السلطان قابوس بن سعيد: مهندس نهضة عمان وقائد التحديث الهادئ

الكاتب : آية زيدان
17 أغسطس 2025
عدد المشاهدات : 51
منذ ساعتين
السلطان قابوس بن سعيد
متى حكم السلطان قابوس بن سعيد؟
هل السلطان قابوس سني أم شيعي؟
لماذا خلع السلطان قابوس والده؟
4- ما هو سبب وفاة السلطان قابوس؟

لم يكن السلطان قابوس بن سعيد مجرد حاكم تقليدي لسلطنة عمان. بل كان رجل دولة استثنائيًا نقل بلاده من العزلة والتخلف إلى آفاق الحداثة والنمو. تولّى الحكم في لحظة فارقة من تاريخ عمان، وكان يحمل رؤية واضحة لمستقبلها. فبدأ رحلة طويلة من التغيير والتطوير بهدوء وثبات. وبفضل حكمته وحنكته السياسية. تحوّلت عمان في عهده إلى نموذج يحتذى به في الاستقرار والتنمية المتوازنة.

متى حكم السلطان قابوس بن سعيد؟

السلطان قابوس بن سعيد

بدأ السلطان قابوس بن سعيد حكم سلطنة عمان في 23 يوليو عام 1970. بعد أن تولى السلطة إثر عزل والده سعيد بن تيمور في خطوة مفصلية غيّرت وجه البلاد. وقد شكّل هذا الحدث بداية مرحلة جديدة لعمان الحديثة. حيث انطلقت عملية التحديث والتنمية الشاملة في كل القطاعات. حكم السلطان قابوس امتدّ لنحو خمسين عامًا. ما جعله من أطول الزعماء العرب بقاءً في الحكم.

منذ لحظة تسلمه مقاليد السلطة، بدأ بتأسيس بنية تحتية متطورة. شملت التعليم، والصحة، والطرقات، والاتصالات. بالإضافة إلى بناء مؤسسات الدولة الحديثة. حرص السلطان قابوس على تحقيق نهضة سلمية بعيدًا عن الصراعات الإقليمية، وهو ما منح سلطنة عمان مكانة مميزة في السياسة الدولية.

ويذكر أن خليفته، هيثم بن طارق، تولى الحكم بعد وفاته عام 2020. مواصلًا مسيرة الاستقرار التي أرساها قابوس لعقود طويلة. وقد حافظ السلطان هيثم على النهج ذاته في الحياد الإيجابي والعلاقات المتوازنة. مما يدل على عمق الأسس التي بناها سلفه.

إن مسيرة السلطان قابوس لم تكن فقط طويلة من حيث الزمن. بل كانت مليئة بالتحولات البنيوية التي غيرت ملامح الدولة العمانية، محوّلة إياها من بلد محدود الموارد والخدمات إلى دولة ذات سيادة وتأثير في المنطقة والعالم. [1]

تعرف أيضًا على:عاصمة الدولة العثمانية قديمًا إسطنبول وتاريخها العظيم

هل السلطان قابوس سني أم شيعي؟

السلطان قابوس بن سعيد

تثار تساؤلات دائمة حول المذهب الديني الذي كان يتبعه السلطان قابوس بن سعيد. خاصة في ظل التعدد المذهبي في المنطقة. والإجابة هي أن السلطان كان يتبع الديانة الإسلامية على المذهب الإباضي، وهو المذهب الرسمي المعتمد في سلطنة عمان. الإباضية مذهب فريد يتميز بالاعتدال والانفتاح، ويختلف عن المذهبين السني والشيعي في بعض التفاصيل الفقهية.

هذا التوجه العقائدي انعكس بوضوح في سياسة السلطنة.حيث رسّخ قابوس نهج التسامح الديني والتعايش بين مختلف الطوائف. ما جعل عمان من أكثر الدول استقرارًا دينيًا ومجتمعيًا في المنطقة. ومن المهم التذكير بأن هذا المذهب لا يحمل طابعًا سياسيًا أو طائفيًا. بل يركز على الأخلاق والعمل الجماعي والتوازن، وهو ما حرص السلطان على ترسيخه في فترة حكمه.

وفيما بعد، وبعد وفاة السلطان قابوس، تولى الحكم السلطان هيثم بن طارق، وقد تزوج من السيدة أهلال بنت سهيل، وتعرف اليوم بأنها زوجة سلطان عمان الجديد، وتؤدي أدوارًا اجتماعية بروتوكولية مهمة.

إلى جانب ذلك، لعبت  ميزون المعشني، والدة السلطان قابوس. دورًا مهمًا في حياته المبكرة، إذ نشأ في بيئة متأثرة بالثقافة العمانية التقليدية. مما عزز لديه القيم الدينية الأصيلة والمعتدلة التي انعكست على حكمه لاحقًا. [2]

تعرف أيضًا على:ما هي عاصمة الدولة العثمانية قبل إسطنبول؟

لماذا خلع السلطان قابوس والده؟

السلطان قابوس بن سعيد

تعد قصة السلطان قابوس مع والده من أكثر الفصول إثارة في التاريخ العماني الحديث، ليس لأنها حملت ملامح التغيير فحسب، بل لأنها رسمت بداية عهد جديد لعمان. فقد نشأ السلطان قابوس بن سعيد في قصر والده، السلطان سعيد بن تيمور، في بيئة صارمة ومحافظة، حيث كان الحاكم يدير البلاد بقبضة حديدية، ويمنع التعليم، ويقيد حركة الناس، ويغلق البلاد أمام العالم.

ومع أن قابوس تلقى تعليمه في بريطانيا، وعاد محمّلاً بأفكار الانفتاح والتحديث، إلا أن والده حبسه فعليًا داخل القصر، ومنعه من أي مشاركة حقيقية في شؤون الحكم. تلك العزلة لم تضعف عزيمته، بل زادت من إصراره على التغيير، خاصة بعد أن لمس معاناة الشعب، وعرف إمكانات الدولة التي ظلت معطّلة لعقود.

في 23 يوليو 1970، تم خلع سعيد بن تيمور في تحرك سلمي دون إراقة دماء، وتم نقل السلطة إلى السلطان قابوس، الذي بدأ منذ ذلك اليوم في تنفيذ مشروعه الإصلاحي الشامل، الذي غيّر وجه عمان من دولة فقيرة ومنعزلة إلى دولة حديثة ومتقدمة.

فيما بعد، برزت أسماء من العائلة المالكة في المشهد العام، مثل فيصل بن تركي بن سعيد، الذي مثّل امتدادًا رمزيًا لجذور العائلة، وشارك في مناسبات وطنية، مؤكدًا على وحدة النسب وسلالة الحكم داخل بيت آل سعيد.

قصة السلطان قابوس لم تكن مجرد انتقال سلطة، بل كانت نقطة تحوّل كبرى في تاريخ عمان، صنعت منها ما هي عليه اليوم من استقرار وتنمية.

تعرف أيضًا على: الملك فهد بن عبد العزيز: ملك الحزم وباني البنية التحتية الحديثة

4- ما هو سبب وفاة السلطان قابوس؟

السلطان قابوس بن سعيد

توفي السلطان قابوس بن سعيد في العاشر من يناير عام 2020، عن عمر ناهز 79 عامًا، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، بحسب ما ذكرت مصادر إعلامية ودبلوماسية في ذلك الوقت. ورغم قلة التفاصيل الرسمية عن حالته الصحية، فإن فترة مرضه كانت موضع اهتمام داخلي وخارجي، خاصة بسبب عدم وجود وريث مباشر له.

السلطان قابوس لم يعلن عن إصابته بالسرطان علنًا، لكنه أجرى رحلات علاجية متكررة إلى الخارج، خاصة إلى ألمانيا، خلال سنواته الأخيرة، وهو ما أثار التكهنات حول صحته. وبالرغم من مرضه، واصل أداء مهامه حتى الأيام الأخيرة، وظل يظهر في مناسبات رسمية نادرة.

بعد وفاته، نظّمت جنازة السلطان قابوس في مسقط، وسط مشاعر حزن عميق عمّت أنحاء السلطنة. شارك في مراسم التشييع عدد كبير من الزعماء العرب والدوليين، ما يعكس الاحترام الذي ناله طوال سنوات حكمه.

وقد تولى فيصل بن تركي بن سعيد، أحد أفراد الأسرة الحاكمة، أدوارًا تنظيمية بارزة بعد الوفاة ضمن الإجراءات البروتوكولية، إلى جانب تسلّم هيثم بن طارق مقاليد الحكم بسلاسة، ما عكس مدى استقرار البنية السياسية في البلاد.

ورغم أن السلطان قابوس لم يتزوج إلا لفترة قصيرة دون أن يرزق بأبناء، فإن إرثه ظل حيًا في ذاكرة العمانيين، وفي مؤسسات الدولة التي أسسها على أسس متينة. لقد كانت وفاته نهاية عهد كامل، وبداية لمرحلة جديدة في عمان الحديثة.

تعرف أيضًا على:عبد الله الثاني بن الحسين: ملك الأردن وتاريخها وأبرز ملوك المملكة

رحل السلطان قابوس بن سعيد وترك وراءه إرثًا حضاريًا وسياسيًا لا ينسى. لقد رسم ملامح دولة حديثة متماسكة، جمعت بين الأصالة والمعاصرة، وظل حتى وفاته رمزًا للوحدة الوطنية والاعتدال. واليوم، ما تزال إنجازاته حاضرة في وجدان العمانيين، وتشهد عليها البنية التحتية، والتعليم، والدبلوماسية الهادئة التي انتهجها طوال سنوات حكمه. لقد كان بحق رجل دولة نادرًا، لا تتكرر بصمته في تاريخ الشعوب بسهولة.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة