الأسماك المسطحة: تكيف فريد مع قاع البحر

الأسماك المسطحة هي نوع من الأسماك يعيش في قاع البحر. شكلها مفلطح ويخليها تندمج مع الأرض بسهولة عشان تختبئ من الخطر وتقترب من الطعام. المميز فيها أنها لما تكون صغيرة شكلها عادي. وبعد فترة يبدأ جسمها يتغير وتتحرك إحدى عينيها للجهة الأخرى. هذا التغير يساعدها تعيش في القاع وتتكيف مع المكان اللي تعتمد عليه في الأكل والاختباء.

ما الذي يميز شكل الأسماك المسطحة؟

يعد شكل الأسماك المسطحة المميز هو السمة الأكثر لفت للانتباه. وهو نتاج عملية تطورية فريدة تعرف باسم “التحول الشكلي”. تبدأ هذه الأسماك حياتها كيرقات عائمة تشبه الأسماك العادية. لكن مع نموها تبدأ في التحول. حيث تتحرك إحدى عينيها من جانب الرأس إلى الجانب الآخر لتستقر بجوار العين الأخرى. هذا التحول يسمح للسمكة بالرقود على أحد جانبيها (الجانب الأعمى) على القاع. بينما تكون عيناها موجهتين للأعلى لتراقب البيئة المحيطة.

بالتالي هذا التكيف الحركي والجسدي ضروري لوجودها القاعي. إن التكوين الجسدي للأسماك المسطحة يجعلها مختلفة تماماً عن ما هي الأسماك السطحية؟ حيث إن الأخيرة تتميز بأجسامها الانسيابية أو المغزلية التي تساعدها على الحركة السريعة في عمود الماء. أما الأسماك المسطحة، فيساعدها شكلها المفلطح والرفيع على الاندماج التام مع قاع البحر. كما أن لديها قدرة مذهلة على تغيير لون جلدها ونمطه في غضون ثواني لمطابقة لون الرمل أو الطين أو الحصى المحيط بها، مما يجعلها فعلياً غير مرئية للمفترسات والفرائس على حد سواء.

يطلق على المجموعة التي تنتمي إليها هذه الكائنات اسم “الأسماك المفلطحة”. وهي تشمل أنواعاً عديدة. أما بالنسبة لسؤال ما هو نوع السمك الذي له وجه مسطح؟ فالإجابة هي أي سمكة تنتمي إلى رتبة المفلطحات. والتي تتميز بهذا التكيف المذهل. هذا الوجه المسطح بعينين متقاربتين هو التعبير النهائي لتطور يهدف إلى التخفي والتكيف مع الحياة في بيئة ثنائية الأبعاد (قاع البحر) بدل من بيئة ثلاثية الأبعاد (عمود الماء).[1]

تعرف أيضًا على: أطول رحلة هجرة للحيتان في العالم

أنواع الأسماك المسطحة المشهورة

تتنوع أنواع الأسماك المسطحة المشهورة بشكل كبير. وتختلف في الحجم واللون والموطن الجغرافي. من أبرز هذه الأنواع سمكة الهلبوت. التي يشار إليها في بعض الأحيان بـ السمكة المفلطحة الهلبوت. يتميز الهلبوت بضخامة حجمه. حيث يعد أكبر أنواع الأسماك المفلطحة.

وله أهمية تجارية وغذائية كبيرة. يعيش الهلبوت في المياه الباردة لشمال المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ. وهو من الأسماك المفترسة النشطة التي تتغذى على الأسماك والقشريات الأخرى. نوع آخر معروف جيداً وهو سمك موسى. الذي يتميز بلحمه الأبيض اللذيذ وشكله البيضاوي الأنيق. سمك موسى هو مثال كلاسيكي على التكيف مع القاع الرملي. كذلك يمكنه أن يدفن نفسه بالكامل في الرمل ليختبئ. وتعد هذه الأسماك من أكثر أنواع السمك المفلطح؟ شيوع في المياه الدافئة والمعتدلة حول العالم. وهي جزء لا يتجزأ من السلة الغذائية البحرية.

علاوة علي ذلك تجدر الإشارة إلى أن بعض الكائنات التي تبدو مسطحة قد لا تنتمي بالضرورة إلى رتبة المفلطحات. فـ سمك الراي (الشفنينيات)، على سبيل المثال هو سمك مسطح ولكنه ينتمي إلى مجموعة الغضروفية (القروش وأقاربها). وليس إلى مجموعة الأسماك العظمية التي تنتمي إليها الأسماك المسطحة الحقيقية. كما أن بعض الأسماك الصغيرة مثل سمكة مولي هي من أنواع السمك التي تعيش في المياه السطحية أو قليلة العمق ولا تتشارك في التكيف المفلطح الفريد للأسماك القاعية.

تعرف أيضًا على:  رحلة الحوت الأحدب عبر المحيطات

كيف تتخفى مع البيئة البحرية؟

إن آلية تخفي الأسماك المسطحة هي واحدة من أعظم عجائب الطبيعة. حيث تستخدم تقنية تسمى التلوين التكيفي. تتلخص هذه التقنية في أن السمكة تمتلك خلايا صبغية متخصصة في جلدها. تعرف باسم “الكروماتوفورات”. هذه الخلايا يمكنها التمدد والانكماش بسرعة استجابة للإشارات البصرية التي تصل إلى دماغ السمكة من عينيها. خلال أجزاء من الثانية. يمكن للسمكة أن تغير لونها ونمط جلدها بشكل مذهل لمطابقة أي خلفية تقف عليها. سواء كانت رمالاً ناعمة أو صخوراً مرقطة.

تتجاوز قدرة التخفي مجرد تغيير اللون. فهي تشمل أيضاً القدرة على تغيير النمط. يمكن لـ الأسماك المسطحة أن تحاكي الخطوط، والبقع، وحتى الظلال التي تلقيها المواد المحيطة بها. هذا التمويه البصري الدقيق يجعلها فعلياً “غير مرئية” عند وضعها على خلفية غير متجانسة. مما يمنحها ميزة هائلة في البقاء. سواء كانت مختبئة من مفترس كبير أو تنتظر فريسة تمر بجوارها.

علاوة علي ذلك تستخدم بعض الأسماك المسطحة تقنية إضافية لتعزيز التخفي. وهي الدفن الجزئي. فبمجرد أن تستقر السمكة على القاع. فإنها تلوح بزعانفها لتحريك الرمل من حولها. مما يسمح لها بالانغماس جزئي تحت السطح الرملي أو الطيني. هذا الاندماج المادي يجعلها تختفي تقريباً. وتبقى عيناها فقط تبرزان قليل لتراقب البيئة. هذه الاستراتيجيات المزدوجة تجعلها من أكثر المخلوقات تكيف في الأعماق.

تعرف أيضًا على: انقراض الأسماك: أسباب انقراض بعض أنواع الأسماك

النظام الغذائي للأسماك القاعية

يعكس النظام الغذائي للأسماك القاعية طبيعة بيئتها الغنية بالفرائس الصغيرة المختبئة في الرواسب. تتميز الأسماك المسطحة بكونها مفترسات انتهازية. حيث تتغذى على مجموعة واسعة من الكائنات الحية التي تجدها مدفونة أو زاحفة على القاع. ومن أبرز فرائسها الديدان البحرية، والرخويات، والقشريات الصغيرة مثل الجمبري وسرطان البحر. هذا التنوع يضمن لها مصدر مستمر للغذاء حتى في البيئات التي قد تبدو شحيحة.

وبالتالي لمساعدتها في الصيد طورت هذه الأسماك فماً يتناسب مع طريقتها في التغذية. في الغالب يكون فمها صغير ومائل و مصمم لـ “شفط” الفرائس الصغيرة من الرمل أو التقاطها من سطح القاع أثناء تحركها. وبفضل تمويهها المتقن. تستطيع السمكة البقاء مختفية دون حراك حتى تقترب الفريسة منها. ثم تنقض عليها بسرعة مباغتة. هذه الاستراتيجية تجعلها صياد ناجح وفعال في بيئة القاع الهادئة. مما يبرز دورها كمستهلك أساسي.

إن التنوع في النظام الغذائي لهذه الأسماك يعني أننا نجدها في قمة السلسلة الغذائية القاعية. فالحجم الكبير لأنواع مثل الهلبوت وكونها تأكل أنواع السمك الأصغر يجعلها تتحكم في أعداد القشريات والأسماك الأخرى في بيئتها. إن هذا الدور الافتراسي يحافظ على التوازن البيولوجي. ويضمن عدم زيادة أعداد كائنات معينة بشكل مفرط. مما يبرز أهمية الأسماك المسطحة في بيئتها.

تعرف أيضًا على: أنواع الأسماك المفترسة في البحار

دورها في التوازن البيئي البحري

يعتبر دورها في التوازن البيئي البحري أمر حاسم نظراً لكون الأسماك المسطحة تربط بين الحياة في عمود الماء والحياة في الرواسب القاعية. إنها تعد جزء لا يتجزأ من شبكة الغذاء البحرية. حيث تؤدي وظائف بيئية متعددة تدعم صحة المحيط. بدون هذه الكائنات و قد ينهار التوازن في البيئات القاعية بشكل كامل.

إن الوظيفة الرئيسية لهذه الأسماك تتلخص في النقاط التالية

• مراقبة الكثافة السكانية: بفضل نظامها الغذائي المفترس فتتحكم الأسماك المفلطحة في أعداد اللافقاريات القاعية. مما يمنع نوع واحد من الكائنات من السيطرة على البيئة ويحافظ على التنوع الحيوي.
• نقل الطاقة والمغذيات: تعمل هذه الأسماك كوسطاء لنقل الطاقة. فهي تأكل الكائنات القاعية ثم تصبح هي نفسها غذاء للمفترسات الأكبر مثل بعض أنواع أسماك القرش أو الثدييات البحرية.
• تهوية الرواسب: أثناء بحثها عن الطعام تقوم الأسماك المسطحة بتقليب الرواسب السطحية لقاع البحر. وهي عملية حيوية تساعد في إطلاق المغذيات المخزنة وتهوية الرمل والطين. مما يدعم نمو الكائنات الحية الدقيقة.
• مؤشر على صحة البيئة: نظراً لحساسيتها لظروف القاع. يعد وجود أنواع متنوعة من الأسماك المفلطحة مؤشر على أن بيئة قاع البحر صحية وغير ملوثة.

إن الحفاظ على هذه الكائنات هو حماية ليس فقط لنوع واحد. بل هو ضمان لاستدامة نظام بيئي كامل. ويبرز هذا الدور أهمية ما هي السمكة المسطحة؟ كعنصر بيئي لا غنى عنه.

تعرف أيضًا على: أهمية الشعاب المرجانية لحياة الأسماك

في الختام تمثل الأسماك المسطحة نموذج رائع للتكيف البصري والجسدي. حيث حولت تحديات الحياة على قاع البحر إلى ميزة تنافسية. إنها كائنات ذكية في التخفي وفعالة في الصيد. وحيوية في الحفاظ على التوازن البيئي البحري، لا سيما في مناطق الرواسب القاعية. إن دراسة هذه الأسماك التي تشمل أنواع شهيرة مثل الهلبوت وسمك موسى. تذكرنا بعبقرية التطور وضرورة حماية هذه البيئات الفريدة التي تحتضن مثل هذه العجائب الطبيعية.

أسئلة شائعة

س: ما هي الآلية التي تستخدمها الأسماك المسطحة للتمويه؟

ج: تستخدم الأسماك المسطحة آلية التلوين التكيفي (الكروماتوفورات) حيث تغير لون ونمط جلدها بسرعة فائقة لمطابقة البيئة المحيطة بها. سواء كانت رمل أو طين أو حصى. مما يجعلها مختفية تماماً.

س: هل الأسماك المسطحة تولد بعينين على نفس الجانب؟

 ج: لا. تولد الأسماك المسطحة كيرقات بعينين على جانبي الرأس. تماماً مثل الأسماك العادية. ثم تبدأ إحدى العينين بالهجرة التدريجية إلى الجانب الآخر من الرأس مع نمو اليرقة. لتنتهي السمكة وهي مستوية على جانب واحد.

س: ما هو الفرق بين سمكة الراي والسمك المفلطح (مثل سمك موسى)؟

ج: سمكة الراي هي سمكة غضروفية (قريبة من أسماك القرش) وتكون أجسامها مسطحة أفقياً عبر الضغط من الأعلى. بينما السمك المفلطح (مثل سمك موسى) هو سمكة عظمية، وتكون مسطحة بشكل جانبي. لكنها تستلقي على أحد جانبيها.

• britannica pleuronectiform بتصرف
• fishingbooker Types of Flatfish: the Complete Guide for 2025 بتصرف

مشاركة المقال

وسوم