المد والجزر وأثره على السواحل

تعد ظاهرة المد والجزر. من أبرز السمات الطبيعية التي تشكل واجهات الشواطئ والسواحل حول العالم فإنها حركة دورية ومنتظمة تلاحظها المجتمعات الساحلية يوميا، حيث ترتفع وتنخفض مستويات سطح البحر في استجابة للقوى الكونية. هذه الظاهرة لا تقتصر آثارها على المشهد البصري فحسب. بل تشكل جزء حيوي من الأنظمة البيئية البحرية والأنشطة البشرية المرتبطة بالبحار. فهم آلياتها يعتبر مفتاح أساسي ليس فقط للبحارة والملاحين ولكن أيضا للعلماء والمخططين العمرانيين لضمان التعايش المستدام مع قوة الطبيعة هذه.

متى يكون المد ومتى يكون الجزر؟

يعد توقيت المد والجزر مرتبط بشكل مباشر بدوران الأرض حول محورها ودوران القمر حول الأرض. فتحدث هذة الظاهرة مرتين في اليوم الواحد في معظم الأماكن حيث يرتفع مستوى سطح البحر (المد) وينخفض (الجزر) بشكل دوري كل 12 ساعة و25 دقيقة تقريبا. هذا النمط الزمني يتأثر بمواقع القمر والشمس بالنسبة للأرض. حيث تكون القوى الجاذبية في أقوى حالاتها عندما تكون الأجرام الثلاثة على خط واحد مما يعرف بمد الربيع والذي يؤدي إلى أقصى ارتفاع للمد وأقصى انخفاض للجزر.

تعرف أيضًا على: الشعاب المرجانية في البحر الأحمر

تتأثر الأماكن المختلفة على سطح الأرض بتوقيتات مختلفة. ففي حين أن التوقيت العام يعتمد على القمر فإن العوامل المحلية. مثل شكل الساحل وعمق المياه تعد ذات أهمية قصوى في تحديد توقيت وقوة المد والجزر في منطقة معينة. على سبيل المثال في المناطق ذات الخلجان الضيقة. قد يكون تأثيره أكثر وضوح. فهذا النمط من المد والجزر. يفرض إيقاع خاص على الحياة في تلك المناطق حيث تتغير الأنشطة اليومية بناء على توفر المياه.

تعرف أيضًا على: البحيرات المالحة الساحلية وخصائصها

يعد فهم هذا التوقيت أمر حاسم للعديد من الأنشطة الاقتصادية. فيعتمد الصيادون على الجداول لتحديد أفضل الأوقات للصيد حيث غالبا ما تكون الأسماك أكثر نشاط في أوقات معينة من المد والجزر. كما يستخدم الملاحون توقيت هذه الظاهرة لتخطيط مساراتهم البحرية. خاصة عند الاقتراب من الموانئ أو المناطق الضحلة، فإن القدرة على التنبؤ بتوقيت المد والجزر. بدقة تسمح بالتخطيط الفعال والآمن للعمليات البحرية مما يظهر أهمية هذه الظاهرة في حياتنا اليومية.[1]

ما هو المد والجزر وكيف يحدث؟

يعرف المد بأنه ارتفاع مستوى سطح البحر إلى أقصى نقطة له خلال دورة المد والجزر بينما يعرف الجزر بأنه انخفاض مستوى سطح البحر إلى أدنى نقطة له. فيعد الفرق بين المد والجزر. هو التباين في ارتفاع مستوى سطح البحر خلال هذه الدورة، هذه الظاهرة الطبيعية تحدث نتيجة لتفاعل القوى الجاذبية بين الأرض والقمر والشمس.

تعرف أيضًا على: الغوص الاستكشافي في أعماق البحار

 تتسبب هذه القوى الجاذبية في سحب المياه نحو الأجرام السماوية. مما يؤدي إلى انتفاخات في مستوى سطح المحيط. فيحدث هذا الانتفاخ في جانب الأرض المواجه للقمر وكذلك في الجانب المقابل له و يعرف هذا الانتفاخ بارتفاع المد، بينما يعرف انخفاض مستوى المياه في المناطق الأخرى بالجزر فيمكننا فهم كيفية حدوث ظاهرة المد والجزر. من خلال النقاط التالية:

• جاذبية القمر: يمارس القمر قوة جاذبية على الأرض تسحب المياه نحوه مما يسبب انتفاخ في المحيط.
• قوة الطرد المركزي: نتيجة لدوران نظام الأرض والقمر تتولد قوة طرد مركزي في الجانب المقابل للقمر مما يسبب انتفاخ آخر في المياه.
• دوران الأرض: أثناء دوران الأرض تمر كل منطقة بانتفاخين من الماء مما يسبب حدوث مدين وجزرين في اليوم الواحد.
• تأثير الشمس: تلعب جاذبية الشمس أيضا دور في تقوية أو إضعاف المد والجزر اعتماد على موقعها بالنسبة للقمر والأرض.

تشكل هذه الآليات المعقدة معاً ظاهرة المد والجزر التي نلاحظها على سواحلنا يوميا.[2]

تعرف أيضًا على: بحر أندامان في جنوب شرق آسيا

ما هو سبب حدوث المد والجزر؟

يعد السبب الرئيسي لحدوث  هذه الظاهرة هو قوى الجاذبية الكونية. فتتأثر محيطات الأرض بقوة جاذبية القمر بشكل أساسي. بالإضافة إلى قوة جاذبية الشمس. هذه القوى ليست موحدة على طول سطح الأرض بل تختلف في شدتها فتسبب جاذبية القمر انتفاخ في المياه في الجانب المواجه للقمر حيث يكون تأثير الجاذبية أقوى ففي الوقت نفسه تتسبب قوة الطرد المركزي الناتجة عن دوران الأرض والقمر معا في انتفاخ آخر للمياه في الجانب المقابل.

تعد جاذبية الشمس أيضا عامل هام على الرغم من كون تأثيرها أقل من تأثير القمر بسبب بعدها الهائل فعندما تكون الشمس والقمر والأرض على خط واحد. كما يحدث في الأقمار الكاملة والمحاقة تتحد قواهما الجاذبية لإنتاج أعلى مد وأقل جزر وهي ما يعرف بـ”المد الربيعي”. في المقابل عندما يكون القمر والشمس على زاوية قائمة بالنسبة للأرض تتنافر قواهم الجاذبية مما يؤدي إلى مد منخفض وجزر مرتفع نسبياً وهو ما يعرف بـ”المد الخامل.

تعد علاقة المد والجزر بالإنسان. وثيقة جدا فمنذ القدم اعتمد البشر على هذه الظاهرة في حياتهم اليومية. فكان الصيادون يراقبون الحركة لتحديد أوقات الصيد المثلى حيث تجذب الأسماك مع المياه القادمة وتصبح أكثر سهولة في الصيد. كما أن الموانئ والممرات المائية تعتمد على جداول المد والجزر لضمان سلامة دخول وخروج السفن خاصة الكبيرة منها.

تعرف أيضًا على: الاستدامة البحرية والحفاظ على البيئة

ما الذي يسبب ظاهرة المد والجزر؟

تعد قوى الجاذبية للمجرة الشمسية وخاصة القمر. هي السبب الرئيسي والأساسي للظاهرة فيؤثر القمر بشكل كبير على مياه المحيطات. حيث يمارس قوة جاذبية على الأجزاء القريبة منه مما يؤدي إلى انتفاخ المياه فهذا الانتفاخ يمثل المد، وفي الجانب المقابل من الأرض. يؤدي دوران الأرض والقمر حول مركز جاذبية مشترك إلى توليد قوة طرد مركزي تسبب انتفاخ آخر في المحيط.

تظهر ظاهرة المد والجزر. اختلافات كبيرة من منطقة لأخرى. ففي حين أن بعض السواحل تشهد تغيرات طفيفة. فإن سواحل أخرى. مثل تلك الموجودة في خليج فوندي بكندا تشهد أعلى تغيرات في العالم حيث يصل ارتفاع المد إلى أكثر من 16 مترا، هذه الاختلافات تبرز أن العوامل المحلية مثل شكل الساحل وعمق المياه تعد حاسمة في تحديد مدى تأثير هذه الظاهرة.

يمكن ملاحظة تأثيرات هذه الظاهرة في العديد من المدن الساحلية على سبيل المثال. تعد ظاهرة المد والجزر الدمام. أحد العوامل المؤثرة على الأنشطة البحرية في المدينة حيث تعتمد عليها حركة السفن في الميناء وبعض الأنشطة الترفيهية فإن فهم كيفية تأثير المد والجزر على منطقة معينة يعد ضروري للتخطيط العمراني السليم وتطوير البنية التحتية الساحلية. مما يضمن الاستفادة القصوى من هذه الظاهرة الطبيعية مع تجنب مخاطرها المحتملة.

تعرف أيضًا على: البحر في الدمام ومعالمه السياحية

في الختام تعد المد والجزر. ظاهرة طبيعية معقدة ولكنها ضرورية تظهر التفاعل المباشر بين قوى الكون والمحيطات على كوكبنا. فهم هذه الظاهرة وآلياتها يسمح لنا بالتكيف معها والاستفادة منها في حياتنا اليومية سواء في الملاحة أو الصيد أو التخطيط الساحلي مما يؤكد على أهمية دراسة هذه الظواهر الطبيعية.

• National Oceanic and Atmospheric Administration Tides and Water Levels -بتصرف
• oceanmotion Ocean Tides Background بتصرف

مشاركة المقال

وسوم