تينا فاي: السيدة الحديدية في الكوميديا السياسية الأمريكية

 تينا فاي هي واحدة من أبرز الوجوه في عالم الكوميديا السياسية الأمريكية وقد استطاعت أن تفرض نفسها على الساحة الفنية بأسلوب ذكي وساخر جمع بين الجرأة والعمق. ولدت لتكون قائدة في عالمٍ يغلب عليه الذكور وتحولت من كاتبة في الظل إلى رمز نسائي قوي خلف الكواليس وأمام الكاميرا. تناول هذا المقال مسيرة تينا فاي. من نشأتها إلى صعودها كأيقونة تلفزيونية مرورًا بأصولها العرقية وثروتها وعلاقتها بأبرز النجوم لنكشف سرّ السيدة الحديدية التي أعادت تعريف الكوميديا الأمريكية.

من هي تينا فاي؟

منذ بداية ظهورها على شاشات التلفاز أثارت تينا فاي. إعجاب الجماهير والنقّاد بفضل براعتها في الكتابة وأسلوبها التمثيلي الفريد. ولدت باسم إليزابيث ستاماتينا فاي في مدينة أبردين بولاية بنسلفانيا عام 1970 لأبٍ من أصول ألمانية. وأم ذات جذور يونانية وهو ما يفسر تنوّع أفكارها وتأثيرات خلفيتها العائلية على حسّها الكوميدي. كانت نشأتها وسط بيئة متعددة ثقافيًا مما أكسبها قدرة فائقة على السخرية من الواقع بذكاء دون الوقوع في الابتذال.

التحقت بجامعة فيرجينيا حيث درست الدراما والكتابة وبدأت أولى خطواتها الاحترافية من خلال كتابة الاسكتشات الكوميدية. كانت تجربتها الأكبر مع برنامج “Saturday Night Live” حيث أصبحت أول امرأة تشغل منصب الكاتبة الرئيسية في البرنامج وهو منصب ظل حكرًا على الرجال لعقود. من هناك بدأت رحلتها كممثلة ومنتجة وكاتبة لعدد من الأعمال مثل مسلسل “30 Rock” وفيلم “Mean Girls”.

ومن الجدير بالذكر أن عرقية تينا فاي المختلطة (اليونانية والألمانية) كانت دومًا مصدر إلهام لتنوع رؤيتها في تناول القضايا الاجتماعية والسياسية بشكل يتقبله الجميع لا سيّما في بلد متعدد الثقافات مثل الولايات المتحدة.[1]

تعرف أيضًا على: دريد لحام: غوار الطوشة الوجه الضاحك للواقع المؤلم

هل تينا فاي مليونير؟

بينما يبدو عالم الكوميديا وكأنه مجرد منصة للضحك إلا أن هناك وراء الكواليس عملًا احترافيًا وصناعة بمليارات الدولارات. وكانت تينا فاي. أحد أبرز نجومه الذين نجحوا في تحويل الموهبة إلى ثروة. تقدر ثروتها بأكثر من 75 مليون دولار وهي بذلك واحدة من أثرى الكوميديين في أمريكا.

نجاحها المالي لم يكن صدفة بل نتيجة سنوات من العمل الدؤوب في الكتابة والإنتاج والتمثيل. فبعد نجاح مسلسل “30 Rock” الذي كتبته وأنتجته ومثّلت فيه دور البطولة حصلت على عقود بملايين الدولارات من شبكات مثل NBC وNetflix. كما أصدرت كتابها الشهير “Bossypants” الذي أصبح من أكثر الكتب مبيعًا في الولايات المتحدة وأضافت من خلاله مصدر دخل جديد من عالم النشر.

ولا يمكن أن نتجاهل دور منصبها كمنتجة في مشاريع فنية ضخمة. في ترسيخ مكانتها كمليونيرة إذ أدارت عقودًا واستثمارات جعلتها تضمن لنفسها مقعدًا دائمًا. بين أثرياء صناعة الترفيه. وهكذا فإن مليونير هو وصف دقيق لحالتها ليس فقط من الناحية المالية بل أيضًا من حيث النفوذ والتأثير في صناعة الإعلام والكوميديا.[2]

تعرف أيضًا على: روان أتكينسون (مستر بين): شخصية لا تنسى كيف صمتت فأضحكت العالم؟

ما هي عرقية تينا فاي؟

عند الحديث عن الخلفية العائلية لـتينا فاي. لا بد من التوقّف عند التنوع الثقافي الذي ميّز نشأتها. فهي تنحدر من والد ألماني كان يعمل في الكتابة والإذاعة ومن والدة يونانية نشأت في مجتمع شرقي محافظ. هذا المزيج بين الثقافة الأوروبية والشرقية منحها حسًا فنيًا مركبًا وجعلها أكثر قدرة على فهم اختلافات الناس والتعامل معها عبر الفكاهة.

قد يبدو السؤال عن عرقية تينا فاي بسيطًا لكنه في الحقيقة يحمل في طيّاته تفسيرًا لنوعية النكات التي تختارها والمواضيع التي تتناولها. إذ نلاحظ في كثير من أعمالها تلميحات ذكية إلى اختلاف الهوية الثقافية ما بين المجتمع الأمريكي الحديث والتقاليد العائلية التي نشأت عليها. كما يظهر تأثرها العميق بجذورها اليونانية في بعض أعمالها.

تعرف أيضًا على: زياد الرحباني: الكوميديا السوداء في موسيقى ومسرح لا يشبه أحد

 مثل استخدام الأسماء اليونانية أو المشاهد ذات الطابع العائلي الدافئ. وقد ساهم هذا الخليط العرقي في تعزيز مكانتها لدى جمهور واسع من خلفيات متنوعة. إذ شعر كثيرون بأنها تعبّر عنهم دون أن تتبنى موقفًا هجوميًا أو استعلائيًا بل بروح الدعابة والفهم.

من الطريف أيضًا أن زميلها النجم أليك بالدوين دائمًا ما كان يمازحها في البرامج الحوارية. حول أصولها وهو ما زاد من شعبية الثنائي لدى الجمهور الأمريكي الذي يحب هذا النوع من الكوميديا التفاعلية.

تعرف أيضًا على: سمير غانم: فنان خفة الدم الذي أضحك أجيالًا بأسلوبه الفريد

هل أحب أليك بالدوين تينا فاي؟

علاقة تينا فاي بالنجم الكوميدي الكبير أليك بالدوين. مثيرة للاهتمام فقد شاركا معًا بطولة مسلسل “30 Rock” وكان بينهما كيمياء فنية واضحة أثارت تساؤلات كثيرة لدى الجمهور والإعلام حول طبيعة علاقتهما خارج التصوير. وعلى الرغم من أن كلاهما متزوج فإن الاحترام المتبادل والعلاقة المهنية القوية بينهما كانت سببًا في ظهور إشاعات عن وجود إعجاب بين الطرفين.

لكن الحقيقة أن العلاقة بينهما ظلت في إطار الزمالة الراقية والدعم المتبادل. وفي أكثر من لقاء عبّر أليك بالدوين عن إعجابه الكبير بذكاء تينا فاي. وروحها القيادية وقال إنها “المرأة الأذكى التي عمل معها في حياته المهنية”. وهي بدورها قالت عنه إنه “ممثل مذهل وصديق وفيّ” مما عزّز الصورة العامة عن صداقتهما الفريدة.

تعرف أيضًا على: شيكو: كوميديا العبث الذكي وصناعة الضحك من اللامعقول

ولكي نلخّص هذه العلاقة بشكل نقاط

• اشتغلا سويًا لمدة 7 سنوات في مسلسل “30 Rock”.
• ظهرا في عدد من الجوائز والتكريمات المشتركة مثل Golden Globes.
• تبادلا عبارات الثناء والإعجاب في لقاءات إعلامية مختلفة.
• لم يثبت أي مصدر موثوق وجود علاقة عاطفية بينهما رغم كثرة الشائعات.

من هنا يظهر جليًا أن العلاقة بين الاثنين كانت نموذجًا نادرًا للتفاهم بين نجمين في عالم الفن دون التورط في فضائح أو توتر مهني وهو ما يحسب لكلاهما.

تعرف أيضًا على: بيومي فؤاد: هل هو أسرع فنان كوميدي انتشارًا في السينما المصرية الحديثة؟

في الختام لقد استطاعت تينا فاي. أن تخلق لنفسها مكانة راسخة في تاريخ الكوميديا الأمريكية ليس فقط بفضل موهبتها بل بفضل شخصيتها الحديدية. التي قاومت الصور النمطية وتحدّت المعايير الذكورية. من أصولها العرقية المتعددة إلى نجاحها المالي وعلاقاتها المهنية المتينة شكّلت تينا فاي. نموذجًا للمرأة الذكية القوية القادرة على التأثير من وراء الكواليس وأمام الكاميرا. إنها حقًا أيقونة ليست فقط في عالم الكوميديا. بل في الوعي الاجتماعي والثقافي الأمريكي.

• BritannicaTina Fey – بتصرف
• WKAR / NPR Tina Fey’s Sarah Palin Impersonation and Its Political Influence – بتصرف

مشاركة المقال

وسوم