الفرعون الأنثى حتشبسوت: المرأة التي حكمت مصر كفرعون

الكاتب : آية زيدان
17 سبتمبر 2025
عدد المشاهدات : 10
منذ ساعتين
الفرعون الأنثى حتشبسوت
لماذا اشتهرت حتشبسوت بهذا القدر؟
مولد حتشبسوت
كيف وصلت حتشبسوت إلى السلطة؟
كيف كانت فترة حكم حتشبسوت؟
أعمال الملكة حتشبسوت
معبدها الجنائزي المدهش في دير البحري
مشروعات بناء ضخمة في معبد الكرنك
إحياء الاستثمار في المعابد الدينية
إطلاق بعثات تجارية إلى بونت

حين تذكر الفرعون الأنثى حتشبسوت، تتردد أصداء امرأة كسرت تقاليد الحكام الذكور، وأرسَت مسارًا مختلفًا وصارخًا في العهد الذهبي لمصر القديمة. هي لم تحتَل عرشًا فحسب، بل أعادت تعريفه. في هذه القصّة، سنغوص معًا في عالم استثنائي، حيث الفن والمعمار والتجارة والحكمة اجتمعت في شخص واحد. دعنا نبدأ رحلتنا سويًا، رفقة امرأة لم تكتفِ بأن تكون ملكة. بل أبدعت في أن تكتب كواحدة من ألمع فرعونات التاريخ!

لماذا اشتهرت حتشبسوت بهذا القدر؟

في تاريخ مصر القديمة، قليلٌ من الشخصيات تقاوم السرد الرسمي كما فعلت الفرعون الأنثى حتشبسوت. لم تكتفِ بأن تكون وريثةً كالأخريات؛ بل فرضت نفسها ملكةً حقيقية، تبنت لقب الفرعون بكل رموزه. من التاج والعصا وحتى اللحية الزائفة، لترسل رسالة واضحة كأنها تقول: “أنا هنا بسلطة الملك، بغض النظر عن جنسي”.

تعرف أيضا على : الملكة الفرعونية حتشبسوت: أول امرأة تحكم مصر كفرعون وبنت معابد التاريخ

مولد حتشبسوت

ولدت حتشبسوت في أسرة ما مر بأشهر الفراعنة، وتزوجت من أخيها غير الشقيق ثوت موس الثاني لتثبيت الروابط الملكية. وعندما مات زوجها وترعرع ابن أخيها بموارث طفيفة. تولّت وصاية ذكية أثمرت عن ملكٍ فعلي. بفضل شخصيتها القوية واقتناعها بأن مصر تحتاج إلى استقرار ورؤية. تجاوزت التقاليد وعُرّفت نفسها كحاكم مطلق.

كانت من أبرز تجليات نجاحها هي حرصها على تجديد الحياة العامة عبر معلومات عن الملكة حتشبسوت التي تظهرها كرمز للقطاعين الديني والسياسي. ومن الجدير بالذكر هنا أنها افتتحت أساطيل تجارية إلى أرض بونت، وأدخلت موارد قيّمة مثل الذهب والبخور والعاج إلى أرض النيل، وهو إنجاز فريد جعلها تعتبر من أنجح فرعونات مصر!

أما عن كيف ماتت حتشبسوت؟ فالمصادر لا تزال غامضة نوعًا ما. لم يعثر على موميائها في تابوتها، وقد طرحت عدة نظريات عن أسباب وفاتها؛ فـ بعضها يشي بأنها توفيت نتيجة مرض طبيعي أو ربما بسبب كَنسر أو تسمم. فيما يرجّح آخرون أن تنافس نجح مع جزء من البلاط في أن يطوي ما تبقى من ذكراها.

الفرعون الأنثى حتشبسوت

كل هذا جعل اسم حتشبسوت لا يمحى من ذاكرة التاريخ. بل ارتقى إلى لقب “الحاكم الأكثر جرأةً في مواجهة القالب”، واستمر إرثها العلمي والفني والمعماري بجلال شديد في وجدان العالم. [1]

تعرف أيضا على : ماذا تكشف لنا الآثار الفرعونية عن الحضارة المصرية القديمة؟

كيف وصلت حتشبسوت إلى السلطة؟

في قلب القرن الثامن عشر قبل الميلاد، ولدت الفرعون الأنثى حتشبسوت في بيئة ملكية متشابكة ومليئة بالتحديات. بعد وفاة زوجها” أخوها غير الشقيق تحتمس الثاني” ورث ابن من زوجته الأخرى العرش، وكان لا يتجاوز سن الثانية. مما دعا حتشبسوت إلى تولّي منصب الوصاية ليكون تحتمس الثالث ملكًا وزعيمًا فعليًا رغم صغر سنه.

لكن طموحها لم يقف عند هذا الحد؛ فـ بعد سنوات من الوصاية. تم تقديمها للناس والعائلة الإلهية باسم “الملك”. وقد أخذت لقبًا ملكيًا وتوجّت نفسها فرعوناً حقيقياً، تُحكم إلى جانب تحتمس الثالث؛ لكنها في الواقع كانت الحاكم الفعلي والأقوى

ظهرت في التماثيل وصور الحجارة بملامح ذكرية ولحية ملكية. في خطوة تهدف لتعزيز سلطة الملكية بصرية وسياسية.  وما ساعدها على ترسيخ حكمها حقًا هو دعم فئة الكهنة والنبلاء والمجتمع الديني.

نالت تأييدهم عبر إظهار نفسها كمنفّذة لإرادة الآلهة، خاصة آمون. وظهرت في أداء الطقوس في معابد مثل الكرنك، مما وفر لها الشرعية التامة للسلطة.

كما أن إرثها المعماري الضخم – من معبدها الجنائزي في دير البحري مرورًا بالإسهامات الكبيرة في معابد الكرنك – عزّز صورتها كملكة حكيمة وصانعة لعهود السلام والرقي في الهندسة والفن.

وبالرغم من هذا النجاح، بقي موتها غامضاً في المصادر القديمة كما ذكرنا أعلاه. لكنها توفيت بعد نحو 20 عاماً في الحكم حوالي 1458 ق.م.، وغطي اسمها بعد ذلك بآثار مقصودة من حفيدها تحتمس الثالث الذي حاول محو آثارها لإبراز خط الرجال الواحد في التوريث.

وبشكل أوضح، فإن هذه العوامل، مجتمعة – التعقيد الملكي، الطقوس الدينية. الدعم المؤسسي، وبصماتها الأثرية الغنية – هي التي جعلت انتقال حتشبسوت إلى السلطة قصة فريدة في سجل النساء الممتد لمئات السنين عبر التاريخ المصري القديم. [2]

تعرف أيضا على : كليوباترا: الملكة المصرية التي سحرت روما وحكمت بذكاء

كيف كانت فترة حكم حتشبسوت؟

في عهد الفرعون الأنثى حتشبسوت، لم تكتفِ بممارسة السلطة فقط — بل أحدثت تحولًا شاملًا في مصر القديمة؛ فهي التي تميزت بفترة حكم سادها السلام والازدهار، بعيدًا عن الملاحم الحربية. حيث توجهت إلى التجارة والتعمير وأعمال السلام.

من أبرزّ خطواتها تأسيس أسطورة حول نشأتها الإلهيّة لتعزيز شرعيتِها: ادعت أن الإله آمون تجسّد في والدها وأنجبها مباشرةً من أمها، وهو ما دعم مطالبتها بالحكم أمام الكهنة والشعب. بعد ذلك أطلقت بعثات تجارية إلى أرض بونت البعيدة. عائدة بثروة ضخمة من لبان ومر وذهب وعاج، الأمر الذي أثبت فاعلية حكمها واقتصاد عصرها.

الفرعون الأنثى حتشبسوت

وعلى الرغم من أن الملكة ألّفت نفسها كحاكمة، فإن ابن حتشبسوت الحقيقي على الورق كان تحتمس الثالث، ابن الزوجة الثانوية؛ ولكنه كان مجرد ظلّ للحكم الفعلي، بينما كانت هي القوة الحقيقية في السلطة.

ومن الداخل، شغلت مكانة قوية أيضًا، من خلال شبكة من القادة الموثوقين، أبرزهم سننموت، المهندس والقائد الذي قدّر له أن يكون مدير أعمالها ووزيرها وفي بعض التفسيرات، الشريك المقرب، وهو ما يثير نقاشًا حول قصة حب حتشبسوت، رغم أن الأدلة عليها غير مؤكدة ومحلّ جدل بين المؤرخين!

على صعيد الإنجازات المعمارية. شيدت حتشبسوت معابد ومعالم خالدة على سبيل المثال معبدها الجنائزي في دير البحري ومسلات ضخمة أمام الكرنك، ما خلّد اسمها جدارياً وحضارياً.

باختصار، كانت فترة حكمها عهدًا من البناء والحضارة والثقة؛ بينما قادته امرأة استثنائية لم تركث بصلاحياتها الرسمية فقط، بل صنعت من نفسها أيقونة حقيقية لقوة الحُكم والذكاء السياسي.

تعرف أيضا على : الملكة حتشبسوت: أول امرأة فرعونية تحكم مصر بقوة وثبات

أعمال الملكة حتشبسوت

في عصر تمجد فيه القوة العسكرية، اختارت الفرعون الأنثى حتشبسوت أن تجعل من الإبداع والسلام رسالتها. وبلغة المعمار والفن والتجارة، نقشت اسمها في ذاكرة التاريخ عبر حزم وحكمة استثنائيين. إليك أبرز مشاريعها فيما يلي:

الفرعون الأنثى حتشبسوت

 

  • معبدها الجنائزي المدهش في دير البحري

تم تشييده على صخور غرب طيبة، من تصميم المستشار والمهندس سنن‌ موت. ويعد تحفة معمارية في التاريخ المصري؛ حيث نسق التراسات والمنحوتات بطريقة تظهر عبقرية هندسية متقدمة.

  • مشروعات بناء ضخمة في معبد الكرنك

إذ أمر بإقامة الكنيسة الحمراء، واستعادة حرم الإلهة موت، وتركيب مسلات ضخمة كانت من الأطول في زمنها — وقد حفظت بعضًا منها حتى يومنا هذا.

  • إحياء الاستثمار في المعابد الدينية

شجّعت بناء المعابد داخل صعيد مصر، على سبيل المثال معبد باخت في بني حسن، لتعزيز الروابط بين السلطة الملكية والعبادة الشعبية.

  • إطلاق بعثات تجارية إلى بونت

توسّعت في التجارة مع الخارج. بينما جلبت الذهب والبهارات والأفيال والمر والعاج، لتسهيل ازدهار الاقتصاد وتعميق العلاقات الدبلوماسية — وهو إنجاز أسهم في تدعيم حكمها واستمراره.

  • مشروعات معمارية أخرى: عملت على نحت صروح ومنحوتات تحتفي بعناصر رمزية لدورها في السلطة والحكم. وهو ما ساهم في صون إرثها الثقافي والديبلوماسي في طول مصر من الجنوب إلى الشمال.

ومن المهم أن نوضح هنا أن، كل هذه الأعمال لم تكن فقط آثارًا صامدة في الحجر، لكنها كانت رسائل سياسية ودينية مدروسة، تعلن عن شرعية وجودها، وحققها الدور البارز للفرعون التي لم تُقلد بل أسّست، تلك التي جعلت من حتشبسوت رمزًا خالدًا للنساء القويات في التاريخ.

تعرف أيضا على : الملكة حتشبسوت وإنجازاتها في مصر القديمة

في الختام، بعد ما قرأنا عن الفرعون الأنثى حتشبسوت، يتّضح أنها لم تكن مجرد حاكمة، بل رمزٌ لقوة الفكر والحضارة بلا عنف. قد بدا أن حكمها كان ميدانًا للهندسة الرائعة والمعابد التي ما زالت تحكي حكاياتها، والمهمات التجارية التي زادت ثراء مصر واستقرارها. رغم محاولات الطمس والطمس، ثبت التاريخ أن إرث حتشبسوت لا يمحى. سيدة تجرأت على أن تتجاوز الأعراف. ووضعت بصمة لا تزيحها حفريات الأزمان ولا طقس التدمير. ستبقى حتشبسوت عبر الأجيال مثالًا لجسارة المرأة، وعبقرية الحكم، ودفء الحضارة.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة