ظاهرة الشفق القطبي: أجمل عرض طبيعي في السماء

ظاهرة الشفق القطبي، المعروف بـ الأضواء الشمالية  والأضواء الجنوبية، هو أجمل عرض ضوئي طبيعي في سماء كوكبنا. هذه الظاهرة المذهلة هي في الأساس نتيجة تفاعل الجسيمات المشحونة القادمة من الشمس مع المجال المغناطيسي للأرض، تتراوح في الغالب بين الأخضر الزمردي والأحمر والأزرق، مما يجعلها مشهداً لا ينسى في المناطق القطبية.

كيف تتكون ظاهرة الشفق القطبي؟

ما هو سبب حدوث ظاهرة الشفق القطبي؟

تحدث ظاهرة الشفق القطبي (Aurora) نتيجة تفاعل الجسيمات المشحونة كهربائياً القادمة من الشمس، والتي تعرف باسم الرياح الشمسية، مع المجال المغناطيسي للكرة الأرضية وغازات غلافها الجوي.

كيف تتم هذه العملية؟

تطلق الشمس باستمرار تياراً من الجسيمات المشحونة خاصة الإلكترونات و البروتونات بسرعات عالية جداً، ويعرف هذا التيار بالرياح الشمسية. ويعمل المجال المغناطيسي للأرض كدرع واقي، حيث يحرف معظم هذه الجسيمات الشمسية بعيداً عن الكوكب. عند القطبين الشمالي والجنوبي، تكون خطوط المجال المغناطيسي ضعيفة ومنحنية بشكل يسمح بـ توجيه هذه الجسيمات المشحونة نحو طبقات الغلاف الجوي العليا (الأيونوسفير) للأرض. وعندما تصطدم هذه الجسيمات الشمسية السريعة بذرات وجزيئات الغازات الموجودة في الغلاف الجوي مثل الأكسجين و النيتروجين، فإنها تثير هذه الذرات وتجعلها في حالة طاقة عالية. لتعود الذرات إلى حالتها الطبيعية، تطلق هذه الطاقة الزائدة على شكل ضوء مرئي بألوان مختلفة، وهو ما نراه كظاهرة الشفق القطبي.

ألوان الشفق القطبي

إن ألوان الشفق القطبي الساحرة هي نتيجة مباشرة لتفاعل الجسيمات المشحونة من الشمس مع أنواع مختلفة من الغازات الموجودة في الغلاف الجوي للأرض، حيث يحدد نوع الغاز والارتفاع اللون الذي نشاهده.

• الأخضر الزمردي: هو اللون الأكثر شيوعاً وظهوراً، ويشكل الجزء الأوسط من “ستائر” الشفق.
• الأحمر: يظهر في الجزء العلوي من الستائر (عند أعلى ارتفاع)، وهو لون نادر نسبياً ويشير إلى عاصفة شمسية قوية.
• الأزرق والبنفسجي: يظهر في الحواف السفلية لـ”ستائر” الشفق، وهو الأقرب إلى الأرض، ويصبح أكثر وضوحاً خلال فترات النشاط الشمسي العالي.
• الوردي/الأصفر: ينتج عن مزيج من انبعاثات النيتروجين والأكسجين، وغالباً ما يرى كشريط وردي أو أحمر داكن عند الحافة السفلية للشفق. [1]

تعرف أيضًا على: مدينة ديرينكويو مدينة غامضة تحت الأرض

أماكن ظهورها في العالم

ما هي الدول التي يظهر فيها الشفق القطبي؟

تظهر ظاهرة الشفق القطبي بشكل رئيسي في المناطق القريبة من القطبين المغناطيسيين للأرض، وهي مناطق تعرف باسم المنطقة الشفقية.

يعرف الشفق القطبي في نصف الكرة الشمالي باسم الأضواء الشمالية، والدول الأكثر شهرة لمشاهدته هي تلك الواقعة في أقصى الشمال:

دول الشمال الأوروبي (إسكندنافيا):

• النرويج خاصة ترومسو، وجزر لوفوتن، وألتا.
• فنلندا خاصة لابلاند ومدن مثل روفانييمي.
• السويد خاصة كيرونا ومنطقة لابلاند.
• آيسلندا خاصة حول ريكيافيك والمناطق الريفية.

أمريكا الشمالية:

• الولايات المتحدة الأمريكية خاصة ولاية ألاسكا، مثل مدينة فيربانكس.
• كندا خاصة الأقاليم الشمالية الغربية مثل يلونايف، ويوكون، وتشرشل.

مناطق أخرى:

• روسيا خاصة الأجزاء الشمالية، مثل شبه جزيرة كولا.
• غرينلاند.
• إسكتلندا في أقصى الشمال أحيانًا.

الشفق القطبي الجنوبي

يطلق على الظاهرة في نصف الكرة الجنوبي اسم “الشفق الأسترالي” أو الأضواء الجنوبية، وهي أقل مشاهدة بكثير لأنها تتركز فوق المحيط المتجمد الجنوبي. ومع ذلك، يمكن مشاهدتها من:

• أنتاركتيكا (القطب الجنوبي).
• أقصى جنوب نيوزيلندا أحيانًا.
• أستراليا جزيرة تسمانيا في أحيان نادرة وبقوة عالية.

تظهر هذه الظاهرة بأفضل شكل خلال أشهر الشتاء الطويلة والمظلمة، وفي الأماكن البعيدة عن التلوث الضوئي للمدن.

تعرف أيضًا على: أحداث غريبة حيرت العلماء

متى موعد ظهور الشفق القطبي؟

إن مشاهدة الشفق القطبي تتطلب عاملين رئيسيين: الظلام والنشاط الشمسي الكافي. لذلك، يمكن تقسيم موعد ظهوره إلى أفضل الأوقات خلال العام وخلال اليوم:

أفضل الأوقات خلال العام

بشكل عام، أفضل موسم لرؤية الشفق القطبي الشمالي يمتد من أواخر الصيف إلى أوائل الربيع، لأنها الفترة التي تكون فيها الليالي أطول وأكثر ظلمة:

• الشفق الشمالي: من سبتمبر (أيلول) إلى نهاية أبريل (نيسان).
• الشفق الجنوبي الأسترالي: من مارس (آذار) إلى سبتمبر (أيلول) لأنها فترة الشتاء في الجنوب

أفضل الأوقات خلال الليل

يظهر الشفق القطبي فقط عندما تكون السماء مظلمة تماماً، ولذلك يجب تجنب ساعات النهار أو الشفق الخفيف، عادة ما يكون الشفق في أشد لمعانه ووضوحاً بين الساعة 10:00 مساءً والساعة 3:00 صباحاً بالتوقيت المحلي للمنطقة. وكلما كانت السماء أشد ظلمة (بعيداً عن أضواء المدن والقمر المكتمل)، زادت فرص رؤية الشفق.

والذي يزيد من فرص الرؤية هو التواجد في المناطق الواقعة ضمن المنطقة الشفقية (خطوط العرض العالية). بين شهري سبتمبر وأبريل. في منتصف الليل (بين 10م و 3ص). وأن تكون السماء صافية وخالية من الغيوم. أوعند حدوث عاصفة شمسية أو نشاط شمسي مرتفع.

تأثيرها على التكنولوجيا والأقمار الصناعية

تأثير الشفق القطبي على التكنولوجيا

لا يمثل ظاهرة الشفق القطبي نفسه خطراً مباشراً، لكن النشاط الشمسي القوي الذي يسببه ويظهر الشفق كأثر مرئي له هو ما يهدد الأنظمة التكنولوجية.

على الأقمار الصناعية

تتأثر الأقمار الصناعية في المدارات المنخفضة والمتوسطة بشكل خاص:

تلف المكونات الإلكترونية

يمكن للإشعاع والجسيمات المشحونة عالية الطاقة أن تخترق درع الأقمار الصناعية وتتلف الأجهزة الإلكترونية الداخلية، مما يقلل من عمرها التشغيلي أو يعطلها بشكل كامل.

انخفاض دقة الملاحة

تسبب العواصف الشمسية اضطرابات في الغلاف الأيوني للأرض، وهو الطبقة التي تنتقل عبرها إشارات الملاحة. هذا يؤدي إلى تراجع دقة أنظمة تحديد المواقع العالمية، مما يؤثر على الطيران والشحن وخدمات الطوارئ.

زيادة مقاومة السحب

 تؤدي الرياح الشمسية إلى تسخين وتمدد الغلاف الجوي العلوي، مما يزيد من كثافة الهواء. هذا يزيد من مقاومة السحب على الأقمار الصناعية، ويجعلها تفقد الارتفاع بسرعة أكبر، وقد يؤدي إلى خروجها من المدار وسقوطها، كما حدث مع أقمار ستارلينك في عام 2022.

على البنية التحتية الأرضية

• شبكات الكهرباء: تتسبب التيارات المغناطيسية التي تحفزها العاصفة الجيومغناطيسية في توليد تيارات مستحثة أرضياً (GICs) في خطوط النقل الطويلة. هذه التيارات يمكن أن تتجاوز طاقة المحولات الكهربائية وتؤدي إلى انصهارها وانهيار شبكات الطاقة، كما حدث في مقاطعة كيبيك الكندية عام 1989.
• الاتصالات اللاسلكية: يمكن أن تتسبب الاضطرابات في الغلاف الأيوني بـتعطيل أو تشويش إشارات الراديو عالية التردد (HF)، وهي إشارات حيوية لعمليات الطيران والملاحة البحرية والاتصالات العسكرية في المناطق القطبية.
• كابلات الإنترنت البحرية: تحتوي هذه الكابلات على مكررات إلكترونية لتعزيز الإشارة؛ وقد تتسبب التيارات الأرضية المستحثة بتلف هذه المكررات، مما يهدد بانقطاع خدمة الإنترنت.

تعرف أيضًا على: مسابقة حمل الزوجات

منافع واضرار الشفق القطبي

يعد ظاهرة الشفق القطبي بحد ذاته ظاهرة طبيعية جميلة ونتيجة لعملية دفاعية حيوية للأرض، لكنه يرتبط بالعواصف الشمسية (الجيومغناطيسية) التي يمكن أن تحمل بعض الأضرار التكنولوجية.

منافع الشفق القطبي

الشفق القطبي هو المظهر المرئي لعملية حماية الأرض من الإشعاعات الشمسية الضارة، وتشمل منافعه:

الحماية الطبيعية للأرض

ظاهرة الشفق القطبي هو ناتج تفاعل الجسيمات الشمسية المشحونة مع المجال المغناطيسي للأرض (المغناطيسية الأرضية). هذا التفاعل يحرف معظم الجسيمات الخطرة بعيداً عن الأرض أو يوجهها إلى القطبين، مما يحمي الحياة على سطح الكوكب من الإشعاعات الضارة.

جاذبية سياحية كبرى

يعد الشفق القطبي الأضواء الشمالية/الجنوبية من أجمل الظواهر الطبيعية، ويشكل مصدر دخل كبير للسياحة في الدول القطبية (مثل النرويج، فنلندا، أيسلندا، كندا، ألاسكا. تجذب هذه الظاهرة ملايين السياح حول العالم للاستمتاع برؤية “رقصة الأضواء” في السماء.

مصدر للمعرفة العلمية

دراسة الشفق تساعد العلماء على فهم التفاعل بين الشمس والأرض، وكيفية عمل الغلاف المغناطيسي والغلاف الجوي. هذه المعرفة ضرورية للتنبؤ بـ “الطقس الفضائي” الذي قد يؤثر على التكنولوجيا الحديثة.

جمال بصري وثقافي

تتمتع الظاهرة بقيمة جمالية هائلة، ألهمت العديد من الأساطير والقصص في ثقافات الشعوب الأصلية القريبة من القطبين.

الآثار الجانبية للعواصف الجيومغناطيسية

الأضرار لا تنبع من الشفق نفسه، بل من قوة العاصفة الشمسية التي تتسبب في ظهوره. عندما تكون العاصفة قوية بشكل استثنائي، فإنها تسبب الآتي:

• الأقمار الصناعية: تلف الدوائر الإلكترونية وزيادة مقاومة الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى فقدان الأقمار لمدارها، وتعطيل خدمات الاتصالات، والبث التلفزيوني، والإنترنت الفضائي.
• شبكات الكهرباء: زيادة الجهد الكهربائي غير المتحكم به في خطوط نقل الطاقة، مما قد يؤدي إلى إتلاف المحولات وانقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي قد يستمر لأيام أو أسابيع.
• الملاحة والاتصالات: اضطراب أو انقطاع إشارات الراديو عالية التردد (HF)، ونظام تحديد المواقع العالمي، مما يعيق الملاحة الجوية والبحرية.
• رواد الفضاء: زيادة التعرض للإشعاعات الخطرة، مما يتطلب منهم اتخاذ تدابير حماية إضافية داخل محطة الفضاء الدولية.
• طبقة الأوزون: أظهرت بعض الدراسات أن الشفق القوي قد يساهم في إحداث تفاعلات كيميائية تضر مؤقتاً بطبقة الأوزون في مناطق محدودة. [2]

تعرف أيضًا على: وباء الضحك في تنجانيقا

في الختام، يظل ظاهرة الشفق القطبي دليلاً مبهراً على قوة وجمال الكون وتفاعل الطبيعة الكوني. إنه ليس مجرد عرض ضوئي عابر، بل هو شاهد على الحماية الحيوية التي يوفرها الغلاف المغناطيسي للأرض ضد الإشعاع الشمسي. هذه الأضواء الراقصة هي تذكير ساحر بالعلاقة المعقدة والدائمة بين شمسنا وكوكبنا، وتستمر في جذب وإلهام كل من يحظى بفرصة مشاهدتها.

الأسئلة الشائعة

ما سبب حدوث الشفق القطبي؟

الإجابة: تفاعل الجسيمات القادمة من الشمس مع الغلاف الجوي للأرض عند القطبين.

هل يمكن رؤية الشفق القطبي في كل مكان؟

الإجابة: لا، يرى فقط في المناطق القريبة من القطبين الشمالي والجنوبي.

ما أفضل وقت لمشاهدة الشفق القطبي؟

الإجابة: في الشتاء، بين شهري سبتمبر ومارس، عندما تكون السماء مظلمة وصافية.

هل الشفق القطبي ضار للإنسان؟

الإجابة: لا، الظاهرة آمنة وجميلة، لكن النشاط الشمسي الشديد قد يؤثر على الاتصالات والأقمار الصناعية.

تعرف أيضًا على: حقيقة رحلة 914

هل هناك إشارات للشفق في التاريخ القديم؟

الإجابة: نعم، تحدثت عنه حضارات كثيرة مثل الصينيين والإسكندنافيين واعتبروه ظاهرة روحية أو نذيرًا إلهيًا.

• Royal museum Greenwich What causes the Northern Lights? _ بتصرف
• Sea trips Are the northern lights safe? _ بتصرف

مشاركة المقال

وسوم