بهادر شاه ظفر: آخر إمبراطور المغول في الهند

  بهادر شاه ظفر: آخر أباطرة المغول في الهند.  شخصية تاريخية تحمل قصتها عبء نهاية إمبراطورية عظيمة امتدت لقرون في شبه القارة الهندية. حكم ظفر في فترة حرجة اتسمت بتزايد النفوذ البريطاني. بينما تقلصت سلطته الفعلية حتى بات حكمه رمزياً فقط داخل أسوار القلعة الحمراء. لقد كان شاعراً وزعيماً شكلياً. لكن مشاركته في ثورة عام 1857 ختمت نهاية سلالته وأنهت فصلاً مهماً من تاريخ الهند.

 ما هي قصة بهادر شاه ظفر؟

تبدأ قصة بهادر شاه ظفر. واسمه الكامل أبو الظفر سراج الدين محمد بولادته في عام 1775م وهو ينحدر من سلالة مغول الهند العريقة التي أسسها ظهير الدين بابر. وهو حفيد لأشهر الأباطرة مثل جنكيز خان وتيمور لينك وهذا يوضح مدى عظمة أصل عائلة بهادر.

تولى بهادر شاه ظفر. عرش سلطنة المغول في دلهي عام 1838م خلفًا لوالده محمد أكبر شاه الثاني. ولكن حكمه جاء في فترة ضعف شديد. بينما كانت السلطة الحقيقية كلها قد انتقلت فعليًا إلى أيدي شركة الهند الشرقية البريطانية. في الواقع لم يكن نفوذ بهادر شاه ظفر. يتجاوز أسوار القلعة الحمراء في دلهي ومحيطها الضيق. فقد كان الحاكم مجرد رمز يتلقى راتبًا ومخصصات. مالية من الإنجليز الأمر الذي جعله أشبه بموظف كبير لديهم وليس سلطانًا حقيقيًا.

كان الشاه نفسه شاعرًا مرهف الحس وصوفيًا عاشقًا للشعر الأردي والفارسي ولقبه ظفر يعني النصر وهو لقب حمل في طياته سخرية القدر نظرًا للوهن الذي وصلت إليه إمبراطوريته في عهده. فلقد كرس حياته للأدب والفن أكثر من السياسة أو الحربز. وكانت سلطة المغول قد تآكلت ببطء على مدى عقود بسبب ضعف الحكام وصراعاتهم الداخلية واستغلال القوى الخارجية مثل نادر شاه الفارسي ثم السيطرة المطلقة للإنجليز تحت ستار شركة الهند الشرقية. [1]

تعرف أيضًا على: بركة خان: أول قائد مغولي يعتنق الإسلام وحاكم القبيلة الذهبية

من هو آخر حاكم مسلم في الهند؟

يجمع المؤرخون على أن بهادر شاه ظفر. هو بالفعل آخر حاكم مسلم في الهند وآخر أباطرة سلالة مغول الهند على الإطلاق. فقد انتهى الحكم الإسلامي في شبه القارة الهندية بعزله ونفيه من قبل البريطانيين. وعندما وصل بهادر شاه ظفر. إلى العرش كان الحكم الإسلامي في الهند. قد استمر لما يقرب من ثمانية قرون ونصف. وكان الحكم المغولي (الذي ينتمي إليه) قد امتد لحوالي ثلاثة قرون.

تعرف أيضًا على: مهاتير محمد: القائد الذي غير مسار ماليزيا الحديث

أدرك الإنجليز أن وجود هذا الرمز حتى لو كان ضعيفًا. يمثل خطرًا دائمًا على سيطرتهم. ولذلك وجهوا إنذارًا إلى الشاه بأنه سيكون آخر من يسكن القلعة الحمراء وأن مخصصاته ستنقطع بعد وفاته ممهدين بذلك للقضاء النهائي على الدولة.

بعد أحداث ثورة 1857م (التي سنتحدث عنها بالتفصيل لاحقًا) انتهز الإنجليز الفرصة لعزل الشاه نهائيًا. وتم إعلان نهاية سلطنة مغول الهند في عام 1858م وبدأت بريطانيا العظمى في إدارة الهند مباشرة تحت التاج البريطاني. وبهذا العزل أسدل الستار على حقبة طويلة من الحكم الإسلامي للمنطقة وتحولت الهند رسميًا إلى مستعمرة بريطانية. وقد تم نفي بهادر شاه ظفر. إلى رانغون (يانغون حاليًا) في بورما. [2]

تعرف أيضًا على: مياموتو موساشي سيد السيف وفيلسوف القتال

من هو بهادر شاه ظفر في ثورة 1857؟

•   القيادة الرمزية لثورة 1857

كانت ثورة عام 1857م (ثورة السيبوي) نقطة تحول كبرى في حياته.

رغم ضعفه وسنه المتقدم، اتخذه الثوار (السيبويون) رمزاً موحداً ضد الحكم البريطاني،.وأعلنوه قائداً وإمبراطوراً على الهند.

أكره على قبول القيادة. لكنه أصدر عملات باسمه ما يؤكد تفعيل دوره الرمزي كقائد شرعي.

•   فشل الثورة واعتقاله

افتقدت الثورة للتخطيط الدقيق والقيادة الموحدة.

استغل الإنجليز ذلك، وأعادوا تنظيم صفوفهم بدعم من أمراء موالين وقوات السيخ.

بعد استعادة البريطانيين لمدينة دلهي، تم اعتقال بهادر شاه ظفر.

• المحاكمة وتصفية العائلة

حوكم الشاه محاكمة صورية في دلهي في يناير 1858م. بتهمة التمرد والخيانة العظمى.

شهد مقتل عدد من أبنائه وأحفاده بدم بارد، ومنهم ميرزا مغل وحفيده ميرزا أبو بخت. انتقاماً لدوره في الثورة.

•   الحكم والنفي المؤبد

صدر الحكم عليه بالإعدام في البداية.

خُفف الحكم إلى النفي المؤبد خارج الهند، وتحديداً إلى رانغون في بورما.

تم ترحيله في أكتوبر 1858م، لتنتهي بذلك سلالة الأباطرة المغول.

تعرف أيضًا على: لي كوان يو رؤى وإرث زعيم سنغافورة المؤسس

من هو آخر حكام الهند المسلمين؟

الإجابة المباشرة على السؤال هي أن بهادر شاه ظفر. هو بلا منازع آخر حكام الهند المسلمين. ونهاية حياته في المنفى كانت مرآة لحال الإمبراطورية العظيمة التي أفل نجمه، فقد عاش بهادر شاه ظفر. سنواته الأخيرة في المنفى بمدينة رانغون في منزل خشبي متواضع بعيدًا عن فخامة القلعة الحمراء التي سكنها أسلافه العظام بينما عانى من الوحدة والشيخوخة والحزن العميق على فقدان السلطة ومقتل أبنائه.

تعرف أيضًا على: سوكارنو: مؤسس إندونيسيا الحديثة ورمز الاستقلال الوطني

في السابع من نوفمبر عام 1862م توفي بهادر شاه ظفر. عن عمر يناهز 87 عامًا، ودفنه البريطانيون في قبر مجهول لمنع أتباعه ومؤيديه من زيارته وتحويل قبره إلى رمز للمقاومة في محاولة لمحو أي أثر للحكم المغولي الإسلامي، وبوفاته انتهت سلالة المغول تمامًا بعد حكم دام حوالي 330 عامًا وظل قبره مجهولًا لأكثر من قرن حتى عثر عليه بالصدفة في عام 1991م لتبدأ عملية إحياء ذكراه وتاريخه كشاعر وكآخر الأباطرة.

لقد كان بهادر شاه ظفر. رمزًا مأساويًا لنهاية العظمة الإسلامية في الهند ورغم ضعف سلطته الحقيقية. بالتالي فإن اسمه سيظل محفورًا في التاريخ كآخر من حمل لقب إمبراطور المغول في الهند.

تعرف أيضًا على: سوهارتو: الرئيس الذي حكم إندونيسيا لأكثر من ثلاثة عقود

في النهاية نكون قد تعرفنا على قصة بهادر شاه ظفر. التي لا تقل مأساوية عن عظمة البداية بينما استعرضنا سويًا كيف تحول الإمبراطور الشاعر الذي ورث عرشًا ضعيفًا إلى رمز لثورة شعبية ضد الاحتلال البريطاني. وأثبتنا أنه آخر آخر. حكام الهند المسلمين وأن دوره في ثورة 1857م. كان دورًا رمزيًا أشعل غضب الإنجليز ضده مما أدى إلى مقتل. أبنائه ونفيه الحزين. قصته هي تذكير مؤلم بأن الحكم والسلطة ليسا دائمين وأن مصير الأفراد يرتبط غالبًا بمصير الأوطان في أوقات التحول الكبرى. بهادر شاه ظفر. لم يترك خلفه إمبراطورية لكنه ترك إرثًا أدبيًا وتاريخيًا يروي قصة مقاومة عظيمة رغم الهزيمة النهائية.

أسئلة شائعة:

س1: هل كان بهادر شاه ظفر مسلمًا سنيًا أم شيعيًا؟ وما هي علاقته بالتصوف؟

ج1: كان بهادر شاه ظفر مسلمًا سنيًا لكنه كان معروفًا بميوله القوية نحو التصوف وكان تلميذًا وشاعرًا في الطريقة القادرية. وهذه الروح الصوفية تفسر سبب تركيزه الشديد على الشعر والأدب بدلاً من شؤون الحكم والقتال في سنواته الأخيرة حيث كانت قصائده مليئة بمشاعر الحنين والألم والفلسفة الروحانية.

س2: ما هو الدور الذي لعبه ابنه ميرزا مغل تحديدًا في ثورة 1857م؟

ج2: لعب ميرزا مغل دورًا عسكريًا فعالًا ومحوريًا في الثورة بينما قام بهادر شاه ظفر بتعيينه قائدًا عامًا للقوات الثائرة في دلهي. وكان ميرزا مغل يمتلك حماسًا أكبر من والده المسن لقيادة التمرد ضد الإنجليز وقد أدى نشاطه المباشر في قتال البريطانيين إلى إعدامه لاحقًا كعقاب شديد لبهادر شاه ظفر.

س3: ما هو سبب كراهية طائفة السيخ للمسلمين وانضمامهم إلى الإنجليز ضد الثورة؟

ج3: تعود جذور العداء بين السيخ والمغول إلى قرون سابقة فبينما كان بعض سلاطين المغول الأوائل يتسامحون مع الديانات إلا أن البعض الآخر وخاصة الإمبراطور أورنجزيب قاموا بحملات اضطهاد ضد السيخ. هذا التاريخ من الصراع بالإضافة إلى الوعود والمصالح التي قدمها الإنجليز للسيخ في ذلك الوقت جعلهم يرفضون دعم الثورة وينضمون إلى الجانب البريطاني لإسقاط حكم المغول وإحياء حكمهم السابق.

س4: ما هي اللغة الرئيسية التي كان يكتب بها بهادر شاه ظفر أشعاره؟

ج4: كان بهادر شاه ظفر يكتب أشعاره باللغة الأردية وهي لغة الشعر والغزل والمحبة في شبه القارة الهندية، ويعتبر ديوانه من كنوز الأدب الأردي وقد اشتهرت قصائده بالعمق الفلسفي وتعبيرها عن مأساة نهاية حكمه وألمه الشخصي حتى أن البعض يعتبرها وثيقة تاريخية لأحداث تلك الفترة.

• britannicaBahadur Shah II -بتصرف
• scribdMuslim Rule in India 712-1857 -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم