كيف نشأت الدولة الصفوية وما أثرها في العالم الإسلامي؟

يعد قيام الدولة الصفوية نقطة تحول محورية في تاريخ الدولة الصفوية في إيران، حيث برزت كقوة سياسية ودينية أثّرت بعمق على موازين القوى في العالم الإسلامي. لم تكن هذه الدولة مجرد حكم محلي. بل كانت بداية مرحلة جديدة من التنافس على الزعامة الإسلامية. خاصة مع دخولها في الصراع الصفوي العثماني الذي شكّل وجه الشرق الإسلامي لقرون طويلة. فمن أين بدأت هذه الدولة؟ وكيف أثّرت على مجرى التاريخ الإسلامي؟
1- نشأة الدولة الصفوية وتأسيسها
- تاريخ الدولة الصفوية في إيران ينسب قيام الدولة الصفوية إلى إسماعيل الأول. الذي امتثل السلطة عام ١٥٠١، أسست الدولة الصفوية.
- أعلن نفسه حاكما لإيران، وجعل المذهب الشيعي الإثني عشري الدين الأساسي للدولة. مُحدثًا تغييرا جذريًا في المظهر الديني في المنطقة.
- صورت معركة جالديران عام ١٥١٤ ضد الدولة العثمانية نقطة تغيير في تاريخ الدولة الصفوية في إيران.
- فمع هزيمة الصفويين، أثبتت هذه المعركة الحدود بين الإمبراطوريتين. وأبدت صمودًا وعزيمة الحكام الصفويين. [1]
2- الصراع الصفوي العثماني وأثره

- لقد شهد الصراع الصفوي العثماني تطورات بارزة عبر الفترة المستمرة من 1501م إلى 1520 م.
- فعبر فترة حكم بايزيد الثاني بدت أولى مظاهر الصراع الصفوي العثماني. وتعلق تاريخ الدولة الصفوية في إيران بالتاريخ الاجتماعي لغرب إيران وجنوب الأناضول، وهي المنطقة التي كانت تسكنها قبائل تركمانية تدني سلطتها بفعل السياسة المركزية العثمانية.
- وكانت هذه الوضعية مناسبة لنجاح قيام الدولة الصفوية ذو الأبعاد السياسية الظاهرة، اغتنمها الشاه إسماعيل للتشعب داخل الأناضول ولتنفيذ سياسة “الهدم من الداخل” خلال إثارة الفتن والفوضى.
- وإذا كان قيام الدولة الصفوية وإقرار المذهب الشيعي في إيران قد استطاع من إيجاد هوية ثقافية وسياسية للدولة الصفوية وتعزيز روحها الوطنية. فإنه مع استقلال إيران وكبر نقاط التنوع بين الصفويين والدولة العثمانية وحذف العناصر المشتركة بينهما.
- ومع إيلاج الصفويين في الشؤون الداخلية للإمبراطورية العثمانية. وابتلاع الكثير من المناطق الحدودية التي كانت موقع أطماعها، فإن علاقة الصراع الصفوي العثماني بينهما تباينت بين الحذر والتهديد ومحاولة الامتلاك. ولم تبلغ إلى المواجهة العسكرية بين الطرفين.
- فالسلطان بايزيد الثاني تقاعص تحت ضغط عوامل خارجية وداخلية في إطلاق هجوم مباشر على الصراع الصفوي العثماني، لذلك حاول مهادنة الصفويين، وتحوي تحذيراتهم وجعلها في موقف الدفاع. واكتفى بحث كل من الأوزبك والمماليك ضد الصفويين، واعتماد إجراءات وقائية للتقليل من اتصال الصفويين بالقبائل التركمانية. [2]
3- التحولات الدينية خلال الحكم الصفوي
- كانت عملية تغيير الصفويين لإيران من المذهب السني إلى الشيعي عملية تمت عبر القرن 16 إلى القرن 18، وتغيرت فيها إيران، إلى المذهب الشيعي بعد أن كانت سابقًا معظمها سنية.
- كانت عملية احتويت التحويل القسري، وأسفرت إلى عداء مع جيران إيران السنة، بالأخص الإمبراطورية العثمانية.
- كما كفل التغير هيمنة الطائفة الإثني عشرية ضمن الشيعة على الزيدية وطوائف الإسماعيلية. وكل منهما سبق لهما الهيمنة ضمن المذهب الشيعي.
- بوساطة التحويل، أرجع الصفويون توحيد إيران كدولة مستقلة عام 1501، وأعلنوا التشيع الإثنا عشري كدين أساسي لإمبراطوريتهم، مما مثّل إحدى أبرز نقاط التغيير في تأثير الدولة الصفوية على العالم الإسلامي.
- كسبب مباشر، حول سكان الدولة الإيرانية الحالية وأذربيجان المجاورة إلى الإسلام الشيعي في الوقت ذاته من التاريخ. [3]
4- توسع نفوذ الدولة الصفوية
- اتسمت تاريخ الدولة الصفوية في إيران الفترة الأولى من التاريخ العثماني باتساع إقليمي شبه مستمر، امتدت عبره السيادة العثمانية من إمارة صغيرة في شمال غرب الأناضول لتحوي أغلب جنوب شرق أوروبا والأناضول.
- وقد ضمت المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للإمبراطوريات الإسلامية القديمة مع تلك الموروثة من بيزنطة والإمبراطوريات التركية الكبرى في آسيا الوسطى، وأُعيد تكوينها بأشكال حديثة برزت المنطقة حتى العصر الحديث.
- أسفرت الفتوحات العسكرية التي حكمها إسماعيل الأول وخلفاؤه إلى اتساع أراضي الإمبراطورية.
- أسهمت التحالفات الاستراتيجية مع القبائل المحلية (قيزلباش) والأقليات الدينية في تثبيت السلطة.
- ساعدت السيطرة على وسائل التجارة على طريق الحرير في التقدم الاقتصادي للإمبراطورية. [4]
5- إنجازات الدولة الصفوية الثقافية والعلمية
- اشتهر تأثير الدولة الصفوية على العالم الإسلامي في الفن والعمارة والثقافة. بالأخص في عهد الشاه عباس الأول، ازدهرت تاريخ الدولة الصفوية في إيران، وشهدت بناء معالم عظيمة، مثل مسجد الإمام وقصر علي قابو، بالإضافة إلى تقدمات مهمة في الثقافة والهندسة والتكنولوجيا.
- كما تأثير الدولة الصفوية على العالم الإسلامي في نشر المذهب الشيعي في كل نواحي إمبراطوريتهم، التي ما زالت ذو تأثير هائل في الشرق الأوسط حتى اليوم.
- شهدت الإمبراطورية الصفوية قدرًا هائلًا من التقدم المعماري، بالأخص فيما يرتبط بمبانيها الدينية.
- عبر هذه الفترة، شيد الكثير من المدارس والمساجد، التي غالبًا ما تمتاز بأعمال بلاط معقدة وقباب محكمة.
- يعد مسجد الإمام في أصفهان مثالًا مشهورًا بصورة خاصة على هذا التراث من العمارة. بفنائه الهائل المحاط بأربعة إيوانات وقبته المنقوشة بالبلاط الملون.
- تعد الإيوانات صفة فريدة للعمارة الصفوية، وغالبًا ما تستعمل لتكوين بوابات أو مداخل ضخمة للمباني.
- بالإضافة إلى العمارة الدينية، بنيت الدولة الصفوية الكثير من القصور والحدائق والجسور.
- يُعد قصر جهل ستون في أصفهان مثالاً ظاهرا على هذا النوع من المباني وتأثير الدولة الصفوية على العالم الإسلامي.
- شيده الشاه عباس الأول في القرن 16. وكان يستعمل لحفلات الاستقبال والاحتفالات، ويحوي قاعتين كبيرتين مفعمين باللوحات والسجاد والمنحوتات والأثاث. [5]
6- سقوط الدولة الصفوية وتأثيره
- مع ازدهار تاريخ الدولة الصفوية في إيران وتطورها خلال حكم الحاكم عباس إلا أنها أدت تنخفض نحو التهاوي بعد وفاته فكان الحاكم عباس يسيء معاملة أبنائه، ولم يحاول في تكوين خلف جدير له، الأمر الذي أدي في وقوع المُلك بيد ملوك عاجزين، وهكذا جعلت عظمة الدولة واحترامها ينخفضان.
- فبعد الحاكم عباس حكم حفيده الحاكم صفي، وبعده ابنه الحاكم عباس الثاني، ثم سليمان الأول. وختامًا الحاكم حسين الأول الذي تخلي للأفغانيين عن العرش بعد أن حاوطوا أصفهان العاصمة.
- وبه تنتهي الدولة الصفوية. ليتولي محمود الأفغان العرش سنة 1135 للهجرة، ومن ثم بعد حروب كثيرة وأحداث متنوعة تمكن نادر شاه أفشار أن يتولي زمام الحكم.
- ويعد بعض العلماء أن السبب الأساسي في سقوط الدولة الصفوية هو الحاكم عباس الذي غرس بذور الضعف في الدولة الصفوية مع دفعه بإيران إلى الازدهار. وذلك ببث ثقافة الخوف على المناصب التي سببت إلى قتل بعضهم البعض إضافة إلى زيادة العداوات مع الجيران التي كانت سببا متينا في إرهاق الدولة وإضعافها. وكذلك القهر الذي تورث إلى الشعب والضعف الاقتصادي الذي ساد بإيران نتيجة النظام الإقطاعي الذي أحدثه. [6]
لقد كان قيام الدولة الصفوية أكثر من مجرد حدث سياسي، بل محطة تاريخية غيّرت معالم الدين والسياسة في المنطقة. فقد لعبت دورًا رئيسيًا في تشكيل تاريخ الدولة الصفوية في إيران، وأسهمت في نشوء تحوّلات مذهبية واستراتيجية امتدت آثارها إلى يومنا هذا. ومع احتدام الصراع الصفوي العثماني، برزت الانقسامات الكبرى التي رسمت ملامح الخريطة المذهبية والسياسية للعالم الإسلامي. وجعلت من الصفويين فاعلًا لا يمكن تجاهله في تاريخ الأمة.
المراجع
- iransafarالإمبراطورية الصفوية _بتصرف
- ribatalkoutoubالعلاقات الصفوية العثمانية بين المهادنة والمواجهة _بتصرف
- wikipediaتحويل الصفويين لإيران من المذهب السني إلى الشيعي _بتصرف
- fiveable4.3 الدولة الصفوية _بتصرف
- studyالعمارة الصفوية | الخصائص، الأمثلة والحقائق_بتصرف
- wikishiaالدولة الصفوية_بتصرف
مشاركة المقال
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

كيف تأسست الممالك القديمة في الجزيرة العربية؟

جولة رائعة في متحف اللوفر أبوظبي ماذا ستكتشف؟

ماهو سر تأثير متحف اللوفر الثقافي العالمي؟

كيف أثرت التجارة على نشأة المدن العربية القديمة؟

كيف أثرت الاختراعات عبر التاريخ في تشكيل الحضارات؟

ما هي أهم عناصر التراث الثقافي العالمي التي...

كيف تغيرت العلاقات الاجتماعية عبر العصور؟

لماذا سقطت الإمبراطورية المغولية وكيف انهارت؟

كيف تدعم السياحة الأثرية نشر الثقافة عبر العالم

ماهي أعظم عجائب الحضارات القديمة التي أبهرت العالم؟

كيف ساهم التراث العربي الإسلامي في بناء الحضارات؟

ما هي أبرز الفتوحات الإسلامية الكبرى في التاريخ؟

ما هي أهم معارك الدولة العثمانية وكيف أثرت...

ما سر روعة القصور الإسلامية الأثرية؟
