القائد سيف الدين قطز: قائد معركة عين جالوت وهازم المغول

الكاتب : آية زيدان
01 سبتمبر 2025
عدد المشاهدات : 10
منذ ساعتين
القائد سيف الدين قطز
لماذا قام بيبرس بقتل قطز؟
من هو قطز ومن هو بيبرس؟
ماذا فعل قطز مع رسل المغول؟
هل سيف الدين قطز مصري؟
لمحة عن حياته الشخصية

القائد سيف الدين قطز عندما تذكر معركة “عين جالوت”، يذكر معها اسمه. القائد الذي غيّر مجرى التاريخ الإسلامي في واحدة من أحلك اللحظات التي مرّت بها الأمة. فمع تقدم المغول، وسقوط عواصم ومدن كبرى، كان الأمل في زعيم ينهض بالأمة شبه مفقود. لكن قطز، القادم من قيد الرق والعبودية، تحوّل إلى محرر وبطل وقائد سياسي وعسكري من الطراز الأول. في هذا المقال، نستعرض سيرة هذا القائد الفذ، ونسلط الضوء على أهم محطات حياته الشخصية والعسكرية.

لماذا قام بيبرس بقتل قطز؟

القائد سيف الدين قطز

يعد اغتيال القائد سيف الدين قطز. على يد بيبرس من أكثر اللحظات إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي. فقد وقعت الحادثة بعد الانتصار العظيم في معركة عين جالوت. يقال إن بيبرس شعر بأن قطز لن يوفي بوعده بتسليمه ولاية حلب، ما جعله يتآمر مع بعض المماليك لقتله. البعض يرى أن بيبرس كان يعتبر نفسه الأحق بالحكم بعد النصر، خاصة أن له دورًا بارزًا في المعركة.

تعرف أيضًا على: الملك رمسيس الثاني: فرعون مصر الأعظم الذي خلدته المعابد والنقوش

أثار مقتل السلطان قطز على يد رفيقه بيبرس الكثير من الجدل. وتعددت الروايات التاريخية حول أسباب ودوافع هذه الحادثة، ومن أبرزها:

القائد سيف الدين قطز

  • الخلاف على السلطة: يُعدّ الطمع في الحكم هو الدافع الأقوى. فبعد الانتصار على المغول في معركة عين جالوت، رفض قطز منح بيبرس ما وعده به من إمارة حلب، مما أجج الخلاف بينهما.
  • انتقام شخصي: كان لبيبرس رغبة في الانتقام من قطز لقتله قائده وصديقه القديم، السلطان عز الدين أيبك، وهو ما جعل الكراهية تترسخ في قلبه.
  • عزل قطز نفسه: بعد عزل عز الدين أيبك، لم يجد المماليك سبيلاً سوى تعيين قطز في الحكم، ولكنه لم يكن محبوباً لديهم، لذا كان مقتله نتيجة طبيعية للخلافات الداخلية.

ورغم الغدر الذي قتل به، ظل قطز في ذاكرة التاريخ رمزًا للقائد الذي واجه المستحيل وانتصر. رحيله المفاجئ فتح الطريق أمام بيبرس ليتولّى الحكم، ويكمل بدوره مرحلة جديدة من حكم المماليك.[1]

تعرف أيضًا على: السيدة رابعة العدوية: الزاهدة الصوفية

من هو قطز ومن هو بيبرس؟

القائد سيف الدين قطز

كان القائد سيف الدين قطز. أحد أبرز قادة المماليك في التاريخ الإسلامي. ولد في بلاد ما وراء النهر قبل أن يؤسر ويباع كعبد في صغره، ثم نقل إلى مصر. رغم هذه البداية الصعبة، ارتقى في المناصب حتى أصبح سلطانًا، واشتهر بقيادته لمعركة عين جالوت ضد المغول، التي حوّلت مسار التاريخ الإسلامي. كان يتمتع بصفات القائد الحازم والذكي، واستطاع في وقت قصير أن يوحّد الصفوف ويستعد لمواجهة الخطر المغولي الداهم.

أما نسب سيف الدين قطز. فيعود إلى قبيلة تركية أو خوارزمية، وهناك من يقول إنه من أصل مغولي أسِر صغيرًا. ولكن المؤكد أنه لم يكن عربيًّا، ما يفسّر السؤال المتكرر حول هل سيف الدين قطز عربي؟ والإجابة هي: لا، لكنه رغم ذلك أصبح من أعظم القادة المسلمين الذين دافعوا عن الإسلام في أصعب فتراته.

تعرف أيضًا على: القائد عمرو بن العاص قائد فتح مصر

وبالمقابل، كان الظاهر بيبرس من أبطال معركة عين جالوت. وقد قاتل إلى جانب قطز بكل بسالة. إلا أن العلاقة بين الاثنين لم تكن خالية من التوترات السياسية، خاصة بعد النصر. حيث طمح بيبرس في أن يحكم بنفسه، وانتهى الأمر باغتيال قطز ليعتلي هو العرش لاحقًا.

رغم ما حدث بينهما، تبقى الحقيقة أن كليهما شكّل علامة فارقة في تاريخ المماليك. وأن النصر الذي تحقق في عين جالوت كان ثمرة جهودهما معًا.[2]

تعرف أيضًا على: الصحابي خالد بن الوليد: سيف الله المسلول وأسطورة الفتوحات

ماذا فعل قطز مع رسل المغول؟

القائد سيف الدين قطز

عندما وصل رسل المغول إلى القاهرة حاملين رسالة تهديد ووعيد من هولاكو. كان رد القائد سيف الدين قطز. مفاجئًا وحاسمًا. لم يخَف من سطوة المغول ولا من مصير الدول التي سقطت قبل مصر، بل اتخذ قرارًا جريئًا بعث برسالة قوية للعالم الإسلامي: أن مصر ليست أرضًا تهدَّد.

فور قراءة الرسالة، أمر قطز بقتل رسل المغول وتعليق رؤوسهم على باب زويلة، أحد أبواب القاهرة. لم يكن هذا التصرف مجرد انتقام، بل خطوة سياسية مدروسة لكسر هيبة المغول وبثّ روح التحدي في قلوب المسلمين. لقد أراد أن يشعر الجميع أن المغول ليسوا قَدَرًا لا يمكن مقاومته، بل قوة يمكن التصدي لها بالإيمان والعزيمة.

هذا الموقف يبرز شخصية قطز القوية وثقته في عدالة قضيته، ويظهر أيضًا مهارته في القيادة النفسية، فالمماليك والشعب كانوا في حاجة إلى من يعيد لهم الثقة بأن النصر ممكن. وفي الحقيقة، هذا القرار ساهم في تعبئة الجيش وشحنه معنويًّا قبل معركة عين جالوت.

قوة قرار قطز لم تكن مجرد رد فعل، بل كانت إعلانًا صريحًا أن مصر لن تسير على خطى الدول التي استسلمت للمغول، بل ستكون نقطة التحول في مواجهة زحفهم المدمر.

تعرف أيضًا على: المنصور بن أبي عامر: الحاكم القوي الذي بلغ بالأندلس أوج مجدها

هل سيف الدين قطز مصري؟

القائد سيف الدين قطز

رغم ارتباط اسم القائد سيف الدين قطز. بتاريخ مصر ومجدها العسكري، فإن أصوله لم تكن مصرية. فقد ولد في بلاد ما وراء النهر، ويرجّح المؤرخون أنه من أصول خوارزمية أو تركية، وكان اسمه الأصلي “محمود بن ممدود”. في صغره، أسِر على يد التتار بعد سقوط مملكة خوارزم، وتم بيعه في سوق العبيد حتى انتهى به المطاف في مصر، وهناك بدأت رحلته الاستثنائية نحو المجد.

إذًا، لمن يتساءل أين ولد سيف الدين قطز؟ فالإجابة هي أنه ولد خارج مصر، في آسيا الوسطى. لكنه أصبح من أبرز ملوكها وقادتها العسكريين. بل إن تاريخه في مصر هو ما جعله جزءًا من الذاكرة القومية، وكأن مصر احتضنته وأعادت تشكيل قدره.

لمحة عن حياته الشخصية

أما عن حياته الشخصية، فإن زوجة سيف الدين قطز. كانت جارية مملوكية تدعى “جلْنار”، وقد أحبها وتزوجها أثناء فترة حكمه. عرفت هذه المرأة بوفائها له، وقد أثار خبر مقتل قطز حزنها الشديد، خاصة أن حياتها كانت مليئة بالترحال والمصاعب قبله.

ومن اللافت أن هذه التفاصيل عن حياته الشخصية، رغم قلتها، تعطي لمحة عن الجوانب الإنسانية في شخصية قطز، التي كثيرًا ما تختزل في كونه مجرّد قائد عسكري. وهكذا، فإن سيرة قطز ليست فقط سيرة بطل من المماليك، بل قصة إنسان تغلّب على القيود، وصنع مجده بجهده، رغم أنه لم يولد في الأرض التي مات مدافعًا عنها.

تعرف أيضًا على: هارون الرشيد: الخليفة العباسي في أوج مجد الدولة الإسلامية

في الختام، يمكن القول إن سيرة القائد سيف الدين قطز. ليست مجرد قصة بطل عسكري انتصر في معركة تاريخية، بل هي حكاية إنسان صاغ مصيره من العدم. ولد عبدًا، ومرّ بتجارب الأسر والفقر، لكنه استطاع أن يتجاوزها بقوة الإرادة، ويصعد إلى قمة الحكم في لحظة كان فيها العالم الإسلامي على وشك الانهيار. من خلال قيادته الحكيمة، وشجاعته في اتخاذ القرار بمواجهة المغول، استطاع أن يحقق نصر “عين جالوت”، الذي لم يكن فقط نصرًا عسكريًا، بل كان استعادة لثقة الأمة بنفسها، ولبداية صحوة جديدة. ورغم أن نهايته جاءت غدرًا، إلا أن اسمه بقي خالدًا في كتب التاريخ، يرمز إلى الشجاعة والإخلاص والإرادة الفولاذية. وإذا تأملنا حياته، سنجد فيها رسائل عظيمة لكل الأجيال: أن العبرة ليست بالمكان الذي تبدأ منه، بل بما تصنعه من هذا المكان. قطز أثبت أن القادة يصنعون بالمواقف، لا بالولادة أو النسب، وأن من يحمل همّ الأمة، قد يحمل على كتفيه مجدها كله.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة