سيد مكاوي: صوت التراث الشعبي وملحن الروح المصرية

يتساءل الكثيرون عن سر بقاء ألحان سيد مكاوي خالدة في ذاكرة الأجيال وكيف استطاع فنان فقد بصره أن يرى بقلبه جمال الروح المصرية. ويعزف على أوتارها إن سيد مكاوي ليس مجرد ملحن. بل هو صوت التراث الشعبي المصري وعبقريته الفنية تكمن في قدرته على تحويل الكلمات البسيطة إلى ألحان تأسر القلوب وتلامس الوجدان. كانت ألحانه بمثابة جسر يربط الماضي بالحاضر وتعبر عن الهوية المصرية الأصيلة بكل ما فيها من فرح وألم وحب وحياة.

 من هو محمد سيد مكاوي؟

يعرف الفنان الراحل باسم سيد مكاوي ولكن اسمه الحقيقي بالكامل هو محمد سيد مكاوي. ولد في حي الناصرية بمدينة السيدة زينب بالقاهرة. وهو حي عريق اشتهر بكونه مهد للفن الشعبي الأصيل وبدأت موهبته في الظهور منذ صغره.حيث كان يتمتع بصوت عذب وقدرة فطرية على حفظ الموشحات والقصائد على الرغم من فقدانه لبصره. في سن مبكرة إلا أن هذا الأمر لم يمنعه من تحقيق حلمه في أن يصبح فنان فالتحق بالعديد من الكتاتيب ليتعلم تلاوة القرآن ثم انضم إلى الفرق الغنائية الشعبية. التي كانت تجوب شوارع الحي وهناك تشكلت شخصيته الفنية وتأثر بالعديد من المطربين الشعبيين الذين كانوا يحيون الليالي في حي السيدة زينب و هذا المزيج من التراث الديني والفن الشعبي شكل الأساس الذي بنى عليه سيد مكاوي مسيرته الفنية.

تعتبر أغاني سيد مكاوي انعكاس صادق لروح الشعب المصري فلم يكن يلحن فقط بل كان يغوص في أعماق الكلمة ليخرج منها لحن يعبر عن كل معانيها فاشتهر بتقديمه للتواشيح الدينية والأغاني الوطنية والأغاني الرومانسية وهذا التنوع يدل على عبقريته الفنية وقدرته على التكيف مع مختلف المواضيع. لم يكتفي بالتلحين للآخرين بل قدم أيضا مجموعة من الأغاني

أشهر أغاني سيد مكاوي التي غناها بصوته

أغنية حارة السقايين و مسحراتي رمضان التي لا تزال تذاع في كل رمضان حتى الآن. إنه  يمثل حالة فنية فريدة من نوعها فهو لم يتبع الأنماط الموسيقية السائدة في عصره. بل خلق لنفسه أسلوب خاص به يمزج بين التراث الشعبي والموسيقى الكلاسيكية العربية. مما جعله ملحن استثنائي ومحبوب من الجميع.[1]

تعرف أيضًا على: سيرة رياض السنباطي: موسيقار شرّف الأغنية العربية

 كيف فقد سيد مكاوي بصره؟

قصة فقدان سيد مكاوي لبصره تعد جزء مهم من سيرته الذاتية. ولد مكاوي مبصر ولكن في سن مبكرة وبالتحديد في سن العاشرة فقد بصره بسبب مرض أصابه على الرغم من أن تفاصيل المرض. لا تزال غير واضحة إلا أن هذا الحدث المأساوي لم يكن نهاية الطريق بالنسبة له. بل كان بداية رحلة فنية جديدة فلم يسمح للإعاقة أن تعيق طموحه أو تحد من موهبته. بل استثمر إحساسه المرهف وسمعه الحاد في تطوير موهبته الموسيقية فهذا الإصرار والعزيمة هما ما جعلا من سيد مكاوي واحد من أعظم الملحنين في تاريخ الموسيقى العربية و لقد كان قادر على رؤية العالم. بقلبه وتجسيد مشاعره وأفكاره في ألحان خالدة.

إن التحدي الذي واجهه سيد مكاوي في حياته جعله أكثر إحساس بالجمال من حوله وهذا ما يظهر بوضوح في ألحانه فكل نغمة في ألحانه كانت تحمل في طياتها قصة وحكاية وكل لحن كان بمثابة لوحة فنية مرسومة بالصوت. لقد كان قادر على تحويل الحزن إلى لحن يبعث على الأمل والفرح إلى نغمة تملأ الأجواء بالبهجة فهذا الإحساس العميق بالموسيقى هو ما جعله ملحن استثنائي.  بالإضافة إلى ألحانه شارك سيد مكاوي أيضا في تقديم بعض الأغاني الشعبية الشهيرة فلقد كان صوت يعبر عن أصالة الشعب المصري. فكانت أغانيه بمثابة بصمة خالدة في ذاكرة الأمة فإن قدرته على تحويل الألم إلى فن هو ما جعله فنان حقيقي وقصة حياته تلهم الملايين حول العالم.[2]

تعرف أيضًا على: بليغ حمدي: ملك الألحان وصانع أنغام لا تموت

ما هي الأغاني التي لحنها سيد مكاوي لأم كلثوم؟

يعد تعاون سيد مكاوي مع كوكب الشرق أم كلثوم من أبرز المحطات في مسيرته الفنية فقد نتج عن هذا التعاون مجموعة من الأغاني الخالدة. التي لا تزال تبهر الأجيال حتى اليوم على الرغم من أن أم كلثوم كانت قد تعاونت مع كبار الملحنين. في ذلك الوقت إلا أنها وجدت في ألحانه  شيئ فريد يمزج بين الأصالة والتجديد. الأغاني التي لحنها لأم كلثوم ليست مجرد أغاني عادية بل هي أعمال فنية متكاملة جمعت بين عظمة صوت أم كلثوم وعبقرية ألحانه.

من أبرز هذه الأغاني التي لحانها لأم كلثوم

• يا مسهرني: هذه الأغنية تعد من روائع أم كلثوم التي لحنها سيد مكاوي وتتميز بالبساطة والعمق في آن واحد.
• حق بلادك: أغنية وطنية تحمل في طياتها رسالة قوية وظهرت فيها قدرة سيد مكاوي على تقديم ألحان حماسية وعاطفية في نفس الوقت.
• أوقدوا الشموع: أغنية دينية أخرى تعكس إحساسه المرهف وقدرته على تقديم ألحان مؤثرة.
• يا وحشني: أغنية رومانسية جميلة تظهر مدى قدرة سيد مكاوي على التعبير عن المشاعر الإنسانية بصدق.
• لو كنت ناسي أفكرك: أغنية تحمل طابع كوميدي ساخر وتبرز قدرته على التنوع في الألحان.

إن هذا التعاون بين العملاقين أثبت أن سيد مكاوي كان قادر على تقديم ألحان. تتناسب مع عظمة صوت أم كلثوم وتضيف إلى مسيرتها الفنية إنجازات جديدة. لقد كان سيد مكاوي وحياتك يا حبيبي لحن من أجمل ألحانه التي قدمها.

تعرف أيضًا على: سيرة محمد عبد الوهاب: نغم لا يشيخ

هل تزوج سيد مكاوي؟

نعم تزوج الفنان الراحل سيد مكاوي وله أبناء على الرغم من أنه كان حريص على إبعاد حياته الشخصية عن الأضواء. إلا أن عائلته كانت جزء مهم من حياته فكان زواجه وأبناؤه يمثلون له السند والدعم في مسيرته الفنية. فهم كانوا مصدر إلهام له و تفضل عائلته البقاء بعيد عن الإعلام ولا تتوفر الكثير من المعلومات. حول حياتهم الشخصية ولكن من المعروف أن سيد مكاوي كان أب حنون وزوج محب وهذا ما يظهر في بعض الأغاني الرومانسية. التي قدمها فإن هذا الجانب من حياته يبرهن على أنه كان إنسان بسيط لم تغيره الشهرة أو المجد.

على الرغم من الشهرة الواسعة التي حققها إلا أنه ظل محافظ على بساطته وتواضعه وهذا ما جعل الجمهور يحبه ويحترمه. إن أبناء سيد مكاوي حملوا إرث فني عظيم من والدهم الذي ترك لهم وللأجيال القادمة. كنز لا يقدر بثمن من الألحان الخالدة فإن سيد مكاوي لم يكن مجرد ملحن. بل كان فيلسوف يرى الحياة بنظرة مختلفة ويترجمها إلى نغمات تخاطب الروح فإنه فنان لا ينسى وستظل ألحانه تتردد في قلوب الملايين للأبد.

تعرف أيضًا على: راشد الماجد: سندباد الأغنية الخليجية وصوت الشباب

وختامًا: إن سيد مكاوي لم يكن مجرد ملحن. بل كان أيقونة فنية وصوت حقيقي للتراث المصري الأصيل. لقد استطاع بعبقريته أن يجسد جمال الروح المصرية في ألحان خالدة وأن يترك بصمة لا تنسى في تاريخ الموسيقى العربية.

• egypttodayET commemorates Egyptian singer, composer Sayed Mekawy on his passing anniversary(بتصرف)
• iqnaEgyptian Ibtihal Reciter’s Legacy Lives On(بتصرف)

مشاركة المقال

وسوم