الحسين بن علي: سيد الشهداء وقصة كربلاء الخالدة

حين يذكر الصبر في وجه الظلم، والثبات أمام الطغيان، لا بد أن يتجه القلب والعقل إلى سيرة الحسين بن علي. سبط رسول الله ﷺ، وسيد شباب أهل الجنة. لم يكن الحسين مجرد شخصية تاريخية، بل كان صوت الحق في زمن الفتنة. ورمزًا للكرامة التي لا تشترى. حمل الحسين على عاتقه همّ الأمة، واختار طريق الشهادة لا الركون، فأصبح مثالًا خالدًا للتضحية في سبيل المبادئ. في هذا المقال، نغوص في تفاصيل شخصيته، ونتوقف عند اللحظات الفاصلة من حياته. من نسبه المبارك، إلى قصة مقتل الحسين عند أهل السنة، وحتى ذريته الذين امتدت بهم شجرة الطهر والنقاء.
من هو الذي قطع رأس الحسين بن علي؟

يعد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه من أشد الأحداث إيلامًا في التاريخ الإسلامي. فقد كانت معركة كربلاء عام 61 هـ مأساة خالدة تجسّدت فيها صور الظلم والفقد. وقد سفك فيها دم حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ظلمًا وعدوانًا. وكان من أشد ما وقع في ذلك اليوم هو فصل رأسه الشريف عن جسده.
وتتفق أغلب الروايات التاريخية على أن من قطع رأس الحسين هو “شمر بن ذي الجوشن”، أحد قادة جيش عبيد الله بن زياد. وقد ذكر في بعض المصادر أن شمر هو من أمر بالفعل، بينما قيل في روايات أخرى إنه قام بذلك بنفسه. وعلى كل حال، فإن من نفّذ الجريمة، ومن أمر بها. ومن رضي بها، كلهم اشتركوا في هذا الإثم العظيم.
ويبرز قصة مقتل الحسين عند أهل السنة كمًا هائلًا من الروايات التي تدين هذا الفعل وتظهر فظاعته. فقد أكّد علماء أهل السنة أن الحسين قتل مظلومًا. وأن ما حدث في كربلاء لا يمثل الدين ولا الصحابة ولا منهج الإسلام في شيء. بل إن كبار علماء السنة كالذهبي وابن كثير وابن تيمية وغيرهم عبّروا عن ألمهم من هذه الحادثة واعتبروها جريمة فادحة في حق بيت النبوة.
إن مقتل الحسين لم يكن مجرد واقعة تاريخية. بل كان صرخة في وجه الظلم، وذكرى تخلّد في ضمير الأمة، وتعلّم الأجيال معنى الثبات على المبدأ ولو كلّف ذلك الروح. [1]
تعرف أيضًا على: عمر بن عبد العزيز: خامس الخلفاء الراشدين وباعث العدل من جديد
من هم قتلة الحسين من كتب السنة؟
في كتب أهل السنة والجماعة، نجد اهتمامًا واضحًا بسرد أحداث مقتل الحسين بن علي رحمه الله بدقة. مع توضيح المسؤوليات والتمييز بين الأفراد والأطراف المتورطة. فالسنة النبوية والتاريخ الإسلامي السني لا يغفلان عن فداحة الجريمة، بل يدينانها بوضوح ويبرآن ساحة الصحابة منها. خاصة من لم يشاركوا أو يرضوا بذلك الفعل.
تشير المصادر السنية إلى أن القتلة المباشرين كانوا من جيش عبيد الله بن زياد، والي الكوفة من قبل يزيد بن معاوية. وقد أرسل عبيد الله جيشًا كبيرًا بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص. وكان من بين أبرز الأسماء المتورطة:
- شمر بن ذي الجوشن: أحد أشد الناس قسوة في المعركة، وينسب إليه تنفيذ القتل وفصل الرأس.
- سنان بن أنس النخعي: قيل إنه طعن الحسين وأجهز عليه.
- خولي بن يزيد الأصبحي: شارك في نقل الرأس الشريف إلى الكوفة.
- عمر بن سعد: القائد العام للجيش، ورغم تردده، إلا أنه نفّذ أوامر ابن زياد.
في ضوء ذلك، فإن قصة مقتل الحسين عند أهل السنة لا تبرر بأي شكل ما حدث،. بل تظهر بوضوح أن أهل السنة يعتبرون من قام بقتل الحسين من الظالمين الخارجين عن العدل والحق. ويعظّمون الحسين ويترحمون عليه، كما يعدونه من كبار شهداء الإسلام.
هذا التفصيل يؤكد أن مذهب أهل السنة يميز بين رموز الخير ورموز الفتنة. ويرفض الظلم وإن صدر عن من ادّعوا الإسلام، مما يعكس موقفًا متزنًا وعادلًا من هذه الفاجعة المؤلمة. [2]
تعرف أيضًا على: عبد الله بن مسعود: أول من جهر بالقرآن في مكة
من هو الحسين بن علي؟
يعد الحسين بن علي بن أبي طالب أحد أعظم رموز التاريخ الإسلامي. وواحدًا من أبرز الشخصيات التي جمعت بين النسب الشريف والمكانة الدينية العالية. فهو ابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله ﷺ. وجدّه النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأبوه الإمام علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين. نشأ الحسين في بيت النبوة، وشهد أعظم مراحل التأسيس للدولة الإسلامية.
تميز الحسين بالشجاعة والعلم والتقوى، وكان منذ صغره قريبًا من النبي ﷺ، حتى قال عنه: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة». وقد شارك في بعض الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين، وكان معروفًا بورعه وابتعاده عن الفتن. غير أن الأحداث تسارعت بعد استشهاد أخيه الحسن وتولي يزيد بن معاوية الحكم، فرفض مبايعته لما رأى من انحراف في أسلوب الحكم، وخرج قاصدًا العراق استجابة لنداءات أهل الكوفة الذين دعوه لنصرته.
إلا أن هذه الرحلة تحولت إلى مأساة حين غدر به أهل الكوفة وتخلفوا عن دعمه، ليواجه الحسين وأهل بيته وجمع قليل من أنصاره جيشًا عظيمًا في كربلاء. وهناك، في تلك الصحراء القاسية، استشهد الحسين في مشهد مؤلم هزّ وجدان الأمة إلى يومنا هذا.
لقد بقي اسم الحسين رمزًا للكرامة والثبات على الحق، وجعل من استشهاده درسًا خالدًا في رفض الظلم، وهو ما جعل سيرته تحفظ وتروى في كل جيل، حبًا وتقديرًا لهذا الرجل الذي ضحّى بكل شيء من أجل مبدأه.
تعرف أيضًا على: أم سلمة: صاحبة الرأي الحكيم وأم المؤمنين الصابرة
ما هي شجرة أبناء الحسين بن علي؟
كان الحسين بن علي، إلى جانب مكانته في التاريخ الإسلامي، أبًا لعدد من الأبناء الذين امتدت بهم سلالة آل البيت، وانتشر أثرهم في مشارق الأرض ومغاربها. وتعرف شجرة أبناء الحسين بن علي بأنها أحد أهم الفروع في النسب النبوي الشريف، حيث انحدرت منها أجيال كثيرة عرف بعضها بالعلم، والبعض الآخر بالجهاد، وآخرون بالزهد والورع.
وقد أنجب الحسين أربعة من الذكور وأربعًا من الإناث، وهم:
- علي الأكبر: كان شابًا شجاعًا وجميل الخَلق والخلق، استشهد مع والده في كربلاء، وقد قيل إنه كان يشبه النبي ﷺ في هيئته.
- علي زين العابدين: وهو الناجي الوحيد من الذكور من معركة كربلاء، وكان مريضًا يومها. عرف بالزهد والعبادة، ويعد من كبار التابعين، ومن ذريته جاء معظم السادة الحسينيين.
- جعفر وعبد الله: ماتا صغيرين، ولم يعرف لهما نسل.
أما البنات، فهنّ: فاطمة، وسكينة، وزينب، ورقيّة. وقد اشتهرن بالعفة، وبعضهن عرف ببلاغته وشجاعته، خاصة السيدة سكينة التي كانت شاهدة على أحداث كربلاء.
لقد بقيت شجرة أبناء الحسين بن علي حيّة عبر القرون، وحمل أحفاده راية آل البيت، فانتشر نسلهم في بلاد الحجاز، والعراق، ومصر، والمغرب، وغيرها، وتركوا أثرًا كبيرًا في الحياة العلمية والدينية، وما زال اسم الحسين يرفرف في القلوب حبًا وولاءً، بما تركه من سيرة وأبناء ساروا على دربه في الحق والصبر.
تعرف أيضًا على: أهم الشخصيات التاريخية الإسلامية
في الختام، تبقى سيرة الحسين بن علي محفورة في الوجدان الإسلامي، كقصة خالدة للمقاومة والثبات. لم تكن واقعة كربلاء نهاية، بل كانت بداية لمسار طويل من الوعي والنهضة، فقد أضاءت دماء الحسين طريق الأجيال نحو التمسك بالحق ورفض الظلم. كما أن أبناءه، ومنهم علي زين العابدين، وذريته من بعده، واصلوا حمل الرسالة بإيمان وعزيمة. إننا ونحن نتأمل في سيرته، نجد فيها درسًا خالدًا لكل من أراد أن يعيش عزيزًا، ويواجه الفساد بالحكمة والصبر. لقد كان الحسين صوتًا لا يموت، وذكرى لا تغيب، وعلَمًا يرفرف في سماء الكرامة إلى يوم الدين.
المراجع
- the Muslim vibeWHO KILLED HUSSAIN IBN ALI AT KARBALA?-بتصرف
- serat onlineWas Imam Husain (a.s.) killed by Yazid or his Shias?-بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

الملك عبد الله وأبناءه وتأثيرهم في المملكة

رفيق الحريري: مهندس إعمار لبنان وزعيم الاعتدال السياسي

الأمير مولاي الحسن: ولي عهد المغرب ونموذج الجيل...

أحمد زكي: الإمبراطور الذي جسّد نبض الناس

أم عمارة: الصحابية التي دافعت عن الإسلام بشجاعة...

محمد ثروت كوميدي من نوع خاص… ارتجال لا...

ابن تيمية: مجدد الفكر الإسلامي ومجابه الانحراف العقدي

الملك عبد الله الثاني: صمام الأمان في استقرار...

الأمير محمد بن سلمان: مهندس رؤية السعودية 2030

أمين الهنيدي: فنان لا يقلّد… مدرسة في خفة...

بدر صالح: كيف غيّر برنامج "إيش اللي" شكل...

السلطان محمد الفاتح

السلطانة صفية وتأثيرها في الدولة العثمانية

الخديوي توفيق وتاريخه في مصر الحديثة
