تحتمس الثالث: نابليون مصر القديمة وصاحب أعظم الانتصارات العسكرية

يعد تحتمس الثالث واحدًا من أعظم ملوك مصر في عصر الدولة الحديثة. وقد لقّب بـ”نابليون الشرق” نظرًا لإنجازاته العسكرية والإدارية. ومن ناحية أخرى لم تقتصر أعماله على الفتوحات فقط بل شملت أيضًا إصلاحات داخلية ونهضة معمارية واسعة. بالإضافة إلى ذلك تميز حكمه بالتوسع الكبير الذي شهدته حدود مصر. حيث وصلت الإمبراطورية إلى أقصى اتساعها، ولذلك فإن دراسة أعماله. تمكننا من فهم طبيعة القيادة العسكرية والسياسية في ذلك العصر. فما أبرز إنجازاته؟ وكيف ساهمت في تشكيل ملامح الدولة المصرية القديمة في أوج قوتها؟

ما هي أعمال تحتمس الثالث؟

يعتبر تحتمس الثالث من أعظم ملوك مصر الفرعونية. وقد تميز عهده بالإنجازات العسكرية والسياسية والمعمارية. التي ساهمت في ازدهار الدولة بشكل غير مسبوق ومن ناحية أخرى لم يكن مجرد قائد عسكري فحسب. بل كان إداريًا بارعًا ومحبًا للفنون والبناء، وهو ما انعكس على تطور البلاد في فترة حكمه.

أبرز أعمال تحتمس الثالث التي خلدها التاريخ:

• قاد ما يزيد عن 17 حملة عسكرية ناجحة إلى بلاد الشام والنوبة. وساهم في توسيع حدود الإمبراطورية المصرية بشكل لم يسبقه إليه أحد.
• انتصر في معركة مجيدو الشهيرة والتي تعد من أوائل المعارك التي تم توثيقها تفصيليًا في التاريخ.
• فرض النفوذ المصري على مدن كثيرة في آسيا مما أدى إلى ازدهار التجارة وزيادة الثروات.
• اهتم بتطوير الجيش المصري وابتكر استراتيجيات حربية جديدة كانت سابقة لعصرها.
• أشرف على إنشاء العديد من المعابد الضخمة منها معبد الكرنك وأضاف إليه صروحًا ومسلات ونقوش تخلد إنجازاته.
• عمل على تنظيم شؤون البلاد داخليًا فطوّر الإدارة وشجّع على الاستقرار والنمو الاقتصادي.

وعند الحديث عن نهاية حياته. يبرز السؤال: كيف مات تحتمس الثالث؟ تشير المصادر التاريخية إلى أنه توفي وفاة طبيعية في أواخر حياته. بعد أن حكم مصر حوالي 54 عامًا، ودفن في وادي الملوك. تاركًا خلفه إرثًا ضخمًا من الإنجازات.

وبذلك يعد تحتمس الثالث نموذجًا للقائد المتكامل الذي جمع بين القوة والعقل والحكمة. ليصبح رمزًا خالدًا في ذاكرة الحضارة المصرية القديمة.

تعرف أيضاً على: أحمس الأول: طارد الهكسوس ومؤسس الدولة الحديثة في مصر القديمة

هل تحتمس الثالث هو فرعون موسى؟

يعد سؤال “هل تحتمس الثالث هو فرعون موسى؟ ” من أكثر الأسئلة المثيرة للجدل بين الباحثين في التاريخ. والتفسير الديني إذ لم يذكر اسم فرعون موسى بشكل صريح في الكتب السماوية مما فتح الباب أمام العديد من الفرضيات. من ناحية أخرى يرى بعض المؤرخين أن تحتمس الثالث بحكم قوته وسلطته الواسعة قد يكون الأقرب إلى هذه الشخصية خاصةً وأنه حكم مصر لفترة طويلة شهدت توسعات وحروبًا كثيرة، وكان يتمتع بنفوذ هائل.

ومع ذلك تشير أدلة تاريخية وزمنية إلى احتمالات أخرى مثل أن يكون رمسيس الثاني أو مرنبتاح هو فرعون موسى نظرًا للتقارب الزمني مع الأحداث التي وردت في الكتب السماوية علاوة على ذلك لا توجد دلائل أثرية مباشرة تربط بين تحتمس الثالث وقصة خروج بني إسرائيل مما يجعل الربط بينهما مبنيًا على اجتهادات تفسيرية أكثر منها أدلة علمية.

أما عن زوجة تحتمس الثالث فقد كانت الملكة ساتيا وهي من الشخصيات الملكية التي لم يظهر لها دور كبير في النقوش أو السجلات التاريخية على عكس الملكات الأخريات مثل حتشبسوت.

وبالتالي ورغم كثرة الفرضيات فإن الربط بين شخصية فرعون موسى وملوك معينين مثل تحتمس الثالث لا يزال محل نقاش، ويعتمد على تفسيرات متعددة تجمع بين الدين والتاريخ والآثار دون وجود دليل قاطع حتى الآن.[1]

تعرف أيضاً على: ملوك مصر القديمة وتاريخهم وتأثيرهم

كم كان عمر تحتمس الثالث عندما حكم مصر؟

تولى تحتمس الثالث حكم مصر في ظروف استثنائية حيث كان لا يزال طفلًا صغيرًا عند وفاة والده الملك تحتمس الثاني، ومن ناحية أخرى لم يسمح له بالحكم منفردًا في البداية إذ تولت زوجة أبيه الملكة حتشبسوت منصب الوصاية على العرش، وظلت تحكم كفرعون لفترة طويلة، وتشير المصادر التاريخية إلى أن تحتمس الثالث كان يبلغ من العمر حوالي 7 سنوات فقط عندما اعتبر رسميًا ملكًا لكنه لم يمارس سلطاته الفعلية إلا بعد وفاة حتشبسوت أي عندما كان في حوالي سن 24 عامًا.

علاوة على ذلك بمجرد أن تولّى الحكم الفعلي أظهر كفاءة غير عادية في القيادة العسكرية والإدارة، وقاد مصر إلى واحدة من أعظم فتراتها في التوسع والنفوذ الإقليمي، وبهذا أثبت أنه لم يكن مجرد ملك صغير نشأ في ظل ملكة قوية بل قائد بارز حفر اسمه في ذاكرة التاريخ.

وبالحديث عن إنجازاته العسكرية فقد بلغ عدد معارك تحتمس الثالث حوالي 17 حملة عسكرية ناجحة كان أشهرها معركة مجيدو التي تعد من أوائل المعارك المسجَّلة بالتفصيل في التاريخ.

ومن خلال هذا التاريخ الحافل يظهر أن تحتمس الثالث كان أكثر من مجرد ملك صعد إلى العرش في سن مبكرة بل كان أحد أعظم القادة العسكريين في مصر القديمة، واستطاع أن يحوّل مصر إلى قوة عظمى في عهده.

تعرف أيضاً على: ملوك مصر القديمة وتاريخهم وتأثيرهم

ما هو لقب تحتمس الثالث؟

حمل تحتمس الثالث عدة ألقاب ملكية تعكس عظمته ومكانته في التاريخ المصري القديم لكن من أبرز الألقاب التي اشتهر بها هو “نابليون مصر” وهو لقب أطلقه عليه المؤرخون لاحقًا نظرًا لعبقريته العسكرية وتخطيطه الاستراتيجي المتميز، ومن ناحية أخرى لقّبه المصريون القدماء بلقب “الثور القوي في الميدان” وهو تعبير رمزي يجسّد قوته وشجاعته في المعارك كما لقّب أيضًا بـ”الملك المحارب” و”فاتح آسيا” لما حققه من انتصارات عظيمة في بلاد الشام والنوبة.

علاوة على ذلك عرف تحتمس الثالث بأنه أول من أنشأ إمبراطورية مصرية متكاملة، ووسع حدود الدولة لتشمل أجزاء كبيرة من الشرق الأدنى مما جعله نموذجًا للقائد المثالي الذي جمع بين المهارة العسكرية والإدارة الحكيمة، وقد خلّد الكهنة والكتبة هذه الإنجازات في نقوش معبد الكرنك التي تروي تفاصيل حملاته وانتصاراته.

وعند الحديث عن الحكم والفكر نسبت إليه بعض العبارات التي تعكس فلسفته، ومن أشهر من أقوال تحتمس الثالث: “ما من بلد يقف أمام جيوشي فأنا ابن آمون المنتصر بقوته” وهي جملة تظهر اعتزازه بدعم الآلهة وثقته في النصر.

وهكذا لا يقتصر لقب تحتمس الثالث على مجرد كلمات تقال بل هو مرآة لإنجازات عظيمة لا تزال تدرّس، وتستلهم حتى اليوم.[2]

تعرف أيضاً على: الملكة حتشبسوت وإنجازاتها في مصر القديمة

وفي الختام تظهر أعمال تحتمس الثالث مدى عظمة هذا القائد الذي استطاع أن يحوّل مصر إلى قوة إقليمية كبرى بفضل إنجازاته العسكرية والإدارية والمعمارية، ومن ناحية أخرى لا يمكن إغفال تأثيره العميق في صياغة ملامح الدولة المصرية خلال عصرها الذهبي بالإضافة إلى ذلك فإن إرثه لا يزال حاضرًا في المعابد والنقوش التي تحكي قصص انتصاراته لذلك يعد تحتمس الثالث نموذجًا حقيقيًا للملك القوي والذكي الذي استطاع أن يجمع بين الحكمة والقوة، ويترك بصمة خالدة في تاريخ الحضارة الفرعونية.

• BritannicaThutmose III king of Egypt-بتصرف
• JstorThutmose III and Hatshepsut, Pharaohs of Egypt: Their Lives and Afterlives-بتصرف

مشاركة المقال

وسوم