الرازي طبيب وكيميائي مسلم

أبو بكر الرازي. المعروف في الغرب باسم رازيس، كان طبيبًا وفيلسوفًا فارسيًا بارزًا، اشتهر بإسهاماته الجليلة في الطب خلال العصر الذهبي الإسلامي في العصور الوسطى، وخاصةً في بغداد. حيث شغل منصب كبير الأطباء في أحد المستشفيات الكبرى، انجذب في البداية إلى الموسيقى، ثم تحول إلى الفلسفة والطب، مدفوعًا برغبة في تخفيف معاناة البشر، من أبرز أعمال الرازي كتاب “الطب المنصوري” المكون من عشرة مجلدات، وكتاب “الحاوي في الطب” الشامل. الذي جمع المعارف الطبية من التقاليد اليونانية والفارسية والهندية والعربية.

 من أي بلد الرازي؟

ولِد أبو بكر محمد بن زكريا الرازي. في الري، وهي بلدة تقع على المنحدرات الجنوبية لجبال البرز قرب طهران الحالية، إيران، عام 865 م (251 هـ). كانت اهتماماته المبكرة بالموسيقى. ثم بدأ بدراسة الكيمياء والفلسفة، وفي سن الثلاثين. توقف عن العمل والتجارب في الكيمياء. بسبب تهيج عينه من المركبات الكيميائية التي تعرض لها، ومن بين اكتشافاته في الكيمياء، ينسب إليه اكتشاف حمض الكبريتيك والإيثانول.

تعرف أيضًا على: الملكة نازلي: والدة الملك فاروق

عقيدة فخر الدين الرازي. على الرغم من إنكاره للدين النبوي، فإن فلسفة الرازي الأخلاقية تشير إلى نوع من الدين يشمل الله والنفس الكونية. ويلمّح إلى خلاص النفوس الخاصة. ومع ذلك، فقد أدينت كتاباته عن كذب الأنبياء إدانةً واسعةً ومحددةً. ووصف بسببها بالزندقة المفرطة. ينقل عنه أحد خصومه ادعاءه بأن القرآن الكريم لا يقدّم أي معلومات ذات قيمة خاصة مقارنةً بكتب بطليموس وإقليدس وأبقراط وجالينوس وأفلاطون. أو حتى أرسطو.

من الواضح أن الرازي لم يكن ليوافق على الدين المنزّل، الذي عده مفرّقًا ومثيرًا للخلاف. ولذلك. لا يمكن إيجاد انسجام بين هذا الدين والفلسفة. وهو موقف خطير، بل ومتطرف، في عصره. لم تحظَ عقائد الرازي الميتافيزيقية بأي قبول من العلماء اللاحقين. ونتيجةً لذلك، وباستثناء رسالتين في الأخلاق. لم يبقَ إلا القليل من أعماله غير الطبية. مما يجعل الحكم العادل والمفصّل على أفكاره الآن صعبًا. بل مستحيلًا في كثير من الأحيان.

إن عقيدة الرازي الميتافيزيقية، بقدر ما يمكن إعادة صياغتها، مستمدة من مفهومه للمبادئ الخمسة الأزلية. فالله، بالنسبة إليه. لا “يخلق” العالم من العدم. بل يرتب الكون من مبادئ سابقة. وتتناول روايته للنفس أصلًا أسطوريًا للعالم. حيث ينشئ الله. بدافع الشفقة. ملعبًا ماديًا للنفس استجابةً لرغباتها؛ وبمجرد أن تهبط النفس في العالم الجديد الذي خلقه الله لها. فإنها تحتاج إلى هبة الله الإضافية المتمثلة في العقل لتجد طريقها مرة أخرى إلى الخلاص والحرية.

تعرف أيضًا على: من هو بولس الرسول؟ سيرته ودوره في نشر المسيحية ورسائله الشهيرة

فلسفة الرازي الخاصة بالعقل ومسيرته الإدارية في كبرى المستشفيات

في هذا المخطط، لا يبدو العقل مبدأً منفصلاً. بل هو نعمةٌ لاحقة من الله على النفس. فتصبح النفس عاقلةً، متعقلةً، ولذلك قادرةً على إدراك القيمة النسبية للمبادئ الأربعة الأخرى. وبينما المبادئ الخمسة خالدة، يبدو أن العقل في حد ذاته ليس كذلك. يتعارض هذا المذهب العقلي تعارضًا حادًا مع مذهب كل معاصري الرازي الفلسفيين. الذين هم عمومًا إما من أتباع شكلٍ من أشكال الأفلاطونية المحدثة أو الأرسطية.

كان أستاذه في الطب علي بن سهل ربان الطبري، وهو طبيب وفيلسوف ولد لعائلة يهودية في مرو، طبرستان في إيران الحديثة، اعتنق ابن ربان الإسلام في عهد الخليفة العباسي المعتصم الذي أخذه في خدمة البلاط، حيث استمر في عهد الخليفة المتوكل، درس الرازي فخر الدين. الطب وربما الفلسفة أيضًا على ابن ربان، لذلك، يمكن إرجاع اهتمامه بالفلسفة الروحية إلى هذا المعلم، تجاوز الرازي. أستاذه بسرعة، وأصبح طبيبًا مشهورًا.

الرازي مديرًا لأكبر المستشفيات ومنهجه في التدريس واختيار الموقع

عين مديرًا لمستشفى مسقط رأسه الري في عهد منصور بن إسحاق بن أحمد بن أسد من السلالة السامانية، وصلت شهرة الرازي. إلى عاصمة العباسيين، استدعاه الخليفة المكتفي ليكون المدير الرئيسي لأكبر مستشفى في بغداد، ينسب إلى الرازي طريقة رائعة لاختيار موقع مستشفى جديد، عندما طلب منه رئيس وزراء المكتفي، المدعو عضد الدولة، بناء مستشفى الرازي، وضع قطعًا من اللحم الطازج في مناطق مختلفة من بغداد، بعد أيام قليلة، فحص القطع، واختار المنطقة التي وُجدت فيها أقل قطعة فسادًا، مؤكدًا أن “الهواء” هناك أنظف وأكثر صحة.

بعد وفاة الخليفة المكتفي عام 907، عاد الرازي. إلى مسقط رأسه الري، تولى إدارة المستشفى هناك، وكرّس معظم وقته للتدريس. ويقال إنه كان يحيط به عدة حلقات من الطلاب، فإذا جاء مريض بشكوى أو كان لدى أحد العامة سؤال، كان ينقل إلى طلاب “الحلقة الأولى”، فإن لم يتمكنوا من الإجابة. ينقل إلى طلاب “الحلقة الثانية” وهكذا. وإن لم يجب الكل، كان ينقل إلى الرازي. الذي يعطي الجواب النهائي.

كان الرازي. كريمًا وكريمًا على مرضاه، يعاملهم بإنسانية بالغة، ويقدم لهم العلاج دون مقابل. في أواخر حياته، أصيب بإعتام عدسة العين (الكتاركتة) في كلتا عينيه. فأصبح أعمى، وفاة أبو بكر الرازي. توفي في الري في 27 أكتوبر 925 عن عمر ناهز 60 عامًا. [1]

تعرف أيضًا على: الأم تريزا: قديسة الفقراء

الرازي

 ماذا اكتشف العالم أبو بكر الرازي؟

بماذا لقب الرازي. كان الرازي، المعروف في الغرب باسم رازيس، طبيبًا وفيلسوفًا وعالمًا، قدّم إسهامات جوهرية في كثير من المجالات العلمية، وخاصةً الطب، وكان رائدًا في مجالات طب الأطفال والتوليد وطب العيون، ومن السمات المميزة لنظامه الطبي تفضيله العلاج من خلال الغذاء السليم والمنظم، وتجنب الإفراط في استخدام الأدوية الكيميائية، علاوة على ذلك، اختبر العلاجات على الحيوانات لتقييم آثارها قبل تطبيقها على البشر.

تعرف أيضًا على: السلطان عبد الحميد الثاني: آخر السلاطين الأقوياء

كان الرازي، بصفته جراحًا خبيرًا، أول من استخدم الكحول كمطهر والأفيون كمخدر، وكان أول طبيباً يكتشف حصوات المثانة، وهو أول من استخدم السيتون في الجراحة. اهتم الرازي بعلم الأدوية وتحضير الأدوية. فأدخل استخدام المراهم الزئبقية، وطوّر أدواتٍ وأدواتٍ. مثل الهاون والقوارير والملاعق والقوارير، التي ظلت تستخدم في الصيدليات حتى أوائل القرن العشرين.

خلّف الرازي. أكثر من مئتي كتاب ومخطوطة، تضمّ مقتطفات من أقوال علماء سابقين في الأمراض والعلاج، بالإضافة إلى كثير من السجلات الطبية الخاصة به. وقد ابتكر كثير من النظريات التي أسهمت في تطوير الطب آنذاك؛ وترجمت معظم كتبه إلى اللغات الأوروبية. واستخدمت في كثير من الجامعات الأوروبية.

 ما هي أشهر كتب الرازي؟

إرث الرازي في الطب ومؤلفاته الخالدة

• موسوعة “الحاوي”: الإنجاز الطبي الأكبر

  • يعد كتاب “الحاوي“ أكبر موسوعة طبية للرازي، جمع فيها كل الاكتشافات الطبية في عصره، بالإضافة إلى اكتشافاته الخاصة.
  • تناول الكتاب مختلف الأمراض وعلاجها، وقضايا دوائية، كما تضمن نقدًا لآراء جالينوس حول تطور الحمى بناءً على حالات سريرية صادفها الرازي شخصيًا.

• “الطب المنصوري” والتمييز بين الأمراض

  • من أشهر مؤلفات الرازي أيضًا كتاب “الطب المنصوري“ الذي شمل قضايا طبية متنوعة في الطب الباطني والجراحة وطب العيون.
  • يعرف الرازي بأنه أول طبيب ميّز سريريًا بين الجدري والحصبة كمرضين منفصلين، وقد وصف أعراضهما وأسبابهما في كتابه “الجدري والحصبة“.

• “من لا يحضره الطبيب”: دليل الرعاية المنزلية

  • ألّف الرازي كتاب “من لا يحضره الطبيب“ ليكون دليلًا طبيًا منزليًا. مُخصصًا للفقراء وعامة الناس الذين لم يكن الأطباء متاحين لهم دائمًا.
  • مكّنهم هذا الكتاب من علاج الأمراض الشائعة مثل الصداع، نزلات البرد، وأمراض العين والأذن والمعدة.

• اكتشافات في الحساسية والمناعة

  • كتب الرازي العديد من المقالات في مجالات الحساسية والمناعة. وكان أول من اكتشف الربو التحسسي.
  • ناقش التهاب الأنف الموسمي (حمى القش) الناتج عن شم رائحة الورد في الربيع، وأدرك أن الحمى آلية دفاع طبيعية للجسم لمحاربة الأمراض. [2]

    تعرف أيضًا على: قسطنطين الأكبر: الإمبراطور الروماني الذي نشر المسيحية وأسس القسطنطينية

 صفات أبو بكر الرازي

أمتاز الرازي بذكائه، وفطنته، ورزانته، وقوّة ذاكرته، وهدوئه، وكان عادلًا، تحلّى بالعفّة، والنُصح، والإقلال من الجدال الذي لا طائل له، متعهّدًا لطالبي العلم، فكان الزهد دأبه في أموره كلّها، فضلًا عن ذلك، كان أبرز ما امتاز به الرازي العبقريّة؛ فإلى جانب مهاراته في مجالات كثيرة، برع في الطبّ براعةً سبق بها من قبلَه علمًا وعملًا، جاعلًا الجانب الأخلاقي جانبًا لا يمكن فصله عن الجانب المهنيّ في الطبّ، ولا عجب أنّه لُقِّب “أبو الطب العربي” و “جالينوس العرب”، إذا عُدّ أحدَ الأطبّاء العلماء الذين شهد لهم أعلام الطبّ بالتفوّق؛ فشهد له ابن سينا، وابن ميمون، وابن رشد.

كان الرازي رجلاً طيب القلب ومجتهدًا في تعليمه، أولى اهتمامًا خاصًا بمرضاه، وكان شديد اللطف بالفقراء والمحتاجين، وعلى عكس كثير من الأطباء الذين كانوا أكثر ميلًا لعلاج الملوك والأمراء والنبلاء، انخرط الرازي في علاج عامة الناس، كان الرازي يؤمن بأن الطبيب البارز ينبغي أن يكون فيلسوفًا أيضًا، ومع ذلك، لم يتبع الأفكار الفلسفية الشائعة في عصره، وكانت له أفكاره الخاصة، ونتيجة لذلك، تعرض للتشهير من قبل الفلاسفة المعاصرين له، وحتى من جاء بعده، يمكن وصف الرازي بأنه أبرز شخصية عقلانية وتجريبية في الثقافة الإيرانية، كان لرازي أيضًا مبادئه في الميتافيزيقيا وعلم الكونيات.

تعرف أيضًا على: احمد بن طولون: مؤسس الدولة الطولونية في مصر

ختاما، لم يقتصر إرث الرازي في عالم العلوم على العالم الإسلامي، بل أثّر أيضًا على التطورات العلمية في الغرب، أسهمت أعماله المترجمة إلى اللاتينية في تسريع التقدم العلمي في أوروبا في العصور الوسطى، وأصبحت مراجع أساسية في كليات الطب الأوروبية لقرون، وقد مهد تركيزه على الملاحظة والتجريب والممارسة الأخلاقية في الطب الطريق لعلم الطب الحديث، واستفاد منها كثير من علماء الغرب، توفي أبو بكر الرازي عام 925 في الري، مسقط رأسه، ولا تزال إسهاماته العلمية قائمة حتى يومنا هذا، ولا يزال تأثيره ملموسًا في مجالات الطب والكيمياء والفلسفة

• pmc.ncbi.nlm.nih.govAbu Bakr Muhammad Ibn Zakariya Al Razi (Rhazes): Philosopher, Physician and Alchemist _بتصرف
• bibalexThe Magician of Medicine: Abu Bakr al-Razi _بتصرف

مشاركة المقال

وسوم