رصد موجات الزمكان

17 نوفمبر 2024
منذ 4 أيام
عناصر الموضوع
1- تنبؤ آينشتاين بموجات الزمكان
2- تعريف نيوتن للجاذبية
3- موجات الجاذبية
4- أهمية الرصد
5- آلية الرصد
6- الجاذبية والزمكان
نشأة الزمكان وتطوره
تطور الكون: من تجمع المادة إلى تشكيل البُنى الكونية

عناصر الموضوع

1- تنبؤ اينشتاين بموجات الزمكان

2- تعريف نيوتن للجاذبية

3- موجات الجاذبية

4- أهمية الرصد

5- آلية الرصد

6- الجاذبية والزمكان

رصد موجات الزمكان بعد مئة عام من طرحه لنظريته النسبية العامة) آينشتاين (،التي وصفت الجاذبية على أنها انحناء في النسيج الكوني (الزمكان) حول الكتل الكبيرة، جاءت الأرض بأول إشارة تدعم ما قاله عالم الفيزياء الألماني الشهير ألبرت آينشتاين.

1- تنبؤ آينشتاين بموجات الزمكان

  • في عام 2016 استطاع مرصد موجات الجاذبية الأمريكي “ليغو” أول رصد موجات الزمكان قادمة من أعماق الكون، ناتجة عن تصادم ثقبين أسودين، كل منهما يساوي ثلاثين مرة كتلة الشمس، ويبعدان عنا بمسافة مليار سنة ضوئية (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة، وتساوي حوالي عشرة تريليونات كيلومتر(
  • أدى هذا التصادم إلى اهتزاز شباك الزمكان المحيط بهما بقوة، مما جعل هذه الاهتزازات تنتقل كتموجات عبر الكون، وهو ما تنبأ به آينشتاين بضرورة رصد مثيلاتها حال توفر التقنيات المناسبة.
  • تحققت نبوءة آينشتاين، مما فتح آفاقًا جديدة أمام العلماء للتأكد من أن تعريف الجاذبية لديه يختلف عن تعريفها عند عالم الفيزياء الكبير إسحاق نيوتن، الذي يعود له الفضل في تطوير الرياضيات والاشتقاقات الفيزيائية التي ساعدت في فهم تأثير قوة الجاذبية على الأجرام السماوية، بما في ذلك الكواكب والنجوم والأقمار وكل ما يدور حولها.
  • وكان نيوتن هو من وصف هذه القوة الغامضة كخاصية تلازم الأجسام، حيث تزداد جاذبية الجسم كلما زادت كتلته.
  • لذا، نلاحظ أن الشمس تجذب الكواكب من حولها، كما تسقط جميع الأشياء نحو مركز الأرض.[1]

2- تعريف نيوتن للجاذبية

لم يكن تعريف نيوتن للجاذبية خاطئًا، لكن نظرية النسبية وسعت هذا الفهم وغيرت نظرة الفيزيائيين له بشكل كبير.

فوجود الكتلة وحجمها يؤثران على الزمكان، الذي يتكون من الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والارتفاع، بالإضافة إلى الزمن الذي يُعتبر البعد الرابع في نظرية النسبية، وهو جزء لا يتجزأ من الكون.

وبالتالي، يصبح شكل الفضاء حول الكتلة الكبيرة، مثل الشمس، كنسيج منحنٍ تدور فيه الكواكب في مسارات تزداد سرعتها كلما اقتربت من الشمس، ويزداد عمق هذه المسارات كلما زادت الكتلة.

في عام 2016، قام العلماء في مؤسسة العلوم الوطنية في واشنطن الغربية بتصميم مرصدين في ولايتين منفصلتين في أميركا الشمالية لرصد هذه الأمواج، يعتمد مبدأ عملهما على وضع مرآتين متعامدتين على مركز استقبال الموجات، بحيث تبعد كل منهما عن المركز مسافة أربعة كيلومترات.

يتم إرسال شعاع ليزر إلى كل مرآة، حيث ينعكس مئات بل آلاف المرات ذهابًا وإيابًا، مما يزيد من طول مساره إلى أقصى حد ممكن.

3- موجات الجاذبية

عند النظر إلى الشكل النهائي لتداخل الموجتين المنعكستين عن المرآتين، يتساءل المرء عما إذا كان لمعانهما سيزداد (تداخل بنّاء) أم سيخف (تداخل هدام)، إذا استمرت الحالة على ما هي عليه في إحدى هاتين الحالتين، فإن ذلك سيكون طبيعياً، أما إذا حدث تغيير، فهذا يعني أن هناك مؤثرًا خارجيًا قد تدخل.

وقد تم الإفصاح عن ذلك عندما تبادلت نتائج التداخل بين شعاعي الليزر بين حالتي التعمير والتدمير، مما أشار لوجود مشكلة ما في هذه الفترة، وهي انتقال موجة جاذبية قوية ناتجة عن اصطدام ثقبين أسودين عملاقين وتوحدهما، مما أدى إلى إطلاق موجاتهما الجاذبية التي وصلت في الوقت المناسب من تاريخ الحضارة الإنسانية، بعد تطوير لاقط قادر على رصد هذا النوع من الموجات.

يرى بعض من العلماء أنهم اكتشفوا تدفقًا “غير متوقع أو غير معروف “، كما وصفوه، من ما يُعرف بـ “موجات الجاذبية” القادمة من عمق الفضاء الكوني، وفقًا لنظرية النسبية التي وضعها ألبرت آينشتاين، ترتبط الأحداث الكونية الكبرى، مثل انفجارات النجوم العملاقة أو تصادمها، بحدوث اهتزازات في النسيج الكوني الذي يشبه بطانية ضخمة تغطي الكون بأسره عبر الزمان والمكان، سمى آينشتاين هذه الاهتزازات أسم موجات الجاذبية، موضحًا إلى أنها تتحرك بسرعة الضوء، لكنها تتعرض إلى التشويه أثناء انتقالها بين المجرات نتيجة تأثير قوى الجاذبية في تلك المجرات.

4- أهمية الرصد

بشكل غير متوقع، تمكن مرصد “ليغو” (LIGO) في الولايات المتحدة، الذي تم إنشاؤه خصيصًا لرصد موجات الجاذبية، من التقاط هذا الاهتزاز.

يعتمد المرصد على أشعة الليزر المتداخلة بدقة، حيث تهتز هذه الأشعة عند وصول موجة جاذبية من خارج الأرض، حتى وإن كانت ضعيفة جدًا.

وبما أن علماء الفلك يمتلكون معلومات عن الجزء من السماء الذي انطلق منه هذا التدفق من موجات الجاذبية، فإنهم سيواصلون البحث عن مزيد من المعلومات حول مصدره من خلال دراسة المنطقة التي نشأت فيها. ومع ذلك، لا تتوفر حتى الآن سوى أدلة قليلة.

حتى الآن رصد موجات الزمكان ، لا يزال سبب الانفجار الذي أدى إلى إرسال تدفق من موجات الجاذبية عبر نسيج الكون غير معروف، وقد اكتشفه مرصد “ليغو” في الساعات الأخيرة. وبما أن العلماء يتوقعون أن مثل هذه الحوادث تحدث مرة واحدة كل 25 عاماً، يُحتمل أن يكون هذا التدفق ناتجاً عن حدث فلكي.

لطالما كان العلماء يأملون في أن يتيح لهم الكشف الناجح عن موجات الجاذبية التفكير في الكون بطريقة جديدة تماماً. وقد يمثل تدفق موجات الجاذبية الذي تم رصده مؤخراً وسيلة مهمة لتحقيق ذلك، رغم أنه لم يُرصد بعد، ولا يعرف العلماء كيف يبدو بالضبط.

في هذا السياق، يصف مرصد “ليغو” هذا التدفق بأنه “موجات جاذبية تنشط خلال الليل” نتيجة لتغير موقع الأرض بالنسبة للشمس وحقل جاذبيتها الضخم. ويعترف العلماء بأنهم يفتقرون إلى بيانات كافية حول مصدر هذا التدفق. وعلى الرغم من أن علماء الفيزياء الفلكية توقعوا منذ فترة طويلة إمكانية حدوثه، إلا أن المعلومات المتاحة حول المناطق في الكون التي قد تولده لا تزال محدودة، مما يجعل من الصعب تحديد موعد وصوله وكيفية ظهوره.[2]

5- آلية الرصد

كما ورد على الموقع الإلكتروني لمرصد “ليغو” أن “البحث عن تدفقات موجات الجاذبية يتطلب انفتاحًا ذهنيًا كاملًا. فيما يتعلق بهذا النوع من الموجات، يجب على العلماء التعرف على نمط الإشارات حتى وإن لم يتمكنوا من التنبؤ به أو وضع نماذج مسبقة له، بمعنى أنهم يحتاجون إلى تصور الشكل المتوقع لتلك الإشارات. في الواقع، إذا لم تكن لديك فكرة عما تبحث عنه، سيكون من الصعب جداً العثور عليه”.

في هذا السياق، تكهن البعض بأن مصدر التدفق المكتشف حديثًا قد يكون النجم المعروف باسم “بيتلجوس” (“منكب الجوزاء”)، وهو نجم قريب من الأرض لكنه يتصرف بشكل غير عادي. فقد يكون “بيتلجوس” على وشك الانفجار ليصبح ما يسميه العلماء “مستعرًا عظيمًا”. ومن جهة أخرى، يبدو أن “بيتلجوس” لا يزال في مكانه، ولم يأتِ التدفق المشار إليه من المنطقة الفضائية التي يتحرك فيها.

وفي تطور ذي صلة، وصف مايكل ميريفيلد، أستاذ علم الفلك في جامعة “نوتنغهام” البريطانية، تم الإشارة إلى تلك الحادثة الغريبة في تغريدة على “تويتر”، حيث أكد أنه ينبغي أن تؤدي المزيد من المراقبة إلى الحصول على تفاصيل إضافية حول مصدر ذلك التدفق.

6- الجاذبية والزمكان

الزمن يُعتبر مقياسًا للتغيرات التي تحدث في ما نعرفه بالمكان، تتوالى سلسلة التغيرات التي تشكل حياتك خلال فترة معينة وفي موقع محدد مصطلح “الزمكان” هو دمج بين المفهومين ضمن استمرارية معينة، حيث يتضمن الأبعاد الثلاثة للمكان بالإضافة إلى البعد الرابع، وهو الزمن.

نشأة الزمكان وتطوره

هذه صورة تدل على نشأة الزمكان وتطوره، تبدأ من الانفجار العظيم وتبين تمدد الزمكان مع الزمن، متضمِّنة تمثيلًا للانحناء بفعل الجاذبية، وصولًا إلى تشكيل النجوم والمجرات.

رصد موجات الزمكان بدأ الزمكان مع الانفجار العظيم، ومن ثم شهد حالة من التمدد بدأت مع فترة التضخم التي تلت الانفجار مباشرة، واستمر هذا التمدد حتى يومنا هذا. لم تكن جهات الزمكان متطابقة في الكثافة، مما أدى إلى أتساعها بشكل مختلف من منطقة لأخرى حتى الاختلافات البسيطة، مثل واحد إلى مئة ألف، كانت مناسبة لإحداث تغيرات في توسع الزمكان، هذه التقلبات ساهمت في تشكيل كوننا الحالي بعد أن برد الكون وتحولت الطاقة إلى مادة، حيث تكتلت المادة في المناطق ذات الكثافة الأعلى، والتي كانت بطبيعة الحال ذات كتلة أكبر.

ومع اختلاف الكتلة من منطقة لأخرى، اختلف أيضًا تشكيل المكان؛ الأبعاد الثلاثة في الزمكان ليست ثابتة، بل تنحني وتتغير وتلتوي بناءً على المادة الموجودة فيها. الكتلة تؤثر على انحناء الزمكان، مما يعني أن أي مادة يمكن أن تسبب انحناءً في الزمكان.

إن أي شيء يؤثر على الزمكان يمتلك جاذبية، وقد طور أينشتاين هذه الفكرة عندما أشار إلى أن المكان يمكن أن ينحني ويمتد، وأننا جميعًا مرتبطون ببعضنا البعض من خلال الزمكان. يمثل هذا الارتباط بين الزمن والمكان الأساس لواقعنا الفيزيائي، بينما تشكل التفاعلات بين المادة والطاقة داخل الزمكان الكون الذي نعرفه اليوم.[3]

تطور الكون: من تجمع المادة إلى تشكيل البُنى الكونية

عندما تكتلت المادة في المناطق ذات الكثافة العالية، جذبت المادة المحيطة بها لتشكل أول نواة، ثم أول ذرة، ثم أول نجم، ثم مجموعة من النجوم، ثم مجرة، ثم تجمعات من المجرات، وأخيرًا الكون كما نعرفه. و أخيرًا تخيل لو لم يكن للزمكان خاصية الانحناء بسبب الكتلة، كيف كان سيبدو كوننا اليوم؟ ربما كان سيكون مجرد سحابة ضخمة من الهيدروجين.

في الختام، رصد موجات الزمكان من أعظم إنجازات العلم الحديث، إذ يتضح لنا فهمًا أعمق للكون وأسراره. هذه الموجات، التي تتولد عن أحداث كونية هائلة كتَصادم الثقوب السوداء أو انفجارات النجوم، تكشف لنا كيف يتغير نسيج الزمكان نفسه. إن اكتشافها لم يتم اثبات فقط صحة نظرية النسبية العامة لأينشتاين، بل فتح آفاقًا جديدة في علم الفلك، مما يساعد العلماء على دراسة الأحداث الكونية بطريقة لم تكن ممكنة من قبل. إن السعي المستمر لفهم موجات الزمكان ليس مجرد ترف علمي، بل هو رحلة للكشف عن أسرار الكون ومعرفة موقعنا في هذا الوجود الشاسع.

مشاركة المقال

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة