المبيت في منى: حكمه ومتى يجوز تركه؟

عناصر الموضوع
1- حكم المبيت في منى
2- الأعذار الشرعية
3- الفدية عند عدم المبيت
4- آراء الفقهاء
5- المبيت في مزدلفة بدلاً من منى
6- حالات استثناء المبيت
من يبيت في منى ثم ينتقل إلى منزله في مكة، سواء كان في العزيزية أو غيرها، فلا حرج عليه، لكنه يترك الأفضل.
فقد صبر النبي ﷺ وأصحابه على حر منى وحر مكة ولم ينتقلوا خلال النهار. لذا، فإن الصبر وتحمل هذه الظروف هو الأفضل، وإن انتقل في النهار إلى منزله في مكة ثم عاد في الليل.
1- حكم المبيت في منى
حكم المبيت في منى:
أ- فرضية المبيت في منى: يعتبر المبيت في منى واجبًا على الحجاج الذين يؤدون حج الإفراد، ويتعين عليهم المبيت هناك ليلة يوم النحر.
ب- مكان المبيت في منى: يجب على الحجاج المبيت في المكان المخصص في منى، والذي يحدده العلماء والفقهاء.
ج -مدة المبيت في منى: يتوجب على الحجاج المبيت في منى ليلة يوم النحر، ويجب عليهم البقاء هناك حتى صباح اليوم التالي.
د- أحكام المبيت في منى: توجد أحكام فقهية معينة تتعلق بالمبيت في منى، مثل التأكد من الموقع المخصص للمبيت، ومدة الإقامة، وأحكام الوقوف في عرفة.
يعتبر المبيت في منى مشروعًا في حال توفر المكان وملاءمته لحالة الحاج وقدرته.
فإذا قرر الحاج عدم المبيت هناك بسبب عذر شخصي مثل المرض أو المشقة، فإنه يسمح له بذلك دون الحاجة إلى فدية أو أي حرج. أما إذا لم يتمكن من المبيت بسبب ظروف خارجة عن إرادته، مثل إعلان الجهات التنظيمية عن شغل جميع أماكن المبيت في منى وعدم توفر مكان آخر، مع ضرورة الالتزام بالقوانين التي تضمن سلامة الحجاج، فإن واجب المبيت يسقط عنه في هذه الحالة، ولا يُعتبر ملزمًا به، حيث إن التكليف مرتبط بقدرة الشخص على الوفاء به. [1]
2- الأعذار الشرعية
لقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للعباس بأن يبيت في مكة من أجل خدمة الحجاج، وهذا يعتبر عملاً عاماً.
كما أذن للرعاة بعدم المبيت في منى لأنهم يقومون برعاية رواحل الحجيج. ويمكن تشبيه هؤلاء بالأشخاص الذين يتغيبون عن المبيت من أجل خدمة مصالح الناس. مثل الأطباء ورجال الإطفاء، حيث لا يطلب منهم المبيت لأن الناس بحاجة إليهم.
أما بالنسبة لمن لديهم أعذار خاصة، مثل المرضى ومرافقيهم، فهل يعتبرون في نفس الفئة؟
هناك قولان بين العلماء في هذا الشأن:
أ- فبعض العلماء يرون أنهم يعتبرون في نفس الفئة بسبب وجود العذر.
ب- يقول بعض العلماء إن هؤلاء لا يعتبرون ملحقين، لأن عذرهم خاص بينما عذر الآخرين عام. ومن وجهة نظري، فإن أصحاب الأعذار يمكن أن يُعتبروا في نفس الفئة. مثل الشخص المريض الذي يحتاج إلى المكوث في المستشفى ليلتين، فلا حرج عليه ولا فدية، لأن هذا يعتبر عذراً.
كما أن ترخيص الرسول صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه، رغم إمكانية أن ينيب أحداً من أهل مكة الذين لم يحجوا، يدل على أن مسألة المبيت ليست بالضرورة واجبة بشكل صارم. الإمام أحمد رحمه الله أيضاً رأى أن من ترك ليلة من ليالي منى فلا فدية عليه، بل يُستحب أن يتصدق بشيء، مثل عشرة ريالات أو خمسة ريالات حسب الظروف. [2]
3- الفدية عند عدم المبيت
إذا لم يتمكن الحاج من العثور على مكان في منى، فإنه يمكنه أن يسعى للحصول على مكان، ورغم حرصه، قد لا يجد مكانًا يعفيه من المسؤولية، ولا يعتبر ذلك ذنبًا عليه؛ لأن الله يقول: “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ” [التغابن:16]. أما إذا كان لديه مكان في منى ولكنه لم يبيت فيه بعض الليالي، فإنه يتوجب عليه أن يتصدق.
الفدية عن عدم المبيت في منى تعتبر كفارة يجب على الحجاج دفعها في حال عدم قدرتهم على المبيت في منى ليلة يوم النحر، وهي تعويض عن عدم الالتزام بهذا الركن الأساسي من أركان الحج.
شروط الفدية في حالة عدم المبيت:
- عدم القدرة على المبيت: ينبغي أن يكون الحاج غير قادر على المبيت في منى ليلة يوم النحر بسبب ظروف خارجة عن إرادته.
- الحرص على المبيت: يجب أن يكون الحاج قد بذل جهده للمبيت في منى، ولكنه لم يتمكن من ذلك بسبب ظروف خارجة عن إرادته.
- عدم وجود بديل: يجب أن لا تتوفر خيارات بديلة للمبيت في منى، مثل المبيت في أماكن قريبة منها.
قيمة الفدية في حالة عدم المبيت:
- الصدقة: يتعين على الحاج أن يتصدق بقدر محدد من الطعام أو المال.
- الذبح: يجب على الحاج أن يقوم بذبح شاة أو بعير ككفارة عن عدم المبيت في منى.
4- آراء الفقهاء
توجد آراء متباينة بين العلماء حول المبيت في منى. فقد ذهب بعضهم إلى اعتباره واجبًا، وهو الرأي الأكثر قوة وصحة، استنادًا إلى أن النبي ﷺ بات في منى، وأوصى الناس بقوله: “خذوا عني مناسككم”. وقد أذن للعباس وللرعاة بعدم المبيت، حيث كان العباس مسؤولًا عن السقاية، بينما كان الرعاة مشغولين برعاية الأغنام في الليل.
تتباين آراء الفقهاء حول المبيت في منى بين المذاهب الفقهية المختلفة.
وفيما يلي بعض هذه الآراء:
مذهب الحنفية:
أ- وجوب المبيت في منى: يرى الحنفية أن المبيت في منى ليلة يوم النحر يعد واجبًا على الحجاج.
ب- الوقت المحدد للمبيت: يحدد الحنفية فترة المبيت في منى من غروب الشمس يوم النحر حتى صباح اليوم التالي.
مذهب المالكية:
أ- وجوب المبيت في منى: يعتبر المالكية أيضًا أن المبيت في منى ليلة يوم النحر واجب على الحجاج.
ب- الوقت المحدد للمبيت: يحدد المالكية فترة المبيت في منى من بعد صلاة العصر يوم النحر حتى صباح اليوم التالي.
مذهب الشافعية:
أ- وجوب المبيت في منى: يرى الشافعية أن المبيت في منى ليلة يوم النحر يعد واجبًا على الحجاج.
ب- الوقت المخصص للمبيت: يحدد الشافعية أن الوقت المخصص للمبيت في منى يبدأ من غروب الشمس يوم النحر حتى صباح اليوم التالي.
مذهب الحنبلية:
أ- وجوب المبيت في منى: يعتبر الحنبلية أن المبيت في منى ليلة يوم النحر واجب على الحجاج.
ب- الوقت المخصص للمبيت: يحدد الحنبلية أن الوقت المخصص للمبيت في منى يبدأ من بعد صلاة العصر يوم النحر حتى صباح اليوم التالي. [3]
5- المبيت في مزدلفة بدلاً من منى
يعتبر مبيت الحاج في المزدلفة مشروعًا، حيث يعد سُنَّةً له إذا كانت حالته واستطاعته وتنظيم مجموعته تسمح بذلك. ولا يُلزَم بدفع فدية إذا تركه، خاصةً إذا كان لديه عذر، فلا حرج عليه في ذلك.
يمكن تحقيق المبيت في المزدلفة من خلال البقاء فيها لفترة تتجاوز وقت حط الرحال وأداء صلاتي المغرب والعشاء، بالإضافة إلى تناول الطعام أو الشراب في أي وقت من الليل دون الحاجة للالتزام بتجاوز نصفه. [4]
6- حالات استثناء المبيت
يعتقد جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم أن الواجب في المبيت بمنى، سواء للمتعجل أو المتأخر، لا يتحقق إلا إذا قضى معظم الليل داخلها.
فقد ذكر في مختصر خليل، وهو من المذهب المالكي: “وإن ترك جُلَّ ليلة فدم.”
كما أشار النووي في المجموع، وهو من المذهب الشافعي، إلى وجود قولين في مقدار الواجب، حيث ذكر أن أصحها هو “معظم الليل”. وفي شرح منتهى الإرادات، وهو من المذهب الحنبلي، يفهم أن المقصود هو أنه لا يشترط استيعاب الليلة بالمبيت، بل يكفي كما هو الحال في مزدلفة. ومن المعروف أن الدفع من مزدلفة عند الحنابلة لا يجوز قبل منتصف الليل، وبالتالي فإن مدة المبيت في منى لا تتحقق إلا بقضاء معظم الليل فيها، كما أوضح صاحب شرح المنتهى.
اختلف العلماء في حكم من ترك المبيت في منى معظم الليل خلال أحد ليالي أيام التشريق الثلاثة.
فقد ذهب المالكية إلى أنه يجب عليه دم، كما تم الإشارة إليه سابقًا، ويجب عليه دم أيضًا إذا ترك ليلة أو أكثر. بينما رأى الشافعية والحنابلة أنه يجب عليه تقديم مد من طعام عن كل ليلة لم يبت فيها معظم الليل، وإذا فعل ذلك في جميع أيام التشريق، فإنه يكون ملزمًا بدفع دم.
والراجح -والله أعلم- هو قول الشافعية والحنابلة، حيث ذكر النووي في المجموع أنه إذا ترك ليلتين، فإن الأصح هو وجوب مدين. هذا الحكم ينطبق على غير المعذورين.
أما المعذورون فلا شيء عليهم، مثل من قصد المبيت في منى ولكن تعطل سيره ولم يصل إليها إلا في وقت متأخر، لأنه لم يتعمد التأخير وقد بذل ما في وسعه. والله تعالى يقول: “لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا”.
في ختام المقال، أسأل الله أن أكون قد وفقت في تناول هذه القضية المهمة التي تمثل أهمية كبيرة لمجتمعنا وللعالم بأسره. فإن كان ما قدمته صوابًا، فذلك بفضل الله، وإن كان هناك خطأ، فالمسؤولية تقع على عاتقي وعلى الشيطان.
المراجع
- دار الافتاء المصريةحكم المبيت بمنى ليالي أيام التشريق-بتصرف
- الاسلام سؤال وجوابمن الذين يعذرون لترك المبيت في منى؟-بتصرف
- ابن باز احكام-بتصرف
- دار الافتاء المصريةحكم المبيت بالمزدلفة، ومقدار الوقت الذي يتحقق به المبيت-بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

التكبيرات في الحج متى تقال وما هي صيغتها...

يوم عرفة ماذا يجب أن يفعل الحاج في...

دليل تفصيلي لخطوات الحج من البداية حتى النهاية

كيفية صلاة عيد الأضحى بالتفصيل: عدد الركعات والخطبة

الأحكام الفقهية للحج أهم مقاصده الدينية

تعرف على الفروقات بين الحج والعمرة وأيّهما أفضل

قائمة بأهم واجبات الحج التي يجب الالتزام بها

لماذا تختفي القطط يوم عيد الأضحى؟ حقيقة أم...

في أي عام فرض الحج وماهي دلالاته في...

عدد أشواط الطواف في الحج وكيفية أدائها

حكم حج المرأة بدون محرم وفق المذاهب الفقهية

لماذا سُمي يوم التروية بهذا الاسم وما أهم...

حكم صيام أول يوم عيد الأضحى هل هو...

تعرف على فضل الحج في تكفير الذنوب
