ظاهرة الديجافو

ظاهرة الديجافو هي تجربة غريبة يشعر بها الكثير من الناس، إذ ينتاب الشخص إحساس قوي وغير مفسر بأنه عاش هذا الموقف من قبل، على الرغم من أنه يدرك بأنه يحدث للمرة الأولى. لقد أثارت هذه الظاهرة فضول الكثير من العلماء والباحثين الذين يسعون لفهم أنواع الديجافو المختلفة والأسباب العصبية التي تقف وراءها. ورغم أنها شائعة، ما زال هناك جدل حول تفسير الديجافو في الأبحاث العلمية.

ما هو سبب ظاهرة الديجافو؟

التفسير العلمي الأكثر وضوحًا لـ ظاهرة الديجافو يعتقد أن المعلومات تُرسل إلى المخ. عندما نواجه موقفًا أو حدثًا، يتم نقل هذه المعلومات إلى الجزء الصدغي الأيمن والأيسر من المخ. لكن في بعض الأحيان، تصل المعلومات إلى الصدغ الأيمن قبل الأيسر. وعندما تصل إلى الصدغ الآخر، يشعر الشخص وكأن هذه المعلومات حدثت من قبل. بعض الأشخاص يربطون هذه الحالة بتناول أدوية معينة، مما يزيد من احتمالية حدوث ظاهرة الديجافو. هذا ما اكتشفه علماء درسوا شخصًا عانى من هذه الحالة بعد تناول أدوية مثل أمانترون وفينلبروبانولامين لعلاج أعراض الفلوزة. واستنتجوا أن هذه الظاهرة تنتج عن تأثير ارتفاع مستوى هرمون الدوبامين على بعض خلايا الفص الزمني في المخ. [1]

تعرف أيضًا على: ما علاج الفطريات

تفسير ظاهرة الديجافو في الإسلام

لا يوجد نص مباشر في القرآن أو السنة يتعامل مع ظاهرة الديجافو بشكل واضح، ولا يوجد تفسير إسلامي متفق عليه. على الجانب الآخر، يعتبر بعض العلماء المعاصرين أن ظاهرة الديجافو لا تتعارض مع المبادئ الإسلامية، ويمكن تفسير الديجافو بمفاهيم تتعلق بكيفية عمل دماغ الإنسان. فالإسلام يشجع على التأمل والتفكر في آيات الله في الكون وفي الأنفس، إذا كانت النتائج العلمية تشير إلى أن ظاهرة الديجافو ناتجة عن خلل مؤقت في معالجة الذاكرة أو الإدراك، فهذا لا يتعارض مع قدرة الله وعظم خلقه.

تعرف أيضًا على: فوائد شرب النعناع قبل النوم

النظريات النفسية لتفسير الديجافو

• نظرية الانتباه المقسم: تفترض أن ظاهرة الديجافو تحدث عندما يفشل الدماغ في علاج المعلومات في اللحظة الأولى، قد يلمح المرء شيئًا ما بسرعة خاطفة وغير دقيقة، ثم يثبت نظره عليه بشكل كامل. بعد فترة بسيطة في هذه الحالة، يفسر الدماغ هذه الملاحظة الثانية كحدث مختلف، مما يخلق شعوراً بأنه قد رآه من قبل. هذا يظهر بأن نوعًا من ديجافو يمكن أن يأتي من عجز العقل عن فهم كل شيء في ذات اللحظة.

تعرف أيضًا على: فوائد حقن البلازما للوجه

• نظرية معالجة الذاكرة: تقترح هذه النظرية أن ظاهرة الديجافو تتولد عن خلل مؤقت في الطريقة التي يتم بها تخزين واستعادة الذكريات. قد تتسرب المعلومات الحديثة إلى الذاكرة الدائمة بشكل خاطئ، فتختلط بالذكريات القديمة وتبدو مشابهة لها.
• نظرية فحص الألفة: تركز هذه النظرية على أن ظاهرة الديجافو هو شعور بالإنسجام دون استرجاع ذاكرة محددة. قد يشعر الفرد بشيء ما مألوف لأنه يحتوي على عناصر أو صفات مشابهة لتجارب سابقة، حتى لو لم يتمكن من تحديد تلك التجارب. في هذه الحالة، يرى العقل على شكل خاص من المعلومات كشيء مألوف، لكنه يعجز عن تحديد المكان الذي جاء منه هذا الشعور الأصلي لتلك الألفة.

أنواع الديجافو

أنواع الديجافو كما ذكرنا من قبل تتعدد التفسيرات والدراسات حول هذه ظاهرة الديجافو الغامضة وقد اتفق العلماء على تقسيمها إلى ثلاثة أصناف، وهي كالتالي:

ديجا فيكو: تعني أنك قد شاهدت الشيء من قبل، وتعتبر هذه الحالة الأكثر شيوعًا بين الناس، خصوصًا في الفئة العمرية ما بين الخامسة عشر والخامسة والعشرين؛ وذلك لأن عقل الأفراد في هذا العمر لا يزال حساسًا بما يكفي لملاحظة التغيرات البسيطة في محيطهم، وعادةً ما يكون هذا الموقف بسيطًا وليس له تأثير واضح على الأحداث في حياتنا.

تعرف أيضًا على: أسباب الدوخة في الرأس عند النساء

ديجا سينتي: تعني أنك قد شعرت بشيء من قبل، وهي تختلف عن النوع السابق كونها تجربة ذهنية أو فكرية، أي لا تكون واقعية، أو لا يوجد فيها توقع لما سيأتي بعد ثوانٍ، فلا تظهر فيها أحداث أو مواقف نشعر بها مسبقًا، بل هي أفكار أو عبارات تمر في بالنا ونشعر وكأنها قد خطرت على أذهاننا من قبل.

ديجا فيزيت: تُعتبر واحدة من أغرب وأندر الحالات، وفي هذا النوع يستطيع الشخص أن يميز طريقه بشكل جيد في مكان لم يزر له من قبل، ويكون لديه معرفة دقيقة بتفاصيل هذا المكان.

تعرف أيضًا على: فوائد حبوب الكولاجين

علاج ظاهرة الديجافو

لا تعتبر ظاهرة الديجافو مرضًا أو حالة تتطلب علاجًا طبيًا. إنها تجربة إدراكية طبيعية يمر بها بين 60% إلى 80% من الأشخاص الأصحاء في مرحلة من حياتهم. عادةً ما تكون تجربة عابرة وغير ضارة، مثل خلل مؤقت في طريقة معالجة الدماغ للمعلومات. ظاهرة الديجافو ليست حالة يمكن علاجها بمسكنات أو جراحة. إذا كنت تعيش لحظات من الديجافو بين الحين والآخر مثل بضع مرات سنويًا وتشعر بأن صحتك جيدة بشكل عام، فليس هناك ما يدعو للقلق. يمكن اعتبارها جزءًا من التجارب الغريبة المثيرة للاهتمام التي يمر بها العقل البشري.

يوجد بعض الحالات التي تشير إلى وجود حالة عصبية عندما تحدث نوبات الديجافو في هذه الحالات:

• عندما تكون متكررة تحدث يوميًا أو عدة مرات في الأسبوع.
• شديدة مصاحبة بأعراض إضافية مثل الدوخة، الارتباك، فقدان الوعي، الروائح غير العادية، أو الحركات اللاإرادية.
• لا تحدث في سياق طبيعي أي ليست مجرد تجربة عابرة، بل تشكل جزءًا من نوبة عصبية.
• عندما تزداد سوءًا مع الوقت.

إذا كانت أنواع الديجافو التي تواجهها تتناسب مع هذه الأوصاف أو إذا كنت تشعر بالقلق الشديد بشأنها، من الضروري للغاية مراجعة طبيب أعصاب. سيقوم الطبيب بعمل فحوصات مثل تخطيط الدماغ أو التصوير بالرنين المغناطيسي لاستبعاد أي أسباب عصبية ناتجة. [2]

تعرف أيضًا على: فوائد منقوع لبان الذكر

كيفية التعامل مع ظاهرة الديجافو الطبيعية

قد يشعر الأشخاص بالانزعاج من تكرار ظاهرة الديجافو، لذا يمكن الحد منها بتجنب الأسباب التي تزيد من حدوثها.

من المهم أن نعرف أنه من الناحية الطبية، لا يوجد سبب للقلق من تعرض الشخص لظاهرة الديجافو، حيث تشير إلى أن نظام الذاكرة في المخ يعمل بشكل سليم، وأن فرصة حدوث سوء فهم للأحداث أقل. ومع ذلك، لا نزال غير مدركين تمامًا للفوائد الفعلية لـ ظاهرة الديجافو، سوى أنها تجعل الأفراد أكثر حذرًا وأقل ثقة في ذاكرتهم. في بعض الأحيان، قد تشير ظاهرة الديجافو إلى وجود مشكلة معينة، ويجب استشارة طبيب أعصاب إذا ظهرت الأعراض التالية:

• تكرار ظاهرة الديجافو عدة مرات في شهر واحد.
• إذا كانت ظاهرة الديجافو مصاحبة لرؤية صور أو ذكريات تشبه الأحلام.
• يعاني الشخص من فقدان الوعي بعد تجربة الديجافو، أو تسارع ضربات القلب، والشعور بالخوف، والتحدث بشكل متردد.

في الختام، تظل ظاهرة الديجافو واحدة من الألغاز التي تظهر لنا مدى تعقيد الدماغ البشري. سواء كانت مجرد خلل مؤقت في طريقة معالجة الذاكرة أو تعبير عن آليات إدراكية أعمق، فإن فهم أنواع الديجافو المتعددة يعزز معرفتنا بكيفية عمل عقولنا. ومع استمرار الدراسات، نأمل في وجود تفسير الديجافو بشكل شامل في المستقبل، فكلما تعمقنا في دراسة هذه الظاهرة، اقتربنا أكثر من كشف أسرار الوعي البشري.

• health line What Causes Déjà vu?_بتصرف
• Psychology today The Fascinating Science of Déjà Vu

مشاركة المقال

وسوم