حياة المغتربين في مونتريال

16 أكتوبر 2024
منذ شهر واحد
عناصر الموضوع
1- الجوانب الرئيسية لحياة المغتربين في مونتريال
2- تقاليد العلاقة بين الداخل والخارخ
3- أموال الشباب الجدد
4- أكثر من وظيفة
5- غزوات متاجر كوستكو في مونتريال

عناصر الموضوع

1- الجوانب الرئيسية لحياة المغتربين في مونتريال

2-تقاليد العلاقة بين الداخل والخارخ

3- أموال الشباب الجدد

4- أكثر من وظيفة

5- غزوات متاجر كوستكو في مونتريال

تعتبر مسألة تحويلات المغتربين حقيقة م تجددة مع الأجيال الجديدة من المهاجرين اللبنانيين، وآخرهم الشباب الذين وصلوا مؤخرًا إلى كندا، وبالتحديد مونتريال، بحثًا عن حياة مستقرة ومستقبل أفضل في التعليم والعمل، لم يكن لديهم نية للقيام بدور المعيل لعائلاتهم في الوطن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية عام 2019 واحتجاز البنوك لأموال الجميع، سواء كانوا مقيمين أو مهاجرين. وقد انخرط العديد من هؤلاء الشباب في وظائف إضافية لزيادة دخلهم ودعم أسرهم في الوطن، مما أثر سلبًا على قدرتهم على بناء مستقبلهم في الغربة. هذا التأثير يكون واضحًا بشكل خاص في كندا، حيث تزداد الضغوط الاقتصادية مع التضخم المرتفع والضرائب القاسية وغلاء المعيشة، بينما تنخفض قيمة العملة أمام الدولار الأمريكي.

حياة المغتربين في مونتريال تمثل تجربة غنية ومعقدة تجمع بين الفرص والتحديات. المدينة، المعروفة بتنوعها الثقافي، تحتضن العديد من اللبنانيين الذين يسعون لبناء حياة جديدة.

1- الجوانب الرئيسية لحياة المغتربين في مونتريال

  • التكيف والإندماج: يسعى المغتربون إلى الاندماج في المجتمع الكندي، مما يتطلب تعلم اللغة الفرنسية أو الإنجليزية، بحسب المنطقة. كثيرون يشاركون في دورات تعليمية أو يتطوعون في فعاليات محلية.
  • فرص العمل: توفر مونتريال فرص عمل في مجالات متنوعة مثل التكنولوجيا، والطب، والفنون. وبرغم من ذلك، يواجه البعض تحديات في الاعتراف بمؤهلاتهم و بشهاداتهم.
  • التواصل مع الوطن: يحتفظ المغتربون بروابط قوية مع لبنان من خلال التحويلات المالية والمساعدات لأسرهم. العديد منهم يساهم في تحسين أوضاع عائلتهم، مما يخلق ضغطًا مستمرًا لتلبية هذه الالتزامات.
  • الحياة الإجتماعية: الحياة الاجتماعية غنية ومتنوعة، حيث تتواجد تجمعات للمغتربين في أماكن مثل مطاعم ومقاهي، مما يساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية. تُنظم فعاليات ثقافية ودينية تعزز من الروابط بين أفراد المجتمع.
  • التحديات الإقتصادية: بالرغم من وجود فرص عمل، إلا أن تكاليف المعيشة باهظة، مما يضطر البعض لأتخاذ تدابير لتقليل النفقات أو العمل في أكثر من وظيفة.
  • الرعاية الصحية والإجتماعية: يستفيد المغتربون من نظام الرعاية الصحية في كندا. لكنهم يواجهون تحديًا في التعامل مع النظام، وخاصة فيما يتعلق بالمساعدة لأقاربهم في لبنان.
  • الحياة الثقافية: توفر مونتريال بيئة ثقافية غنية مع مهرجانات ومعارض فنية، مما يمكّن المغتربين من الانغماس في ثقافات متنوعة، والتعبير عن هويتهم الثقافية من خلال الفنون والموسيقى.
  • التعليم والتربية: يسعى المغتربون لتوفير تعليم جيد لأبنائهم، مما يتطلب منهم التكيف مع النظام التعليمي الكندي، مع الحرص على الحفاظ على لغتهم وثقافتهم.[1]

2- تقاليد العلاقة بين الداخل والخارخ

إن مساعدة المغتربين ليست جديدة على اللبنانيين، بل هي تقليد عريق، إن جاز القول، لأبناء “سوريا الكبرى” التي تعود إلى ما قبل تأسيس لبنان الكبير في عام 1920. كما أن الهجرة هربًا من الفقر والنزاعات بحثًا عن حياة كريمة ليست ظاهرة جديدة، فكتب التاريخ والدراسات العلمية والأدب والشعر والحكايات الشعبية تشهد على ذلك. تتردد أصداء الزغاريد عند وصول الحوالات من الإبن البكر في سيراليون، أو عند نقل أبناء العائلة إلى فنزويلا أو طلب يد ابنة الخال في سيدني. وقد صنف كتاب الجغرافيا المدرسي “أموال المغتربين” كأحد المصادر الرئيسية لدخل الفرد، في المرتبة الرابعة بعد التجارة والزراعة والصناعة. وقد تزايدت أهميتها أخيرًا بسبب تفاقم الأزمة، رغم وجود مصادر دخل أخرى غير واضحة، إن موضوع “مساعدة المهاجرين لذويهم في الوطن” قد يبدو بديهيًا وأخلاقيًا، حيث تُعتبر التزامًا عائليًا طبيعيًا ينبع من رابطة الدم والإخلاص. لهذا السبب، لم يبدُ أي من الذين قابلتهم تذمرًا، على الأقل ظاهريًا، ولا أحد رغب في ذكر اسمه في هذا التقرير حياءً من أولئك الذين يتلقون الدعم. فهل من داعٍ لطرحه؟ يطرح هذا الموضوع مشكلة كبيرة تتمثل في ابتزاز السلطات اللبنانية لكل من المقيمين والمهاجرين عبر عواطفهم تجاه أحبائهم، حيث تتحول المساعدة الأخلاقية إلى عبء. فتلجأ السلطات إلى استغلال هذه المساعدات، خصوصًا القديمة، عن طريق احتجاز الأموال في المصارف، وتقليل إمكانية سحبها، بالإضافة إلى رفع الضرائب والرسوم وإتاحة الغلاء، مما يضغط على تحويلاتهم، لا تنتهي هذه المشكلة عند تنصل السلطات من مسؤولياتها تجاه المواطنين، ولا بمحو ما تبقى من صورة “دولة” اعتقدنا أنها كالسويسرا في جمال طبيعتها الذي بدأ يتلاشى. والأكثر إثارة للدهشة هو أن المسؤولين يتفاخرون بأن لبنان يصدّر اليد العاملة الماهرة مقابل تحويلات شهرية يرسلها هؤلاء دون انتظار شكر من السياسيين، الذين يطالبونهم أيضًا بإرسال أصواتهم الانتخابية لضمان بقائهم في مناصبهم، ومن الملفت أن جميع من تحدثت إليهم حول هذا الموضوع بدأوا بعبارة “كل عمره لبنان هكذا”. ولكن، أليس من المؤسف أن يكون لبنان على هذا الحال منذ زمن طويل؟

3- أموال الشباب الجدد

يتزايد عدد الشباب الجدد الوافدين إلى مونتريال، حيث تُسمع لهجاتهم المتنوعة في كل أنحاء هذه المدينة متعددة اللغات. ومع ذلك، بدأ بعضهم يبحث عن طرق لمغادرة غربتهم الحالية إلى أماكن “أكثر دخلاً”، حيث تتجه أنظارهم نحو دول الخليج. وقد أشار شاب يدير مؤسسة أنه يسعى لمساعدة عائلته، وذكر أن الأوضاع في كندا أصبحت تضيق، إذ بدأ الدخل يتناقص، حتى أن هناك من يسكن في استوديو صغير ويؤجر نصف سريره لتوفير المال، تشكل تحويلات هؤلاء الشباب جزءًا من إجمالي “أموال المغتربين” التي تتدفق إلى لبنان، حيث يُقدَّر مجموعها بين 6 و7 مليار دولار سنويًا، وفق تقرير 2023 عن برنامج التنمية للأمم المتحدة. ويحتاج هذا الرقم إلى تدقيق نظرًا لتفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان وارتفاع تكاليف المعيشة والضرائب، مما يزيد من الحاجة إلى المزيد من التحويلات، تشكل هذه الأموال نحو 37% من إجمالي الناتج المحلي، وهي أعلى نسبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أن 11% من قيمة التحويلات تذهب كتكاليف للإرسال، وهي أيضًا النسبة الأعلى عالميًا مقارنةً بمعدل 6% المعتاد، ويقدر ما يرسله أحد هؤلاء “المعيلين الطارئين” لذويه بين 200 و500 دولار أمريكي شهريًا (ما يعادل 1.35 بالدولار الكندي) لتوفير أساسيات الحياة مثل الماء والكهرباء والرعاية الصحية، وهي وتيرة بدأت بعد عام 2019. فقبل ذلك، كانوا يقدمون مساعدات لحالات طارئة فقط، مثل دعم جزء من تكاليف إصلاح أو علاج أو تعليم،ما يجعلهم في حالة استعداد دائم هو البحث عن سبل لتوفير مبالغ كبيرة لمواجهة الطوارئ، مثل الأعطال الكبيرة في السيارة أو تكاليف التأمين الصحي، الذي يُقدَّر في لبنان بين 2000 و8000 دولار أمريكي حسب الفئة العمرية. وهذا ما يؤدي بالكثيرين منهم إلى دوامة من الديون، حيث يسددون ما عليهم ثم يضطرون للاستدانة مرة أخرى للحصول على المزيد من الأموال، كما يوضح الباحث الشاب الذي شارك في المقابلات.

4- أكثر من وظيفة

 يواجه هؤلاء المهاجرون الجدد إلى مونتريال تحديات كبيرة في سبيل تأمين الرعاية الصحية لعائلاتهم في لبنان. بالإضافة إلى تحويلاتهم الشهرية، يلجؤون أيضًا إلى الاستدانة. على سبيل المثال، شابة موظفة وأخوها المهندس يتنازلان عن العلاوة السنوية التي يحصلان عليها من عملهما، لأنهما لا يرون مستقبلًا مشرقًا لهما في ظل استمرار الأزمة في الوطن، أما المحامية، فقد بدأت تعمل في وظيفتين، حيث يخصص راتب إحدى الوظيفتين لنفسها والآخر لأسرتها، مما أدى إلى تراجع رغبتها في السفر لاستكشاف العالم. كما أشارت إلى أن غلاء تذاكر السفر يثنيها عن زيارة لبنان في كثير من الأحيان، الباحث الذي تم ذكره سابقًا يعمل مع مؤسسات في بيروت إلى جانب وظيفته في مونتريال، ويحتفظ بما يجنيه من دولارات طازجة لدعم أسرته،بينما صاحب السناك، الذي ترك إيرادات مطعمه في الضاحية لوالديه، يكتفي بدخل سناكه في مونتريال، لكنه يضطر أحيانًا لإرسال مبالغ إضافية لهم

تتحدث الفنانة التشكيلية عن مساعدتها لأمها، بائعة الأزهار، بمبلغ شهري من راتبها كنادلة خلال دراستها في بيروت، ولم يتغير الوضع بعد هجرتها. حاليًا، تتعاون مع أختها المقيمة في مكان آخر لجمع “المبالغ الصعبة للظروف الصحية”، كما تصف، من خلال ذلك، تسلط الفنانة الضوء على جهود أقرانها الذين يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة عائلاتهم، حيث ترى أن الجميع، سواء في الداخل أو الخارج، يتحملون نفس المسؤولية، مع العلم أن المقيمين يعانون من صعوبات الحياة وندرة الموارد، إضافة إلى غياب الخدمات الصحية والاجتماعية.

5- غزوات متاجر كوستكو في مونتريال

يقول الباحث الشاب إن بنية الاستهلاك في لبنان كانت وما تزال تعتمد على تحويلات المغتربين، التي كانت تُستخدم لتحفيز حركة الأسواق أو لإيداعها في المصارف كوسيلة للحفظ مع فوائدها، أو لاستثمارها في مشاريع مفيدة. لكنه يشير إلى أنه بعد الأزمة وحبس الأموال في المصارف، أصبحت التحويلات تتجاوز القيود المصرفية وتصل مباشرة إلى المرسَل إليهم، مما أدى إلى زيادة السيولة في جيوبهم. ومع ذلك، فقدت السلع والمنتجات لأسباب عدة، مثل الاحتكارات وجشع التجار.

مع انهيار القطاع الخاص، تفككت شبكات الحماية الاجتماعية، بما في ذلك العلاج المجاني أو شبه المجاني الممول من وزارة الصحة، التي كانت قبل الأزمة تساهم في تعزيز الزعامات المختلفة. أدى ذلك إلى انهيار نظام المحسوبيات، تزامنًا مع زيادة الاعتماد على الأحزاب للحصول على بطاقات تموينية لتوفير السلع الأساسية. وهذا الأمر قوّض أي فرصة لتضامن اللبنانيين في مواجهة مسببي الأزمة. كان التضامن غائبًا أساسًا بسبب التركيبة الطائفية داخل لبنان وبين المغتربين عمومًا.[2]

لا شك أن اللبنانيين لا يزالون يعانون من الارتباك في تدبر الأدوية المفقودة، بما في ذلك أدوية السرطان والسلع الأساسية مثل الفوط الصحية وحليب الأطفال، بالإضافة إلى الفيتامينات و”البنادول”، الذي أصبح الطلب عليه كبيرًا في مواقع التواصل الاجتماعي. يسعى الكثيرون للحصول على هذه المستلزمات من الصيدليات في لبنان أو عبر شحنات من تركيا وكندا.

في مونتريال، يشن اللبنانيون حملات تسوق على متاجر “كوستكو” المعروفة بحثًا عن الأسعار المعقولة لتأمين الفيتامينات والمكملات والأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة، بالإضافة إلى الملابس والأجهزة الإلكترونية. وقد وُصف هذا التوجه بالغزوات نظرًا لظهور رفوف شبه فارغة بعد هذه الزيارات.

ويختتم الباحث بالإشارة إلى أن المغتربين يقدمون الدعم المادي والعيني لعائلاتهم في لبنان عبر ثلاثة أجيال: أولاً، كبار السن مثل الأجداد والآباء للحفاظ على صحتهم في ظل غياب الدولة. ثانيًا، الإخوة والأخوات لدعم معيشتهم اليومية. وأخيرًا، الأبناء، المراهقون والأطفال، لتجنب الخمول الفكري والثقافي، من خلال اطلاعهم على المستجدات التكنولوجية والمعرفية، وكذلك مواكبة أحدث صيحات الموضة. ويؤكد أن “دعم الصغار هو شرط لتحفيز الأمل”.

يعيش المغتربون في مونتريال حياة مليئة بالتحديات والفرص، حيث يسعون لتحقيق التوازن بين الحفاظ على هويتهم الثقافية والانخراط في المجتمع الجديد.

المراجع

مشاركة المقال

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة