تحليل شعر محمود درويش: شاعر القضية الفلسطينية

الكاتب : هبه وليد
06 مارس 2025
عدد المشاهدات : 21
منذ 5 ساعات
تحليل شعر محمود درويش: شاعر القضية الفلسطينية
عناصر الموضوع
1-نبذه عن محمود درويش
2- محمود درويش وشعره لفلسطين
3- تحليل رموز قصيده وطن
4- كيف أثرت تحولات السياسة في أساليبه الشعرية؟

عناصر الموضوع

1- نبذه عن محمود درويش

2- محمود درويش وشعره لفلسطين

3- تحليل رموز قصيده وطن

 4- كيف أثرت تحولات السياسة في أساليبه الشعرية؟

أثرت نكبة فلسطين عام 1948 بشكل واضح في التاريخ المعاصر، حيث كانت من أكثر الأحداث قسوة وطولًا وعمقًا، مما جعلها تثير مشاعر الشعراء الذين أبدعوا في تقديم تراث أدبي غني، يتميز بالصدق في العواطف، والمهارة في التصوير، والسمو في الرؤى.

1-نبذه عن محمود درويش

اختار محمود درويش (1942-2008) في بداية مسيرته الشعرية خطين سياسيين أساسيين في قصائده بوضوح: القضية الفلسطينية، التي كانت بمثابة الوقود لقطاره الشعري، والفكر اليساري، الذي كان بمثابة الإطار الخارجي لذلك القطار. كان ذلك في الستينات, لكن سرعان ما أطلق درويش لغة شعرية من نافذة أوسع، تتجاوز أي ظرف إيديولوجي.

جاءت محاولته للابتعاد عن “نظام” قصيدة التفعيلة الخطابية السائدة آنذاك، والتي كانت تتسم بالطابع المنبري، من خلال ديوانه “أحبك أو لا أحبك” (1972) عبر النص التجريبي “مزامير”. وقد نجح درويش في تلك الفترة في قراءة الشعر بعيدًا عن المعطيات السياسية الجاهزة، حيث لم يرغب في أن تخضع القصيدة لإغراء الفكر النضالي والانفعالات والصراعات. رغم انتشار هذه الخيارات في تلك المرحلة (بين حربي 1967 و1973). وكان هذا بمثابة أولى قفزاته نحو الابتعاد عن نظام القصيدة الغنائية الرومانسية النستالجية التي ظهرت في كتابيه “أوراق الزيتون” (1964) و”عاشق من فلسطين” (1967). وقد استمر محمود درويش في تطوير لغته، وأدخل تحولات في منهج القصيدة مع “مديح الظل العالي” (1983)، ثم “أحد عشر كوكبًا” (1992)، الذي كان بمثابة المدخل إلى لغة جديدة تمثل المرحلة الأخيرة من حياته الشعرية.[1]

2- محمود درويش وشعره لفلسطين

محمود درويش هو شاعر فلسطيني ثوري، أحب فلسطين وأحبته، فهي الوطن والجرح العميق في الجسد العربي، رمز النهوض والمقاومة. كان شعره عن فلسطين تجسيدًا للثورة، وحكاية عشق لوطن لا تضعفه الصعوبات. حبس في عينيه دموع العيد ليبكي فرحة التحرير، وحمل قضية وطنه ليُسمع العالم معاناة شعبه، كما يتجلى في قوله:

وإذا استرسلت في الذكرى!

نما في جبهتي عشب الندم

وتحسرت على شيء بعيدْ

وإذا استسلمت للشوق،

تَبَنَّيتُ أساطير العبيد

وأنا آثرت أن أجعل من صوتي حصاة

ومن الصخر نغم!

من يقرأ شعر محمود درويش يشعر بعمق الانتماء الوطني والارتباط الوثيق بأرض فلسطين، التي أصبحت لحنًا يعزفه الشاعر بأصوات الحزن الرقيق والأمل المكبوت. من خلال كلماته، يتحدى كل أشكال الألم والهزيمة, حيث يتوجه بكلماته إلى معشوقته فلسطين قائلًا:

عيونكِ شوكةً في القلبِ

توجعني.. وأعبدُها

وأحميها من الريحِ

وأغمدها وراء الليلِ والأوجاعِ.. أُغمدها

فيشعل جُرحُها ضوء المصابيحِ

ويجعل حاضري غدُها

أعزّ عليّ من روحي

وأنسى، بعد حين، في لقاء العين بالعينِ[2]

3- تحليل رموز قصيده وطن

تُعتبر قصيدة “وطن” للشاعر محمود درويش واحدة من الأعمال الأدبية التي تحتوي على رموز غنية ومعانٍ عميقة تتجاوز المعاني السطحية. من خلال تحليل الرموز الموجودة في هذه القصيدة، يمكننا استكشاف الأبعاد المتعددة التي يسعى درويش للتعبير عنها، والتي تتعلق بالهوية والانتماء والوطنية. يبدأ درويش قصيدته بتصوير الوطن ككيان حي ينبض بالحياة، مستخدمًا رموزًا طبيعية مثل الأرض والسماء والبحر. هذه الرموز لا تعكس الجغرافيا فحسب، بل تحمل أيضًا دلالات أعمق تتعلق بالاستمرارية والثبات، مما يعكس الارتباط العميق للشاعر بأرضه.

بالإضافة إلى ذلك، يستعمل درويش رموزًا مرتبطة بالزمن, مثل الليل والنهار، للتعبير عن التغيرات والتحولات التي يمر بها الوطن. فالليل قد يرمز إلى الفترات الصعبة والمظلمة في تاريخ الوطن، بينما يعكس النهار الأمل والتجدد. من خلال هذه الرموز الزمنية, يبرز درويش فكرة أن الوطن يمر بدورات من الألم والفرح، وأن الأمل دائمًا حاضر في الأفق. الانتقال من الليل إلى النهار في القصيدة يعكس أيضًا رحلة الشاعر الشخصية من اليأس إلى الأمل، مما يضفي على النص طابعًا إنسانيًا عميقًا.

كما يستخدم درويش رموزًا تتعلق بالصراع والمقاومة، مثل السيف والدرع، ليعبر عن النضال المستمر من أجل الحرية والكرامة. تعكس هذه الرموز التحديات التي يواجهها الوطن، وتبرز الروح القتالية التي يتمتع بها الشعب في سعيه لتحقيق العدالة والاستقلال. من خلال هذه الرموز، يسلط درويش الضوء على أهمية المقاومة كوسيلة للحفاظ على الهوية الوطنية وحماية الأرض من العدوان.[3]

تحليل شعر محمود درويش: شاعر القضية الفلسطينية

4- كيف أثرت تحولات السياسة في أساليبه الشعرية؟

بَحْرٌ جاهزٌ من أجلنا

دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراسًا.

ستتَّسعُ الصحاري

عمَّا قليلٍ، حين ينقضُّ الفضاء على خطاكَ

فرغتُ من شَغَفي ومن لهفي على الأحياء. أفرغتُ انفجاري

من ضحاياك، استندتُ على جدارٍ ساقطٍ في شارعِ الزلزالِ

أَجْمَعُ صورتي من أجل موتكَ

خُذْ بقاياكَ اتخذني ساعدًا في حضرة الأطلالِ

خُذْ قاموسَ ناري

وانتصرْ

في وردةٍ تُرمى عليكَ من الدموعِ

ومن رغيفٍ يابسٍ، حافٍ، وعارِ

وانتصرْ في آخر التاريخِ…

لا تاريخَ إلا ما يؤرِّخه رحيلُكَ في انهياري

بهذه الطريقة يبدأ الشاعر الفلسطيني محمود درويش قصيدته الشهيرة “في مديح الظل العالي”, وهي قصيدة طويلة ومعقدة. تبدو كأنها تندب مدينة بيروت، التي احتضنت الشاعر خلال أهم مراحل حياته، قبل أن يغادرها بعد أن وقعت في فخ حرب أهلية عنيفة, تكللت باجتياح صهيوني للعاصمة. ومع ذلك، فإن القصيدة تحمل طابعًا غامضًا، حيث تتلاعب الكلمات داخلها وتفلت المعاني. كما لو كانت في مطاردات طويلة في شوارع بيروت الضيقة. ويمكنك ملاحظة هذا الغموض في جميع أعمال محمود درويش، حيث يُعتبر سمة بارزة في شعره.

في سياق هذا الغموض. أجرى درويش في عام 1973 حوارًا مع التلفزيون المغربي، حيث أشار إلى التغير الذي طرأ على أسلوبه الشعري، قائلًا: “في الأرض المحتلة كانت لغتنا بسيطة، لأننا كنا نهتم بالهدف السياسي قبل الفني، وكان التركيز على المواجهة والبساطة، لأن الكلمة كانت هي المحرض.” [4]

في الختام، ترك محمود درويش وراءه إرثًا غنيًا من الشعر الذي يضيء ظلام الليل، ويتفاعل بعمق مع القضية المصيرية للأمة العربية، دون تملق للشعوب أو تهاون مع المحتلين. إن شعره ينبض بالحرية ويزهر بألوان الشهادة.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة