العيون في الشعر الجاهلي

عناصر الموضوع

1- مكانة الغزل والعيون في الثقافة الجاهلية

2- أشهر القصائد الجاهلية التي ركّزت على وصف العيون

3- المفردات والصور البلاغية المستخدمة في الوصف

4- امتداد هذا التأثير في الشعر اللاحق

تعد العيون من أكثر أجزاء الوجه لفتاً للانتباه وغالباً ما تحل محل الكلمة المنطوقة لأنها من أهم أنواع التواصل غير اللفظي، يمكن لإيماءات وإشارات العينين أن ترسل رسائل محددة في مواقف ومناسبات مختلفة، حيث تبرز المشاعر الدفينة وتنقل المعلومات والأفكار عن الشخص الآخر، ولذلك تحتل العيون أعظم مكانة في الأدب العربي الجاهلي دون غيرها من لغة الجسد، وما من شاعر أو كاتب إلا ويستخدم جمال العيون في الشعر والنثر، في هذا المقال،سنتعرّف على بدايات وصف العيون في الشعر العربي الجاهلي، وكيف صوّر شعراء المعلقات وغيرهم سحر العيون وجمالها البدوي الآسر؟

1- مكانة الغزل والعيون في الثقافة الجاهلية

ماهو الغزل

هو أحد أغراض الشعر الذي بلغ ذروته في الجاهلية. وهو من أغراض الشعر الذي بلغ ذروته في الجاهلية. ونحن نصل إلى هذه الحقيقة عندما نقرأ دواوين شعراء الجاهلية. لأن دواوين الشعراء أهم الأدلة على بيان الحقائق والمفاهيم. كما نجد أغراضاً أخرى كالهجاء والمدح والرثاء والوصف. وهذه الأغراض كانت مرتبطة بالغزل، فمثلًا الفخر الذي تغنى به عنترة في قصيدته لم يكن بعيدًا عن روح الغزل. بل كان من أهم أغراضه، ونستطيع أن نرى أن الشاعر لم يكن يفخر من أجل الفخر. ولم يمدح من أجل المدح. وإنما كان يملأ قلبه ببلاده ووطنه. وفي النهاية كان يفخر بقومه، ويمكن القول إن الدافع الأصلي للشاعر كان الغزل.

عندما نتحدث عن العين، بماذا نفكر أولاً؟ هل هي الرؤية بنعمها وصفاتها ومواصفاتها ووظائفها، وما تحمله من خير وشر؟ أم هي الجمال الخاص والعام ومقاييسه ومقوماته وقيمه. وما يضيفه البصر إلى البصيرة، حين تكون العين لسان القلب. ونافذة أو منفذ الروح التي تحمل أسرار القلب. ندرك من خلالها ما في القلب من خير أو شر، من ضعف أو قوة. ونتساءل عما في النفس عندما يكون شيئًا ما، هل هو كذلك؟ بهذا المعنى، ما هو الشيء الذي يبقى تحت مادية الجسد ويصبح جزءًا من كيمياء الروح التي لا يحكمها الجسد؟

وعلى الرغم من أهمية العيون ودلالاتها المختلفة على الجمال والحب والكره والخوف والتعجب، إلا أن العيون الملونة كانت بعيدة عن ساحة الجمال، وكان الغزل في جمال عيون العرب القدماء في الجاهلية وما بعدها مقتصر علي جمال العيون البنية والسوداء . وكانت العيون الزرقاء والخضراء على وجه الخصوص معروفة عند العرب من عيون عبيدهم وإمائهم، من خلال قوافل التجار الذين كانوا يجلبون العبيد من بلاد فارس وغيرها من البلاد.

تتغير معايير الجمال وتتأثر بالظروف والأزمنة، وتظل مساحة العين في الأدب العربي هي المساحة الأكبر التي تشغلها اللفتات قديماً وحديثاً، وأشهر المقاطع الشعرية التي نالت استحساناً عالمياً تحتوي على لغة جمال العيون وصفاتها.

والسيفُ في الغمدِ لا تُخشى مضاربه…..وسيف عينيكِ في الحالينِ بتّارُ[1]

2- أشهر القصائد الجاهلية التي ركّزت على وصف العيون

وكان شعراء العرب يحبون جمال العيون الواسعة التي للحور العينين أو في أطرافها، وشبهوا عيني المرأة بعيني البقر الوحشي لسعتهما وسوادهما وبريقهما، كما أن البقر الوحشي (المها) يتميز بسعة العينين وسوادهما وبريقهما، والحور هو سعة العينين وسوادهما وبياضهما الناصع.

• يقول (امرؤ القيس):

تصدّ وتبدي عن أسيل وتتقي…..بناظرة من وحش وجرة مُطْفِلِ

كان الشاعر (امرؤ القيس) مرهف الحس بكل عاطفة وحنان، وقد أثرت في وجدانه الشعري بتجاوبها وتفاعلها مع ذوق الجمال وسمو الرؤية الحسية، غير أن الشاعر وهو يحاول أن يصف نظرة وجمال العيون السوداء الواسعة، هذه النظرة العميقة النافذة، هذه النظرة المتغلغلة العميقة، الحنان الذي يشع منها، والعطف الذي يفيض، يجد نفسه يترجمها بنظرة البقر الوحشي المطيع المتيقظ في آن واحد.

• وهذه الأبيات للشاعر غيلان ذي الرّمة في وصف العيون:

وعيــنــــان قـــــال اللّه كونـــا فكــــانتــــا…..فعـــولان بالألبــاب ما تفـــعل الســحر

فيــــا حبـّــها زدنــــي هوى كــــل ليلــــــة…..ويـــا سلـــوة الأيـــام موعـدك الحـشـر

• ويقول الشاعر ابن كلدة:

أشارت بطرف العين خيفة أهلها …..إشارة محزونِ ولم تتكلم

فأيقنت أن الطرف قد قال مرحـباً …..وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيم[2]

3- المفردات والصور البلاغية المستخدمة في الوصف

عند النظر لقصائد الشعر الجاهلي، تكتشف أن هناك سببًا وجيهًا يدعو الدارسين ومحبي الشعر إلى التوقف والتأمل في هذه الصورة الفريدة ومحاولة استشفافها، حيث لا تزال تملك القصائد نفس التأثير في النفس، فهي لا تزال تثير في النفس نفس الأثر، وتثير في النفس متعة فنية رائدة وتدعو إلى الاستكشاف.

الصور البلاغية في الشعر الجاهلي متنوعة ومتعددة في علوم البلاغة، فمنها ما ينتمي إلى علوم البيان والبديع، ومنها ما ينتمي إلى علوم المعاني.

هناك الكثير من القصائد التي يصف فيها غيلان ذو الرمة العيون، ومن قبله وصف شعراء الغزل النساء وقاماتهن وابتساماتهن وكلامهن، وكتبوا فيها الكثير، ولكن كما أفهم فإن جمال العيون بالذات قد أنتجت صوراً وإبداعات فريدة في التراث العربي، أخذت فيها الصور مرجعيات متنوعة.

وكثيراً ما شبّه الشعراء الجاهليون جمال عيون النساء بعيون الغزلان المذعورة أو المطفلة، ،فامرؤ القيس في وصفه لفاطمة شبّه عينيها بعيني الرئم المطفل، التي لها طفل صغير، فلذلك ستكون عيناها واسعتين، لتراقب طفلها من أي خطر. [3]

4- امتداد هذا التأثير في الشعر اللاحق

كان للشعر الجاهلي تأثير كبير على الشعر المعاصر، وقد اشتهر هذا التقليد الشعري في الجزيرة العربية قبل الإسلام بخصائصه الموسيقية والإيقاعية، بالإضافة إلى موضوعاته الرومانسية والبطولية وبيئته الصحراوية، ويمكن ملاحظة تأثير هذا الشعر في الأشكال المختلفة للشعر العربي المعاصر التي تطورت من التراكيب الشعرية التقليدية وموضوعات الشعر الجاهلي، بالإضافة إلى ذلك، أثّر شعر الجاهلية أيضًا في تطوير أشكال أخرى من الشعر، مثل الزجل، وهو شكل من أشكال الشعر المرتجل الذي لا يزال شائعًا في العالم العربي حتى اليوم، وبشكل عام، يمكن ملاحظة تأثير شعر الجاهلية على الشعر المعاصر من خلال استمراره في استخدام الأشكال والموضوعات الشعرية التقليدية، بالإضافة إلى تطور أشكال شعرية جديدة تستند إلى التقاليد الشعرية الغنية في الماضي.[4]

هكذا تتضح مكانة العين وجمالها في العشر الجاهلي في موضوعنا” العيون في الشعر الجاهلي” متمنيا أن يكون قد وفر لك ما تبحث عنه.

• alqabasمكانة الغزل والعيون في الثقافة الجاهلية _ بتصرف
• whisperingdialogueأشهر القصائد الجاهلية التي ركّزت على وصف العيون
• qafilahالمفردات والصور البلاغية المستخدمة في الوصف _ بتصرف
• .syria.tvامتداد هذا التأثير في الشعر اللاحق _ بتصرف

مشاركة المقال

وسوم