الجنكة: شجرة الذاكرة والتركيز

إن الجنكة ليست مجرد تاريخ؛ فالأبحاث الحديثة تركز على استخلاص مركباتها النشطة من الأوراق لاستخدامها كوقود طبيعي للعقل، وفي هذا المقال سننطلق في رحلة استكشافية لسر هذه الشجرة المعمرة، كما سنتعلم سويًا كيف ينجح المستخلص  في تحسين الذاكرة والتركيز بفعالية مدهشة وسنكشف عن دوره المحوري في تعزيز تدفق الدم إلى الدماغ.

كيف تحسن الجنكة الذاكرة والوظائف العقلية

تعد قدرة الجنكة على دعم الذاكرة والوظائف الإدراكية هي السمة الأكثر تميزًا والأكثر دراسة لهذا النبات، هذه الخاصية جعلتها خيارًا شائعًا بين كبار السن وطلاب الجامعات على حد سواء، حيث يحتوي مستخلص أوراقها على مركبين نشطين رئيسيين وهما الفلافونويدات (Flavonoids) والتربينويدات (Terpenoids)، وهذه المركبات تعمل معًا لتوفير تأثيرات وقائية وتحسينات مباشرة على الدماغ.

تعمل الفلافونويدات كمضادات أكسدة قوية للغاية تحمي الخلايا العصبية من التلف الناتج عن الجذور الحرة والإجهاد التأكسدي، هذا التلف يعتقد أنه يلعب دورًا رئيسيًا في تدهور الذاكرة والوظائف المعرفية المرتبطة بالتقدم في العمر.

أما التربينويدات فتساهم في توسيع الأوعية الدموية الدقيقة وتحسين سيولة الدم مما يزيد من تدفق الأكسجين والجلوكوز (وقود الدماغ) إلى الخلايا العصبية، هذا التغذية المحسنة للخلايا العصبية هي التي تدعم قدرتها على العمل بكفاءة أكبر.

إن الاستخدام المنتظم لها قد يساعد على تحسين سرعة المعالجة العقلية والذاكرة العاملة (القصيرة الأمد) والقدرة على الانتباه والتركيز، هذا هو السبب الذي يجعل البعض يتساءل ما هي الجنكة وما فوائدها؟ وتكون الإجابة في تحسين الأداء الإدراكي للدماغ. [1]

تعرف أيضًا على: الكراوية السوداء: هضم وطاقة

فوائد الجنكة لتحسين الدورة الدموية في الدماغ

تعتبر قدرة الجنكة على تعزيز الدورة الدموية وخاصة في الأوعية الدقيقة ميزة حيوية تساهم في معظم فوائدها الصحية. هذا التأثير هو المفتاح لفهم دورها في دعم الدماغ والأطراف، حيث أن التربينويدات الموجودة في الجنكة هي المسؤولة عن تثبيط عامل تنشيط الصفائح الدموية، تثبيط هذا العامل يقلل من لزوجة الدم ويمنعه من التكتل مما يحسن من سيولة الدم وتدفقه.

عندما يتحسن تدفق الدم في الأوعية الدقيقة بالدماغ يضمن ذلك وصول كميات كافية من الأكسجين والمغذيات إلى جميع أجزاء الدماغ. هذا الأمر مهم بشكل خاص للمناطق التي تعاني من نقص في التروية الدموية مما يساهم في حماية الأنسجة العصبية.

ولا يقتصر تأثير الجنكة على الدورة الدموية في الدماغ فحسب بل يمتد إلى الأطراف الذراعين والساقين. وتحسين الدورة الدموية في هذه المناطق يمكن أن يخفف من الأعراض المرتبطة بضعف الدورة الدموية، مثل الألم أو التنميل، إن هذا التأثير المزدوج توسيع الأوعية وتحسين سيولة الدم يجعل الجنكة مكملًا طبيعيًا فريدًا لدعم صحة الجهاز العصبي والدورة الدموية معًا. [2] .

تعرف أيضًا على: الأعشاب المدرة للبول: أعشاب طبيعية لتنقية الجسم من السموم

طريقة استخدام أوراق الجنكة في الشاي والمكملات

الجنكة هي نبات تستخدم أوراقه بشكل أساسي لأغراض علاجية. ومن المهم معرفة الفرق بين الطرق المختلفة للاستهلاك لتحقيق أقصى استفادة وأمان.

تستخدم أوراقها المجففة كشاي حيث يتم نقع ملعقة صغيرة من الأوراق المجففة في كوب من الماء المغلي لمدة 10 دقائق ثم تصفى. هذا الشكل أقل تركيزًا للمركبات النشطة مقارنة بالمكملات القياسية، ولكنه يوفر طريقة لطيفة للاستمتاع بخصائصها وقد يكون بداية جيدة لمن يتساءل ما هي استخدامات عشبة جنكاتا؟.

يتم استخدامها كمكملات غذائية، فالشكل الأكثر شيوعًا وفعالية هو المستخلص القياسي (Standardized Extract) الذي يباع على شكل كبسولات أو أقراص. والجرعات المعتادة تتراوح بين 120 إلى 240 ملغ يوميًا، وغالبًا ما تقسم على جرعتين أو ثلاث جرعات، هذا المستخلص يتم تصنيعه لضمان نسبة ثابتة من الفلافونويدات والتربينويدات (عادة 24% و 6% على التوالي) وهي نفس النسب المستخدمة في الدراسات السريرية، وللحصول على نتائج ملموسة في الذاكرة والتركيز ينصح بتناول المكملات القياسية بانتظام لمدة لا تقل عن 4 إلى 6 أسابيع.

تعرف أيضًا على: إكليل الجبل: نضارة البشرة وصحة الشعر

الفرق بين الجنكة والجنسنج

يخلط الكثيرون بين الجنكة والجنسنج لكونهما من الأعشاب الآسيوية الشهيرة المستخدمة لتحسين الأداء العقلي والجسدي. ومع ذلك فهما يختلفان بشكل جوهري في التركيب والوظيفة الأساسية.

الجنكة (Ginkgo biloba)

الجزء المستخدم الأوراق وتعمل على تحسين الدورة الدموية والذاكرة والمركبات النشطة بها هي الفلافونويدات والتربينويدات. أما بالنسبة للتأثير على الجسمفهي موسع للأوعية ومحسن للسيولة.

الجنسنج (Panax ginseng)

الجزء المستخدم هو الجذور وتعمل على زيادة الطاقة والتحمل بينما المركبات النشطة بها هي الفلافونويدات والتربينويدات وجينسينوسيدات. وتاثيرها كمضاد للتوتر ومنشط للجهاز العصبي كبير.

الجنكة تعمل بشكل أساسي على تحسين وصول الدم إلى الدماغ بينما الجنسنج يعمل كمكيف يساعد الجسم على مقاومة الإجهاد البدني والعقلي. ويزيد من مستوى الطاقة، لذلك الإجابة على التساؤل هل الجنكة هي الجنسنج؟ هي لا كلاهما يعمل بطريقة مختلفة على الدماغ والجسم، يمكن استخدامهما معًا لكن لكل منهما آلية عمل منفصلة.

تعرف أيضًا على: العدس: طاقة الفقراء وصحة الأغنياء

محاذير استخدام الجنكة مع مميعات الدم

على الرغم من الفوائدها  العديدة إلا أن خاصيتها في تحسين سيولة الدم تحمل محاذير خطيرة جدًا يجب الانتباه إليها خاصة للأشخاص الذين يتناولون أدوية لتخفيف الدم.

بما أن الجنكة تعمل على تثبيط عامل تنشيط الصفائح الدموية فإنها تمتلك تأثيرًا طبيعيًا مميعًا للدم. وإذا تم تناولها بالتزامن مع أدوية طبية لتميع الدم مثل الوارفارين أوالأسبرين أو الكلوبيدوغريل فإن ذلك قد يزيد من خطر حدوث نزيف داخلي أو خارجي خطير.

تعرف أيضًا على: التمر هندي: مشروب رمضان وصحة الجهاز الهضمي

محاذير استخدام (الجنكة) بجرعات علاجية

• الأشخاص الذين يتناولون مميعات الدم يجب عليهم تجنب مكملات الجنكة أو استشارة الطبيب لتعديل جرعات الدواء بشكل دقيق.
• يجب التوقف عن تناولها قبل أسبوعين على الأقل من أي عملية جراحية. بما في ذلك جراحة الأسنان لتجنب خطر النزيف المفرط أثناء أو بعد العملية.
• يجب على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النزيف الطبيعية (مثل الهيموفيليا). تجنب تناول الجنكة تمامًا.

هنا يبرز سؤال هل الجنكة لها أضرار؟ والإجابة هي أن الأضرار نادرة إذا استخدمت بالجرعات المعتادة. ولكن التفاعل مع مميعات الدم هو أخطر محذور يجب الانتباه إليه.

تعرف أيضًا على: الترمس: بروتين نباتي وصحة القلب

في الختام لقد انتهت رحلتنا مع شجرة الجنكة وتأكدنا أنها تستحق لقب شجرة الذاكرة. حيث اكتشفنا سر قدرتها على تعزيز الذاكرة والتركيز من خلال تحسين الدورة الدموية في أدق شرايين الدماغ بفضل مركباتها الفريدة من الفلافونويدات والتربينويدات، وتعلمنا أن الاستخلاص القياسي هو الشكل الأكثر فعالية للاستفادة منها وفهمنا أن الجنكة تختلف كليًا عن الجنسنج في آلية عملها. والأهم سلطنا الضوء على ضرورة توخي الحذر الشديد عند استخدامها مع مميعات الدم لتجنب مخاطر النزيف.

أسئلة شائعة

س 1: هل يمكن أن يستفيد الشباب الذين لا يعانون من مشاكل في الذاكرة من تناول الجنكة؟

ج: نعم قد يستفيد الشباب خاصة الطلاب والأشخاص الذين تتطلب وظائفهم تركيزًا عاليًا، حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن الجنكة. قد تساعد في تحسين سرعة المعالجة المعرفية والذاكرة قصيرة الأمد حتى لدى الأفراد الأصحاء.

س 2: كم يستغرق ظهور تأثير الجنكة على الذاكرة والتركيز؟

ج: عادة لا تظهر تأثيرات الجنكة على الذاكرة بشكل فوري، ويتطلب الأمر استخدامًا منتظمًا للجرعة القياسية (120-240 ملغ يوميًا). لمدة تتراوح بين 4 إلى 12 أسبوعًا لبدء ملاحظة تحسن ملحوظ في الوظائف الإدراكية.

س 3: هل يمكن تناول الجنكة مع الكافيين أو القهوة؟

ج: نعم يمكن الجمع بين الجنكة والكافيين بل يعتقد البعض أن هذا المزيج يمكن أن يعزز اليقظة والتركيز. ومع ذلك يجب الانتباه إلى أن هذا المزيج قد يزيد من سرعة ضربات القلب لدى بعض الأشخاص الحساسين.

س 4: هل استخدام الجنكة الموضعي له أي فوائد؟

ج: الاستخدام الموضعي لمستخلص الجنكة في منتجات العناية بالبشرة قد يساهم في حماية البشرة من أضرار الجذور الحرة بفضل خصائصها المضادة للأكسدة. كما قد يساعد في تحسين الدورة الدموية الدقيقة تحت الجلد.

س 5: ما هي الجرعة العالية التي يجب الحذر منها؟

ج: الجرعة المعتادة والمدروسة هي 120 إلى 240 ملغ يوميًا من المستخلص القياسي، والجرعات التي تزيد عن 600 ملغ يوميًا تعتبر عالية جدًا. وقد تزيد من خطر الآثار الجانبية كالصداع أو النزيف ويجب تجنبها.

س 6: هل تساعد الجنكة في علاج الصداع؟

ج: قد تساعد الجنكة في بعض أنواع الصداع خاصة تلك المرتبطة بضعف الدورة الدموية أو نقص تروية الدماغ. ومن خلال تحسين تدفق الدم قد تخفف من هذا النوع من الصداع ولكنها قد تزيد من حدة الصداع في حالات أخرى بسبب تأثيرها الموسع للأوعية.

• ncbi Ginkgo biloba extract improves cognitive function and increases neurogenesis by reducing Aβ pathology in 5×FAD mice -بتصرف
• healthline 12 Possible Benefits of Ginkgo Biloba, Plus Side Effects and Dosage -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم