زياد الرحباني: الكوميديا السوداء في موسيقى ومسرح لا يشبه أحد

الكاتب : إسراء حمزة
18 أغسطس 2025
عدد المشاهدات : 62
منذ ساعتين
زياد الرحباني
هل زياد الرحباني ابن فيروز؟ وما تأثير نسبه الفني على مسيرته؟ 
ما علاقة كارمن لبس وزياد الرحباني؟ قصة حب أم تعاون إبداعي؟
ما هي ديانة عاصي الرحباني؟ وكيف أثرت نشأته على ابنه زياد؟
لماذا انفصلت فيروز عن عاصي الرحباني؟ وماذا قال زياد عن ذلك؟
انعكاسات الطلاق على زياد الرحباني

زياد الرحباني هو ابن السيدة فيروز.  نعم، وقد شكّل هذا النسب الفني العظيم أساسًا لتكوينه الإبداعي الذي لا يشبه سواه. لكن زياد لم يكن مجرد امتدادٍ لعائلةٍ فنية. بل كان صدمة فنية وموقفًا نقديًا ساخرًا بامتياز، جعل من المسرح منصة لفضح التناقضات، ومن الموسيقى أداة للسخرية من الواقع دون أن يتخلى عن الإحساس العميق والذكاء الثاقب.

هل زياد الرحباني ابن فيروز؟ وما تأثير نسبه الفني على مسيرته؟ 

زياد الرحباني

نعم، زياد الرحباني.  هو الابن البكر للسيدة فيروز والموسيقار الكبير عاصي الرحباني، وقد ولد عام 1956 في بيروت. منذ ولادته كان محاطًا بعالم موسيقي استثنائي، فكان يسمع الألحان قبل أن ينطق الكلمات. لكن هذا النسب لم يكن مجرد امتياز، بل حمل معه عبئًا كبيرًا، فالناس كانت تنتظر منه أن يكون استمرارًا لعائلة الرحابنة، لكنه اختار أن يكون ثورة عليهم.

في عمر السابعة عشرة، بدأ زياد في تأليف موسيقى المسرحيات التي تقدّمها والدته، وظهرت بوادر اختلافه منذ البداية. موسيقاه أكثر جرأة، أقرب إلى الواقع، وصوته المسرحي لا يهادن أحدًا، بل ينتقد النظام والسياسة والدين والفساد وحتى نفسه. لم يكن فنانًا يرضي الجميع، بل فنانًا يشعر الجميع بالخوف من مرآته.

تعرف أيضًا على: عبد الإله السناني: نجم درامي يتقن الضحك الساخر بجدارة

وقد أثّر انفصال والديه في شخصيته تأثيرًا عميقًا، خاصة بعد مرض والده عاصي، وتدهور علاقته به، مما زاد من نزعته التمردية. وكثيرًا ما أشار إلى أن علاقته بأبيه كانت معقدة ومشحونة، وكان لا يتردد في الحديث عن الصراع الذي دار بينه وبين المدرسة الفنية القديمة التي يمثلها والده وعمه.

ولم يكن غريبًا أن يتطرّق زياد في كثير من حواراته إلى سؤال شائك مثل: ما هي ديانة عاصي الرحباني؟ إذ لطالما كان لديه فضول تجاه خلفيات أسرته، لا سيّما حين ترتبط بالمجتمع اللبناني المتعدد الطوائف، حيث تشكّل هذه الأمور جدلًا حقيقيًا. وفي حواراته كان يؤكد دائمًا أنه يؤمن بحرية الإنسان في التفكير، وقد نأى بنفسه عن تصنيفات الطائفية، معتبرًا الدين خيارًا فرديًا لا يجب أن يستخدم أداة للسيطرة على الناس.[1]

تعرف أيضًا على: دنيا سمير غانم الوريثة الشرعية لروح الفكاهة العائلية

ما علاقة كارمن لبس وزياد الرحباني؟ قصة حب أم تعاون إبداعي؟

زياد الرحباني

كثيرًا ما ارتبط اسم زياد الرحباني.  بالممثلة اللبنانية كارمن لبس، وتحوّلت علاقتهما إلى مادة جدلية لسنوات طويلة. فقد ظهرت كارمن في عدد من أعماله المسرحية والتلفزيونية، وكان بينهما تناغم لافت في الأداء جعل الكثيرين يعتقدون أنهما على علاقة عاطفية عميقة، وهو ما أكدته كارمن في مقابلات لاحقة، مشيرة إلى أنها أحبت زياد حبًا كبيرًا رغم الاختلافات بينهما.

لكن ما ميّز هذه العلاقة لم يكن فقط الجانب العاطفي، بل القدرة الإبداعية على توليد مشاهد نابضة بالحياة فوق الخشبة. كان زياد يكتب الأدوار وفي ذهنه كارمن، وهي بدورها كانت تفهم مفاتيحه الفنية وتعبر عن شخصياته المركّبة بطريقتها الخاصة.

تعرف أيضًا على: عبد السلام النابلسي: الظريف الأرستقراطي الذي سكن قلوب الأجيال

وقد تطرّقت كارمن ذات مرة إلى الصعوبات التي واجهتهما، قائلة إن العلاقة لم تكن سهلة، وأن زياد لم يكن يسهل الاقتراب منه، لكنه كان صادقًا، حقيقيًا، متطرفًا في أحكامه ومشاعره. وقد وصفته بـ”الرجل الذي يصعب نسيانه”، وهو ما فتح الباب أمام جمهور كبير للتساؤل: هل كانت هذه قصة حب فعلًا أم مجرّد تعاون مهني عميق؟

في واحدة من المقابلات النادرة، قالت كارمن إن زياد كتب لها نصوصًا لم ترَ النور، وكان دائمًا يخصها بكلمات لا يقولها على العلن. وبالرغم من أن علاقتهما لم تكتمل، فإنها تركت بصمة واضحة في الفن اللبناني الحديث، حيث ظل الجمهور يربط بين اسمي كارمن لبس وزياد الرحباني في كل مناسبة.[2]

تعرف أيضًا على: إسماعيل ياسين: أيقونة الضحك الخالد في تاريخ السينما المصرية

ما هي ديانة عاصي الرحباني؟ وكيف أثرت نشأته على ابنه زياد؟

زياد الرحباني

يتردد السؤال كثيرًا: ما هي ديانة عاصي الرحباني؟ وهو سؤال لا يخلو من الحرج في مجتمع لبناني طائفي بطبعه. تشير أغلب المصادر إلى أن عاصي كان مسيحيًا مارونيًا، لكن الأمر لم يكن يومًا محط تركيز مباشر في حياته الفنية. غير أن زياد، الذي نشأ في بيئة مختلطة، تأثر كثيرًا بهذا الغموض والتكتم، مما دفعه إلى اتخاذ موقف أكثر وضوحًا بشأن رفض الطائفية، ونزوعه نحو العلمانية واليسار السياسي.

زياد الرحباني.  منذ بدايته كان واضحًا في ميوله الشيوعية، وكان يرى الدين مجرد منظومة اجتماعية تستخدم للسيطرة. وقد عبّر في أكثر من لقاء عن رفضه للانغلاق الديني، وقال إنه لا يهتم بما إذا كان الشخص مؤمنًا أم لا، بل بما إذا كان إنسانًا حقيقيًا. وفي أحد لقاءاته الساخرة قال ساخرًا: “أنا مسيحي شيوعي، ولا أعرف إن كان ذلك يعتبر تجديفًا أم معجزة”.

نشأته في بيت تتقاطع فيه المشاعر الفنية مع الخلفيات الثقافية والدينية المختلفة، جعلته يبحث عن هوية فكرية مستقلة. وقد انعكس هذا في كل أعماله المسرحية، التي لم تكن يومًا مهادنة، بل تضع الإصبع على الجرح في الدين والسياسة والسلطة.

ويبدو أن علاقته بـ فيروز وعاصي الرحباني لم تكن سهلة، خاصة حين بدأ يختلف معهم في الأسلوب والاتجاه. ورغم أنه عمل مع والدته لسنوات، إلا أن شخصيته المستقلة طغت سريعًا، وصار يرى نفسه فنانًا منفصلًا لا تابعًا.

تعرف أيضًا على: طارق العلي ملك المسرح الكويتي وناقد الواقع بالخفة

لماذا انفصلت فيروز عن عاصي الرحباني؟ وماذا قال زياد عن ذلك؟

من أبرز المحطات المؤثرة في حياة زياد الرحباني.  كانت انفصال فيروز عن عاصي الرحباني، وهو الحدث الذي شكّل صدمة فنية وعائلية في آنٍ واحد. عرف الثنائي “فيروز وعاصي” كرمز للوحدة والجمال، لذلك حين انتهت العلاقة، اهتزّ الوسط الفني والجمهور على السواء.

انعكاسات الطلاق على زياد الرحباني

زياد الرحباني

  • أثر الانفصال على زياد: لم يكن الانفصال مجرد حدث عائلي، بل كان تجربة نفسية عميقة وجرحًا داخليًا لزياد الرحباني، أثرت على شخصيته ونظرته للحياة.
  • علاقته بوالده: وصف زياد والده بأنه كان “صعب المزاج”، مشيرًا إلى أن هذا العامل كان أحد الأسباب التي أدت إلى توتر العلاقة بين والديه.
  • صمود فيروز: تحدث زياد عن معاناة والدته فيروز بعد الانفصال، وصمودها من أجل الحفاظ على العائلة والفن، رغم الألم الذي عاشته.
  • تغير شخصيته: انعكس هذا الصراع العائلي على شخصية زياد لاحقًا، فبات أكثر تشاؤمًا، وأكثر رفضًا للعلاقات التقليدية، وميلاً للحرية والانفصال.

ومن خلال نصوصه المسرحية، يمكن للمتابع أن يلمح تلك الشروخ التي خلّفها الانفصال. في شخصياته النسائية القوية، في الرجال المهزومين، في العلاقات المعقدة التي تنتهي دائمًا دون حلول… هناك مرآة حقيقية لحياته الشخصية، التي بدأت بانفصال عائلته، ولم تنتهِ حتى الآن.

تعرف أيضًا على: عبد الفتاح القصري: صاحب أشهر “أفيهات” السينما المصرية

في الختام، كان زياد الرحباني. وما زال علامة فارقة في الموسيقى والمسرح والفكر في العالم العربي. لم يكن فقط ابن فيروز، بل فنانًا خرج من رحم العبقرية ليواجه العالم بسلاح السخرية السوداء والحسّ الإنساني العميق. سواء أحببته أم اختلفت معه، لا يمكنك تجاهله، لأنه ببساطة لم يشبه أحدًا.

المراجع

مشاركة المقال

وسوم

هل كان المقال مفيداً

نعم
لا

الأكثر مشاهدة