هل يجوز السفر بدون محرم؟

يعد موضوع السفر بدون محرم من القضايا الفقهية التي أثارت الكثير من الجدل بين العلماء والمجتمعات الإسلامية. نظراً لتعلقه بمسائل العفة والحماية والخصوصيات الثقافية والاجتماعية. خاصة في ظل التغيرات المعاصرة التي جعلت السفر أكثر أماناً وانتشاراً للمرأة. هذا الموضوع يتطلب دراسة الأحكام الشرعية المرتبطة به. مع النظر في اجتهادات العلماء واختلافاتهم حول ضوابطه وشروطه في ضوء المستجدات.

ما هي الحالات التي يجوز فيها السفر بدون محرم؟

هذا الموضوع هو أحد المواضيع التي تناولها الفقه الإسلامي باهتمام كبير نظرًا لارتباطه بأمان المرأة وكرامتها. وقد اختلف العلماء في حكمه بناءً على الظروف والنيات وطبيعة السفر. فالأصل أن يكون مع المرأة محرم يصونها ويحفظها من الفتن والمخاطر. لكن في العصر الحديث ومع تطور وسائل النقل وتوفر الأمن. تغيرت بعض الآراء لدى العلماء حول مدى اشتراط وجوده في جميع الحالات.

حالات الجواز

من تلك الحالات إذا كانت الرحلة آمنة وكان هناك رفقة مأمونة من النساء. أو كانت المرأة تسافر لضرورة كالعلاج أو التعليم أو أداء الحج المفروض. وكانت الطريق مأمونة ولا يتوقع فيها خطر كما أن بعض العلماء المعاصرين أجازوا السفر بدون محرم. في حال كانت المرأة تملك من الوعي والتجربة ما يحفظها وتتوفر الوسائل الحديثة التي تضمن سلامتها كالسفر بالطائرة والقطارات الآمنة.

حكم سفر المرأة في المذاهب الأربعة

في المذاهب الأربعة يتفق المالكية والشافعية والحنابلة على اشتراط وجود المحرم إلا للضرورة. أما الحنفية فيرون جواز السفر للمرأة بدون محرم إن كان السفر آمناً ومع رفقة مأمونة. ويستثنى من ذلك الحج والعمرة عند بعضهم حيث أجازوا سفر المرأة في رفقة مأمونة دون محرم في الحج الواجب. وقد اعتمدت بعض الدول الإسلامية هذه الآراء المعاصرة في تنظيم سفر النساء. خاصة في الأمور الضرورية والمحددة بضوابط واضحة. [1]

تعرف أيضًا على: حكم من أكل بعد أذان الفجر غير متعمد

هل يجوز السفر بدون محرم عند ابن باز؟

هو من المواضيع التي ناقشها كبار العلماء ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز الذي أكد على أهمية وجود المحرم مع المرأة أثناء السفر حماية لها من الفتنة والضرر حيث استند في فتواه إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم “لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم” واعتبر أن هذا الحديث أصل شرعي صريح لا يعارضه التقدم التكنولوجي أو وسائل الأمان الحديثة لأن العبرة في الشريعة ليست فقط بالوسائل بل بمقاصد الحفظ والرعاية.

من ناحية أخرى رأى الشيخ ابن باز أن وجود المرأة في رفقة مأمونة من النساء لا يبيح لها السفر بدون محرم إذا تجاوزت المسافة التي تعتبر في الشرع سفرًا لأن العبرة بوجود المحرم الذي يكون مسؤولًا عنها وملازمًا لها لا مجرد الصحبة أو الأمان الظاهري وأضاف أن الصحبة المأمونة لا تغني عن شرط المحرم لأن الأحاديث جاءت عامة ولم تفرق بين سفر مأمون وغير مأمون بل اعتبرت وجود المحرم هو الشرط الأساس في صحة السفر.

سبب التحريم

يرجع سبب التحريم عند الشيخ ابن باز إلى ضرورة صيانة المرأة من التعرض للفتن والاختلاط بالرجال أو الوقوع في مواقف محرجة قد لا تجد فيها من يدافع عنها أو يساعدها خاصة إذا مرضت أو تعطلت وسيلة السفر فالتحريم جاء حفظًا للعرض والدين وليس تضييقًا على المرأة بل لتأمينها من مخاطر قد تجهلها أو لا تتوقعها.

تعرف أيضًا على: أحكام الوصية

متى يسقط شرط المحرم عن المرأة؟

السفر بدون محرم من المسائل التي تثار حولها الكثير من الأسئلة في الفقه الإسلامي خاصة مع تطور وسائل النقل وانتشار الأمن وارتفاع معدلات التنقل بين المدن والدول وفي الأصل جاء في نصوص الأحاديث النبوية ما يشترط وجوده عند السفر لحفظها من الفتن والمخاطر وحماية لعرضها ودينها ولا يخالف هذا الأصل إلا ما ندر من اضطرار المرأة لضرورة ملحة لا يمكن تأجيلها كالضرورة الطبية أو الأمومة أو الدراسة مع ضبط الشروط ووجوب الرجوع إلى أهل العلم في كل حالة لضمان سلامة الفتوى وملاءمتها للظرف.

أقوال العلماء

اختلف العلماء في تطبيق حكم المحرم على المرأة في السفر فركن الشافعية والحنابلة والمالكية على عمومية النص في الحرمة مع عدم التمييز بين سفر قصير وسفر طويل واستثناء الضرورات بينما ذهب بعض الحنفية إلى جواز سفر المرأة دون محرم إذا توفرت رفقة مأمونة من النساء أو كانت الرحلة آمنة سعيا وراء تحصيل العلم أو العلاج بشرط ألا تكون المسافة بعيدة أو الطريق محفوفا بالمخاطر وينبغي لكل امرأة مراجعة مرجعها العلمي الموثوق للتأكد من تطبيق الحكم المناسب لحالتها وظرفها الزمني والمكاني.

حكم سفر المرأة بدون محرم في الحافلة

حكم سفر المرأة بدون محرم في الحافلة يتحدد حسب مدى طول المسافة ومدى تأمين الطريق فلو كانت الرحلة قصيرة داخل المدينة أو بين المدن المجاورة في طريق مأمون ومختلط مع عوائل فلا حرج في ذلك عند بعض العلماء أما إذا كانت المسافة طويلة وتنطوي على تنقل ليلي أو مرور بأماكن نائية فيفضل وجود محرم مرافق أو رفقة نسائية مأمونة لأن قاعدة الشريعة في حفظ النفس والعراض تلتقي هنا مع مراعاة الواقع وظروف السفر في العصر الحديث.

تعرف أيضًا على: حكم الالتزام بطاعة ولي الأمر في الأمور المشروعة

ما حكم سفر المرأة بالطائرة دون محرم؟

السفر بدون محرم من المسائل الفقهية التي أثارت الكثير من النقاش في العصر الحديث خصوصًا مع تطور وسائل النقل كالسفر بالطائرة وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر مسافة سفر شرعي دون محرم استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم “لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم” بينما رأى بعض المعاصرين أن السفر بالطائرة يمكن أن يكون استثناء إذا توفرت فيه الضمانات الكافية مثل الأمان التام ووجود الرفقة الآمنة وسرعة الوصول ووضوح الهوية الرسمية.

من ناحية أخرى لم يرد في القرآن الكريم نص صريح يحرم عدم وجود محرم وإنما استدل العلماء بالسنّة النبوية على هذا الحكم ومع ذلك فإن الآيات التي تدعو إلى حفظ النفس والعرض والكرامة مثل قوله تعالى “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة” تشير ضمنًا إلى أهمية الاحتياط في مثل هذه الأمور ولهذا فإن الضابط في ذلك هو مدى الأمن في الطريق والضرورة التي دعت إلى السفر والغاية منه.

هل يجوز السفر بدون محرم للدراسة

إذا اضطرت المرأة للسفر من أجل طلب العلم وكانت الجامعة أو المؤسسة التعليمية في بلد آمن وضمن بيئة مناسبة ورفقة موثوقة فبعض العلماء المعاصرين أجازوا ذلك بضوابط وشروط شديدة أهمها وجود ولي الأمر أو الأسرة كجهة إشرافية ومتابعة دائمة وأن يكون الهدف شرعيًا ومشروعًا وضروريًا وفي هذه الحالة يكون السفر للدراسة جائزًا بشروط تحفظ الدين والنفس والخلق. [2]

تعرف أيضًا على: أحكام الميراث – تقسيم الإرث حسب الشريعة

وفي ختام الحديث عن مسألة السفر بدون محرم، يتبين أن هذه القضية تتعلق بمقاصد الشريعة في حفظ النفس والعرض، مع اختلاف آراء الفقهاء بين من يشترط وجوده، ومن يجيز عدم وجوده بشرط الأمان. ومع تطور وسائل النقل وضمانات السلامة في العصر الحديث، أصبح النظر في تفاصيل الأحكام أكثر دقة، مما يستدعي الموازنة بين الالتزام بالنصوص الشرعية ومراعاة الواقع، مع الحفاظ على مقاصد الشريعة السامية.

• MuslimCan a Muslim Woman Travel Without a Mahram?-بتصرف
• Abu KhadeejahThe Distance A Woman Can Travel Without A Mahram | By Shaikh Ibn Bāz-بتصرف

مشاركة المقال

وسوم