عبد الفتاح القصري: صاحب أشهر "أفيهات" السينما المصرية

عبد الفتاح القصري هو أحد أبرز نجوما لكوميديا في تاريخ السينما المصرية، وقد ترك بصمة لا تنس بإفيهاته الشهيرة وأسلوبه الفريد في الأداء. هل كان هذا النجم الكبير سعيدًا في نهاية حياته؟ الإجابة المؤلمة: لا، إذ انتهت حياته نهاية مأساوية، لم تتناسب مع حجم موهبته ولا حب الناس له. في هذا المقال، نأخذك في رحلة ممتعة ومؤثرة نتناول فيها حياة هذا الفنان العظيم، نهايته الحزينة، علاقته بزوجته، وأشهر إفيهاته التي لا تزال تتردد على ألسنة الجماهير حتى اليوم.
كيف كانت نهاية عبد الفتاح القصري؟

رغم أن مسيرة عبد الفتاح القصري كانت مليئة بالنجاح والنجومية، فإن نهايته كانت مفجعة ومؤلمة لكل من عرفه أو أحب فنه. فقد بدأت مأساته الصحية عندما كان يؤدي دورًا على خشبة المسرح، وفجأة صرخ قائلاً: “أنا مش شايف حاجة!”، ليتضح بعدها أنه قد فقد بصره بشكل مفاجئ بسبب مضاعفات مرض السكري.
بعد هذا الحادث، توقّف عن العمل تمامًا، وانسحب من الحياة الفنية بشكل قسري. فقدان البصر لم يكن هو الكارثة الوحيدة، بل كانت الكارثة الكبرى هي الإهمال الذي واجهه من زملائه في الوسط الفني ومن زوجته التي صدمته بأصعب خيانة، حيث تزوجت من صديقه المقرّب في حياته، وهو ما تسبب في أزمة نفسية حادة.
تعرف أيضًا على:
ظل عبد الفتاح القصري يعاني من المرض والفقر والإهمال، حتى أُدخل إلى أحد المستشفيات الحكومية، وظل هناك في وحدة العزل دون أي زيارات تُذكر، سوى من الفنانة نجوى سالم التي كانت وفيّة له حتى النهاية. انتهت حياته وهو في عزلة شبه تامة، يفتقر للرعاية والكرامة التي تستحقها موهبته ومكانته.
وقد دفن القصري في جنازة متواضعة جدًا، حضرها عدد قليل من الناس، على الرغم من أنه كان قد أضحك الملايين لسنوات طويلة. لقد أصبحت نهاية نهاية عبد الفتاح القصري رمزًا مأساويًا لنكران الجميل في عالم الفن.[1]
تعرف أيضًا على: كيفن هارت: من الطفولة الصعبة إلى قمة الستاند أب العالمي
ما هي قصة عبد الفتاح القصري؟
وُلد عبد الفتاح القصري في عام 1905 في حي الجمالية بالقاهرة لأسرة ميسورة الحال، وكان والده يعمل في تجارة الذهب. وعلى عكس ما كان يُنتظر منه أن يسير على درب والده، انجذب القصري نحو الفن منذ سن مبكرة. التحق بفرقة نجيب الريحاني المسرحية، وهناك صقلت موهبته واكتشفه الجمهور ككوميديان فريد من نوعه.
كان يتميز بأسلوبه الخاص في الحديث، ونطقه الغريب للكلمات، ونظراته الثابتة، التي جعلته أيقونة مميزة في مجال الكوميديا. شارك في العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية، وأشهرها دوره في أفلام مثل “سي عمر”، “ابن حميدو”، و”إسماعيل ياسين في الأسطول”. وقد شكل ثنائيًا رائعًا مع نجوم كبار مثل إسماعيل ياسين، محمود شكوكو، ونجيب الريحاني.
تعرف أيضًا على: يحيى الفخراني: فنان متعدد الوجوه أبدع حتى في الكوميديا الراقية
في حياته الخاصة، كان القصري شخصية هادئة وطيبة القلب، يعاني من انطواء أحيانًا، ويهرب من الأضواء إلى حياته الأسرية. لم يكن يسعى خلف المال بقدر ما كان يبحث عن البهجة والضحك، ولهذا السبب كان شديد الكرم مع زملائه ومحيطه.
لكن قصة عبد الفتاح القصري ليست فقط قصة نجاح في الكوميديا، بل هي أيضًا قصة إنسان عانى من التهميش في سنواته الأخيرة، وواجه الخيانة من أقرب الناس إليه. إنها قصة تجمع بين الصعود الساحق والسقوط المؤلم، وتترك خلفها درسًا مؤثرًا عن الفن والحياة والوفاء.[2]
تعرف أيضًا على: هشام ماجد: كيف أصبح رمزًا للجيل الجديد في الكوميديا المصرية؟
من هي زوجة عبد الفتاح القصري؟ نبذة عن حياتها
تزوج عبد الفتاح القصري في شبابه من فتاة أحبها بصدق وارتبط بها عاطفيًا إلى درجة كبيرة، وكان يعاملها بلين وحنان. لكن، ويا للأسف، لم تبادله نفس القدر من الحب أو الاحترام. كانت زوجته أصغر منه بكثير، ولم تكن تفهم عالم الفن ولا تقدر ما يمر به الفنان من ضغوط نفسية ومادية.
ومع مرور السنوات، بدأ الخلاف بينهما يظهر، خاصة بعد إصابة القصري بالعمى، حيث فقد السيطرة على مجريات الأمور وأصبح أكثر اعتمادًا عليها في تفاصيل حياته اليومية. لكن ما حدث لاحقًا كان صدمة مدوية، إذ اكتشف أن زوجته لم تكن فقط تهمله، بل تخونه مع أحد أصدقائه، وتزوجت منه لاحقًا وهي لا تزال على ذمته!
هذه الخيانة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير. حطّمت نفسيته تمامًا، وتدهورت حالته الصحية بشكل كبير. دخل في حالة اكتئاب حادة، ورفض الخروج من المنزل أو لقاء أي شخص. ولولا تدخل الفنانة نجوى سالم، التي كانت تزوّده بالطعام والعلاج، لكان الوضع أسوأ.
ومن المؤسف أن الإعلام لم يكن مهتمًا وقتها بكشف تفاصيل مأساة القصري، ولم يُظهر أي تعاطف مع حالته. كذلك، لم تعرف زوجة عبد الفتاح القصري لاحقًا بأي دور اجتماعي أو إنساني يبرر أفعالها، بل ظلت علامة سوداء في حياة فنان عظيم دفع ثمن طيبته وإخلاصه غاليًا.
تعرف أيضًا على: نجيب الريحاني: الأب الروحي للكوميديا الراقية في المسرح العربي
ما هي أشهر إفيهات عبد الفتاح القصرى؟
اشتهر عبد الفتاح القصري بأسلوب فريد في التمثيل، وخاصة في طريقة نطقه للكلمات ونبرة صوته الساخرة. هذه السمات صنعت منه صانع إفيهات من الطراز الأول، جعلت الناس يحفظون جمله ويرددونها حتى اليوم. إليك قائمة بأشهر ما قاله:
- “أنا كلمتي لا يمكن تنزل الأرض أبدًا.
- “انتي بتقوليلي يا صفرا؟ أنا أصلي كنت أصفر بس اتسمّرت”
- “إنتي بتكلمي جوزك كده؟ ده أنا راجل بيتوتي ومؤدب”
- “يا لهوي! دا أنا كنت شايف بعيني الاتنين”
- “أنا أهو.. عبد الموجود.. موجود”
تميزت هذه الإفيهات بالذكاء والسخرية والقدرة على جعل الموقف العادي يبدو مضحكًا إلى أقصى درجة، وكان يضيف إليها من تعبيرات وجهه وحركاته ما يجعل الضحك لا يقاوم. وبالرغم من أن أغلب أدواره كانت ثانوية، إلا أن كل ظهور له على الشاشة كان كافيًا ليخطف الأضواء من الجميع.
لقد كان أشهر إفيهات عبد الفتاح القصري جزءًا لا يتجزأ من التراث الكوميدي المصري، وتحوّلت إلى أمثال شعبية تستخدم في المواقف اليومية، وهذا يدل على التأثير العميق الذي تركه هذا الفنان على الوجدان المصري.
تعرف أيضًا على: علاء ولي الدين: نجم رحل باكرًا وترك أثرًا لا يُنسى في قلوب الجمهور
ختامًا، رغم كل الألم والمعاناة التي أحاطت بنهاية الفنان العظيم، سيبقى اسم عبد الفتاح القصري محفورًا في قلوب عشاق الكوميديا. قد يكون القدر قد خذله في لحظاته الأخيرة، لكن محبة الجمهور وإرثه الكوميدي الخالد هما العدالة الوحيدة التي أنصفته بعد الرحيل. ضحكاته ما زالت تُسمع في كل بيت، وإفيهاته ما زالت تضحكنا رغم مرور الزمن، ليؤكد أنه فنان لا ينسى.
المراجع
- IMDb Abdel Fattah El Kasry – بتصرف
- Ahram Online Remembering Abdel Fatah El Kasry – بتصرف
مشاركة المقال
وسوم
هل كان المقال مفيداً
الأكثر مشاهدة
ذات صلة

الملك الحسن الثاني: العاهل المغربي الذي واجه التحديات...

تعرف على ابن الهيثم تعليمه وتحصيله العلمي

دريد لحام: غوار الطوشة الوجه الضاحك للواقع المؤلم

الملك خالد بن عبد العزيز: عهد الاستقرار والنمو...

عبد الكريم الخطابي: رمز المقاومة في الريف المغربي

ونستون تشرشل ضمن قائمة ملوك الأرض: الزعيم الذي...

الملك حسين بن طلال: ملك الدبلوماسية والاتزان في...

ياسر عرفات: رمز النضال الفلسطيني وقائد منظمة التحرير

عبد الرحمن منيف وتفكيك الذات في عالم الرواية

السلطان قابوس بن سعيد: مهندس نهضة عمان وقائد...

حذيفة بن اليمان: كاتم سر النبي وخبير الفتن

طارق العلي ملك المسرح الكويتي وناقد الواقع بالخفة

يوسف بن تاشفين: موحّد المغرب وبطل معركة الزلاقة

الملك فهد بن عبد العزيز: ملك الحزم وباني...
