اللغة والإيقاع في النثر الأدبي

الكاتب : هبه وليد
27 أكتوبر 2024
منذ 4 أسابيع
عناصر الموضوع
٣- خصائص الإيقاع في الشعر
٤- أهمية الإيقاع في الشعر

عناصر الموضوع

١- ماهو إيقاع الشعر؟

٢- مكونات الإيقاع في الشعر

٣- خصائص الإيقاع في الشعر

٤- أهمية الإيقاع في الشعر

لا يوجد في الاصطلاح تعريف مفصل جامع للإيقاع؛ حيث عرّف كل ناقد وكل أديب من وجهة نظره متفقين في بعض الأمور ومختلفين في بعض الأمور ألأخزى، وقد تناول ابن طبطبا الإيقاع في: “إنّ للشعر الموزون إيقاع يطرب الفهم لصوابه وما يرد عليه من حسن تركيبه واعتدال أجزائه”.

١- ماهو إيقاع الشعر؟

ارتبط الإيقاع عند ابن طبطبا باعتدال الوزن وصواب المعنى الصحيح.

إنّ الإيقاع هو الوزن الذي لا يتعدى علي غيره، واستعمل القدماء لفظ الوزن بديلاً عن الإيقاع، وهو ما فعله القرطاجني عند حديثه عن الإيقاع، أمّا في العصر الحديث الحالي فقد أوضحوا تعريف الإيقاع على أنّه التتابع والتواتر ما بين حالتي الصمت والكلام؛ حيث تتركب الأصوات مع الألفاظ والانتقال فيما بينهم ما بين الخفة والثقل ليخلقا معًا فضاء الجمال. [1]

وهنالك معنى آخر بأن الإيقاع غير مختص عند الحداثيين بالشعر، بل هو عامل مشترك ما بين الشعر والنثر على حد سواء.

ذكر الأستاذ السيد البحراوي تعريفًا أخر للإيقاع قال فيه: إنّ الإيقاع هو تتابع للأحداث الصوتية في الزمن؛ حيث يكون في مسافة زمنية متساوية أو حتى متجاوبة؛ أي أنّ الإيقاع هو تنظيم لأصوات اللغة، وهو أكبر من الوزن؛ وانّه يشمل البنية العروضية والبنية الصوتية والتركيبية.[2]

٢مكونات الإيقاع في الشعر

فإن الإيقاع الشعري يتكون من مكونين رئيسين وهما كالآتي:

الإيقاع الداخلي: هو الموسيقى الداخلية للقصيدة نفسها، وهي تحتوي على أصغر خلجات النفس التي يرسلها الشاعر إلى المتلقي بصورة انسيابية عظيمة وسهلة وبسيطة، وتجعل من عالمهما واحدًا عن طريق الكلمات.

عرّفه عبد الرحمن الوجي بأنّه: “ذلك الإيقاع الهامس الذي يصدر عن الكلمة الواحدة بما تحمل في تأليفها من صدى ووقع حسن، وبما لها من رهافة ودقة تأليف وانسجام حروف”

وللإيقاع الداخلي مجموعة من الأقسام، أبرزها ما يأتي:

التكرار حيث إنّ للتكرار مجموعة من الوظائف من أبرزها لفت الانتباه على المعنى ونحو ذلك، وقد استعمل هذا الأسلوب عدد من الشعراء من بينهم إيلينا أبو ماضي؛ إذ كرر لفظة البحر في قوله:

أَيُّها البَحرُ أَتَدري كَم مَضَت أَلفٌ عليك

وَهَلِ الشاطِئُ يَدري أَنَّهُ جاثٍ لَدَيكا

وَهَلِ الأَنهارُ تَدري أَنَّها مِنكَ إليك

ما الَّذي الأَمواجُ قالَت حينَ ثارَت لَستُ أَدري

أَنتَ يا بَحرُ أَسيرٌ آهِ ما أَعظَمَ أَسرَك

الموازنة يعني أن يكون بيت الشعر متعادلًا في الأوزان والألفاظ، وقد أتى كثير من الشعراء على هذا اللون من ألوان الإيقاع المختلفة، وقد أتى امرؤ القيس على هذا اللون في قوله:

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعًا ::: كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ [3]

الإيقاع الخارجي: هو أنّ الإيقاع الخارجي هو العروض والقافية، وقد ذكر عبد المالك المرتاض في ذلك أنّ الإيقاع الخارجي قديم في الشعر قوله؛ أي أنّه موجود من قبل أن تأتي الدراسات النقدية على الحديث عنه، ويقوم بتُقسيم الإيقاع الخارجي إلى قسمين رئيسين هما: الوزن والقافية، وتفصيلهما فيما يأتي:

الوزن هو سلسلة من المتحركات والسواكن التي تتجزأ إلى مستويات متنوعه مثل: الشطران، والتفاعيل، والأوتاد، والأسباب، والوزن هو تفعيلات البيت الشعري، ولا تقتصر وظيفة الوزن على الجمال فقط، بل لدية وظيفة تعليمية موسيقية، ومن الأمثلة على ذلك قول الشاعر معروف الرصافي

أيها القوم مالكم في جمود

أو ما يَستفِزّكم تَفنيدي كلما قد هززتكم لنُهوض

عدت منكم بقَسوة الجُلمود طال عَتبي على الحوادث فيكم

مثلما طال مطلها بالوُعود فمتى سعيُكم وماذا التَواني

وإلى كم أُحثّكم بالنشيد

القافية فقد اختلف النقاد في تعريف القافية تعريفا كاملاً، فاختار الأخفش أنّها آخر كلمة من كل بيت، بينما ذهب الخليل بن أحمد الفراهيدي إلى أنّها آخر ساكنين في آخر البيت مع ما بينهما من الحروف، ومن الأمثلة على القافية قول الشاعر أحمد شوقي:

أمسى وأصبح من نجواك في كلف

حتى ليعشق نطقي فيك إصغائي

الليل يُنهضني من حيث يقعدني

والنجم يملأ لي والنور صهباني [4]

٣- خصائص الإيقاع في الشعر

فإن هناك مجموعة من الخصائص للإيقاع في الشعر، ولعل من أهمها ما يأتي:

الانتظام في الإيقاع يخالف الانتظام في الوزن الخارجي؛ حيث لا يقوم الإيقاع للقاعدة الحتمية التي يخضع لها الوزن الخارجي، بمعنى آخر إنّ الإيقاع هو روح الوزن الفعلي، ومن خلاله يُمكن الوصول إلى عمق الجمال.

الإيقاع يستنهض ثقافة القارئ؛ حيث يقف على مكونات القصيدة وروحها الداخلية في القصيدة، مسلطًا الضوء على أيقونة الخطاب ما بين القارئ والكاتب.

الإيقاع هو الانسجام الفعلي ما بين الألفاظ والمسموعات اللتان تؤديان معًا إلى تحقيق الهدف والتركيبية التي تؤدي إلى الوصول إلى غاية البلاغة والبيان، ولا بدّ للقارئ في هذه الحالة من أن يكون على قدر من التأويل والفهم. فإن تفاضُل الشعراء في الإيقاع؛ حيث يغدو للفظة عند أحدهم فضلاً عليها في قصيدة أخرى، حيث يتمكن الشاعر من الوصول إلى أعماق المتلقي من خلال انسجام اللفظة مع غيرها. [5]

٤- أهمية الإيقاع في الشعر

إنّ للإيقاع أهمية كبيرة جدا في الشعر ويبرز ذلك من خلال ما يأتي: يصبح المعنى أقرب إلى النفس والقارئ الذي يميل إلى كلّ ما هو عظيم وجميل. ويؤدي إلى انسجام واضح للمعاني بين بعضها البعض، فيخلق فضاء رحبًا يُمكن القارئ من التوسع في الفهم والإجادة به. يتطلب المعنى الحقيقي موسيقى خاصة به، ليميزه وتبرز جماله وتتنوع ما بين داخلية وأخرى خارجية؛ أي أنّ موسيقى الشعر هي التي تمكن اللفظة من الوصول إلى المعاني.[6]

في الختام، يمكن القول إن اللغة والإيقاع هما جوهرتان أساسيتان في عالم الشعر، حيث يشكلان معًا البنية التحتية التي تدعم المعاني والمشاعر المعبر عنها. تتيح اللغة الشعرية للمؤلفين التعبير عن أفكارهم وتجاربهم بأسلوب مميز، بينما يضفي الإيقاع طابعًا موسيقيًا يلامس مشاعر القارئ ويعزز من تأثير الكلمات. إن تفاعل هذين العنصرين يخلق تجربة فريدة تأخذ القارئ في رحلة عبر عواطف متنوعة وأحاسيس عميقة. لذا، يظل الشعر كفن متميز يجمع بين الجمالية اللغوية والقوة الإيقاعية، ليشكل نافذة على النفس الإنسانية ويعكس عمق التجربة البشرية.

المراجع

مشاركة المقال

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة