الزلازل والبراكين: العلاقة والتأثير

الزلازل والبراكين، غالبًا ما يخطر ببالنا مشاهد عنف الطبيعة وهي تعصف بأرض الناس، لكن الحقيقة أن هؤلاء القوى الأرضية يتحدثون إلينا برموز صارخة عن قوة باطن كوكبنا وعن المهارات التي طوّرناها للتنبؤ بها والتأهب للمواجهة. عبر هذه الفصول، سنكشف ليس فقط ما هي الزلازل والبراكين؟

بل سنتعرّف على كيفية الوقاية منها، على أعماق براكيننا التي تنبعث منها الصهارة. وسنستجلي السلوك الذي قد يحمي الحياة عندما تهتز الأرض تحت أقدامنا. كل هذا يتحقق بفهم أعمق، لا بالخوف وإنما بالوعي.

ما هي الزلازل والبراكين؟

عندما نتأمل في ظاهرة الزلازل والبراكين، نجد أننا أمام قوتين جبّاريتين من القلب الصخري لكوكبنا، تتشكلان بفعل التشكيلات العميقة للصفائح التكتونية.
الزلزال هو ارتجاف الأرض المفاجئ. الناجم غالبًا عن تصدع أو حركة فجائية ضمن قشرة الأرض ليتحرّر طاقة تحدث هزًا أرضيًا.
أما البركان فهو الفوهة التي تسمح للصهارة والغازات المنبعثة من باطن الأرض بالخروج. لترسم التلال أو الجزر أو حتى تحدث انفجارات هائلة ترتبط غالبًا بعبور الصهارة للسطح.
وفي صياغة تعريف الزلازل والبراكين والفيضانات، يكمن الفيضان غالبًا في أعقاب الزلزال الذي يدفع بالمياه إلى الشاطئ. أو بعد ثوران بركاني يقذف فيه الرماد والصهارة قوى هائلة. ما يدفع بفيضانات أو تدفقات طينية (lahars) مميتة.
باختصار، كل من الزلزال والبركان هما تعبير عن صيرورة الأرض الحيّة. حيث يتفاعل باطنها القاسي ليظهر نفسه مرة في ارتجاف ما يكون فيه السكان على اهبة الاستعداد. ومرة في انفجار يعيد تشكيل الجبال والسواحل. [1]

تعرف أيضًا على:ما هي آثار الزلازل على الإنسان والبيئة من حيث الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية؟

ما هي طرق الوقاية من الزلازل والبراكين؟

عندما نفكّر في الزلازل والبراكين، ندرك أن الأمر ليس مجرد قوى طبيعية مدمرة فحسب، بل ثمة حكمة يمكن استلهامها في كيفية الاستعداد لها بأفضل السبل. فكما نرتدي ملابس دافئة لمواجهة برد الشتاء، على المجتمعات أن تتسلّح بالتخطيط والوقاية لتجاوز الكوارث الطبيعية بأقل خسائر ممكنة.
أول خطوات الوقاية تعتمد على فهم أساسي لـ كيف تحدث الزلازل والبراكين: فالزلزال ناشئ عن حركة طاقة مضغوطة تحت الأرض. بينما تحدث البراكين عندما ترتفع الصهارة إلى السطح. هذا الفهم يدفع لتطبيق أنظمة مراقبة متقدمة. فقد طوّر الباحثون، على سبيل المثال، شبكات إنذار مبكّر دقيقة للزلازل والبراكين قادرة على إرسال تحذيرات قبل وقوع الكارثة بما يكفي لتنبيه السكان والمنشآت.
من أهم استراتيجيات الوقاية، بناء وتخطيط المدن وفق معايير مقاومة للزلازل. فالهندسة الذكية والمواد المرنة في أساسات الأبنية والتصميم، تقلّل بشدة من مخاطر الانهيارات عند هزة قوية.
كذلك، لا يمكن الاستغناء عن نظم الإنذار المبكّر المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة، مثل: أجهزة إنذار الزلازل التي تصدر تنبيهات عبر الهواتف الذكية وأجهزة الاتصال الجماعي قبل وصول الموجات المدمرّة.

تعرف أيضًا على:خط الزلازل في العالم: مناطق النشاط الزلزالي وأهم الحزام الزلزالي العالمي

وكذلك، في مجال البراكين. تعد نظم الثبات على المراقبة وحصر الفوهات البركانية في مناطق معينة أحد أهم طرق الوقاية. إذ يجرى رصد دائم لصواريخ الغاز، التغيرات في سطح الأرض. ونظام إخلاء واضح في حال تنبّؤ بثورة محتملة.
ولا يقل أهمية عن ذلك نشر التوعية المجتمعية فالأفراد من خلال التدريب المبكر وفهم سلوكيات الكارثة. (مثل مغادرة المنطقة أو البقاء في مكان آمن)، يمكنهم توفير الأمان لأنفسهم ولعائلاتهم.
في النهاية، الوقاية من الزلازل والبراكين لا ترتكز على منعها من الحدوث.لأن ذلك شبه مستحيل. بل على التنبؤ بها والتخطيط لمواجهتها بفعالية. فنحن، بوعي مجتمعنا وتأهبنا المدني، نصنع الأمان رغم زلزال أو ثوران. [2]

تعرف أيضًا على:ما هو جهاز قياس الزلازل وكيف يعمل؟ أنواع أجهزة قياس الزلازل واستخداماتها

ما هي أسباب حدوث البراكين؟

البراكين ليست مجرد انفجار عشوائي للصهارة، بل لها أسباب محددة تتعلق ببنية الأرض ونشاطها الداخلي. وترتبط بشكل وثيق مع الزلازل والبراكين التي تشكّل مظاهر طبيعية قوية ومرتبطة ببعضها البعض.

يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية لحدوث البراكين فيما يلي:

• حركة الصفائح التكتونية: عندما تتباعد الصفائح أو تتصادم، تفتح ممرات تسمح للصهارة بالاندفاع نحو السطح.
• الضغط الهائل للغازات: الغازات المحبوسة في باطن الأرض تشكّل قوة دافعة تجعل ثورة البركان أمرًا لا مفر منه.
• الشقوق والفوالق الأرضية: وجود فجوات في القشرة الأرضية يسهّل خروج الحمم والرماد البركاني.
• الحرارة الداخلية للأرض: التفاعلات الجيولوجية والنشاط الإشعاعي يؤديان إلى إذابة الصخور وتكوين الصهارة المنصهرة.
• المناطق النشطة جيولوجيًا: مثل “حزام النار” حول المحيط الهادئ، حيث تزداد احتمالية حدوث الانفجارات البركانية.
ولا يمكن إغفال أن مخاطر الزلازل والبراكين الناتجة عن هذه الأسباب خطيرة جدً. فهي تشمل تدمير الأراضي والبيوت، انبعاث غازات سامة، وانتشار رماد كثيف يؤثر على الإنسان والبيئة.

تعرف أيضًا على:علاقة الزلازل بتكتونية الصفائح وكيف تؤدي حركتها إلى حدوث الزلازل؟

ما هي السلوكات التي يجب اتخاذها للتخفيف من عواقب الزلزال؟

عندما تتوالى اهتزازات الأرض، ستجد أن الخطوة الأولى التي تعينك على البقاء بأمان هي أن تظل هادئًا قدر الإمكان.
أول ما تحتاج إليه هو حماية نفسك من الأجسام المتساقطة. لفتك تحت طاولة متينة أو قرب جدار داخلي قوي يدعمك حتى يمر الخطر. ثم، بعد توقف الهزة. لا تتسرع للخروج حتى تتأكد من سلامة البناء الذي كنتِ فيه.فقد تعقب الزلازل والبراكين موجات أخرى قصيرة (الارتدادات)، وقد تكون أكثر ضررًا.

ثم يأتي دور الفحص الحذر للمحيط: يجب أن تنتبه لأي علامة على تسرب غاز أو ماس كهربائي أو أسلاك معطوبة. لأن هذه العوامل قد تتحول إلى مصدر خطر أكبر من الزلزال نفسه. ولهذا، من المفيد أن يكون لديك معرفة بسيطة بكيفية إغلاق صمامات الغاز والماء والكهرباء.

كما أن التخطيط الجيّد لحركاتك يساعدك كثيرًا، فإذا شعرت بأي تهديد إضافي. ابتعد عن المباني المتضررة، ولا تحاول العودة إلى أي لحظات عودة قبل التأكد التام من خطوات الأمن والسلامة.

تعرف أيضًا على:أسئلة عن الزلازل والبراكين وكيفية حدوثها

في ختام هذه الرحلة المتعمقة بين الزلازل والبراكين. ندرك أن التهديد الحقيقي لا يكمن في ما يحدث تحت أقدامنا أو أعيننا. بل في قلة إدراكنا وتحضيرنا. فالمعرفة العلمية. أدوات الإنذار المبكّر، والتدرب المجتمعي، جميعها عوامل تبني جدار أمان ضد غضب الأرض. عندئذ لا نحيا في خوفٍ، بل نؤمن لذاتنا القدرة على النجاة والاستمرار. إن الوقاية الفعلية ليست حلمًا بعيدا، بل ترجمة يومية للعلم والعمل المتضافر، وشرطها الأهم أن “نكون مستعدين، لا من أجل أن نخشى، بل لنحافِظ على ما نحب”.

• australian.museumHow are volcanoes and earthquakes interrelated? -بتصرف
• internetgeographyReducing the impacts of earthquakes and volcanoes -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم