المقريزي: مؤرخ مصر

الكاتب : سهام أحمد
28 سبتمبر 2025
عدد المشاهدات : 9
منذ ساعتين
المقريزي
من هو الإمام المقريزي؟
ماذا قال المقريزي عن مصر؟
كتاب المقريزي في التاريخ
ترجمة المقريزي
وفاة المقريزي وإرثه الخالد في توثيق تاريخ مصر

يعتبر المقريزي واحداً من أبرز وأهم المؤرخين الذين وثقوا تاريخ مصر في العصور الوسطى. بل إن كتاباته لا تزال مرجعاً أساسياً لكل باحث في تاريخ القاهرة خاصةً، ومصر عامةً. لقد كان المقريزي شاهداً على فترة حاسمة من تاريخ الدولة المملوكية، وشاهد بعينه على الأوبئة والمجاعات والاضطرابات السياسية التي عاصرتها مصر. ورغم كل الظروف، فقد كان مؤرخاً لا يكل ولا يمل.

من هو الإمام المقريزي؟

المقريزي

يُعد الإمام المقريزي، واسمه الكامل تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر. أحد كبار المؤرخين في العصر المملوكي، وهو من أئمة العلم والفقه في عصره. لم يكن مجرد مؤرخ، بل كان فقيهاً، ومحدثاً، ولغوياً، وقد شغل العديد من المناصب المرموقة التي مكنته من الاطلاع على شؤون الدولة عن قرب. عمل كمحتسب في القاهرة. وكان مسؤولاً عن تنظيم الأسواق، وتحديد الأسعار، مما جعله على اتصال مباشر مع عامة الناس. ومطلعاً على حياتهم اليومية، وهو ما انعكس بشكل واضح في كتاباته التي لم تقتصر على تاريخ الحكام والملوك فقط، بل امتدت لتشمل حياة الفقراء والعامة.

بالتالي لقد كان المقريزي شخصية علمية فريدة، حيث تتلمذ على أيدي كبار العلماء في عصره. ومن أبرز شيوخه العلامة ابن خلدون، الذي كان له تأثير كبير على منهجه في كتابة التاريخ. حيث كان يعتمد على المنهج النقدي والتحليلي في دراسة الأحداث، والربط بين الأسباب والنتائج. ورغم أن ابن خلدون هو من علم المقريزي هذا المنهج. إلا أن المقريزي أضاف عليه الكثير، وأبدع في تطبيقه، خاصة في كتابه الشهير عن خطط مصر. وقد كان المقريزي ورعاً وزاهداً، وكان يفضل العيش ببساطة، ويرفض المناصب الكبيرة، وهو ما أكسبه احتراماً كبيراً في عصره.[1]

تعرف أيضًا على: توماس هوبز: فيلسوف العقد الاجتماعي ومفهوم الدولة القوية

ماذا قال المقريزي عن مصر؟

كانت مصر هي محور اهتمام المقريزي الرئيسي، حيث كرس جزءاً كبيراً من حياته لتوثيق تاريخها ومعالمها. وقد تجسد هذا الشغف في عمله الأهم “المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار”، المعروف اختصاراً باسم خطط المقريزي. لم يكن هذا الكتاب مجرد سجل للأحداث التاريخية، بل كان موسوعة شاملة عن مصر، وخاصة القاهرة. حيث وثق فيه كل شيء عن المدينة، من الجوامع، والمدارس، والأضرحة، وحتى الشوارع، والحواري، والأسواق. وقد وصف فيه أيضاً الأوبئة التي ضربت مصر، والأزمات الاقتصادية التي مرت بها، وكيف أثرت على حياة الناس.

تعرف أيضًا على: الأديبة اللبنانية مي زيادة

علاوة علي ذلك في هذا الكتاب، تحدث المقريزي عن تاريخ مصر منذ الفتح الإسلامي. وحتى عصره، وتفنن في وصف كل معلم من معالم القاهرة، وأصوله، وتطوره عبر التاريخ. وقد كان هذا الكتاب مصدراً لا غنى عنه للمؤرخين الذين جاؤوا بعده، حيث لم يكن هناك أي عمل يماثله في الشمول والدقة. ومن أبرز ما جاء في خطط المقريزي هو:

المقريزي

  • وصف المساجد والمدارس: حيث وثق تاريخ إنشاء كل مسجد ومدرسة، وتحدث عن شيوخها وطلابها، مما يمنح صورة حية عن الحياة الدينية والعلمية في العصر المملوكي.
  • رصد الأوبئة والأزمات الاقتصادية: تحدث بالتفصيل عن وباء الطاعون الذي ضرب مصر، وكيف أدى إلى هلاك مئات الآلاف من الناس، كما وثق المجاعات التي أدت إلى ارتفاع الأسعار، وتأثيرها على حياة الناس.
  • تفصيل الطبقات الاجتماعية: تحدث عن حياة الملوك والأمراء، ولكن في نفس الوقت، تحدث عن حياة التجار، والصناع، والفقراء، مما يمنح صورة شاملة عن المجتمع المصري في ذلك الوقت.
  • التوثيق العمراني: قام بتوثيق كل حي وشارع وحارة في القاهرة، وذكر أسماءها، وأسباب تسميتها، وهو ما ساعد على فهم التطور العمراني للمدينة.[2]

تعرف أيضًا على: ابن القيم الجوزية: تلميذ ابن تيمية

كتاب المقريزي في التاريخ

المقريزي

تُعتبر كتب المقريزي من أهم مصادر دراسة التاريخ الإسلامي. وقد كان المقريزي غزير الإنتاج، حيث ترك لنا عدداً كبيراً من المؤلفات التي تتناول مختلف جوانب التاريخ. من أبرز أعماله “السلوك لمعرفة دول الملوك”، الذي يُعد موسوعة شاملة عن تاريخ الدولة المملوكية في مصر والشام. في هذا الكتاب. قام بتوثيق تاريخ السلاطين المماليك، وأحداث حكمهم، والتطورات السياسية التي شهدتها الإمبراطورية. كان منهجه في هذا الكتاب هو التسلسل الزمني للأحداث، ولكن مع إدخال التحليل النقدي، والربط بين الأحداث، مما جعله كتاباً مهماً لكل باحث في تاريخ المماليك.

بالتالي لم يقتصر عمل المقريزي على التاريخ السياسي فقط. بل امتد ليشمل التاريخ الاقتصادي والاجتماعي. فمن ضمن كتب المقريزي التي وثقت هذه الجوانب، كتابه “إغاثة الأمة بكشف الغمة”، الذي تحدث فيه عن المجاعات والأوبئة التي مرت بها مصر، وكيف أثرت على الاقتصاد والمجتمع. كان المقريزي يؤمن بأن التاريخ ليس مجرد سرد لأخبار الملوك والحكام، بل هو علم شامل يدرس كل جوانب حياة الإنسان.

علاوة علي ذلك  كان كتاب المقريزي في التاريخ يمثل منهجاً جديداً في الكتابة التاريخية. حيث كان يعتمد على البحث والتحقيق، والربط بين المصادر المختلفة. وعدم الاعتماد على مصدر واحد فقط. كان المقريزي لا يخشى أن ينتقد الحكام، وأن يتحدث عن فسادهم، وهو ما جعله مؤرخاً مستقلاً، لا يتبع أحداً، ولا يخشى في الحق لومة لائم. كانت هذه المنهجية هي التي جعلت من كتاباته مرجعاً أساسياً لكل باحث، وما زالت حتى يومنا هذا، مصدر إلهام للمؤرخين.

تعرف أيضًا على: توماس مان وأعماله الروائية العالمية

ترجمة المقريزي

المقريزي

المقريزي، هو تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي بن عبد القادر. وُلد في مدينة القاهرة عام 766 هـ (الموافق 1364م). وهو ما يُعرف بـ ترجمة المقريزي. وقد نشأ في عائلة عريقة من العلماء، بالتالي حيث كان جده من العلماء البارزين. وقد تتلمذ على أيدي كبار علماء عصره، وكان أشهرهم العلامة ابن خلدون. الذي كان له تأثير كبير على منهجه في كتابة التاريخ. حيث تعلم منه فن التحليل والنقد التاريخي. بدأ حياته كطالب علم، وسافر إلى دمشق وحلب، لكي يلتقي بكبار العلماء، ويأخذ عنهم العلم.

تعرف أيضًا على: الأديب نجيب محفوظ: أول عربي يفوز بجائزة نوبل في الأدب

علاوة علي ذلك شغل المقريزي العديد من المناصب المرموقة في عصره، بالتالي حيث كان محتسباً للقاهرة والوجه البحري، وكان مسؤولاً عن تنظيم الأسواق، والإشراف على الأسعار، مما جعله قريباً من عامة الناس. وقد عمل أيضاً إماماً وخطيباً في بعض المساجد في القاهرة، وعمل أيضاً مدرساً في المدارس العلمية. وقد كان ترجمة المقريزي تشمل العديد من المناصب العلمية والإدارية، ولكنه كان يفضل دائماً أن يبتعد عن المناصب، وأن يكرس حياته للبحث والكتابة، وهو ما جعله يترك منصبه في بعض الأحيان لكي يتفرغ لعمله العلمي.

وفاة المقريزي وإرثه الخالد في توثيق تاريخ مصر

توفي المقريزي في مدينة القاهرة في عام 845 هـ (الموافق 1442م)، ودفن في مقبرة الباب الصغير. بالتالي لقد ترك وراءه إرثاً ضخماً من المؤلفات التي وثقت تاريخ مصر. وأصبحت مرجعاً أساسياً لكل باحث في التاريخ. ورغم أنه عاش في عصر مليء بالاضطرابات السياسية، إلا أنه كان مؤرخاً مستقلاً، لا يتبع أحداً، ولا يخشى أن يذكر الحقيقة. لقد كانت حياته بمثابة رحلة من العطاء، ودرساً في أهمية البحث العلمي، والتوثيق التاريخي.

تعرف أيضًا على: الشاعر جبران خليل جبران: فيلسوف وشاعر

في الختام، كان المقريزي أكثر من مجرد مؤرخ. بل كان وثيقة حية عن تاريخ مصر. لقد وثق كل شيء عن عصره، من الملوك والفقراء. من القصور والمساجد، من الأوبئة والمجاعات، ليقدم لنا صورة شاملة وحية عن عصره. لقد كان إرثه التاريخي لا يزال حياً حتى يومنا هذا، ودرساً لكل من يريد أن يفهم تاريخ مصر العظيم.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة