بؤرة الزلزال وكيفية تحديدها

بؤرة الزلزال تُعد من أهم المفاهيم في علم الجيولوجيا والزلازل، فهي النقطة العميقة داخل باطن الأرض التي ينشأ عندها الاهتزاز الأولي نتيجة انكسار الصخور أو تحرك الصفائح التكتونية. من هذه البؤرة تنتقل الموجات الزلزالية في جميع الاتجاهات لتصل إلى سطح الأرض مسببة اهتزازات قد تكون خفيفة أو مدمرة بحسب شدتها وعمقها. فهم بؤرة الزلزال يساعد العلماء على تحديد مواقع الهزات الأرضية بدقة، ودراسة أسبابها. وتأثيراتها على البيئة والمجتمعات، مما يسهم في تطوير نظم إنذار مبكر للحد من المخاطر. وحماية الأرواح والممتلكات.

ما هي بؤرة الزلزال؟

أتذكر أنني كنت أشاهد فيلمًا وثائقيًا عن الزلازل. وكان المتحدث يشير إلى نقطة في باطن الأرض قائلاً من هنا بدأت القصة تلك النقطة هي جوهر كل شيء، إنها بؤرة الزلزال. وببساطة هي النقطة التي يحدث فيها الانكسار الأول للصخور في باطن الأرض. والتي تطلق الطاقة الهائلة المتراكمة، فكر في الأمر. وكأنك تكسر عودًا خشبيًا النقطة التي ينكسر منها العود هي بؤرة الزلزال.

تعرف أيضًا على: مركز الزلزال وكيفية تحديده

هذه النقطة يمكن أن تكون على عمق بضعة كيلومترات أو قد تصل إلى مئات الكيلومترات في العمق، كلما كانت بؤرة الزلزال أقرب إلى السطح كلما كان تأثيره أقوى. وأكثر تدميرًا لأن الموجات الزلزالية لا تفقد الكثير من طاقتها في طريقها إلى السطح، وعلى العكس الزلزال الذي تكون بؤرته عميقة جدًا قد يكون قوته كبيرة. ولكنه لا يسبب الكثير من الضرر على السطح. [1]

تعرف أيضًا على: النجم النيوتروني وخصائصه

أين تقع بؤرة الزلزال؟

في يوم من الأيام كنت أجلس مع عالم جيولوجيا مخضرم، وسألته: كيف تعرفون أين سيبدأ الزلزال؟ ابتسم. وأجابني: نحن لا نعرف بالضبط متى سيحدث ولكننا نعرف أين يرجح أن يحدث، تقع بؤرة الزلزال دائمًا على طول خطوط الصدوع أو حدود الصفائح التكتونية.

تخيل أن قشرة الأرض مقسمة إلى قطع عملاقة مثل أحجية الصور المقطعة. وهذه القطع أو الصفائح تتحرك باستمرار. وتتصادم مع بعضها البعض أو تنزلق تحت بعضها، النقاط التي تلتقي فيها هذه الصفائح هي الأكثر نشاطًا من الناحية الزلزالية، وعندما تتصادم صفيحتان تتراكم الطاقة على طول حدودهما. وعندما لا تستطيع الصخور تحمل المزيد من الضغط تنكسر. وتحدث الهزة، ولهذا السبب فإن الدول الواقعة على حزام النار في المحيط الهادئ مثل اليابان. وتشيلي تتعرض للزلازل بشكل متكرر، إنها ببساطة تقع فوق مناطق نشطة جدًا حيث تحدث غالبية الهزات. [2]

تعرف أيضًا على:زلزال سان فرانسيسكو وأبرز الدروس

ما هو تعريف بؤرة الزلزال؟

عندما أتحدث مع غير المتخصصين أجد أنهم غالبًا ما يخلطون بين مصطلحين أساسيين: الفرق بين بؤرة الزلزال. ومركزه السطحي، في حديثي مع أختي الصغيرة سألتني: هل بؤرة الزلزال هي نفسها النقطة التي نشعر فيها بالهزة؟ وشرحت لها الأمر بمثال بسيط:

• بؤرة الزلزال: هي النقطة الحقيقية التي ينشأ منها الزلزال في باطن الأرض أى المصدر.
• المركز السطحي للزلزال :هي النقطة الموجودة على سطح الأرض مباشرة فوق البؤرة، إنها النقطة التي نشعر فيها بالهزة بأقصى قوة.

تخيل أنك تسقط حجرًا في بركة ماء، النقطة التي يسقط فيها الحجر تحت الماء هي بؤرة الزلزال أما الدائرة الأولى من الأمواج التي تتشكل على سطح الماء فتشير إلى المركز السطحي للزلزال، هذا التوضيح البسيط يساعد على فهم الفارق الجوهري بين المفهومين، فكل زلزال له بؤرة واحدة في العمق ومركز سطحي واحد على السطح، تحديد بؤرة الزلزال أمر بالغ الأهمية للعلماء لأنه يمنحهم معلومات حيوية عن سبب الزلزال وعمقه مما يساعدهم على فهم سلوك الصفائح التكتونية بشكل أفضل.

تعرف أيضًا على: دورة حياة البركان من النشوء إلى الانقراض

ما هو مؤشر الزلازل؟

يقول أحد الرجال الذين يعملون في مرصد الزلازل: نحن في سباق دائم مع الطبيعة، وشرح أن عملهم يعتمد على أجهزة شديدة الحساسية تُسمى أجهزة قياس الزلازل أو السيسموغراف، هذه الأجهزة تسجل أدق الهزات الأرضية حتى التي لا يشعر بها الإنسان، إنها تعمل كمؤشر على النشاط الزلزالي في المنطقة.

هذه الأجهزة لا تحدد فقط حدوث الزلزال بل تسجل أيضًا الموجات الزلزالية التي تنطلق من بؤرة الزلزال. هذه الموجات تنقسم إلى نوعين رئيسيين:

• الموجات الأولية (P-waves): هي الأسرع وتصل أولًا إلى محطات الرصد.
• الموجات الثانوية (S-waves): هي الأبطأ وتصل بعد الموجات الأولية.

تعرف أيضًا على: أكبر البراكين في التاريخ وتأثيرها على البشر

كيفية تحديد بؤرة الزلزال؟

تحديد مكان بؤرة الزلزال ليس أمرًا سهلاً. ولكنه يعتمد على شبكة عالمية من أجهزة الرصد، عندما يحدث الزلزال تنتقل الموجات الزلزالية من بؤرة الزلزال في جميع الاتجاهات. وتصل هذه الموجات إلى محطات الرصد في أوقات مختلفة بناءً على بعدها عن المصدر، الفرق الزمني بين. وصول الموجتين الأولية. والثانوية يُستخدم لحساب المسافة التي تفصل كل محطة عن مركز الزلزال، والمنهجية المتبعة هي :

• جمع البيانات: تبدأ العملية بجمع بيانات. وصول الموجات من ثلاث محطات رصد على الأقل.
• حساب المسافة: باستخدام الفرق الزمني بين.
• وصول الموجتين P و S: ثم يقوم العلماء بحساب المسافة بين كل محطة. والمركز السطحي للزلزال.

العلماء يستخدمون ما يسمى المنهج المثلثي لتحديد بؤرة الزلزال على الخريطة، بعد أن تصل الموجات إلى ثلاث محطات رصد مختلفة لكي يسجلوا الوقت الذي استغرقته كل موجة للوصول، كلما كان الفارق الزمني بين الموجتين P و S أصغر كانت المحطة أقرب إلى المركز، وباستخدام بيانات ثلاث محطات يمكنهم رسم ثلاث دوائر ونقطة التقاطع بين هذه الدوائر هي بالضبط موقع المركز السطحي للزلزال، هذا المؤشر الدقيق يساعد في فهم النشاط الزلزالي للمنطقة.

هذه العملية التي تبدو معقدة تتم في دقائق معدودة مما يسمح للعلماء بتقديم معلومات دقيقة عن موقع الزلزال، إنها عملية تتطلب دقة كبيرة وتنسيقًا عالميًا مما يبرهن على أن فهم بؤرة الزلزال هو مفتاح فهم الزلازل ككل.

تعرف أيضًا على: زلزال غوجارات الهند وأثره على السكان

في الختام، لقد كانت رحلتنا إلى عالم الزلازل رحلة عميقة ومثيرة، حيث بدأنا بالتعرف على بؤرة الزلزال  تلك النقطة الغامضة التي تبدأ منها الهزة في باطن الأرض، واستكشفنا مواقعها على طول حدود الصفائح التكتونية وفهمنا الفرق بين بؤرة الزلزال ومركزه السطحي وكيف أن أحدهما في العمق والآخر على السطح، هذا المقال لم يكن مجرد سرد علمي بل كان محاولة لتقريب هذه الظاهرة المعقدة إلى فهمنا اليومي وجعلنا نرى كيف يعمل العلماء في صمت لتقديم معلومات تساعدنا على حماية أنفسنا، فهمنا لهذه الظاهرة يمنحنا شعورًا بالأمان فالمعرفة هي أول خطوة نحو التعامل مع أي خطر.

• studyEarthquake Epicenter | Definition & Location -بتصرف
• usgsThe Science of Earthquakes -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم