توما الأكويني: مساهماته في الفلسفة واللاهوت

25 سبتمبر 2025
عدد المشاهدات : 10
منذ ساعتين
من هو القديس توماس الأكويني؟
من أبرز ملامح شخصيته:
إسهاماته الفلسفية تضمنت:
إسهاماته اللاهوتية تضمنت:
ماذا قال توما الاكويني عن الإسلام؟
من أقوال القديس توما الاكويني؟
كتب توما الأكويني
De motu cordis, ad Magistrum Philippum
De regno, ad regem Cypri
Summa Theologica (Summa Theologiae)
Summa contra Gentiles
الأسئلة الشائعة
س: من أين جاء الاسم "توما الأكويني"؟
س: ما هي المنهجية التي اتبعها توما الأكويني في الجمع بين الفلسفة المسيحية والفلسفة الأرسطية؟
س: ما هي "الأسئلة المعلقة" أو Disputed Questions التي كتبها توما، وما أهميتها؟
س: ما هي “الأساليب الخمسة لبرهان وجود الله” التي اشتهر بها توما الأكويني؟
س: كيف يرى توما الأكويني العلاقة بين الإيمان والعقل؟
س: ما هي فكرة “الجوهر والوجود” عند توما الأكويني؟

توما الأكويني شخصية محورية في تاريخ الفلسفة واللاهوت لأنه جمع بين العقل والإيمان بأسلوب منهجي أثر في المسيحية وحوارات الأديان ومن أبرزها الإسلام. كان تركيز توما الأكويني على البرهان والتفكير العقلاني في المسائل اللاهوتية لكنه لم يغفل أيضاً الجوانب الأخلاقية والسياسية. بالتالي يجعل دراسته مفيدة لكل من يهتم بالفكر الإسلامي والمسيحي على حد سواء.

من هو القديس توماس الأكويني؟

القديس توما الأكويني هو واحد من أعظم الفلاسفة واللاهوتيين في التاريخ المسيحي عاصر القرن الثالث عشر الميلادي. ولد حوالي عام 1225 في إيطاليا، في عائلة نبيلة وانضم إلى رهبنة الدومينيكان. ركز في تعليمه على دمج الفلسفة الأرسطية مع اللاهوت المسيحي ليشكل مدخلاً عرف بالسكولاستيكية (التفكير المدرسي). وأحدث تغييرات كبيرة في كيفية مقاربة العقل المسيحي للقضايا مثل وجود الله  وطبيعة النفس والأخلاق والسياسة.

من أبرز ملامح شخصيته:

  • كان باحثاً ومنظراً عميقاً، يدرس النصوص الكلاسيكية مثل أرسطو، الفلاسفة المسلمين، وأيضاً الكتاب المقدس، ليجمع بين هذه المصادر وتفسير لاهوتي مسيحي.
  • عرف بلقب «دكتور الملاك» و«دكتور مشترك» في الكنيسة الكاثوليكية، تقديراً لفكره المتوازن، ولأنه لم ينخرط في الخلافات العقائدية البسيطة فقط، بل درس القضايا الكبرى مثل العلاقة بين الإيمان والعقل، والطبيعة والنعمة.

إسهاماته الفلسفية تضمنت:

توما الأكويني

  • نظرية الميتافيزيقا: التمييز بين الجوهر والوجود، وأن وجود الله هو من الضرورات الفلسفية (الأسباب الخمسة) التي لا يمكن تجاهلها.
  • الأخلاق السياسية: رأى أن الغاية العليا هي السعادة الأبدية، وأن الفضيلة تلعب دوراً مركزياً في تحقيق غاية النفس البشرية.

تعرف أيضًا على: ديفيد هيوم بين العقل والتجربة في نظرية المعرفة

إسهاماته اللاهوتية تضمنت:

  • التأكيد على أن الإيمان لا يتعارض مع العقل إذا استخدما بطريقة صحيحة
  • تفسير أسرار المسيحية (كالثالوث المسيحي، التجسد، الفداء) بحيث يمكن الدفاع عنها عقلياً لكن يعترف بالغموض حيثما استلزم الأمر. [1]

ماذا قال توما الاكويني عن الإسلام؟

في كتاب Summa Contra Gentiles وكتابات أخرى، توما الأكويني قدم نقداً لبعض المعتقدات الإسلامية، عبر عدة نقاط:

  • رأى أن محمد لم يقدم آيات خارقة طبيعية (أي معجزات واضحة تفوق قدرة البشر) لتأكيد نبوته، بينما معجزات الأنبياء في المسيحية تعتبر دليلاً إلهياً على الوحي.
  • نقده لبعض التعاليم التي اعتبرها مختلطة بين الحقيقة والأساطير أو الخرافات، من وجهة نظره المسيحية، خصوصاً في ما يتعلق بالنبوة والنصوص التي لا تختص بالعقل وحده.
  • في كلامه:

“He (Mohammed) did not bring forth any signs produced in a supernatural way, which alone fittingly gives witness to divine inspiration; for a visible action that can be only divine reveals an invisibly inspired teacher of truth. On the Contrary, Mohammed said that he was sent in the power of his arms – which are signs not lacking even to robbers and tyrants.”

كما أنه قارن بين طريقة انتشار الإسلام وطريقة انتشار المسيحية، فمن وجهة نظره المسيحية، المسيحية تتبنى الشهادة والدم والمعجزات، بينما الإسلام بحسبه استخدم بعض عناصر القوة أو الترغيب المادي.

لكن من المهم أن نفهم أن معارضته كانت من موقع لاهوتي وديني محدد، وليس من منظور علمي موضوعي بمعنى اليوم. كان يرى أن الحقيقة المسيحية تكتمل بالعقائد التي يراها ضرورية للإيمان، مثل الثالوث والتجسد، والتي تختلف جوهرياً مع العقيدة الإسلامية. كذلك لاحظ أنه استخدم المنطق الفلسفي والأدوات العقلية المتاحة في وقته – الفلسفة الأرسطية، التصوف المسيحي، وبعض النقد التصوري للمعتقدات الدينية.

تعرف أيضًا على: هوميروس: شاعر الإلياذة والأوديسة

من أقوال القديس توما الاكويني؟

فيما يلي بعض الأقوال المعروفة، مع شرح مختصر:

“To one who has faith, no explanation is necessary. To one without faith, no explanation is possible.”

يعني: إن كان الإنسان مؤمناً، فالإيمان بحد ذاته يكفي، أما الذي لا يؤمن فحتى الشرح لا يقنعه. هذا يشير إلى أن الإيمان يدخل في إطار التجربة الروحية الذي لا يمكن للعقل وحده أن يغطيه بالكامل.

“Beware the man of a single book.”

التنبيه إلى خطورة أن يقتصر الإنسان على مصدر واحد للفكر أو المعرفة، فالمعرفة – بحسب توما – تحتاج تنوعاً بين الفلسفة، التجربة، النصوص الدينية، الأخلاق.

بعض الأقوال التي تعكس حكمته في المسيحية، الأخلاق، وحياة الروح، مثل التأكيد على الفضيلة، والرحمة، وأهمية الصلاة contemplation (التأمل الروحي). هذه الأقوال تظهر الجانب الشخصي والروحي لتوما، وليس فقط الجانب الفلسفي الأكاديمي.

أقوال أخرى تتعلق بالعقل والحق، مثل التشديد على أن الحقائق التي يمكن أن يدركها العقل هي جزء مهم من الحقيقة الدينية، لكن ليس كلها. العقل هو وسيلة للتقريب إلى الحق، لا بد أن يقترن به تسليم روحي حيثما استلزم الأمر.

“Charity is the form, mover, mother and root of all the virtues.”

أي: “الخير (المحبة/الصدقة) هي الشكل والمحرك والمولدة والجذر لكل الفضائل.”

التحليل: تبين هذه المقولة كيف أن توما يرى أن المحبة ليست مجرد فضيلة من الفضائل، بل هي الجوهر الذي تنبثق منه الفضائل كلها. المحبة أو charity عنده ليست فعلًا أخلاقيًا فقط، بل هي القوة التي تحرك النفس نحو الخير، وهي أصل الفضائل الأخرى مثل العدالة، الحكمة، الصبر، التواضع. هذا يظهر بعدًا أخلاقيًا وروحيًا عميقًا في فكره، وأن اللاهوت الأخلاقي عنده لا يكتفي بالقواعد بل يركز على طبيعة النفس التي تحقق الفضيلة.

“There is nothing on this earth more to be prized than true friendship.”

التحليل: الصداقة الحقة عند توما تتجاوز المصالح المادية أو النزعات الشخصية الضيقة. هي علاقة تبنى على الفضيلة، على المحبة المنطلقة من الذات نحو الآخر. أنها علاقة تكون النفس، تثريها، وتكون دعمًا أخلاقيًا وروحيًا. هذه المقولة تظهر كيف أنه ليس كل ما يعتبر “قيمًا” مادياً يقدر، بل إنما العلاقات القائمة على الفضيلة والمحبة لها قيمة عالية جدًا. [2]

تعرف أيضًا على: جون لوك: من التجربة الحسية إلى العقد الاجتماعي

توما الأكويني

كتب توما الأكويني

إليك بعض الكتب والمصنفات الرئيسية:

  • Summa Theologica — ربما أشهر أعماله، وهي موسوعة لاهوتية ضخمة تتناول مسائل مثل وجود الله، الأخلاق، الأسرار المسيحية، الخلاص، المسيح، الكائنات، الخلق.
  • Summa Contra Gentiles — كتاب للدفاع المسيحي، يحاول شرح العقيدة المسيحية أمام غير المؤمنين، مستخدماً المنطق الفلسفي. هنا يناقش عدة مواضيع منها ماهية الله، ما بعد الطبيعة، الخلق، المعرفة.
  • Quaestiones Disputatae de Veritate — مجموعة من الأسئلة الفلسفية والنقاشية عن الحقيقة، الأخلاق، والخير.
  • De principiis naturae, ad fratrem Sylvestrum — كتاب مبكر يتناول المبادئ الأساسية للطبيعة من وجهة نظر فلسفية أكثر منه لاهوتية.
  • De regno, ad regem Cypri — في الفكر السياسي، يتناول نظرية الحكم والعلاقة بين السلطة والمصلحة العامة.
  • On Being and Essence (De Ente et Essentia) — من الأعمال التي تبحث في طبيعة الوجود، الجوهر، وماهية الكينونة.

De motu cordis, ad Magistrum Philippum

هذا عمل صغير من كتابات توما، كتبه تقريبًا في آخر سنوات حياته (حوالي 1273)؛ يتناول العلاقة بين النفس والقلب (كمعنصر مادي) من منظور فلسفي أرستو-توماوي. يظهر كيف أن توما لم يكن يفكر فقط في الأمور الكبرى (الله، اللاهوت، الأخلاق العليا)، بل أيضاً في الأسئلة التي تربط العقل والجسد، والنفس والمادة.

De regno, ad regem Cypri

معاهدة سياسية عالج فيها توما الفكرة الملكية والحكم، موجهة إلى ملك قبرص. يناقش كيف يكون الملك العادل، وما هي الغاية من الحكم، وما العلاقة بين الحكم والعدالة والمصلحة العامة. يرى أن الملك يجب أن يحكم للخير العام، وأن السلطة ليست سلطة مطلقة بلا رقابة أخلاقية، رغم أنه يدافع في بعض مواضع عن سلطة قوية إذا استلزم الأمر لتحقيق الاستقرار.

تعرف أيضًا على: غاليليو غاليلي: أبو الفيزياء الحديثة

Summa Theologica (Summa Theologiae)

كما ذكرت، هي أكبر أعماله وأكثرها شهرة. تتكون من عدة أجزاء: وجود الله وصفات الله، الخلق، الإنسان، أخلاقه، المسيح، الأسرار المسيحية مثل التمجد والتجسيد والفداء، ثم العودة إلى الله. واحد من أهم مزاياها أنها منهجية ومنظمة، تجمع بين البرهان العقلي والنصوص الدينية، وتتيح للقارئ أن يرى كيف تبنى أقل الأسس الفلسفية (كالوجود، الجوهر والوجود، النفس) حتى الأعلى (الإيمان، الأسرار).

Summa contra Gentiles

كتاب موجه لمن ليسوا مؤمنين بالمسيحية، أو لمن هم خارج دائرة الإيمان المسيحي. في الأجزاء الأولى يستخدم العقل والبرهان الطبيعي لشرح ماهية الله، الخلق، الطبيعة، النواميس الطبيعية؛ أما في الجزء الأخير، فيتناول العقائد المعلن عنها مثل الثالوث والتجسيد. هذا العمل مهم جداً إذا كنت مهتمة بحوار الأديان أو الدفاع المسيحي أو مقارنة الفلسفة الدينية.

في الختام، يتبين أن توما الأكويني هو شخصية فريدة تربط بين العقل والإيمان، بين الفلسفة واللاهوت، وبين المسيحية وحوار الأديان. من خلال كتاباته رأينا كيف نظر إلى الإسلام من منظور المسيحية والفكر الفلسفي حينها، واستعرضنا أقوالاً حكيمة تعبر عن عمق روحه وفكره، وأخيراً تعرفنا على كتبه التي ترسم خارطة طريق لأي مهتم بدراسة هذا الفكر العظيم. إن كنت قد طرحت أسئلة مثل ما معنى الحقيقة؟ أو ما علاقة العقل بالإيمان؟ فتوما الأكويني يعطيك أجوبة عميقة، لكنه أيضاً يدعوك للتفكير، للتأمل، وللبحث.

توما الأكويني

الأسئلة الشائعة

س: من أين جاء الاسم “توما الأكويني”؟

ج: الاسم “أكويني” (Aquinas) يعني من منطقة “أكوينوم” في إيطاليا، وهي مسقط رأس عائلته. توما ولد في مقاطعة أكوينو تقريبًا عام 1225، ولذلك يعرف بهذا الاسم.

تعرف أيضًا على: كارل ماركس: فيلسوف ألماني ومؤسس النظرية الشيوعية

س: ما هي المنهجية التي اتبعها توما الأكويني في الجمع بين الفلسفة المسيحية والفلسفة الأرسطية؟

ج: منهجيا، توما تبنى الفلسفة الأرسطية كمكون عقلاني مهم، واعتبر أن العقل البشري قادر على معرفة الحقائق الطبيعية (كالوجود، الجوهر، الطبيعة) دون حاجة للوحي، بينما العقائد المسيحية تتطلب الوحي. هو لم يلغي العقل ولا الفلسفة، بل قام بدمجها مع العقيدة، بحيث العقل يدعم الفهم، والعقيدة تكمل ما لا يصل إليه العقل وحده.

س: ما هي “الأسئلة المعلقة” أو Disputed Questions التي كتبها توما، وما أهميتها؟

ج: “الأسئلة المعلقة” (Quaestiones Disputatae) هي مقالات أو محاضرات يتناول فيها موضوع معين بطريقة مناقشة – الطلاب يسألون، توما يجيب، يعرض الاعتراضات والردود. مثال: Quaestiones Disputatae de Veritate يناقش موضوع الحقيقة، الضمير، الإرادة، المعرفة، والخير. هذه الأعمال هامة لأنها تظهر قدرة توما على الحوار النقدي، وكيف يستخدم المنطق والعقل لتوضيح المعتقدات، وللرد على الانتقادات.

س: ما هي “الأساليب الخمسة لبرهان وجود الله” التي اشتهر بها توما الأكويني؟

ج: توما قدم خمسة برهانات عقلية لوجود الله في Summa Theologica. باختصار:

  • الدليل من الحركة (وجود مدفوع، لابد من محرك أول)
  • الدليل من الأسباب المؤثرة (السلسلة السببية لا يمكن أن تمتد بلا حد، فلا بد من سبب أول)
  • الدليل من الممكن والموجود (أن الأشياء توجد وقد لا توجد، يجب أن يكون هناك شيء لا يعتمد على غيره لوجوده)
  • الدليل من الدرجات (الكمالات – الكمال المطلق: الله)
  • الدليل من التصميم الغائي في الطبيعة (انضباط الكائنات نحو غاية تظهر وجود تصميم ذكي).

س: كيف يرى توما الأكويني العلاقة بين الإيمان والعقل؟

ج: توما يرى أن الإيمان والعقل ليسا متعارضين بل متكاملان. العقل يستطيع أن يصل إلى بعض الحقائق (كالخلق، وجود الله ببرهان طبيعي، أخلاق عامة) دون الوحي، والإيمان يأتي ليكمل ما لا يستطيع العقل وحده الوصول إليه (كالثالوث والتجسيد). الإيمان لديه عبر “نقطة فوق القدر” (transcendentals) لا يمكن للعقل تأويلها بالكامل، لكن العقل ملزم بأن يعترف بها إذا كانت معتمدة.

س: ما هي فكرة “الجوهر والوجود” عند توما الأكويني؟

ج: من أهم أفكار توما: التمييز بين جوهر الشيء وماهيته (ما هو) وبين وجوده الفعلي (أن يكون موجودًا). في الكائنات المخلوقة، الجوهر مختلف عن أن توجد؛ لكن في الله لا فرق بين الجوهر والوجود – وجوده هو جوهره ذاته. هذا التمييز مهم في ميتافيزيقا توما، وله تبعات كثيرة في فهم الخلق، القداسة، التغيير، وكيف ينظر إلى الكائنات.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة