الاقتصاد السلوكي
عناصر الموضوع
1- المبادئ الأساسية للاقتصاد السلوكي
2- التحيزات المعرفية وتأثيرها على القرارات الاقتصادية
3- تأثير العواطف في اتخاذ القرارات الاقتصادية
4- مفهوم النوافذ العاطفية في الاقتصاد السلوكي
5- أهمية النماذج السلوكية في السياسات الاقتصادية
6- تطبيقات الاقتصاد السلوكي في التسويق والإعلانات
الاقتصاد السلوكي هو أحد الفروع الحديثة التي تجمع بين علم النفس وعلم الاقتصاد لفهم سلوك الأفراد وكيفية تأثير العوامل النفسية على قراراتهم الاقتصادية حيث الاقتصاد التقليدي يُفترض أن الأفراد يتخذون قرارات عقلانية تهدف إلى تحقيق أقصى قدر من المنفعة ولكن في الواقع يُظهر الاقتصاد السلوكي أن الأفراد يتأثرون بالعديد من العوامل النفسية والعاطفية مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات قد لا تكون دائمًا عقلانية أو مثالية ومن خلال دراسة الاقتصاد السلوكي يمكننا فهم كيفية تأثير التحيزات المعرفية والعواطف والبيئة الاجتماعية على قرارات الأفراد مما يساعد في تحسين السياسات الاقتصادية وتصميم استراتيجيات أكثر فعالية في مجالات مثل التسويق والتمويل الشخصي وإدارة المخاطر وسنستعرض المبادئ الأساسية للاقتصاد السلوكي وأهميته في فهم سلوك الأفراد في مختلف المجالات الاقتصادية.
1- المبادئ الأساسية للاقتصاد السلوكي
الاقتصاد السلوكي يعتمد على عدة مبادئ أساسية تتحدى الافتراضات التقليدية التي تعتمد على العقلانية وأحد أبرز هذه المبادئ هو أن الأفراد لا يتخذون دائمًا قرارات منطقية بناء على تحليل منطقي للمعلومات المتاحة بدلًا من ذلك تتأثر قراراتهم بعوامل نفسية وعاطفية قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة.
من بين المفاهيم الأساسية في الاقتصاد السلوكي هو مفهوم التأثيرات النفسية مثل التحيزات المعرفية وهي أخطاء في التفكير تؤثر على القرارات اليومية مثلًا يمكن للأفراد أن يعطوا وزن أكبر للمعلومات السلبية بدلاً من الإيجابية أو قد يميلون إلى اتخاذ قرارات بناء على الانطباعات الأولية بدلاً من تقييم شامل للحقائق.
كما أن مفهوم التفضيلات غير العقلانية يلعب دور هام في الاقتصاد السلوكي، على سبيل المثال قد يفضل الناس المكافآت الفورية على المكافآت المستقبلية حتى إذا كانت المكافآت المستقبلية أكبر فهذه التفضيلات تؤدي إلى اتخاذ قرارات غير عقلانية أحيانًا تؤثر بالسلب على رفاهية الأفراد على المدى الطويل.[1]
2- التحيزات المعرفية وتأثيرها على القرارات الاقتصادية
التحيزات المعرفية هي إحدى السمات الرئيسية التي تميز سلوك الأفراد في الاقتصاد السلوكي وتشير هذه التحيزات إلى كيفية تأثير الأفكار المبدئية والآراء المسبقة على اتخاذ القرارات ومن أبرز هذه التحيزات التحيز التأكيدي حيث يميل الأفراد إلى البحث عن معلومات تدعم آرائهم المسبقة ويتجاهلون الأدلة المتناقضة.
على سبيل المثال في مجال الاستثمار قد يظل المستثمرون متمسكين بأسهم معينة بسبب تحيزهم التأكيدي حتى في ظل وجود دلائل على ضعف أداء تلك الأسهم كما أن تحيز الإطلاع على المعلومات السلبية يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات مبنية على الخوف أو التشاؤم مما يؤثر بالسلب على استثماراتهم.
تحيز آخر شائع هو تحيز الندم حيث يميل الأفراد إلى اتخاذ قرارات خاطئة بسبب الخوف من الندم على القرارات السابقة فقد يرفض الأفراد بيع الأصول الخاسرة معتقدين أن ذلك سيكون بمثابة الاعتراف بالفشل رغم أن ذلك قد يحقق لهم خسائر أكبر في المستقبل.[2]
3- تأثير العواطف في اتخاذ القرارات الاقتصادية
لا تقتصر التأثيرات النفسية على التحيزات المعرفية فقط بل تلعب العواطف دور كبير في اتخاذ القرارات الاقتصادية فقد يتأثر الأفراد بمشاعر الخوف والطمع والغضب والفرح عند اتخاذ القرارات الاقتصادية وهو ما يؤثر على سلوكهم الاستثماري والإنفاق.
على سبيل المثال خلال فترات الازدهار الاقتصادي فقد يشعر الأفراد بمشاعر الطمع ويكونون أكثر ميل للمخاطرة مما قد يؤدي إلى تضخم فقاعة الأصول وبالمقابل في فترات الأزمات الاقتصادية قد يسيطر الخوف على الأفراد مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات متهورة مثل سحب الأموال من الأسواق بشكل جماعي، وهو ما قد يفاقم الأزمة.
العواطف ليست فقط عامل فردي بل تؤثر أيضًا في الجماعات والمجتمعات بشكل عام في أوقات الأزمات المالية ويمكن للمشاعر الجماعية مثل القلق الجماعي أن تؤدي إلى اضطراب الأسواق المالية حيث يسعى العديد من الأفراد إلى اتخاذ قرارات بناء على ما يعتقدون أن الآخرين سيقومون به وهو ما يعزز ظاهرة البيع الجماعي أو الشراء الجماعي.[3]
4- مفهوم النوافذ العاطفية في الاقتصاد السلوكي
النوافذ العاطفية هي فترات معينة حيث يكون الأفراد أكثر عرضة لاتخاذ قرارات استثمارية أو مالية بناء على مشاعرهم لحظيًا بدلاً من التحليل العقلاني ويمكن أن تكون هذه النوافذ العاطفية مرتبطة بأحداث معينة مثل الصعود المفاجئ في أسواق الأسهم أو التقارير الاقتصادية التي تثير مشاعر الفرح أو القلق.
خلال هذه الفترات قد يبالغ الأفراد في اتخاذ قرارات استثمارية بسبب تأثرهم العاطفي. مثل شراء الأسهم أو العقارات في لحظة ارتفاع الأسعار أو العكس عند انخفاض الأسواق. فهذه السلوكيات تؤدي إلى تقلبات غير مبررة في الأسواق مما يجعل من الصعب التنبؤ باتجاهاتها في فترات محددة.
إن فهم هذه النوافذ العاطفية يساعد الخبراء الماليين في تحديد الأوقات التي يكون فيها الأفراد أكثر استعداد لاتخاذ قرارات غير عقلانية. وبالتالي يتيح لهم تقديم استشارات أو استراتيجيات استثمارية أكثر دقة وواقعية.[4]
5- أهمية النماذج السلوكية في السياسات الاقتصادية
في الاقتصاد التقليدي يتم استخدام النماذج الرياضية والتحليلية لاتخاذ قرارات اقتصادية وتوجيه السياسات. ولكن مع ظهور الاقتصاد السلوكي. بدأ العديد من الحكومات والمنظمات الاقتصادية في تبني نماذج سلوكية لفهم كيفية تأثير سلوك الأفراد على القرارات الاقتصادية. وتوجيه السياسات بشكل أكثر فعالية.
إحدى التطبيقات الرئيسية للاقتصاد السلوكي في السياسة هي استخدام النماذج السلوكية لتحفيز الأفراد على اتخاذ قرارات أفضل. على سبيل المثال يمكن لحكومات الدول استخدام استراتيجيات التوجيه أو النودج لتوجيه الناس إلى اتخاذ خيارات أكثر منطقية. مثل تقديم حوافز مالية أو توفير معلومات موجهة بشكل يعزز من اتخاذ قرارات أفضل من الناحية الاقتصادية.
تطبيق هذه النماذج في السياسات يمكن أن يسهم في تحسين فعالية الضرائب. وتوجيه الدعم الحكومي وتحفيز الأفراد على اتخاذ قرارات مالية أكثر حكمة. ومن ثم فإن الاقتصاد السلوكي يساعد في تحسين نتائج السياسات العامة.[5]
6- تطبيقات الاقتصاد السلوكي في التسويق والإعلانات
تعد تطبيقات الاقتصاد السلوكي في مجالات التسويق والإعلانات من أبرز المجالات التي يمكن من خلالها تحسين الفهم حول سلوك المستهلكين. في التسويق يتم استغلال العديد من المفاهيم السلوكية لفهم دوافع المستهلكين وتوجيه سلوكهم نحو اتخاذ قرارات الشراء.
مثال على ذلك هو استخدام التأثيرات الاجتماعية. حيث يستند العديد من الشركات في حملاتها الإعلانية إلى فكرة أن الأفراد يتخذون قراراتهم استناد إلى ما يفعله الآخرون. على سبيل المثال إعلانات الأكثر مبيع أو الموصى بها من قبل المستخدمين. وتلعب على رغبة الأفراد في تقليد الآخرين. كما أن مفهوم الندم يتم استغلاله من خلال العروض المحدودة أو العروض الخاصة التي تدفع المستهلكين إلى الشراء بسرعة خوفًا من فقدان الفرصة.[5]
في الختام، الاقتصاد السلوكي يمثل إضافة هامة لفهم سلوك الأفراد في اتخاذ قرارات اقتصادية من خلال فهم تأثير العواطف والتحيزات المعرفية والعوامل الاجتماعية على اختيارات الأفراد. يمكننا تصميم سياسات اقتصادية أكثر فعالية وتقديم حلول مبتكرة لتحسين اتخاذ القرارات في مجالات متنوعة. مثل الاستثمار والتسويق والإعلانات. ومع التقدم المستمر في دراسة الاقتصاد السلوكي من المتوقع أن نشهد تأثير أكبر لهذه المبادئ في حياتنا اليومية. مما يسهم في تحسين رفاهية الأفراد وتحقيق نتائج اقتصادية أفضل على مستوى العالم.
المراجع
- investopedia المبادئ الأساسية للاقتصاد السلوكي -بتصرف
- investopedia التحيزات المعرفية وتأثيرها على القرارات الاقتصادية - بتصرف
- pmc.ncbi تأثير العواطف في اتخاذ القرارات الاقتصادية - بتصرف
- wikipedia مفهوم النوافذ العاطفية في الاقتصاد السلوكي - بتصرف
- niuversity أهمية النماذج السلوكية في السياسات الاقتصادية - بتصرف