبسيطة وقادرة على التغير وتغلب عليه السمات العشر التالية والتي تُبنى عليها الرواية حتى ان تنتهي:
أ_تعثره في الأحداث لوجود تحدي أمامه.
ب _رفضه للتحدي.
ج _إجبارة على قبول هذا التحدي.
هـ _السفر الي طريق المحاولات.
و_جمع القوى والحلفاء له.
ز_مواجهة الشرور التي تحاول هزيمته.
ح_فترات من ظلمة النفس واليأس، يأتي بعدها الفرج والفرح .
ط_قوة إيمانية تمكنه من مواجهة المواقف الشديدة.
ي _مواجهة الشر مرة ثانية، ثم ينتصر الحق.
ك _ينتقل الطالب من مرحلة تعلمه إلى مدرس يدرس غيره الدروس المختلفة .
الخصم
هو القوى التي يناضل معها البطل والذي يقدم عنصر الشر في الوقت نفسة، وقد يكون الشر مقدما في صورة بسيطة وسهلة أو صورة معقدة بأحداث وشخصيات متعددة. ولا يتمثل الخصم في شخص يحاول هزيمة البطل والانتصار عليه فمن الممكن أن يكون صراع البطل نفسيا مع سلوك وقرارات خاطئة تراوده ويحاول التغلب عليه.
وقد تخضع كلٌ من شخصيات الخير والشر لتغير أفضل واحسن ما في السلوك، وهذا نوع آخر من حل الصراع التغير في الشخصية وليس فقط انتصار البطل على الخصم.
الشخصيات المساعدة(الثانوية): كانت الرواية تركز على بطل أو بطلين فقط (قوى الخير والشر)، فهناك شخصيات أخرى متعددة ومختلفة تكمل بناء الرواية وتسمى بالشخصيات المساعدة أو الثانوية فقد يكون ليس لهم دور رئيسي ورسمي لكنه أساسي وبدونه لن تَكتمل الأحداث.
الحبكة
هو سير أحداث القصة ناحية الحل. ويوجد نمطان مختلفين لأحداث الحبكة:
الحبكة النمطية: وفيها تسير وتقوم الأحداث بالشكل المتعارف عليها من البداية الطبيعية للأحداث ثم التسلسل الطبيعي في حدوث الأزمة ثم تصاعدها ومحاولة حلها.
الحبكة المركبة: تبدأ الأحداث فيها بالنهاية، ثم يتم نشر الأحداث التي أدت إليها أي يبدأ الكاتب بالعقدة ثم يحاول حلها.
ويرى بعض النقاد أن الحبكة عنصرٌ مهمٌ جدا ولا تقوم الرواية من دونه ومع ذلك فيمكن الاستغناء عنه إذا لم يرَ الكاتب أهمية لدوره وأنه لا يضيف جديدا للرواية، أو إذا ما وجد بديلاً يمكنه اللجوء إليه لتحقيق الهدف.
الموضوع
الموضوع هو القيمة التي يتم تقديمها في الرواية ويدور حولها مضمون الرواية بأكملها.
كما يمكن وصف الموضوع بأنه رسالة و الدرس الذي يحاول الكاتب أن يلقنه للقارئ. ويُكشف الستار عن هذه القيم من خلال الإمتحانات التي تواجهها شخصيات الرواية المختلفة محاولين تخطي هذهالإمتحانات من أجل تحقيق الهدف، ويعتبر الموضوع هو أساس الرواية والغرض منها وبدون الهدف ستصبح الرواية تافهة.
الزمان والمكان
- زمن الرواية
يوجد زمنان للرواية الواحدة، الأول هو الزمن العام الذي تدور فيه أحداث الرواية كحقبة زمنية محدودة مثل قرن أو سنة من السنين، والثاني هو الزمن الخاص أو يُطلق عليه زمن الرواية هو الذي يقدم فترة زمنية محدودة تدور فيها الرواية كيوم محدد ومعين من أيام الشهر وما إلى ذلك.
- مكان الرواية
من المهم أن يكون وصف الكاتب للمكان وصفاً حياً لكي يتعايش القارئ مع أحداث الرواية وكأنها حقيقة علي الواقع، وهذا يتطلب من الكاتب زيارة أماكن الأحداث حتى يتمكن من وصفها بدقة شديدة.
عناصر أخرى
العقدة
ويُطلق على العقدة الحبكة الأولى، وهي بدء الصراع والتحدي التي يخلق الحركة وتقدم أحداث القصة، وهو ذلك المشهد أو الحدث الذي يغير من حياة البطل او البطلة وترسله في رحلة لكي يحل هذه العقدة أو الصراع. وبدون وجود العقدة وحدوث التغير في شخصية البطل وظهور عنصر التشويق والإثارة وفي ذلك الحين ستظل القصة ساكنة بلا حراك.
الأحداث المتصاعدة
هي محاولة حل البطل للعقدة بعد اكتشافها، ولكنه يُقابل قوة الشر التي تحاول منعه من حل هذه العقدة وهنا تصبح الأحداث متصاعدة وكبيرة. وقوى الرغبة في التغلب على هذه الشرور تلازم البطل طوال أحداث القصة وهذه الرغبة لا تجعله يستسلم. وهذه الأحداث المتصاعدة هي قوى الصراع بين البطل وخصومه، ويبدأ البطل في رحلته بالبحث عن مفتاح الحل ويحل اللغز، وقد تتلاشى هذه الرغبة في بادئ الأمر إذا تعرض للهزيمة لكن سرعان ما تعاوده بقوة مرة أخرى لكي يحل العقدة ونصل إلى نهاية الرواية.
الذروة (نقطة الظهور)
فإذا كانت العقدة هي الحبكة الأولى، فذروة الأحداث هي الحبكة الثانية، وهي اللحظة التي يكتشف فيها البطل طبيعة العقدة المقدمة في الرواية (الصراع) وعلاقتها بحياته ويُطلق عليها لحظة الكينونة وهذا ما قالته الكاتبة «فيرجينيا وولف». وفيها تكتشف جميع العلاقات في الرواية بين الخير والشر وقد لا يعرف البطل كيفية حل هذه العقدة لكن لكل شيء وكل معلومة صغيرة تتضح أمامه في هذه المرحلة من الرواية.
الحوار
الحوار هو المحادثة و التبادل و الكلام بين شخصين أو أكثر من شخصيات الرواية، ووظيفة الحوار الأساسية والمهمة هي إعطاء فكرة عن أحداث الرواية وعن زمانها ومكانها. ونجاح الحوار يتحقق بالإستخدام الصحيح للكلمات واللهجات وبالنبرات الصوتية الملائمة. كما أن من مقومات الحوار الناجح العظيم ابتعاد الكاتب عن استخدام اللغة الرسمية التي يصعب على القارئ فهمها إلا بعد قراءتها عديداً. والكاتب الماهر يكتفي بأن يكتب الجملة الحوارية بطريقة واضحة لكي يستطيع القارئ فهم من الذي يقوم بتوجيه الحديث ولمن؟ وإذا كانت هناك ضرورة لاستخدام مثل هذه الكلمات فيتم اللجوء إليها بدون قطع تسلسل الرواية أمام عين القارئين.
حل العقدة
تقل واحدة بواحدة حدة التشويق والإثارة عند هذه النقطة في القصة، حيث تعود الأحداث من جديد في الرجوع إلى إيقاعها الطبيعي الذي بدأت به القصة والرواية. وهنا يتم الوصول إلى الحقيقة والتي بمقتضاها يحل البطل الصراع. وفي هذه المرحلة لم يعد البطل هو الوحيد الذي يعلم بالمشكلة ولكن أصبحت الحقائق مرئية أمام جميع شخصيات العمل، ويقول نجم السينما العالمي «بروس ويلز»: ذروة المشكلة يمكن تشبيهها بالدم الموجود داخل الجسد، أما عند حلها يصبح الدم خارجه.
وختامًا الأدب النثري في الرواية يمثل شكلًا فنيًا متكاملًا يعبر عن تجارب إنسانية متنوعة من خلال سرد القصص والشخصيات. يتميز بالتنوع في الأساليب والأنماط، حيث يجمع بين الوصف الدقيق، والحوار الحيوي، والتعليق الفلسفي. الرواية تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والنفسية، مما يمنح القارئ فرصة للتفاعل مع أحداثها وشخصياتها.
المراجع
- حسن الطائي (10-12-2017)، "مفهوم الرواية"، uobabylon، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. .مفهوم الرواية -بتصرّف
- " (13-1-2014)، "خصوصية الرواية العربية "، fikr، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. خصوصية الرواية العربية -بتصرّف.
- منصور قيسومة (2013)، اتجاهات الرواية العربية الحديثة، تونس: الدار التونسية للكتاب، صفحة 7. خصائص الرواية العربية -بتصرّف