العقيدة هي الإيمان الجازم: حقيقة التوحيد الصادق

عناصر الموضوع
1- ما معنى الإيمان الجازم؟
2- خصائص الإيمان الراسخ في القلب
3- دور اليقين في صحة العقيدة
4- آيات قرآنية تثبت الإيمان الجازم
5- الموازنة بين العلم والعمل
6- أثر الإيمان الجازم في تهذيب النفس
العقيدة هي ما يرسخ في قلب الإنسان ويؤمن به إيمانًا قويًا، ويتبناه كمذهب ودين يتبعه. فإذا كان هذا الإيمان القوي صحيحًا، فإن العقيدة تكون صحيحة. أما إذا كان باطلًا، فإن العقيدة تكون باطلة.
1- ما معنى الإيمان الجازم؟
إن العقيدة الإسلامية تمثل الإيمان الراسخ بالله تعالى وبصفاته العظيمة، وملائكته، وكتبه، ورسله، وكل ما ثبت من أمور الغيب وأصول الدين. كما تعني التسليم الكامل لله تعالى في كل الأمور، والطاعة، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم. تستمد العقيدة مفهومها من كلمة “عقد”، التي تعني الربط والإحكام والتوثيق بين جوانب الشيء.
تعريف العقيدة في الاصطلاح العام: هي الأمور التي تؤمن بها النفس إيمانًا جازمًا، ويشعر القلب بالاطمئنان تجاهها، بحيث تكون يقينًا لا يعتريه شك أو ريب.
تعريف العقيدة في الاصطلاح الإسلامي: هي الإيمان الجازم بالله وما يتطلبه من ألوهية وربوبية وأسماء وصفات، بالإضافة إلى الإيمان بملائكته وكتبه ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وكل ما ورد في النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب، وما اتفق عليه السلف الصالح. كما تتضمن التسليم لله تعالى في الحكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والتحكيم. إنها تعني الاعتقاد الجازم بأن الله هو رب كل شيء ومليكه، وهو المتصرف الوحيد في شؤون الكون، مثل الخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، والمرض، والشفاء، وغيرها. كما قال تعالى: ﴿ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ ﴾. [1]
2- خصائص الإيمان الراسخ في القلب
- يحقق طمأنينة القلب وراحته.
- ويعزز القناعة بما رزقه الله.
- ويحرره من التعلق بغيره.
- وهذه هي الحياة السعيدة.
فأساس الحياة الطيبة هو راحة القلب وطمأنينته، والابتعاد عن الاضطراب الذي يعاني منه من يفتقر إلى الإيمان الصحيح. [2]
3- دور اليقين في صحة العقيدة
اليقين هو أعلى درجات الإيمان وأحد أبرز صفات المتقين والمحسنين. قال الله تعالى: “الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وقد قال ابن القيم: “اليقين في الإيمان يشبه الروح في الجسد، وهو ما يميز العارفين، ويتنافس فيه المتنافسون، ويعمل من أجله المجتهدون. وهو مع المحبة يشكلان ركنين أساسيين للإيمان، حيث يبنى عليهما ويعتمد عليهما.
وهما يغذيان جميع الأعمال القلبية والبدنية، وتنبع منهما، وعندما تضعف هاتان الصفتان، تضعف الأعمال، وعندما تقوى، تقوى الأعمال. وكل مراحل السائرين تبدأ بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح وعلم نافع وهدى مستقيم. اليقين يتجلى في ثلاثة أشكال. كما أشار أبو بكر الوراق: يقين الخبر، يقين الدلالة، ويقين المشاهدة.
يقول ابن القيم رحمه الله:
- يقصد بيقين الخبر: استقرار القلب على خبر المخبر وثقته به.
- أما يقين الدلالة: فهو مستوى أعلى، حيث يقوم الشخص، مع ثقته في صدق المخبر، بتقديم الأدلة التي تدعم ما أُخبر به.وهذا ينطبق على معظم أخبار الإيمان والتوحيد والقرآن، إذ إن الله سبحانه وتعالى، رغم كونه أصدق الصادقين، يزود عباده بالأدلة والأمثلة والبراهين التي تثبت صدق أخباره، مما يمنحهم اليقين من كلا الجانبين: من جهة الخبر ومن جهة الدليل.وبذلك يرتقون إلى الدرجة الثالثة، وهي:
- يقين المكاشفة: حيث يصبح ما أُخبر به في قلوبهم كأنه مرئي بأعينهم؛ فتكون نسبة الإيمان بالغيب في تلك اللحظة إلى القلب كالنسبة بين المرئي والعين.”
أعلى درجات اليقين وصفات أهل الإيمان
تتعدد صفات أهل اليقين، وتجمع في طياتها جميع الصفات التي تؤدي إلى رضا الرحمن. ومن هذه الصفات، على سبيل المثال. قدرتهم على تحمل مصائب الدنيا. فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم قسّم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعلها الوارثة منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا. وانصرنا على من عادانا. ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا”. وقد أخرجه الترمذي
راحة النفس وطمأنينة القلب تجاه ما يفوت من حظوظ الدنيا تأتي من الثقة بوعد الله ورجاء العوض منه سبحانه وتعالى. إن قوة توكلهم على الله وإحساسهم بمعيته لهم يتجلى في قول النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه. عندما كانا في الغار محاطين بالمخاطر: “ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا”.
كما قال الله تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وفي موقف آخر، قال موسى عليه السلام عندما رأى الجمعين: “إنَّا لَمُدْرَكُونَ”، فأجابه: “كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ”.
كما أن كثرة إنفاقهم في سبيل الله تعكس يقينهم التام بأن الله هو الرزاق القوي المتين. وأن الرزق بيد الله وحده وليس بيد أحد من البشر، كما قال سبحانه: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ). [3]
4- آيات قرآنية تثبت الإيمان الجازم
إن الله تعالى. بحكمته ورحمته، قد أيد رسله بآيات واضحة وبراهين ساطعة، تدل بشكل جلي على صدقهم وأمانتهم في ما يبلغونه عن ربهم تبارك وتعالى. وقد أتى كل نبي بمعجزته، لكننا لم نشهدها أو نعايشها، باستثناء خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، حيث بقيت معجزته وآيته الكبرى لتكون حجة كاملة على العالمين، وهي هذا القرآن العظيم، الكتاب الكريم. وأيضًا العقيدة هي الإيمان الجازم: حقيقة التوحيد الصادق.
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: “ما من نبي إلا وقد أُعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيًا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة.” رواه البخاري ومسلم.
لذا، فإن أولى الأمور التي ينبغي على السائلة الكريمة أن تهتم بدراستها وتدبرها وفهمها هو هذا القرآن العظيم، الذي أوضح الله عز وجل فيه أركان الإيمان وأصول العقيدة بأفضل بيان وأجمله، بأسلوب سهل وميسر، بحيث يمكن لأي عاقل، مهما كانت خلفيته. حتى لو كان بدويًا لم يرَ سوى الصحراء، أن يتقبله ويفهمه. [4]
5- الموازنة بين العلم والعمل
أوصيك، أيها طالب العلم، بإخلاص النية في طلب العلم، وبذل الجهد في العمل بمقتضاه. فالعلم كالشجرة. والعمل كالثمرة، ولا يعتبر الشخص عالمًا إذا لم يكن يعمل بعلمه. وقد قيل: “العلم والد. والعمل مولود”، فالعلم مع العمل. والرواية مع الدراية. فلا تكتفِ بالعمل ما دمت تشعر بالانزعاج من العلم. ولا تكتفِ بالعلم ما لم تكن مجتهدًا في العمل، بل اجمع بينهما.
وينبغي لطالب العلم ألا يترك نفسه خالية من العبادات، وأن يخصص وقتًا لكل نوع منها، فهي تعين على ما يسعى إليه. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة”. [5]
6- أثر الإيمان الجازم في تهذيب النفس
معنى الإيمان باليوم الآخر: الإيمان باليوم الآخر يعني التصديق القاطع بحدوث هذا اليوم. يؤمن كل فرد منا بأن الله تعالى سيبعث الناس من قبورهم، ثم يحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم. حتى يستقر أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في أماكنهم. والحديث عن العقيدة وهي الإيمان الجازم: حقيقة التوحيد الصادق.
أثر الإيمان باليوم الآخر في حياة المسلم
لإيمان المسلم باليوم الآخر تأثير كبير على توجيه سلوكه وانضباطه. مما يعزز التزامه بالعمل الصالح وتقوى الله عز وجل. ويبعده عن الأنانية والرياء. لذلك، غالبًا ما يتم الربط بين الإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح، كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِر} (التوبة: 18)، وأيضًا في قوله: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}.
هل للمؤمنين صفات معينة؟
إذا تساءل شخص عن صفات المؤمنين، فإن الله سبحانه وتعالى قد ذكر مجموعة من الصفات في العديد من الآيات والسور في القرآن الكريم. ومن الآيات التي تحدد صفات المؤمنين ما يلي:
قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)
وفي الختام، وبعد أن تحدثنا عن العقيدة هي الإيمان الجازم: حقيقة التوحيد الصادق، أسأل الله أن يتقبل جهودي، وأن يجمعني مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما آمل أن يكون هذا البحث مصدر خير وفائدة لكل من يطلع عليه.
المراجع
- شبكة الالوكةتعريف الإيمان بالله لغة واصطلاحا-بتصرف
- مركز الأتحاد للأخبارخصائص الإيمان الراسخ في القلب-بتصرف
- الاسلام سؤال وجوابماهو اليقين ؟ وما هي صفات أهل اليقين ؟ وكيف يصل المسلم لليقين-بتصرف
- اسلام ويبالإيمان الجازم بالقرآن أصل للإيمان بكل ما فيه من عقائد وأحكام-بتصرف
- الالوكةلموازنة بين طلب العلم والعمل به ونشره-بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

كم عدد الأنبياء والرسل: الحقائق من الكتاب والسنة

قصة آدم عليه السلام: بداية الخلق والعبرة

العقيدة هي الفقه الاكبر: أساس العلم والعمل

صفات الله تعالى: فهم الأسماء الحسنى وتنزيه الخالق

الفرق بين نية العمرة ونية الإحرام: مقارنة واضحة

الفتنة الكبرى بين الصحابة: الأسباب والعبر والدروس المستفادة

الصحابة جيلٌ استثنائي... مَن هم حقًا ولماذا خُلّد...

أدعية متنوعة مكتوبة: من حصن المسلم إلى أدعية...

دعاء السفر مكتوب: نص جاهز للمسافرين

أدعية يوم الجمعة: الساعة الأخيرة وفضل الدعاء فيها

أنواع القدوة وأمثلة عليها: الطريق إلى بناء الشخصية

إنجازات الحضارة الإسلامية في الطب: قفزة العلم والعلاج

أشهر السنن المجهورة وأسرار فضائلها

دروس غزوة أُحد: شجاعة الصحابة وإرادة لا تنكسر
