المتنبي في مرآة العصر: شاعرٌ لا يموت صوته

الكاتب : بسمة وليد
18 أغسطس 2025
عدد المشاهدات : 46
منذ 3 ساعات
المتنبي
من أجمل أبيات شعر المتنبي؟
لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم؟
كيف مات المتنبي ولماذا؟
شعر المتنبي
شعر المتنبي في الحكمة
ديوان المتنبي
حياة المتنبي
قصائد المتنبي غزل
قصائد المتنبي قصيرة
متى ولد المتنبي؟

المتنبي من أعظم شعراء العرب وأكثرهم تأثيرًا في تاريخ الشعر العربي، فقد تميز بقوة ألفاظه وعمق معانيه وجرأة أفكاره التي جعلت شعره خالدًا عبر العصور. ولد في الكوفة في القرن الرابع الهجري، وعاش حياة مليئة بالتقلبات بين الطموح والصراع والسعي وراء المجد، فانعكس ذلك بوضوح في قصائده التي عبّرت عن ذاته القوية وإيمانه بقدراته. تناول شعره موضوعات الفخر والحماسة والحب والحكمة، مما جعله قريبًا من القلوب ومصدر إلهام للأدباء والباحثين. امتاز أسلوبه بالجزالة والبلاغة، حتى أصبح رمزًا للفصاحة ومثالًا يحتذى به في قوة التعبير. ولا يزال ديوانه مرجعًا أدبيًا وثقافيًا يظهر روح العصر ويخلد مكانته إحدى أعظم شعراء الإنسانية.

من أجمل أبيات شعر المتنبي؟

المتنبي

من الصعب تحديد أجمل أبيات المتنبي، لأن ديوانه مملوء بالدرر. ومع ذلك، تعَدّ أبياته الشهيرة:

إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ

من أجمل ما قاله، إذ تجسِّد هذه الأبيات فلسفة المتنبي في الطموح والعزيمة. كما قال:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم

وهذه الأبيات أصبحت شعارًا للكبرياء الأدبي والثقة بالنفس. شعر أعظم شعراء العرب كان مزيجًا من الحكمة والفخر والبلاغة، وهو ما جعله مميزًا في عصره وخالدًا في كل عصر.

تعرف أيضًا على: إبراهيم الكوني وصحراؤه التي تتكلم فلسفة

لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم؟

المتنبي

سمِّي المتنبي بهذا الاسم لأنه ادعى النبوة في بدايات حياته، وكان ذلك في منطقة الكوفة، حيث انضم إلى حركة قرمطية تمردت على العباسيين. وقد سجن نتيجة هذا الادعاء، ثم تاب لاحقًا عن دعوته، وكرّس حياته للشعر. هذا اللقب، بالرغْم أنه لم يعد يرتبط بمحتوى شعره، فإنه ظل لصيقًا به وأصبح علامة بارزة لهويته الأدبية. وقد تغلَّب أعظم شعراء العرب على هذه الحادثة عبر إنجازاته الشعرية التي طغت على ماضيه المثير للجدل.

كيف مات المتنبي ولماذا؟

قتل المتنبي في عام 354 هـ / 965 م، في أثناء سفره بالقرب من بغداد على يد جماعة من بني أسد. ويقال إن أحدهم كان والد “ضبة بن يزيد”، الذي هجاه شاعر العرب الأكبر بقصيدة شديدة الإهانة، فترصده وقتله. الطريف أن بعض الروايات تزعم أن المتنبي كان يستطيع الهرب، لكنه تراجع بعد أن ذكر له بيت شعر قاله بنفسه:

الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم

فقالوا: “أين الخيل والليل؟”، فعاد إلى القتال وقتل. سواء صحت القصة أو لا، فإنها تظهر صورة المتنبي التي بناها في شعره: فارس الكلمة والسيف معًا.

تعرف أيضًا على: زكريا تامر وحكايات الواقع السوري بعيون رمزية

شعر المتنبي

المتنبي

تميز المتنبي بشعره العميق والمركب، الذي دمج بين الحكمة والبلاغة، والكبرياء والغزل، والسياسة والفلسفة. لم يكن مجرد شاعر يصف أو يهجو، بل كان مفكرًا وشاعرًا يتأمل في الوجود والناس والحياة. تنوعت أغراضه، من الفخر إلى الحكمة، ومن الغزل إلى الهجاء، ولكنه ظل مخلصًا لأسلوبه الخاص الذي يمزج بين اللغة العالية والمضمون العميق. ثم أن شعر المتنبي كان مرآة لعصره، فكتب في المدح السياسي عندما ارتبط بسيف الدولة الحمداني، وكتب في الهجاء عندما خاصم الخصوم، وكتب في الذات عندما عبّر عن طموحه المتعالي.

تعرف أيضًا على: عبد الرحمن منيف وتفكيك الذات في عالم الرواية

شعر المتنبي في الحكمة

شكّل شعر المتنبي في الحكمة علامة فارقة في مسيرته الأدبية، إذ لم يكن ينقل حكمًا من التراث، بل كان يصنعها. من أشهر أبياته في هذا الباب:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

بهذا البيت اختصر التناقض بين العقلاء والجهلاء، وأظهر كيف أن العقل قد يكون مصدرًا للألم. كما قال:

وما كلّ ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

وهو بيت أصبح من الأمثال العربية السائرة، ويدل على مدى تأثير شعره في الثقافة العامة.[1]

تعرف أيضًا على: صفي الدين الحلي يرصّع المعنى: شعرٌ في ثياب الذهب

ديوان المتنبي

المتنبي

يضم ديوان المتنبي كلّما تركه من قصائد، ويعدّ من أهم ما كتب في الشعر العربي. يحتوي على قصائد مدح لسيف الدولة الحمداني، وقصائد هجاء وعتاب وفخر. طبع الديوان عشرات المرات، وشرحه عدد كبير من النقاد والأدباء، أشهرهم أبو العلاء المعري في كتابه “معجز أحمد”. يعد ديوان المتنبي مرجعًا في البلاغة والشعر، ويدرّس في الجامعات ويقرأه عامة الناس حتى اليوم، لما يحتويه من عبقرية لغوية وفكرية.

تعرف أيضًا على: الكندي فيلسوف العرب: من العقل إلى الأوتار

حياة المتنبي

ولد المتنبي في الكوفة عام 303 هـ في بيئة فقيرة، وكان والده يسير في الأسواق. نشأ شغوفًا بالعلم واللغة، ودرس النحو والبلاغة في صغره. تنقل بين الشام والعراق، وعاش جزءًا من حياته في البلاط الحمداني في حلب. لكنه كان طموحًا يسعى إلى ولاية أو منصب، وهو ما لم يتحقق، فترك سيف الدولة وتحول إلى كافور الإخشيدي في مصر، الذي هجاءه لاحقًا. تميزت حياة المتنبي بالتقلبات السياسية والصراعات الفكرية، وكان دائمًا في قلب الأحداث، ما أثرى شعره وجعل منه شاعرًا للزمن.

تعرف أيضًا على: أبو نواس وسحر الحياة: حين يكون الشعر متعة خالصة

قصائد المتنبي غزل

لم يكن المتنبي غزلًا بالمعنى التقليدي، لكنه كتب في الحب بأسلوبه الفريد، فكان غزله مفعمًا بالفخر والتأمل والجمال الفني. من أجمل قصائده في الغزل:

إذا نظرتْ نيوب الليثِ بارزةً
فلا تظنن أن الليثَ يبتسم

وقد خاطب محبوبته بأسلوب فلسفي يتجاوز الوصف إلى التأمل. إن قصائد المتنبي غزل لم تكن فقط لإظهار الحب، بل لإظهار عمق التجربة الشعورية لديه.

تعرف أيضًا على: البحتري ورقة الوصف: شاعرٌ يرسم بالكلمات

قصائد المتنبي قصيرة

كتب المتنبي العديد من الأبيات والقصائد القصيرة التي أصبحت مأثورات، مثل:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا

أو قوله: لا خيلَ عندكَ تهديها ولا مال
فليسعدِ النطق إن لم تسعدِ الحال

تميزت قصائد المتنبي قصيرة بالاختزال والدقة والعمق، وهو ما جعلها متداولة بين الناس حتى اليوم، ومصدرًا للحكم والأمثال.[2]

متى ولد المتنبي؟

المتنبي

ولد المتنبي في عام 303 هـ، الموافق تقريبًا 915 م، في حي كندة بمدينة الكوفة. وكان والده من عامة الناس، لكنه أصر على تعليم ابنه، وهو ما أثمر هذه العبقرية الفريدة. منذ صغره، برزت علامات النبوغ على المتنبي، وبدأ في نظم الشعر مبكرًا، حتى أصبح في سن الشباب نجمًا أدبيًا لامعًا. تاريخ ميلاده يشكل بداية رحلة شاعر لا يتكرر في الذاكرة الأدبية.

في الختام يظل المتنبي ظاهرة أدبية وإنسانية لا تتكرر. لقد جمع بين الحضور الشخصي الطاغي والموهبة الفريدة، وجعل من الشعر منصة لفكرٍ ثاقب وطموحٍ لا ينتهي. إن تكرار ذكر المتنبي في كل عصر ليس تكرارًا لشاعرٍ فقط، بل هو استحضار لقيمة الإنسان المتفوق على زمانه، الذي لم يتوقف عند حدود اللغة، بل صنع من كلماته عالمًا قائمًا بذاته. لم يكن المتنبي شاعر مدح فقط، بل كان شاعر الذات، وصوت الكبرياء العربي الخالص. ويبقى في النهاية المتنبي رمزًا خالدًا للأدب العربي، ومرجعًا لكل من أراد أن يعرف كيف تكون العبقرية مقرونة بالحرف والكلمة.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة