زكريا تامر وحكايات الواقع السوري بعيون رمزية

وزكريا تامر هو أحد أبرز الكتاب السوريين في القصة القصيرة وقد عرف بأسلوبه الفريد الذي مزج بين الرمزية والواقعية ليحاكي الواقع السوري بكل تناقضاته وقسوته وقد ولد في دمشق في عام 1931حيث بدأ رحلته الأدبية في خمسينيات القرن العشرين ليصبح لاحقا أحد أهم الأصوات التي نقلت معاناة الإنسان العربي لا سيما السوري بلغة مكثفة وحادة تخترق القارئ كالسهم في أعماله ويتحول الواقع السياسي والاجتماعي إلى حكايات تبدو بسيطة في ظاهرها ولكنها عميقة المعاني ومشحونة بالرموز التي تعكس القمع والحرية والخوف والحلم ومن خلال استخدامه للمزية الذكية، علاوة على ذلك قد استطاع تامر أن يفضح الاستبداد دون أن يواجه الرقابة مباشرة كما جعل قصصه مرآة ناقطة للواقع السوري ولكنها مصاغة بلغة سحر الحكاية.

هل زكريا تامر على قيد الحياة؟

ويعتبر زكريا تامر هو من أبرز رموز الأدب العربي المعاصر وهو كاتب سوري مبدع تخصص في فن القصة القصيرة وترك بصمته الخاصة بأسلوبه الساخر والرمزي والمشحون بالوجع الإنساني.

وقد ورلد زكريا تامر في دمشق في عام 1931. وعلى الرغم من التحديات التي واجهها في مسيرته قد ظل اسمه حاضرا بقوة في المشهد الأدبي العربي حتى اليوم. إذا إنه لا يزال على قيد الحياة حتى الآن، ويقيم في المهجر بعد أن غادر سوريا منذ عقود بسبب مواقفه الجريئة ضد الاستبداد والقمع. ومازال الكثير من القراء والنقاد يتابعون أخباره ويحتفون بكتاباته التي عرت الواقع العربي بجراة وفضحت الظلم السياسي والاجتماعي بلغة حادة.

كما تميز زكريل تامر بلغة مكثفة لا تعرف الزخرفة وقد اختصر العالم في قصص قصيرة تشبه الصفعات واختار أن يقاوم بالصمت أحيانا. ولعل من أبرز ملامح فنه قدرته على تحويل البساطة إلى عمق والتفاصيل اليومية إلى رموز كونية مستخدما في ذلك أدوات فنية فريدة جعلت منه رائدا في أدب القصص القصيرة على مستوى الوطن العربي وخيبة أمله في الحاكم والسلطة والمجتمع.

فحين تقرأ أعماله قد تشعر أنك تبحر في عالم من الواقع الرمزي الذي يكشف المستور دون أن يسميه، أما أهم أعمال زكريا تامر وهي كثيرة ومتنوعة. [1]

تعرف أيضًا على: الكندي فيلسوف العرب: من العقل إلى الأوتار

لماذا سكت النهر زكريا تامر؟

لماذا سكت النهر واحدة من أبرز قصص الأطفال التي كتبها الأديب السوري زكريا تامر. وتعتبر نموذجا مثاليا لطريقته الخاصة في مخاطبة الأطفال بلغة بسيطة لكنها عميقة. تمزج بين الحلم والواقع. وبين الوضوح والرمزية الغنية. والقدرة على قول الكثير بالقليل.

في قصة لماذا سكت النهر ويطرح زكريا تامر تساؤلا يحمل في طياته دلالات كبيرة. لماذا سكت صوت الطبيعة. ولماذا خمدت روح الحياة. والنهر هنا لا يمثل فقط مجرى مائيا بل هو رمز للحياة والتدفق. وحين يسكت النهر في القصة فإنما يعبر عن صمت القيم. عن فقدان البراءة. أو عن خنق الأصوات الحرة. ومن خلال هذا الرمز قد يمكن قراءة القصة كإسقاط ذكي على واقع اجتماعي أو سياسي يتم فيه قمع الحقيقة وتكميم الأفواه حتى في نص موجه للأطفال.

تعرف أيضًا على: صفي الدين الحلي يرصّع المعنى: شعرٌ في ثياب الذهب

ويجسد الكاتب من خلال هذه القصة أسلوب زكريا تامر الفريد القائم على استخدام الحكاية البسيطة لتمرير رسائل إنسانية وسياسية عميقة. وهو لا يكتب للأطفال بأسلوب تعليمي مباشر. بل يفتح أمامهم أبواب التأمل والسؤال والدهشة. ويمنحهم مساحة للتفكير والتخيل. وتظهر القصة قدرته على تجسيد القضايا الكبرى عن طريق مشهد صغير أو موقف رمزي. وهذا ما جعل أدبه متفردا ومحبوبا من الكبار والصغار على حد سواء.

علاوة على ذلك ومن المهم أن نشير إلى أن هذه القصة تدخل ضمن سلسلة من كتب زكريا تامر الموجهة للأطفال. والتي من بينها قالت الوردة للسنونو. والنار في الخطب. والجدار. وغيرها من الأعمال التي لم يكتبها على سبيل التسلية. بل كانت وسيلة لبناء وعي الطفل وغرس مفاهيم مثل الحرية والعدالة. [2]

تعرف أيضًا على: توفيق الحكيم ومسرحه الفلسفي بين الرمزية والواقع

من أشهر مجموعات زكريا تامر؟

من أشهر مجموعات زكريا تامر القصصية تلك التي شكلت علامات فارقة في تاريخ الأدب العربي الحديث. ووضعت اسمه في طليعة كتاب القصة القصيرة. لما تميزت به من أسلوب رمزي جريء. وقدرة فريدة على تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي بقالب أدبي مكثف ومشحون بالمعنى.

وتتصدر قائمة أشهر أعماله مجموعة زكريا تامر النمور في اليوم العاشر التي تعتبر من أبرز مجموعاته وأكثرها شهرة وانتشارا. في هذه المجموعة ويستعرض الكاتب ببراعة مشهد الإنسان المقهور تحت سلطة الاستبداد والقمع. من خلال قصة رمزية تدور حول ترويض نمر بري داخل قفص مغلق. في دلالة على محاولات السلطة سحق روح الإنسان وتحويله إلى كائن مطيع فاقد للحرية.

وقد أصبحت عبارة النمور في اليوم العاشر عنوانا شهيرا بستخدم لوصف عمليات الترويض الذهني التي تمارسها الأنشطمة الشمولية. وتعتبر هذه المجموعة أيقونة في أدب المقاومة الرمزية. ونجح زكريا تامر من خلالها في فضح السلطة دون أن يسميها. وفي توثيق صراع الإنسان مع الخوف.

وإلى جانب هذه المجموعة نجد عددا من المجموعات القصصية المهمة الأخرى التي ساهمت في تشكيل عالم زكريا تامر الأدبي.

تعرف أيضًا على: رجاء عالم بين الواقع والخيال: سردٌ بصوتٍ أنثوي متفرّد

كم عمر زكريا تامر؟

قد يبلغ الأديب السوري زكريا تامر من العمر 94عاما. وقد ولد في حب البحصة بمدينة دمشق. ورغم تقدمه الكبير في السن لا تزال أعماله تقرأ بكثافة ويحتفى بها في مختلف المحافل الثقافة. لما تحمله من عمق إنسانسي ورسائل تتجاوز المكان والزمان.

وإذا أردنا الحديث عن زكريا تامر فلا يمكن فصل اسمه عن مفهوم الحرية. إذا شكلت هذه القيمة أحد أعمدة تجربته الفكرية والأدبية. لم تكن الحرية عند زكريا تامر شعارا مكررا. بل كانت روحا تسري في قصصه ونبضا دائما في لغته الحادة والساخرة. وقد عبر عن موقفه الواضح من الاستبداد والقمع منذ بداياته ودفع ثمن ذلك من حياته المهنية والشخصية. وقد أبعد عن مناصب ثقافية وصودرت بعض كتاباته. لكنه أصر على المضي في طريقه دون تراجع.

تعرف أيضًا على: بثينة العيسى تكتب ما لا يُقال حكايات القلب والعقل معًا

في قصصه تظهر الحرية في صور رمزية مدهشة. كما في مجموعة زكريا تامر والنمور في اليوم العاشر. وتتحول قصة النمر المروض إلى صرخة ضد القهر ورسالة حول مصير الإنسان حين يجبر على التخلي عن طبيعته في سبيل البقاء. لقد كتب عن السجون من غير أن يذكرها. وعن الحكام دون أن يسميهم. وعن الحرية من دون أن يكرر الكلمة ذاتها. بل جعل القارئ يشعر بها. وإن زكريا تامر والحرية قصة طويلة.

تعرف أيضًا على: الزمخشري ولعبة البيان: تفسيرٌ يصوغ المعاني بفن

وفي الختام. عن زكريا تامر قد لا يسعنا إلا أن نقف أمام تجربته بإعجاب ومتنان وهو الكاتب الذي حول الواقع السوري المعقد والموجع إلى حكايات رمزية تنبض بالحياة والدهشة والمرارة لم يكن مجرد حكاء عابر بل كان شاهدا على القهر وصونا وصانعا لعالم أدبي فريد حمل هموم الإنسان العربي ونقلها إلى القارئ بلغة موجزة لكنها عميقة وبأسلوب ساخر يضحك ويبكي في آن واحد.

• electricliteratureTHREE STORIES BY ZAKARIA TAMER_بتصرف
• srpkolestaric Zakariyya Tamer: Why Did The River Fall Silent _بتصرف

مشاركة المقال

وسوم