سبب نزول سورة المدثر

عناصر الموضوع

1- لماذا نزلت سورة المدثر؟

2- قصة نزول سورة المدثر وأحداثها

3- الدروس المستفادة من سبب نزول سورة المدثر

4- فضل سورة المدثر وأثرها في رسالة النبي

5- تفسير آيات سورة المدثر المتعلقة بالدعوة

سورة المدثر هي إحدى السور المكية التي نزلت في بدايات الدعوة الإسلامية، وتحمل في طياتها توجيهات ربانية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم للقيام بمهمة الإنذار والدعوة إلى الله. تتناول هذه السورة جوانب متعددة تتعلق ببدء الرسالة والتحديات التي واجهها النبي في سبيل تبليغها. في هذه المقال استكشف الأسباب والقصص وراء نزول سورة المدثر في القرآن الكريم.

1- لماذا نزلت سورة المدثر؟

للقرآن الكريم العديد من الفضائل والفوائد، لذا ينبغي علينا قراءته وتلاوته يوميًا، والتقرب إلى الله تعالى من خلال فهم آياته وتدبر معانيها. يحتوي القرآن الكريم على مجموعة من السور التي تحمل أسماء متنوعة، ولكل سورة سبب خاص لتسميتها وأسباب لنزولها. من بين هذه السور، نجد سورة المدثر.

فزع رسول الله وعاد إلى بيته وهو يقول: “دثروني، دثروني”، فأنزل الله -عز وجل- سورة المدثر، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (جاوَرْتُ بحِراءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوارِي نَزَلْتُ فاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الوادِي، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أمامِي وخَلْفِي، وعَنْ يَمِينِي، وعَنْ شِمالِي، فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا هو علَى العَرْشِ في الهَواءِ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السَّلامُ، فأخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلتُ: دَثِّرُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَصَبُّوا عَلَيَّ ماءً، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا أيُّها المُدَّثِّرُ).

نزلت سورة المدثر بعد فترة من انقطاع الوحي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت بمثابة تكليف إلهي له بالقيام والإنذار، كما جاء في الحديث الشريف أن النبي كان متدثرًا بملابسه عندما نزل عليه جبريل عليه السلام بهذه السورة، حيث قال الله تعالى: “يا أيها المدثر * قم فأنذر”

2- قصة نزول سورة المدثر وأحداثها

نزول الآيات من 1 إلى 7 من سورة المدثر

ورد في سبب نزول الآيات من 1 إلى 7 من سورة المدثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتزل في غار حراء لمدة شهر، وبعد انتهاء الشهر، نزل من الغار وعندما وصل إلى الوادي سمع مناديًا ينادي عليه.

التف حوله وتفحص الجهات، لكنه لم يرَ أحدًا، ثم جاءه نداء آخر، لكنه لم يرَ أحدًا أيضًا. وفي المرة الثالثة، سمع النداء ونظر إلى الأعلى ليجد جبريل عليه السلام على عرش معلق في الهواء، مما أصابه برعدة شديدة، فهرع إلى زوجته خديجة رضي الله عنها.

ورد في صحيح مسلم الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال عندما رأى جبريل: “فإذا هو على العرش في الهواء -يعني جبريل عليه السلام- فانتابتني رجفة شديدة، فذهبت إلى خديجة، فقلت: دثروني، فدثروني، وصبوا علي ماءً، فأنزل الله عز وجل: {يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر}”. والله أعلم. [1]

الآيات من 11 إلى 30 من سورة المدثر

يذكر أن الآيات من 11 إلى 30 من سورة المدثر نزلت في حق الوليد بن المغيرة؛ فقد جاء الوليد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستمع إلى بعض آيات القرآن، فقيل إن قلبه قد تأثر بذلك، وعندما علم أبو جهل بالأمر، ذهب إلى الوليد وأخبره بأن القوم ينوون جمع المال له، لكنه رفض ذلك. ثم طلب منه أبو جهل أن يتحدث بكلام سيء عن القرآن ويظهر كراهيته له. عندها عبّر الوليد عن مشاعره تجاه القرآن، معترفًا بأنه ليس كلام بشر ولا شعر.

في الحديث، وصف القرآن الكريم بقوله: “والله إن لقولِه لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمنيرٌ أعلاه مشرقٌ وأسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلَى عليه، وإنه ليُحطِّم ما تحته”. ومع ذلك، حذّره أبو جهل من أن قومه لن يقبلوا بهذا الكلام، فتفكّر الوليد في ما يمكن أن يتهم به النبي -صلى الله عليه وسلم- والقرآن، وبعد تفكير قال: “هذا سحرٌ يُؤثر، يأثره عن غيره”. لذا نزلت الآية: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا}، حيث نزلت الآيات في حقه لأنه أنكر بعد أن علم، وضلّ بعد أن فكّر، واتهم القرآن بأنه سحر. والله تعالى أعلم.[2]

3- الدروس المستفادة من سبب نزول سورة المدثر

سنستعرض الآن الدروس المستفادة من سورة المدثر كما يلي:

• في بداية السورة، يذكر الله حال رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث وصفه بالمدثر نتيجة لما شاهده من هول، وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه بأن يرفع تكبيره في كل الأوقات والأحوال.
• كما يحث المسلم على تطهير قلبه وجسده من كل سوء ونجس قبل أن يتوجه بالدعاء إلى الله تعالى، ومن المهم أن يسعى المسلم الذي يدعو إلى الله لزيادة حسناته خلال هذه الدعوة.
• يجب على المسلم أن يدرك أن النعم في الحياة الدنيا ليست دليلاً على علو درجاته. بل هي اختبار وابتلاء؛ فالنعم قد تزول بالكفر، بينما تزداد بشكر الله عليها.
• وهناك بشرى للمؤمنين بأن نهاية الكفار يوم القيامة ستكون سيئة. مهما بلغت قوتهم في الأرض، ويعتبر المؤمن أن الحياة الدنيا قد تكون مليئة بالنعم، لكنها في الحقيقة فتنة واختبار. حيث يختبر إيمانه إما بالثبات على دين الله أو بالكفر.[3]

4- فضل سورة المدثر وأثرها في رسالة النبي

سورة المدثر كان لها فضل عظيم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. فقد كانت بمثابة دفعة قوية له، وتجديد لعزيمته، وتأكيد على أن الله معه، وسيعينه على تبليغ رسالته. كما أن هذه السورة كانت بمثابة إعلان عن بدء مرحلة جديدة في الدعوة الإسلامية. وهي مرحلة الدعوة العلنية.

ومن فضائل سورة المدثر أنها تعتبر من سور المفصل التي أوتيه النبي – صلى الله عليه وسلم – كنافلة، مما جعله متميزًا عن باقي الأنبياء. وقد قال واثلة بن الأسقع: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أُعطيت السبع الطوال بدلاً من التوراة… وفضلت بالمفصل”.

بالإضافة إلى ذلك كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقرأ بها في صلوات الليل. [4]

5- تفسير آيات سورة المدثر المتعلقة بالدعوة

تعد سورة المدثر من السور المكية التي نزلت في بدايات الدعوة الإسلامية. وتحمل في آياتها توجيهات مهمة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في مجال الدعوة. فيما يلي تفسير للآيات المتعلقة بالدعوة:

الآية 1: “يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ”

يخاطب الله تعالى نبيه بوصف “المدثر”، أي المتغطي بثيابه، في نداء يحمل ملاطفة وتحببًا. ويعتبر هذا النداء تهيئة لما سيأتي من تكاليف.

الآية 2: “قُمْ فَأَنْذِرْ”

يأمر الله نبيه بالقيام للإنذار، أي تحذير الناس من عذاب الله ودعوتهم إلى التوحيد. كما أن هذا الأمر يشير إلى ضرورة ترك الراحة والنهوض بمهمة الدعوة. مما يدل على أهمية النشاط والجدية في تبليغ الرسالة.

الآية 3: “وَرَبَكَ فَكَبِّرْ”

توجيه بتعظيم الله وتكبيره، أي إعلان توحيده وتنزيهه عن الشركاء. هذا التعظيم يكون في القلب واللسان والعمل. ويظهر أهمية أن يكون الداعية مخلصًا في دعوته. مقدمًا تعظيم الله على كل شيء.

الآية 4: “وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ”

يفسر الأمر بتطهير الثياب على أنه دعوة إلى الطهارة الظاهرة والباطنة، فالثياب الطاهرة تعكس نقاء المظهر. بينما يشير تطهير النفس من الذنوب والمعاصي إلى نقاء السريرة. مما يؤكد على ضرورة أن يكون الداعية قدوة في الطهارة والسلوك الحسن.

الآية 5: “وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ”

يأمر الله نبيه بالابتعاد عن “الرجز”، وهو كل ما يؤدي إلى الإثم أو النجاسة المعنوية. يشمل ذلك هجران الأصنام والأعمال السيئة، مما يدل على وجوب تجنب الداعية لكل ما يخالف شرع الله.

الآية 6: “وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ”

توجيه للنبي بعدم الامتنان على الله بما يقدمه من أعمال صالحة. أو طلب المقابل على الدعوة. يجب أن تكون الدعوة خالصة لوجه الله، دون انتظار مردود دنيوي.

الآية 7: “وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ”

ختام هذه التوجيهات بالأمر بالصبر لأجل الله؛ فطريق الدعوة مليء بالتحديات والأذى. ويحتاج الداعية إلى الصبر والثبات، محتسبًا ذلك عند الله.[5]

وأخيرًا وليس آخرًا، سورة المدثر من السور العظيمة التي حملت أوامر مباشرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالقيام بمهمة الدعوة والإنذار، مما جعلها نقطة انطلاق قوية في مسيرته الدعوية. تناولت السورة التحديات التي واجهها النبي في بداية الرسالة. وقدمت توجيهات مهمة للداعية من حيث الإخلاص. والطهارة، والصبر، وتعظيم الله. كما أوضحت بعض المواقف التي عكست ردود أفعال قريش تجاه الدعوة الإسلامية.

• darelhilal أسباب ومكان وزمان نزول سورة المدثر وسبب تسميتها -بتصرف
• sotor سبب نزول سورة المدثر -بتصرف
• nl7za مقاصد سورة المدثر والدروس المستفادة منها -بتصرف
• surahquran فضل سورة المدثر -بتصرف
• nabulsi الدرس : 1 - سورة المدثر - تفسير الآيات1-4 الدعوة إلى الله -بتصرف

مشاركة المقال

وسوم